17-أكتوبر-2022
أحداث حي التضامن

نشطاء حقوقيون ينددون بـ"القمع البوليسي والترهيب واستعمال الغاز المسيل للدموع" (ياسين القايدي/ الأناضول)

الترا تونس - فريق التحرير

 

نددت جمعية "تقاطع من أجل الحقوق والحريات"، الاثنين 17 أكتوبر/تشرين الأول 2022، بما اعتبرته "قمع" القوات الأمنية للتحركات الاحتجاجية بحي التضامن التي خرجت "تنديدًا بالقمع البوليسي والمطالبة بمحاسبة الجناة وكل المتسببين في مقتل مالك السليمي الذي توفي متأثرًا بإصابات تعرض لها إثر اعتداءات بالعنف من قبل أمنيين".

وقالت الجمعية، في بيان لها، إن "القمع البوليسي" تواصل طيلة 4 أيام بحي التضامن، من خلال استعمال الأمنيين للغاز المسيل للدموع، وسط استغاثة المتساكنين من "‏الحصار الأمني" الذي يتعرضون له ورائحة الغاز التي اجتاحت المنازل، وفقها.

جمعية "تقاطع": إيقاف الشاب فرات العياري وهو أحد الشهود العيان ليلة الاعتداء على الضحية مالك السليمي دون تمكينه من محاميه ومن حقوقه القانونية

وأكدت في هذا الإطار أن "نهج قوات الأمن التونسي الدائم المتمثل في الاستخدام المفرط للقوه بإطلاق قنابل الغاز في التجمعات السكنية والتي بطبيعتها ‏سوف تؤدي لحالات اختناق بين متساكني هذه المنطقة، يجب أن يتوقف حفاظًا على حق هؤلاء المواطنين في ‏الحياة"، حسب تعبيرها.‏

كما أشارت إلى أنه تم تسجيل جملة من الاعتقالات التي وصفتها بـ"العشوائية" وتوجيه تهم ‏لعدد من الشباب من قبيل ''الاعتداء المدبر ليلًا وإحداث الهرج والتشويش والإضرار عمدًا بملك الدولة''، وفقها.

وكشفت الجمعية أنه تم ‏"إيقاف الشاب فرات العياري وهو أحد الشهود العيان ليلة الاعتداء على الضحية مالك"، مشيرة إلى أنه "تم إيقافه فجر ‏الاثنين دون تمكينه من محاميه وحقوقه التي يضمنها له القانون"، مشددة على أن هذه السياسة "لطالما عهدناها من القوات الأمنية في التعامل مع ‏الشهود على مثل هذه الانتهاكات"، على حد ما ورد في نص البيان.

جمعية "تقاطع":  فرات مريض سكري من النوع الأول ويعتمد علاجه الرئيسي على حقن هرمون ‏الأنسولين عدة مرات يوميًا لذلك فإننا نحمل السلط مسؤولية سلامته الصحية

وذكرت أن فرات "مريض سكري من النوع الأول ويعتمد علاجه الرئيسي على حقن هرمون ‏الأنسولين عدة مرات يوميًا بالكميات اللازمة لضبط مستوى السكر بالدم وإجراء اختبارات دورية لمعرفة مستوى السكر بالدم"، مؤكدة أن "أي تخلف عن أخذ هذه الجرعات يعرضه سريعًا لأضرار صحية بالغة". 

وشددت جمعية "تقاطع"، في هذا الصدد، أن "سلامة الحالة الصحية لفرات العياري هي مسؤولية ‏السُلطات التونسية التي لها سابقة في وفاة عبد السلام زيان جراء امتناع قوات الأمن عن السماح له بأخذ جرعات ‏الأنسولين"، على حد ما جاء في نص البيان.

وعبرت الجمعية، في هذا الصدد، عن كامل مساندتها لـ"ضحايا القمع البوليسي وعلى رأسهم سكان حي ‏التضامن"، مطالبة بإطلاق سراح جميع الموقوفين على خلفية انخراطهم في هذه التحركات وإسقاط جميع التهم عنهم. كما جددت  مطالبتها بفتح تحقيق جدي في مقتل الشاب مالك السليمي ومحاسبة كل المتورطين في ذلك، وفق البيان ذاته. ‏

وفي الأثناء، أكد أنس القدوسي، محامي الشاب فرات العياري، الاثنين 17 أكتوبر/تشرين الأول 2022، أن مكان إيقاف فرات لا يزال مجهولًا، مشيرًا إلى أن كل الموقوفين في أحداث حي التضامن موجودين في منطقة الحرس الوطني بالمنيهة وأنه بالسؤال عن فرات في المنطقة أخبروه أن اسمه ليس من ضمن الموقوفين هناك"، مضيفًا أنه سأل أيضًا عنه في مركز الإيقاف في بوشوشة وكذلك لم يجد اسمه هناك، على حد روايته.

المحامي أنس القدوسي يؤكد أن مكان إيقاف فرات العياري لا يزال مجهولًا مذكرًا بأنه مصاب بالسكري وهو في حاجة إلى تناوله

وذكّر المحامي بأن الشاب فرات العياري مصاب بالسكري وهو في حاجة إلى تناول دوائه، ورغم ذلك لا أحد يعلم أين وقع إيقافه، وفق ما جاء في تدوينته.

وقد تفاعل عديد النشطاء الحقوقيين مع حادثة اعتقال فرات العياري، ونددوا بتواصل الممارسات البوليسية من "ترهيب واستقاء على المواطنين"، ودونت عضو الرابطة التونسية لحقوق الإنسان نورس الدوزي على فيسبوك: "فرات العياري الشاهد الأساسي في قضية مالك في حي التضامن، مفقود وتم إعلامنا أنه موقوف مع شباب آخرين"، مستدركة القول: "حاليًا هو ليس موجودًا لا في بوشوشة ولا في منطقة المنيهلة ولا في أي مكان آخر".

وأضافت قائلة: "إن لم نسمِّ ما يحصل ترهيبًا أو استقواء على مواطنين عزل، فماذا نسميه؟"، وفق تعبيرها.

يشار إلى أن الاحتجاجات والاشتباكات بين محتجين في منطقة حي التضامن (حي شعبي متاخم للعاصمة تونس) وقوات أمنية تجدّدت، ليل الأحد 16 أكتوبر/تشرين الأول 2022، لليلة الثالثة على التوالي، على خلفية وفاة شاب من أبناء الجهة وهو مالك السليمي (24 سنة)، الخميس 13 من الشهر الجاري، متأثرًا بإصابات جرّاء اعتداءات بالعنف تعرّض لها منذ شهر ونصف من قبل أمنيين، وفق ما أكده أفراد من عائلته وشهود عيان.

وقد استعملت القوات الأمنية الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين، الذين عمدوا إلى الرشق بالحجارة وإشعال العجلات المطاطية، لتشهد المنطقة كرًا وفرًا بين الأمنيين والمتظاهرين.

وتعود أطوار الحادثة إلى تاريخ 31 أوت/أغسطس 2022، "عندما كان الشاب مالك متواجدًا رفقة أصدقائه على متن دراجته النارية بحي التضامن، وأثناء سيرهم بالدراجة قامت سيارة شرطة بملاحقتهم من الخلف مما اضطرهم إلى الوقوف على جانب الطريق".

وتضيف الجمعية، في بيان لها، أنه "بعد وقوفهم ونزولهم من الدراجة قام أعوان الشرطة بالتوجه إلى مالك مباشرة وضربه ضربًا شديدًا دون أي سبب يدفعهم للقيام بذلك"، وفقها، مشيرة إلى أن "الضحية مالك حاول المقاومة والهروب من بين أيديهم ليقوموا بدفعه حتى سقط في قناة صغيرة لتصريف مياه الأمطار وأغمى عليه ليبقى هناك إلى حين وصول سيارة الحماية المدنية".

وتتابع: "ومنذ ذلك اليوم بقي مالك في المستشفى تحت العناية الطبية بسبب ما لحقه من كسور عديدة وارتجاج أصاب رأسه، لتزداد حالته الصحية تعكرًا يومًا بعد يوم ما تطلب عناية طبية مشددة، وبقي داخل المستشفى على تلك الحالة حتى توفي يوم 13 أكتوبر/تشرين الأول 2022"، وفق ما ورد في نص بيان لجمعية تقاطع من أجل الحقوق والحريات وكما ورد عن روايات عدد من النشطاء والحقوقيين.