10-أكتوبر-2022
أيوب غدامسي حياة الجزار

منظمة مناهضة التعذيب: هذا يشكّل غطاء لمواصلة تكريس الإفلات من العقاب

الترا تونس - فريق التحرير

 

أثارت إحالة المحاميين والحقوقيين حياة الجزار وأيوب الغدامسي على مكتب التحقيق من أجل تهم "هضم جانب موظف عمومي من الصنف العدلي" طبقًا لأحكام الفصول 125 و126 من المجلة الجزائية، الجدل والاستياء في تونس، ما دفع عديد المنظمات إلى استنكار هذا القرار.

وقد شدّد حقوقيون ومنظمات وطنية عدّة، أنّ المحامييْن كانا بصدد الترافع عن موكلهما أمام هيئة قضائية وبزيّ المحاماة في قضية عدلية أمام قاضي ناحية قرطاج.

حقوقيون يؤكدون أنّ المحاميين ترافعا عن منوبين هما أب وابن لشبهة تعرضهما لسوء المعاملة والاختطاف والتعذيب

وتداول محامون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تدوينة لزميلتهم حياة الجزار، ورد فيها أنها "أحيلت  بمعية الأستاذ أيوب الغدامسي على التحقيق العاشر من أجل اتهامهما بارتكاب جريمة  هضم جانب موظف من الصنف العدلي، والحال أننا رافعنا على منوبانا الأب 67 سنة والابن حسان من أجل التعذيب واختطاف الابن من أمام محكمة ناحية قرطاج من طرف أعوان الأمن لاقتياده لمركز الشرطة لضربه ولكمه وتعذيبه وسجنه بدون وجه حق" وفقها. 

وتابعت التدوينة: "كان ذلك بمباركة القاضية هادية بليلي التي أخرجت منوبي يوم السبت صباحًا وهددته قائلة لو تصرح ثانية بأنه وقع اختطافك أو تعذيبك من طرف ضياء الحق السعدي فإنني سوف أقرر إيقافك في السجن فأغمي عليه بمكتبها فأفرجت عليه، ويوم الجلسة في مرافعتي طلبت منها أن لا تبت في القضية لأننا قمنا بقضية باستجلاب الملف لمحكمة أخرى، وطبعًا رافعت أنا والأستاذ أيوب بما رأيناه مفيدًا وهو عدم حيادها وخرقها للإجراءات وولائها المطلق لرئيس الشرطة العدلية ضياء الحق السعدي لأسباب نجهلها" وفقها.

وفي هذا الإطار، تفاعلت عدة منظمات، نذكر منها:

  • الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان

حيث استنكرت رابطة حقوق الإنسان في بيان لها الاثنين 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، إحالة المحاميين من أجل تهم هضم جانب موظف عمومي من الصنف العدلي، واعتبرت هذه الحادثة "مسًا من حق الدفاع المكفول بالدستور" ومطالبة بإيقاف التتبعات ضدهما.

كما أدانت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان "إثارة قضايا في حق عدد من الناشطين وصدور أحكام بالسجن ضدهم على خلفية نشاطهم في الدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وحق التعبير والتظاهر والتجمهر السلمييْن". 

رابطة حقوق الإنسان: ندعو إلى تعديل السياسة الجزائية للدولة عبر الكفّ عن متابعة المدافعين عن حقوق الإنسان وإحالتهم على القضاء

ودعت الرابطة إلى "تعديل السياسة الجزائية للدولة وذلك بالكفّ عن متابعة الحقوقيين والناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان وإحالتهم على القضاء، وإلى سنّ قانون يحمي المدافعين عن حقوق الإنسان كما هو الحال في عديد البلدان الإفريقية التزامًا بالإعلان العالمي للمدافعين عن حقوق الإنسان الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 8 مارس/ آذار 1999، والذي تنصّ المادة 2 منه على أنه:

"يقع على عاتق كل دولة مسؤولية وواجبان رئيسيان في حماية وتعزيز جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية، بعدة طرق منها اتخاذ ما قد يلزم من خطوات لتهيئة جميع الأوضاع اللازمة في الميادين الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها من الميادين، فضلًا عن إتاحة الضمانات القانونية المطلوبة لتمكين جميع الأشخاص الخاضعين لولايتها، بمفردهم وبالاشتراك مع غيرهم، من التمتع فعلًا بجميع هذه الحقوق والحريات". وعلى أن "تتخذ الدولة الخطوات التشريعية والإدارية والخطوات الأخرى اللازمة لضمان التمتع الفعلي بالحقوق والحريات المشار إليها في هذا الإعلان".

 

 

  • المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب

أما منظمة مناهضة التعذيب، فقد تضامنت مع الأستاذين حياة الجزار وأيوب الغدامسي، واعتبرت أنّ "هذه الإحالة بناء على الشكاية التي تقدّمت بها قاضية ناحية قرطاج ضدّ المحاميين بسبب المرافعة على منوباهما وهما أب يبلغ من العمر 67 سنة وابنه لشبهة تعرضهما لسوء المعاملة والاختطاف والتعذيب، وبسبب المطالبة باستجلاب ملف القضية لمحكمة أخرى نظرًا لما سجّلاه من عدم حيادية القاضية وخرقها للإجراءات وتغطيتها على انتهاك حقوق منوبيهما".

المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب: نستنكر الاعتداء على حصانة المحامي أثناء المرافعة بما يشكّل خرقًا صريحًا لحق المتقاضين في الدفاع

وأدانت المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب هذا الإجراء الذي وصفته بـ"الخطير، والذي يعتدي على حصانة المحامي أثناء المرافعة ويُشكّلُ خرقًا صريحًا لحق الدفاع كشرط أساسي للمحاكمة العادلة للمتقاضين، كما يُشكّلُ غطاء لمواصلة تكريس الإفلات من العقاب".

ودعت المنظمة إلى "التصدّي لكل أشكال ومظاهر الاعتداء المتصاعدة على الحقوق والحريات وإلى التنديد بحملة الإيقافات والمحاكمات الجائرة التي تستهدف الصحفيين والمناضلات والمناضلين المدنيين والاجتماعيين".

 

 

  • الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات

أما بالنسبة إلى جمعية النساء الديمقراطيات، فقد عبّرت عن تفاجئها بهذه الإحالة، مستنكرة ومستغربة "هذه الخطوة الخطيرة المتمثلة في إحالة محاميين على التحقيق جرّاء مرافعتهما دفاعًا عن موكليهما مما يعد في حد ذاته خرقًا واضحًا للمرسوم عدد 79 لسنة 2011 الذي يمنح الحصانة للمحامي أثناء مرافعته" وفقها.

واعتبرت الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات أن هذه التهمة "مخالفة لأبسط المعايير الوطنية والدولية لحق الدفاع الذي يضمن المحاكمة العادلة للمتقاضين ويكرّس مبدأ عدم الإفلات من العقاب لمنتهكي حقوق الإنسان مهما كانت صفتهم".

جمعية النساء الديمقراطيات: إحالة محاميين على التحقيق جرّاء مرافعتهما دفاعًا عن موكليهما، يعدّ خرقًا واضحا للمرسوم الذي يمنح الحصانة للمحامي أثناء مرافعته

وأشارت الجمعية إلى أن هذه الواقعة "لا يمكن عزلها عن الهجمة الممنهجة التي نشهدها هذه الأيام والإيقافات الأخيرة التي استهدفت كثيرًا من النشطاء والنشيطات في المجال الحقوقي وعديد الشبان والشابات في عدة جهات من البلاد".

ونددت الجمعية بشدة بهذه الإيقافات "وبكل مظاهر ضرب الحريات ومحاولات تكميم الأفواه بطرق مختلفة"، محذّرة في السياق نفسه، من "المحاكمات الجائرة والسياسات القمعية التي مارستها الدكتاتوريات السابقة والتي لن  تساهم اليوم إلا في تأزيم وضع الشباب الذي أجبرته هذه السياسات على الانتحار إما في قوارب الموت أو بإضرام النار أو بتعاطي المخدرات".

وقد حمّلت الجمعية مسؤولية تدهور وضعية الحريات في تونس وكل ما سينجر عنها من مضاعفات إلى الحكومة وأصحاب القرار والنفوذ التي قالت إنها "تنتهك أبسط الحقوق في الدولة، وصل إلى حد تجريم مرافعات المحامي والتنكيل بالشباب وجره إلى مستنقع العنف والإرهاب" وفقها.