26-ديسمبر-2022
انتهاكات حصاد 2022

صورة من "اعتداء الأمن التونسي على المحتجين في الذكرى 11 للثورة التونسية" (ياسين القايدي/ الأناضول)

الترا تونس - فريق التحرير

 

انتهاكات لم تترك قطاعًا إلّا ومسّته.. هذه هي السمة الأبرز التي تُلاحظ لأيّ متابع للشأن اليومي في تونس على مدار عام 2022. وهي انتهاكات تعدّد مرتكبوها، وإن كان الأمن التونسي هو المضطلع بأكبر نصيب من هذه الانتهاكات بنسبة 70%، وفق آخر تقرير عرضته المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب.

مسّت انتهاكات حقوق الإنسان في تونس سنة 2022 كلّ القطاعات تقريبًا، واتهمت عدّة منظمات، الأمن بكونه الجهة المتصدرة لهذه الاعتداءات

هذه الانتهاكات عائدة في جلّها إلى وضع سياسي متأزّم، وهو ما أكّدته عدّة بيانات وتقارير حزبية وجمعياتية، وكان رئيس المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب شكري لطيف، قد لفت إلى أنّ تونس شهدت تطورات وتحولات سياسية كبرى، قائلًا: "وثّقنا عديد الانتهاكات كالاستعمال المفرط للعنف من طرف الشرطة، ووصل الأمر أننا شهدنا حتى حالات موت بالرصاص الحي".

نستعرض في هذا الحصاد، عددًا من الاعتداءات التي مسّت بعض القطاعات، لتمثّل غيضًا من فيض كبير من انتهاكات حقوق الإنسان سنة 2022 في تونس.


  • انتهاكات مسّت المدنيين:

لعلّ المدنيين يمثّلون أضعف حلقة يمكن أن تُسلّط عليهم الانتهاكات دون أن يترك ذلك زخمًا مجتمعيًا وحقوقيًا، لضخامة عدد المواطنين مقارنة ببعض الفئات الأخرى التي يمكن تقسيمها قطاعيًا.. على أنّ بعض هذه الانتهاكات سرعان ما تتحوّل إلى قضايا رأي عام، خاصة إذا ما تعلّق الأمر بإزهاق نفس بشرية، مثلما حدث في حادثة مالك السليمي.

 

جمعية "تقاطع": توفي مالك السليمي متأثرًا بإصابات تعرض لها إثر اعتداءات بالعنف من قبل أمنيين" (فتحي بلعيد/ أ ف ب)

 

فقد نددت جمعية "تقاطع من أجل الحقوق والحريات"، الاثنين 17 أكتوبر/تشرين الأول 2022، بما اعتبرته "قمع" القوات الأمنية للتحركات الاحتجاجية بحي التضامن التي خرجت "تنديدًا بالقمع البوليسي والمطالبة بمحاسبة الجناة وكل المتسببين في مقتل مالك السليمي الذي توفي متأثرًا بإصابات تعرض لها إثر اعتداءات بالعنف من قبل أمنيين".

وقالت الجمعية، في بيان لها، إن "القمع البوليسي" تواصل طيلة 4 أيام بحي التضامن، من خلال استعمال الأمنيين للغاز المسيل للدموع، وسط استغاثة المتساكنين من "‏الحصار الأمني" الذي يتعرضون له ورائحة الغاز التي اجتاحت المنازل، فضلًا عن تسجيل جملة من الاعتقالات التي وصفتها بـ"العشوائية" وتوجيه تهم ‏لعدد من الشباب من قبيل ''الاعتداء المدبر ليلًا وإحداث الهرج والتشويش والإضرار عمدًا بملك الدولة''، وفقها.

 

جمعية "تقاطع": "القمع البوليسي تواصل طيلة 4 أيام بحي التضامن" (ياسين محجوب/ NurPhoto)

 

 

وفي سياق الاعتداء على المدنيين، كشفت الجمعية ذاتها، أنه تم ‏"إيقاف الشاب فرات العياري وهو أحد شهود العيان ليلة الاعتداء على الضحية مالك السليمي"، مشيرة إلى أنه "تم إيقافه دون تمكينه من محاميه وحقوقه التي يضمنها له القانون"، على حد ما ورد في نص البيان.

وقد عمدت قوات الأمن في تونس أيضًا، بتاريخ 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، إلى منع مسيرة لمتساكني جرجيس الذين يحتجون على تعامل السلطة مع ملفّ مفقودي المدينة إثر غرق قارب للهجرة غير النظامية، مستعملة القوة والغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين فضلًا عن إيقافات العشرات من المتظاهرين، قبل أن يتم إطلاق سراحهم بعد ساعات من الإيقاف.

 

 

استعمال القوة والغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين بجرجيس (تسنيم الناصري/ الأناضول)

 

يشار إلى أن طالبًا قد أحيل على قاضي التحقيق بمقتضى فصلين، أحدهما المرسوم 54 المتعلّق بـ "بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال"،  بسبب إنشائه صفحة فيسبوك نقلت احتجاجات حي التضامن، وهو الطالب بكلية الحقوق والعلوم السياسية بسوسة، أحمد بهاء الدين حمادة.

كما استُهلّت سنة 2022، وتحديدًا يوم 14 جانفي/ يناير، تزامنًا مع الذكرى الـ11 للثورة التونسية، بإيقاف قوات الأمن، عددًا من المتظاهرين من معارضي سياسات الرئيس سعيّد والاعتداء عليهم بالضرب والغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لصدّهم، في التحركات التي شهدتها العاصمة التونسية بدعوة من عدد من المكونات التونسية المعارضة للرئيس.

وفد أدانت عديد الأحزاب والمنظمات الوطنية والدولية، ما وصفتها بـ"الاعتداءات التعسفية والاعتقالات العشوائية والمنع المُمنهج من ممارسة حق المواطنين في التعبير والتظاهر السلمي".

 

الأمن التونسي يستعمل خراطيم المياه لصدّ المحتجين يوم 14 جانفي 2022 (ياسين القايدي/ الأناضول)

 

الأمن يتصدّى للمحتجين في الذكرى 11 لاندلاع الثورة التونسية (فتحي بلعيد/ أ ف ب)

 

أدانت المنظمات والاحزاب "المنع المُمنهج من ممارسة حق المواطنين في التعبير" (ياسين القايدي/ الأناضول)

 

 

  • انتهاكات مسّت المحاماة التونسية: 

لم تشذّ المحاماة التونسية عن القاعدة، إذ طالتها الانتهاكات أيضًا، إلى درجة إحالة محاميين بتهمة "هضم جانب موظف عمومي من النظام العدلي"، فاعتُبر ذلك "سابقة خطيرة ومخالفة للقانون"، أن تقع إحالة محامين على قاضي التحقيق من أجل مرافعتهما، فمنذ متى كانت تترتّب عن الأعمال والمرافعات والتقارير المنجزة من المحامي أثناء مباشرته مهنته، دعاوى جزائية ضده؟

مسّت الانتهاكات المحامين حتى أثناء مباشرتهم لمهنتهم، بعد إحالة بعضهم بسبب مرافعاتهم أمام القاضي

هذا ما أكده الفرع الجهوي للمحامين بتونس، بتاريخ الاثنين 10 أكتوبر/تشرين الأول 2022، مذكّرًا بالفصل 47 من المرسوم المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة، ومعتبرًا هذه الإحالة تمثّل "نيلًا من مقوّمات المحاكمة العادلة والحقوق الأصيلة للدفاع".

 

وتم في سياق آخر، إيقاف عميد المحامين الأسبق عبد الرزاق الكيلاني، بعد إحالته على القضاء العسكري، وقد أثار الحكم الصادر في حق العميد السابق للمحامين عبد الرزاق الكيلاني ضجة واسعة على الساحة السياسية والحقوقية على حد سواء، ووصفه كثيرون بـ"الفضيحة"، وربطه آخرون بمواقفه السياسية المعارضة للرئيس التونسي قيس سعيّد.

  • انتهاكات مسّت القضاء التونسي: 

لعلّ أكبر انتهاك طال سلك القضاء التونسي، عدا قرار عزل 57 قاضيًا "بلا وجه حق"، وفق بيانات هياكل القطاع، هو تلفيق ملفات إدانة لهؤلاء القضاة المعفيين (من طرف وزارة العدل)، بعد صدور حكم يُنصفهم من قبل المحكمة الإدارية.

فقد أصدرت وزارة العدل التونسية، بتاريخ السبت 20 أوت/أغسطس 2022، بيانًا أعلنت فيه إحالة ملفات للقضاء تتعلق بجرائم مالية وإرهابية في حق القضاة المعفيين في تونس، قد أثار تنديدًا واسعًا من عديد الحقوقيين، الذين اعتبروا البيان "فضيحة ومسخرة" وفقهم.

 

استنفر القضاة ضدّ قرارات وصفوها بـ"الجائرة" ضدّهم، وخاضوا عدّة احتجاجات، بلغت حدّ إضراب الجوع (فتحي بلعيد/ أ ف ب)

 

يشار إلى أنّ المحكمة الإدارية في تونس كانت قد أعلنت، في 10 أوت/أغسطس 2022، عن قرارها القاضي بإيقاف تنفيذ عدد من قرارات عزل قضاة، بعد صدور قرار عزلهم بأمر رئاسي في 1 جوان/يونيو 2022، وهو القرار الذي أثار تفاعلات عديدة في المشهد القضائي والسياسي التونسي واستقبله القضاة وعديد الفاعلين السياسيين كـ"انتصار للحق والقانون"، داعين لإقالة/استقالة وزيرة العدل ليلى جفال لما اعتبروه مغالطات اعتمدت عليها وتمت وفقها قرارات العزل.

تلفيق ملفات إدانة للقضاة المعفيين، بعد صدور حكم يُنصفهم، مثّل انتهاكًا آخر عدا قرار عزل 57 قاضيًا "بلا وجه حق"

وتم كذلك، وفق بيان الوزارة، "فتح أبحاث تحقيقية في الغرض من أجل عدة جرائم كالفساد المالي والرشوة وغسيل الأموال والجرائم الاقتصادية والديوانية بالإضافة إلى جرائم ذات صبغة إرهابية كالتستر على تنظيم إرهابي وتعطيل الإجراءات والانحراف بها وجرائم أخرى كمساعدة شخص على التفصي من تفتيش السلطة العمومية وإخفاء ما تثبت به الجريمة والتفريط في وسائل الإثبات الجنائي وغيرها من الجرائم المتمثلة في التدليس واستغلال خصائص الوظيف والإضرار بالإدارة وجرائم التحرش الجنسي ومخالفة القوانين المنظمة للأسلحة والذخيرة".

وهي تهم، استنفر القضاة ضدّها ورفضوها، وخاضوا في سبيل الدفاع عن أنفسهم ودرء هذه الاتهامات عنهم عدّة احتجاجات، بلغت حدّ إضراب الجوع!

 

صورة من احتجاجات القضاة التونسيين (ياسين القايدي/ الأناضول)

 

  • انتهاكات مسّت السياسيين:

تعدّدت مظاهر الانتهاكات التي طالت السياسيين التونسيين، فتنوّعت بين اعتقالات واستنطاقات ومنع من السفر، ورفع دعاوى جزائية وغيرها.. لعلّ آخرها ما كشفه المحامي والقيادي السابق بحزب نداء تونس، لزهر العكرمي، الأربعاء 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، من كونه قد تمت إحالته على التحقيق على خلفية تصريح سياسي في أحد الإذاعات.

الإحالات على التحقيق على خلفية تصريحات إعلامية، والمنع من السفر، ومحاكمة المدنيين على أنظار القضاء العسكري مثّلت أهم الانتهاكات التي لحقت السياسيين

كما سبق أن أحيل الأمين العام للسابق للتيار الديمقراطي غازي الشواشي على التّحقيق على خلفيّة تتبّعات أثارتها وزيرة العدل ليلى جفّال بطلب من الرئيس التونسي قيس سعيّد، بسبب تصريح إذاعي له قال فيه "إن رئيسة الحكومة قدمت استقالتها"، قبل أن تثار ضدّه قضية ثانية أيضًا، فقال إن القضيتين المرفوعتين ضده من طرف وزيرة العدل كانتا بإيعاز من الرئيس التونسي قيس سعيّد، وفق تقديره.

 

الأمين العام للسابق للتيار الديمقراطي غازي الشواشي

 

جدير بالذكر أن رئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان بسام الطريفي كان قد صرح،  لإذاعة "إي أف أم" (محلية) الجمعة 28 أكتوبر/تشرين الأول 2022، أنه قد وردت معطيات من عديد المصادر تفيد بأن هناك أجهزة في الدولة أعدت قائمة تضم 44 شخصًا من ناشطين مدنيين وسياسيين ومن الحراك الشبابي"، مؤكدًا أن ذلك "يندرج في مسار هرسلة الناشطين والتضييق عليهم وتخويفهم وترهيبهم في هذه الفترة التي تسبق الانتخابات"، حسب تصوره.

صدر حكم ابتدائي غيابي في حق الرئيس التونسي السابق محمد المنصف المرزوقي، يقضي بسجنه لمدة أربع سنوات، مع الإذن بالنفاذ العاجل

كما كان قد صدر، الأربعاء 22 ديسمبر/كانون الأول 2021، حكم ابتدائي غيابي في حق الرئيس التونسي السابق محمد المنصف المرزوقي، يقضي بسجنه "لمدة أربع سنوات، مع الإذن بالنفاذ العاجل"، وذلك بتهمة "الاعتداء على أمن الدولة الخارجي"، وهو ما أثار استياءً واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي محليًا وعبرت عديد الشخصيات السياسية والحقوقية والقضاة والمحامين عن مساندتهم وتضامنهم مع الرئيس السابق المنصف المرزوقي.

وقد تعرّض رئيس حزب آفاق تونس فاضل عبد الكافي، إلى المنع من السفر، فصرّح الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية التونسية فاخر بوزغاية، أنّ عبد الكافي محلّ تحجير سفر بقرار قضائي صادر عن المحكمة الابتدائية بتونس 1 مطلع نوفمبر/تشرين الثاني 2022، لكنّ عبد الكافي أكّد أنه توجه إلى المحكمة الابتدائية بتونس ولم يجد أي قضيّة منشورة ضدّه، على حد قوله.

"التنكيل بالرموز السياسيين وإثارة قضايا مفتعلة ضدّهم" مثّل أحد الانتهاكات التي ندّدت بها بعض الأحزاب على غرار حركة النهضة

وقد نددت حركة النهضة في تونس (معارضة)، مساء الجمعة 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2022،، بـ"تعمد السلطة التنكيل بالرموز السياسيين المناهضين ‏للانقلاب عبر إثارة قضايا مفتعلة ضدّهم"، في إشارة لما اعتبرته "استهداف رئيسها راشد الغنوشي عبر ‏سلسلة لا تنتهي من القضايا المفتعلة وعبر مسار لا يتوقف من التنكيل بالقضاة والضغط على القضاء لإخضاعه وتوظيفه في النيل من الغنوشي"، وفق ما ورد في بيان للحركة.

 

تم الاستماع لقيادات بحركة النهضة، من بينها راشد الغنوشي (ياسين محجوب/ NurPhoto)

 

وكان قد تم استنطاق عدة قيادات من النهضة، في قضايا مختلفة باتت تعرف إعلاميًا بملفات: التسفير إلى بؤر التوتر، ملف أنستالينغو، الجهاز السري، قضية جمعية نماء.. وهي كلها قضايا لم تصدر فيها للآن، أي أحكام باتة، وتم الاستماع فيها لقيادات في الحزب، من بينها راشد الغنوشي والحبيب اللوز، وعلي العريّض.

يشار إلى أنّ الحزب قد أعلن، في ساعة متأخرة ليلة الاثنين 19 ديسمبر/كانون الأول 2022، أنه تم إصدار بطاقة إيداع بالسجن في حق نائب رئيسها ورئيس الحكومة السابق علي العريض فيما يُعرف بقضية "التسفير إلى بؤر التوتر"، وسط دعوات ووقفات للمطالبة بالإفراج عنه.

 

  • انتهاكات طالت الصحفيين:

لا شكّ أنّ السلطة الرابعة كانت في واجهة هذه الانتهاكات، لأنها توثّقها، وتمثّل بوقًا للمنادين بوقفها، ومصدحًا لا يجامل إذا ما تعلّق الأمر بحريّة الرأي والتعبير. لكنّ "الصحافة حول العالم تعيش أسوأ فترة يمكن أن تمرّ بها، من قتل وتعذيب وإيقافات وانتهاكات واختطافات"، وفق تصريح رئيس النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين محمد ياسين الجلاصي، نفسه، بتاريخ السبت 10 ديسمبر/كانون الأول 2022. 

 

وسيم الجديدي/ SOPA Images

 

واعتبر الجلاصي خلال إحياء اليوم العالمي لحقوق الإنسان، أنّ "كلّ ما قيل في 10 ديسمبر/ كانون الأول 2021، يمكن أن نعيده اليوم بعد عام كامل، على اعتبار أن الوضع لم يتغير، ومؤشر الانتهاكات في تصاعد، وعدد المحاكمات في ارتفاع، كما أنّ حق النفاذ إلى المعلومة تم التراجع عنه" وفق تعبيره.

وشدّد الجلاصي على أنّه "تتواصل في تونس محاكمات الرأي، والإحالات المخالفة للقانون"، معتبرًا أنّ المرسوم 54 أصبح سيفًا مسلطًا على رقاب الصحفيين".

نقيب الصحفيين التونسيين: تتواصل في تونس محاكمات الرأي، والإحالات المخالفة للقانون، ليتصاعد مؤشر الانتهاكات ويرتفع عدد المحاكمات

وتعدّدت الحوادث التي كان فيها صحفيون ضحية هذه الانتهاكات، من ذلك السجن لمدّة سنة في حقّ الصحفي خليفة القاسمي، الذي ظلّ في حالة سراح في انتظار جلسة الاستئناف. وقد قضت بسجنه، الدائرة الجنائية المختصّة في النظر في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس، الثلاثاء 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، لتعلن النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين أنّ القاسمي يحاكم إثر رفضه كشف مصدر معلوماته على خلفية نشر خبر صحيح حول القبض على أشخاص بشبهة إرهابية بولاية القيروان.

وقد انطلق تتبع القاسمي في مارس/ آذار 2022 "بتهم على معنى قانون مكافحة الإرهاب والمجلة الجزائية وتم الاحتفاظ به لسبعة أيام وإطلاق سراحه إثر حملة تأييد واسع وطني ودولي".

نقابة الصحفيين التونسيين: حوكم صحفي إثر رفضه كشف مصدر معلوماته على خلفية نشر خبر صحيح حول القبض على أشخاص بشبهة إرهابية بولاية القيروان

يشار أيضًا إلى أنّ الصحفي ومؤسس موقع "بيزنس نيوز" نزار بهلول، قد أكد الثلاثاء 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، أنه مثل الاثنين أمام فرقة مكافحة الإجرام على خلفية مقال له نشر بالموقع قيّم فيه أداء رئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن على مدار الـ13 شهرًا المنقضية منذ تسلمها مهامها على رأس الحكومة.

وقد تم في سياق آخر، إيقاف ثلاثة أعوان أمن عن العمل وفتح بحث إداري لدى التفقدية العامة للأمن الوطني إثر المعلومات التي وردت حول الاعتداء على الصحفي بالإذاعة التونسية سفيان بن نجيمة، وفق تصريح رئيس مكتب الإعلام والاتصال بوزارة الداخلية التونسية فاكر بوزغاية.

 

صورة من الاعتداء على الصحفي بالإذاعة التونسية سفيان بن نجيمة

 

وقد طالبت منظمة المادة 19 (منظمة حقوقية)، الخميس 15 سبتمبر/أيلول 2022، السلطات التونسية بإسقاط التهم الموجهة ضد المدوّن والناشط السياسي غسان البوغديري والكف عن الممارسات التعسفية عبر اللجوء إلى المجلة الجزائية من أجل ملاحقة المدونين على خلفية آرائهم، وفق بيان صادر عن المنظمة.

اتُهم المدوّن والناشط غسان البوغديري بـ"ارتكاب أمر موحش ضد رئيس الجمهورية وارتكاب جرم ضد أمن الدولة" على خلفية نشره تدوينات ناقدة للرئيس وساخرة من الفساد الأمني

وقد مثل البوغديري أمام المحكمة الابتدائية بباجة، بتهمة ارتكاب أمر موحش ضد رئيس الجمهورية وارتكاب جرم ضد أمن الدولة والتهديد بما يوجب عقابًا جنائياً طبقاً لأحكام الفصلين 67 و222 من المجلة الجزائية وذلك على خلفية نشره لتدوينات ناقدة لرئيس الجمهورية وساخرة من الفساد في قطاع الأمن.

جدير بالذكر أنّ الصحفية والناشطة النسوية التونسية أروى بركات، قد عُنّفت واحتُجزت أيضًا بعد أن "وجدت نفسها أثناء التحقيق في موقف المتهمة بالاعتداء بالعنف الشديد على عون أمن أثناء مباشرته لمهامّه، حين أرادت إيداع شكاية ضد عون أمن اعتدى عليها، وبالتالي لم يتم سماعها كمتضررة"، وفق بيان جمعية تقاطع من أجل الحقوق والحريات.

وقد أكد المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في هذه القضية، "أن قضية أروى بركات ليست معزولة وتدلّ على أن البوليس يواصل ممارساته القمعية واستغلال نفوذه في ظل سياسة الإفلات من العقاب" حسب بلاغه.

 

 

  • انتهاكات مسّت الفنّانين:

على أنّ اللافت في موضوع الانتهاكات هذه السنة، بروز فئة جديدة سُلّطت عليها الاعتداءات، لم تعوّدنا سابقًا على احتكاكها بالأمن إلّا قليلًا.. نتحدّث عن الفنّانين الذين طالتهم الانتهاكات، إلى الدرجة التي جعلت من مهرجانات تونس في 2022.. عروض ملغية و"القرار" بيد النقابات الأمنية.

وقد أكّد عدد من المتدخلين في الشأن الثقافي في تونس، أنّه تم إلغاء عدد من العروض المسرحية والفنية، لعدة أسباب، لعلّ أهمها "تدخل النقابات الأمنية ومحاولتها السيطرة على القطاع".

ومن بين هذه الإلغاءات، نجد إلغاء عرض الزيارة، وعروض الفنان لطفي العبدلي، وحفل رامي عياش بمهرجان بنزرت، وحفل "نوردو" بمهرجان جمّال، وعرض مقداد السهيلي بمهرجان المنستير.. والسبب مشترك: دخول النقابات الأمنية على الخط وتدخلها في مضمون العروض وفي طريقة التسيير!

مثّلت إذن هذه الانتهاكات المستعرضة في هذا التقرير، جزءًا من حوادث تتكرّر كل سنة، غير أنها تعاظمت هذا العام، لتخلّف عددًا من القتلى، إذ قال رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان مصطفى عبد الكبير، بتاريخ 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، إن حوادث الوفيات التي تحصل سواء في مراكز الإيقاف أو السجون أصبحت تتكرر، مفيدًا بأنه تم خلال النصف الثاني من سنة 2022 فقط، تسجيل 7 وفيات ناتجة عن إيقافات أمنية وسجنية في تونس.