25-يونيو-2022
تمثال عبد الرحمان ابن خلدون Sylvain GRANDADAM Gamma-Rapho

تمثال مؤسس علم فلسفة التاريخ عبد الرحمان ابن خلدون (Sylvain GRANDADAM/Gamma-Rapho)

 

تصدير: "حاجتنا إلى التفكير هي ما يجعلنا نفكر..."  

(تيودور أدورنو)


لا شيء يحدث خارج الفلسفة والتفلسف، لا شيء يحدث خارج دروب الفلسفة وسياقاتها ومدارسها، فلولا الفلسفة لما عاشت البشرية كل تلك التحولات الكبرى من ثورات تقنية وعلمية وفكرية وحروب طاحنة أدت آليًا إلى مساحات سلام وقتية، لا شيء يحدث خارج أكوان تاريخ الفلسفة.

الفلسفة هي التي أسست للتعايش السلمي على الكوكب ودافعت عن رصيد القيم الإنسانية ودجّنت كل تلك الرحلات الشاقة للأديان وحولتها إلى جنّات حضارية وثقافية يمكن لها أن تتجاور وتتحاور في سلام مريح بعيدًا عن التقوقع والغطرسة والدّحر والتّآمر والاستقواء بآلات الفقه والتأويل القاتلة وممارسة شتى أنواع المساوئ.

الفلسفة هدّأت من روع الإنسان وهو يتساءل مندهشًا أسئلته الحارقة عن جدوى الوجود والمصير بعد الموت وعن كل ممكنات الخلود، ولم تكن تبحث لها عن حلول بقدر دعوتها لتخطي الحواجز المرئية واللامرئية نحو جوهر الحياة وكنهها الخالد.

وتونس التي تسكن منذ الأزل قلب الضفة الإفريقية للبحر الأبيض المتوسط عرفت الفلسفة والتفلسف على مرّ تاريخها الطويل أسوة وتأثرًا والأسباب هنا عديدة نذكر منها الغزو والتبادل التجاري والثقافي.

تونس التي تسكن منذ الأزل قلب الضفة الإفريقية للبحر الأبيض المتوسط عرفت الفلسفة على مرّ تاريخها والمدرسة التونسية للفلسفة تشبه الأرخبيل الفكري المتجانس في قيمه وأهدافه والمختلف في دروبه ومناهجه

1- الفترة النوميدية والقرطاجية الرومانية:

حسب ما أكدته عدة بحوث بالجامعة التونسية فإن القول الفلسفي الذي طبع تلك الفترة كان غنيًا بمميزات لاتينية وعناصر لغوية وفكرية أسطورية نوميدية لذلك نجد أن فلسفة الروماني/التونسي "ترتوليانوس" لا تنتمي إلى الثقافة الرومانية إلا في لغتها أما روحها فتعكس امتدادًا قرطاجيًا وآخر يونانيًا، ولم يحظَ هذا الفيلسوف بالاهتمام المطلوب لأنه غادر الكنيسة الكاثوليكية الرومانية إلى كنيسة قرطاج وكتب من أجل ذلك مقالًا فلسفيًا في علاقة الدين بالسلطة متهمًا الكنيسة بالتعاون مع السلطة السياسية الرومانية كما كتب هذا الفيلسوف المنسي عن الهوية البربرية لسكان قرطاج في علاقة بالقوانين الرومانية، كما أسعفتنا أقواله الفلسفية بمادة غنية عن كيفية قراءة اللّاهوت من زاوية التنوع الثقافي والعرقي، ومعه ظهرت فكرة الحقوق المدنية كاستباق نظري لفكرة المواطنة.

  • القديس "أغوسطينوس"

القديس "أغوسطينوس" (354 ـ 430 ق م) هو فيلسوف لاتيني من أصل نوميدي، ولد بطاغاست (سوق أهراس بالجزائر حاليًا) وعاش كامل حياته بتونس وتعتبره الكنيسة البروتاستانية في شقها الكلفاني أحد المنابع اللاهوتية الأولى حول النعمة والخلاص. هذا الفيلسوف اللاهوتي وقبل أن يكون مسيحيًا اعتنق في البداية الديانة المانوية الفارسية ثم الافلاطونية المحدثة. ومن أهم أفكاره أن الدين لا غنى عنه لحرية الإنسان وقدم تصورًا مفاده أن الدين هو المدينة الروحانية لله، كما ساهم مساهمة كبيرة في تطوير نظرية الحرب العادلة.

 

صورة
الفيلسوف اللاتيني من أصل نوميدي أغوسطينوس

 

  • "صدر بعل":

من الأسماء البارزة في الفترة القرطاجية نجد "صدر بعل" وهو فيلسوف ولد سنة 187 قبل الميلاد، سافر من تونس إلى أثيناوهناك درّس الرياضيات والهندسة والمنطق وترأس الأكاديمية الثالثة لأثينا وهو أعلى منصب علمي في العالم في ذلك الوقت

ومن الأسماء البارزة في الفترة القرطاجية نجد "صدر بعل" (ليس شقيق حنبعل) وهو فيلسوف ولد سنة 187 قبل الميلاد وتوفي سنة 110 قبل الميلاد، وقد سافر من تونس إلى أثينا في سن الأربعين وهناك درّس الرياضيات والهندسة والمنطق لسنوات طويلة وترأس الأكاديمية الثالثة لأثينا وهو أعلى منصب علمي في العالم في ذلك الوقت وكتب عشرات الكتب الفلسفية في فنون المنطق وأساليب الرياضيات.

  • "هيريل القرطاجني":

ومن الأسماء أيضًا "هيريل القرطاجني" المذكور في الجزء الثاني من كتاب ديوجن، ومؤلفات أبيقور وأتباعه ونصوص "أنتيستينس" مؤسس الفلسفة الكلبيّة في القرن الرابع قبل الميلاد وأتباعه من القرطاجنيين.  

2- الفترة الإسلامية:

أما الفترة الإسلامية فهي لا تختلف كثيرًا عن الفترة الرومانية من جهة هيمنة اللاهوت على الفكر الحرّ.

ولعل من أبرز الأسماء الفلسفية والفكرية التي حفظها التاريخ وبقي أثرها إلى اليوم نجد العلاّمة "عبد الرحمان ابن خلدون" ذا الأصول الأندلسية والمولود بتونس سنة 1332 م والمتوفى سنة 1406 م وهو مؤسس علم فلسفة التاريخ الذي عرّف من خلاله أن التاريخ غير مقتصر على سرد الأحداث الزمنية التاريخية فحسب بل يجب أن يكون قائمًا على التحليل والبحث واستنباط القوانين الصالحة للمستقبل. وقد حاز ابن خلدون على تقدير الأكاديميات الغربية بسبب قدرته على ترجمة التاريخ الإسلامي وتوثيقه بالإضافة إلى فلسفته. كما أنه أول من أسس "علم الاجتماع الحديث" وكانت له إنجازات في علم التربية إذ يقول: "إن العلم يتقسم إلى قسمين وهما علم نقلي وعلم عقلي". ومن أشهر مؤلفاته كتابه "مقدمة ابن خلدون" التي ألفها سنة 1377 م والتي اعتبرت مدخلًا مهمًا لعلم الاجتماع حيث خاض فيها كل ما يتعلق بالتاريخ والسياسة والشريعة والاقتصاد والاجتماع والعمران والطب وخطية تطور الشعوب.

لعل من أبرز الأسماء الفلسفية والفكرية التي حفظها التاريخ وبقي أثرها إلى اليوم نجد العلاّمة "عبد الرحمان ابن خلدون" ذا الأصول الأندلسية والمولود بتونس وهو أول من أسس "علم الاجتماع الحديث"

ومن الأسماء التي برزت في الفترة الإسلامية نجد "ابن الجزار" وهو أبو جعفر أحمد بن أبي خالد القيرواني ولد بالقيروان سنة 929 م وتوفي بها سنة 1010 م وقد برع في الفلسفة والطب وقد تتلمذ على يد طبيب شهير في القيروان وهو إسحاق بن سليمان الإسرائيلي وقد احتل ابن الجزار المكانة العلمية والطبية الكبيرة نفسها التي احتلها أبو بكر الرازي في الشرق.

وألف ابن الجزار عدة كتب في العديد من المجالات نذكر منها: "زاد المسافر" و"رسالة النفس" و"طب الفقراء" و"سياسة الصبيان وتدبيرهم" و"الوصول إلى الأصول" و"كتاب العدّة" و"البغية" وهو كتاب مختص في الصيدلة. وكان ابن الجزار قد ضمّن هذه الكتب العلمية أراؤه الفكرية والفلسفية وميولاته السياسية... علمًا وأن مخطوطات كتبه توجد بأكبر المكتبات الغربية وتونس لم تحقق سوى كتاب واحد من جملة كتبه وهو كتاب " سياسة الصبيان وتدبيرهم " وقد حققه الأستاذ الباحث الحبيب الهيلة سنة 1979.

3- الفترة الحديثة والمعاصرة:

وخلال الفترة الحديثة والمعاصرة وخصوصا مع تأسيس التعليم النظامي ونشأة الجامعة التونسية سنة 1958 تم بعث قسم للفلسفة بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية (كلية 9 أفريل) كان له الفضل الكبير في تكوين أجيال متتالية من أساتذة الفلسفة الذين نهضوا بتدريس مادة الفلسفة في المعاهد الثانوية. كما أسهم هذا القسم في خلق كوكبة من الباحثين الذين أسهموا في تأسيس مدرسة تونسية للفلسفة.

المدرسة التونسية للفلسفة تشبه الأرخبيل الفكري المتجانس في قيمه وأهدافه والمختلف في دروبه ومناهجه فنجد مثلًا:

  • "مدرسة سبينوزا بتونس" والتي تشكلت في سبعينات القرن الماضي بالجامعة التونسية وتحديدًا بقسم الفلسفة بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية (9 أفريل) ومن أهم رموزها المختصة نجد "علي الشنوفي" الذي ألف سنة 1970 دراسة هامة عنوانها "مسألة صفات الله عند سبينوزا وابن عربي". وأضاف سنة 1977 أطروحته الجامعية والتي وردت تحت عنوان "الفيزياء والسياسة عند سبينوزا" و"صالح مصباح" الذي ألف سنة 1987 كتابًا بعنوان "اللانهائي في القسم الأول من كتاب الأخلاق لسبينوزا" والأستاذة "فاطمة الحداد" التي قدمت سنة 1980 رسالة الدكتوراه بالفرنسية عنوانها "الفلسفة النسقية ونسق الفلسفة السياسية عند سبينوزا" وجلال الدين سعد الذي ألف سنة 1983 كتاب "الإيتيقا عند سبينوزا".

من بين المدارس التونسية للفلسفة نجد "مدرسة سبينوزا بتونس" التي تشكلت في سبعينات القرن الماضي بالجامعة التونسية وتحديدًا بقسم الفلسفة بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعيةومن أهم رموزها المختصة نجد "علي الشنوفي"

  • أما المدرسة التونسية في الفينومولوجيا فقد تبلورت على يد الاستاذ محمد محجوب وعدد من تلامذته على غرار الاساتذة الباحثين :  يوسف بن أحمد ومحسن الزارعي وفتحي الانقزو... وتشكلت داخل هذه المدرسة مدرسة هيدغرية بدأت بعمل محمد محجوب " هيدغر ومشكلة الميتافيزيقا " لكنها وضحت مع دراسات  فتحي المسكيني ونذكر منها " نقد العقل التأويلي " وترجمته لكتاب هيدغر " الكينونة والزمان "... وأيضا كتاب كمال فرحات " صروف الكينونة بين ليفيناس وهيدغر " ، كما ترجم أحد أعضاء هذه المدرسة وهو فتحي أنقزو كتاب جاك ديريدا" الصوت والظاهرة: مدخل إلى مسألة العلامة في فينومولوجيا هوسرل". أيضًا هذه المدرسة ترجمت كتاب ميرلوبنتي الشهير "تقريظ الفلسفة".

  • "مدرسة فوكو" وهي من المدارس الفلسفية التي تأسست حول فلسفة الفيلسوف الفرنسي ميشال فوكو الذي عاش في تونس سنوات قليلة ودرس بالجامعة التونسية من 1966 إلى 1968 وقد أنتجت هذه الحلقة العديد من الأسماء التونسية منها نذكر: الأساتذة "عبد العزيز العيادي" الذي كتب كتابًا عن المعرفة والسلطة عند فوكو. و"أحمد أمين الزارعي" الذي ألّف كتابًا عنوانه السلطة بين الكلمات والأشياء، وفتحي التريكي الذي كتب "فوكو السلطة المفتوحة" وهو تقديم مهم للعدد الخاص بميشال فوكو من مجلة كراسات تونسية والذي ضم سبع دراسات علمية.

كما تجدر بنا الإشارة إلى أنه وقبل الاستقلال ببضع سنوات التحق عدد من الباحثين التونسيين بالجامعات الفرنسية ووجهوا اهتماماتهم العلمية إلى دراسة تاريخ إفريقيا الإسلامي المبكر ومنهم نذكر الأساتذة "محمد الطالبي" الذي اشتغل على التاريخ السياسي للدولة الأغلبية من سنة 800 م إلى سنة 909 م، وفرحات الدشراوي الذي خصص بحوثه للدولة الفاطمية بالمغرب، والهادي روجيه الذي تناول بالبحث الدولة الصنهاجية وتاريخ إفريقية في عهد بني زيري، وهشام جعيط الذي اختار التاريخ الإسلامي المبكر بشكل عام. وجميعهم توخوا المناهج العلمية الفلسفية في تناولهم التاريخ الإسلامي الأمر الذي أثر في طلبتهم من بعد في فهمهم لفلسفة التاريخ.

الجامعة التونسية وإلى جانب خلقها لمدارس فلسفية ودوائر فكرية خلقت أيضًا أسماء ألمعية مثيرة للجدل أينما حلت في الفضاءات الثقافية والسياسية التونسية والعربية والدولية وهو ما يجعلنا نطلق عليهم القول بأنهم فلاسفة تونس ولنا أن نذكر منهم:                 

  • هشام جعيّط:

نشأ هشام جعيط في عائلة من المثقفين والقضاة وكبار المسؤولين من البورجوازية الكبيرة في تونس العاصمة وهو حفيد الوزير الأكبر يوسف جعيط وابن أخ الشيخ محمد عبد العزيز جعيط، زاول تعليمه بالصادقية ليلتحق بجامعة السوربون حيث نال سنة 1962 شهادة التبريز في التاريخ، ثم عاد إليها مجددًا نهاية السبعينات ليحصل على الدكتوراه سنة 1981. درّس بكلية 9 أفريل لسنوات عديدة وعمل كأستاذ زائر بعدة جامعات عربية وأوروبية وكندية وأمريكية منها جامعة كاليفورنيا، نشر جعيط العديد من الأعمال الفكرية باللسانين العربي والفرنسي، تولى رئاسة المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون"بيت الحكمة" بين سنتي 2012 و2015 وهو عضو بالأكاديمية الأوروبية للعلوم والفنون.

من بين أبرز المفكرين في تونس نجد هشام جعيّط الذي حاول أن يمارس تاريخًا تفهيميًا إلى حد بعيد وأن يغوص في قلب المناخ الذهني والعقلي للعصر الإسلامي الأول

لقد حاول هشام جعيط أن يمارس تاريخًا تفهيميًا إلى حد بعيد وأن يغوص في قلب المناخ الذهني والعقلي للعصر الإسلامي الأول وأن يسعى لفهم كيفية تفكير أهله وما كانت عليه أصنافهم ومقولاتهم وقيمهم، ومن ناحية ثانية حاول أن يدرك بوضوح كثرة المعطيات وأن يحلل البنى وأن يكتب تاريخًا شموليًا مستعملًا في ذلك أدوات الفلسفة.

ومن مؤلفاته نذكر: "الشخصية العربية الإسلامية والمصير العربي" (1984)، "الكوفة.. نشأة المدينة العربية الإسلامية" (1986)، "الفتنة الكبرى.. جدلية الدين والسياسة في الإسلام المبكّر" (1992)، "أوروبا والإسلام.. صدام الثقافة والحداثة" (2007).

  • حمادي بن جاب الله:

اشتغل حمادي بن جاب الله من خلال أطروحة دكتوراه حول هنري ديكارت وغاليلي ونيوتن وقد قام بن جاب الله بترجمة مدونة هنري بوانكاري وألف كتابًا آخر تحت عنوان "تحولات العلم الفيزيائي ومولد العصر الحديث". ومن أهم شواغله الفلسفية أن الثورة الحداثة هي كتلة العلم والحرية وهي ما يطلق عليه الغرب بالديمقراطية ليطرح في ذات الوقت السؤال الصعب "ما الذي يمنع العرب من الجمع بين العلم والحرية؟".

المفكر التونسي حمادي بن جاب الله يتحدث في الآونة الأخيرة عن نظام عالمي جديد بصدد التشكل وهو ما سيدفع بالفلسفة الى إعادة النظر في المسلمات والمقولات السياسية والاجتماعية والتاريخية.

ويتحدث حمادي بن جاب الله في الآونة الأخيرة عن نظام عالمي جديد بصدد التشكل وهو ما سيدفع بالفلسفة الى إعادة النظر في المسلمات والمقولات السياسية والاجتماعية والتاريخية.

ومن الأسماء المتفلسفة في تونس نجد الدكتور فتحي التريكي الذي شغل منصب عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بصفاقس من 1990 إلى 1996 وعين أستاذًا لكرسي اليونسكو للفلسفة بجامعة تونس منذ سنة 1997 وعمل أستاذًا زائرًا بجامعة ديوك بالولايات المتحدة الأمريكية وبجامعة باريس، وهو صاحب مقاربات خاصة بمفهوم الحرب.

 

صورة
 المفكر التونسي حمادي بن جاب الله

 

  • فتحي التريكي:

ساهم فتحي التريكي صحبة الفيلسوف الفرنسي جاك ديريدا في اقتراح "فلسفة التعايش والتعقلية" واقتراح أيضًا فكرة "تقاسم الكونية". له 28 كتابًا نذكر منها "الفلاسفة والحرب" (بالفرنسية) 1985، "قراءات في فلسفة التنوع" 1988، "الروح التاريخية في الحضارة العربية الإسلامية 1991، "الفلسفة والحداثة" 1992، "الفلسفة الشريدة" 1988، "مقاربات حول تاريخ العلوم العربية" 1996، "فلسفة العيش سويًا" 1998، "الحقل والحرية" 1998، وغيرها.  

  • أبو يعرب المرزوقي (واسمه الحقيقي "محمد الحبيب المرزوقي"):

الفيلسوف التونسي المثير للجدل من خلال مواقفه الفكرية والسياسية وكتاباته وسجالاته مع العديد من المفكرين في تونس وخارجها شرقًا وغربًا وهو المدرسّ للفلسفة العربية واليونانية والألمانية بالجامعة التونسية، له توجه إسلامي في إطار وحدة الفكر الإنساني تاريخيًا وبنيويًا، ويعتبر الوحيد الذي خطا خطوات عملية في اتجاه التأسيس لفلسفة عربية معاصرة "لا تناصب الدين عداء وإنما تتفيأ ظلاله...".

أبو يعرب المرزوقي هو فيلسوف مثير للجدل من خلال مواقفه الفكرية والسياسية وكتاباته وسجالاته مع العديد من المفكرين في تونس وخارجها شرقًا وغربًا وهو المدرسّ للفلسفة العربية واليونانية والألمانية بالجامعة التونسية

لـ"أبو يعرب المرزوقي" عشرات المؤلفات المثيرة للجدل شرقًا وغربًا ولنا أن نذكر منها: "مفهوم السببية عند الغزالي"، "إبستمولوجيا أرسطو أو منزلة الرياضيات في الخطاب العلمي الأرسطي"، "فقه العلم ومراسه أو إبستمولوجيا البديل"، "وحدة الفكرين الديني والفلسفي"، "في العلاقة بين الشعر المطلق والإعجاز القرآني"، "شرعية الحكم في عصر العولمة"، وغيرها من المؤلفات.   

  

صورة
الفيلسوف التونسي أبو يعرب المرزوقي

  • يوسف الصديق:

هو أيضًا من الأسماء الألمعية والمثيرة أيضًا للجدل نتيجة لمواقفها: مولود سنة 1943 بمدينة توزر بالجنوب التونسي وهو أيضًا عالم أنثروبولوجي مختص في اليونان القديمة وفي أنثروبولوجيا القرآن، كان والده مثقفًا وشاعرًا وناشطًا سياسيًا وصاحب مكتبة بالمدينة العتيقة يأتيها مثقفون وشيوخ من أمثال الطاهر بن عاشور صاحب التحرير والتنوير وكتاب على غرار البشير خريف ومنور صمادح.

يوسف الصديق من الأسماء الألمعية والمثيرة أيضًا للجدل وهو أيضًا عالم أنثروبولوجي مختص في اليونان القديمة وفي أنثروبولوجيا القرآن

مع بداية الستينات، ذهب يوسف الصديق إلى فرنسا لدراسة الفلسفة بجامعة السوربون وهناك تشبع بما وصلت إليه الفلسفة الغربية من نتائج ومخرجات. لكن وفي أعقاب هزيمة 1967 عدل عن الاستمرار بالسوربون ودراسة الفلسفة وعاد إلى الجامعة التونسية لينشغل بالنصوص التأسيسية في الحضارة الإسلامية متوخيًا قراءة فاحصة غير فقهية.

صورة
الفيلسوف والعالم الإنثروبولوجي التونسي يوسف الصديق

 

وقام بترجمة العديد من الكتب إلى الفرنسية من ذلك نهج البلاغة لعلي بن ابي طالب وموطأ الإمام مالك ورسائل بن سينا والعديد من الأحاديث النبوية، إضافة إلى ترجمة ذات صبغة فكرية لمعاني القرآن الكريم.

ومن مؤلفات "يوسف الصديق" نذكر "هل قرأنا القرآن؟ أم على القلوب أقفالها" (2006)، "الآخر والآخرون في القرآن" (2015).        

  • فتحي المسكيني:

يعد من الجيل الثالث للفلاسفة التونسيين وله حضور لافت في المحافل الفكرية والثقافية التونسية والدولية. بدأ حياته شاعرًا قبل حصوله على درجة الدكتوراه والانشغال بالتدريس بالجامعة التونسية، وجد في الفيلسوف الألماني هيدغر استجابة إلى تطلعاته وتجربة الشعر وضعته في ورشة جبران خليل جبران فدخل ورشة نيتشه دون أن يدري.

يعدّ فتحي المسكيني من الجيل الثالث للفلاسفة التونسيين وله حضور لافت في المحافل الفكرية والثقافية التونسية والدولية وهو يتحرك في علاقة علم اللاهوت بالفلسفة

المسكيني يتحرك في علاقة علم اللاهوت بالفلسفة، فالفلسفة بالنسبة إليه هي تأويل العالم وتأويل الحياة البعيد عن الوحي أما اللاهوت فهو على الضد من ذلك، إنه التعبير عن تصور العالم والحياة المطابق تمامًا للإيمان.

من مؤلفاته نذكر: "نقد العقل التأويلي أو فلسفة الإله الأخير (2005)، "الهوية والزمام، تأويلات فينومولوجية لمسألة النحن"، "التأويل بعد هيدغر أو كيف الخروج من العصر التأويلي للعقل" (2011)، الهوية والحرية، نحو أنوار جديدة" (2011)، "الكوجيطو المجروح، أسئلة الهوية في الفلسفة المعاصرة" (2013)، "الثورات العربية، سيرة غير ذاتية" (2013)، "الهجرة إلى الإنسانية" (2016).

كما قام بترجمة الكتب التالية: "الكينونة والزمان" لهيدغر عن اللغة الألمانية مباشرة سنة (2012)، "جينالوجيا الأخلاق" لنيتشه سنة (2010)، "الدين في حدود مجرد العقل" (2012)، "قلق الجندر.. النسوية وتخريب الهوية" (2022).

ليست الفلسفة بابًا نفتحه لنشعر بالطمأنينة والراحة، إنها تعب لذيذ وسؤال يتلوه سؤال حول العدم والوجود وسبل التعايش في المدينة، إنها ورشة مفتوحة بها ضجيج العالم وآهات سيزيف يصارع الصخرة فينال شرف المحاولة من الإغريق إلى الرومان إلى الفلسفة الوسيطة العربية الإسلامية ثم انبجاس أنوار أوروبا وما تلاها. وتونس على مر التاريخ الثقافي والفكري أسهمت في تلك الورشة المفتوحة لتترك بصمتها في التراث الفلسفي العالمي.

صورة
 الفيلسوف التونسي فتحي المسكيني

مصادر ومراجع:

  • مجلة مدارات (العدد 33 ـ 34، 2019 ـ 2020)

  • مجلة مدارات (العدد 26 ـ 27، 2015 ـ 2016)

  • مجلة دفاتر فلسفية

  • مقدمة ابن خلدون  

  • فلاسفة قرطاج ــ كتاب جماعي أصدره مخبر الفيلاب سنة 2012

  • الموقع الإلكتروني: "وراقون"

  • بوابة "ويكيبيديا"

  • موقع المكتبات الجامعية التونسية "البيروني"

  • حوار مع الدكتور فتحي التريكي منشور بالصحيفة الإلكترونية "أخبار تونس" بتاريخ 10 ـ 02 ـ 2010