31-ديسمبر-2019

"ألترا تونس" يحاور الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل سمير الشفّي

 

لا يمثل الاتحاد العام التونسي للشغل فقط المنظمة الاجتماعية الأكثر تمثيلًا للعمال أو الأكثر تأثيرًا في التوازنات الاجتماعية الشغلية بصفة عامّة، بل هو مكوّن وطني ثابت منذ ما قبل الاستقلال، وهو ما تعزّز على مرّ عقود وبالخصوص بعد الثورة وهو الذي قاد، رفقة 3 منظمات أخرى، مسار الحوار الوطني عام 2013 ليتحصّل الرباعي على جائزة نوبل للسلام. غير أن الاتحاد يواجه، في المقابل، انتقادات من بعض الفاعلين السياسيين خصوصًا حول ما يعتبر شطط المطلبية الاجتماعية في خضم الأزمة الاقتصادية للبلاد، وتعطيله لإصلاحات ضرورية للنهوض بالبلاد.

وحول متابعة اتحاد الشغل لمخاض تشكيل الحكومة الجديدة، وحول مقاربته للتحديات الاجتماعية والاقتصادية، واتهامه بالفساد بين الحين والآخر، عدا عن الانتقادات الموجهة للمنظمة الشغيلة بخصوص "الانفلات النقابي" إضافة لملفات أخرى، تمحور حوار "ألترا تونس" مع الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل المسؤول عن المرأة والشباب العامل والجمعيات. فيما يلي نص اللقاء:

اقرأ/ي أيضًا: حوار| الطيب البكوش: اتحاد المغرب العربي لم يمت وليبيا تعيش حربًا بالوكالة


ماهو موقفكم، في البداية، من مخاض تشكيل الحكومة ومن يتحمل مسؤولية عسره؟

 شهد تشكيل الحكومة مخاضًا عسيرًا وصعوبات كبيرة لجملة من الأسباب أولها نتائج الانتخابات التي أفرزت تشتتًا كبيرًا في الأصوات وبالتالي تباعد المقاربات على مستوى الكتل. إذ ترغب جميع الأحزاب أن يكون لها اليد الطولى لتتموقع في هذا التشكيل الحكومي، ويضاف إلى ذلك انعدام الثقة شبه الكامل بين مختلف الأحزاب وخاصة مع الحزب الذي تصدّر الانتخابات التشريعية أي حركة النهضة.

سمير الشفي: كنا نتمنى أن يُترك لرئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي حرية اختيار فريقه والاتحاد حريص على المحافظة على دوره التعديلي

هناك أيضًا عوامل أخرى قد تكون ساهمت في هذا التعثر وهي عدم الوعي بأن مخرجات هذه الانتخابات كان لا بد أن تكون أكثر تشاركية في صياغة الرؤية الإستراتيجية للمرحلة المقبلة التي تواجه تحديات كبرى اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا. بمعنى أنه كان يفترض توفر قدر كبير من التواضع من قبل القوى الفائزة وحضور روح المسؤولية في مواجهة ما تفترضه هذه المرحلة من تنازلات عميقة على مستوى الصياغة التشاركية لتأمين فريق حكومي يكون نتاج فعل واجتهاد وحوار بين كل الكتل.

  • أ لا ترى أن حركة النهضة تنازلت بتقديم رئيس حكومة من خارجها واستجابت لشروط عدد من الأحزاب؟

 بعيدًا عن مواقف هذا الطرف او ذاك، ووفقًا لأحكام الدستور، إن الحزب الفائز هو الذي يشكل الحكومة ومن يتصدر هذه الحكومة من المفروض أن يكون أكثر قابلية وسعيًا لتجاوز كل العراقيل حتى ينجح في تذليل الصعوبات وتنسيب عوامل انعدام الثقة وترميمها.

وما من شك أن الحديث عن تكليف شخصية مستقلة لم يقنع العديد من السياسيين والرأي العام لأن رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي قريب من النهضة وهذا يحق لها حتى لو اختارت شخصية من داخلها وهذا يضمنه الدستور لها. لكن في ظل الوضع المعقد، كنا نتمنى أن يُترك لرئيس الحكومة المكلف حرية اختيار فريقه وهذا لم يحصل حتى صلب حركة النهضة، فتصريح الأمين العام لاتحاد الشغل بعد مقابلته الجملي مؤخرًا كشف عن جملة من الضغوطات والاملاءات تُمارس على رئيس الحكومة المكلف ويبدو أنها حالت دون الانتهاء من تشكيل الفريق الحكومي.

أما فيما يتعلق بالتمشي الذي اتخذه التيار الديمقراطي وحركة الشعب وغيرهما من الأحزاب، فهو لم يحظى بالقبول الكامل لدى الجهة المعنية بتأمين هذا التوافق وبالتالي لم يفضي إلى النتائج المأمولة.

  • وهل سعى الاتحاد لتيسير تشكيل الحكومة أم أن أبواب الحكومة والرئاسة باتت مغلقة في وجهه خلافًا لدوره كراعي للحوار الوطني عام 2013؟

نحن لسنا معنيين بالمشاركة في الحكومة في هذه المحطة وحتى قبلها عندما كان الاتحاد يتصدر التوافق الوطني، وهذه مسألة مبدئية واتحاد الشغل حريص أن يظل منظمة مستقلة تحافظ على دورها التعديلي وتؤمن التوازن الاجتماعي والسياسي.

سمير الشفي: نحن حريصون على أن تكون علاقات تونس متوازنة مع كل الدول الصديقة من بينها تركيا ولكن ليس على حساب استقلالية قرارنا الوطني وعلى حساب المصلحة العربية وخاصة المصلحة المغاربية

لكن ما يعني الاتحاد في ظل الأوضاع الراهنة هو حرصه على التسريع في تشكيل الحكومة نظرًا لحالة الفراغ المخيفة التي بدأت تهيمن على مفاصل الدولة والإدارة ونظرًا لصعوبة الظرف الاقتصادي وتداعيات هذه الأوضاع بشكل مباشر على المناخ الاجتماعي، يضاف إلى ما يشهده الإقليم من مخاطر، وأعني هنا ما يواجه الشقيقة ليبيا من اقتتال داخلي وسعي محموم لأطراف أجنبية للتدخل العسكري وآخرها ما يطرح الآن في اسطنبول من استعدادات للتدخل العسكري المباشر. وهو أمر مرفوض وطنيًا وعربيًا وأخلاقيًا لأن هذا التدخل سيفجر الوضع بشكل غير مسبوق ويفضي لتدخلات خارجية أخرى.

  • هل يعني هذا أنكم ضد زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مؤخرًا لتونس؟

إن الغموض والصبغة شبه المفاجئة للزيارة في ظل أوضاع متفجرة في ليبيا وحالة الارتباك التي تشهدها الساحة السياسية التونسية هي التي جعلت هذه الزيارة محل انتقادات كبيرة، وهذا من حيث الشكل. أما من حيث المضمون، جاء أردوغان حاملًا لمشروع تأسيس محور تقوده تركيا وكان حريصًا على أن ينجح في جلب تونس إلى هذا المحور الجديد لتهيئة الأرضية للتدخل العسكري. وبالتالي، نحن حريصون كل الحرص على أن تكون علاقات تونس متوازنة مع كل الدول الصديقة من بينها تركيا ولكن هذه العلاقات لا يجب أن تكون على حساب  استقلالية قرارنا الوطني وعلى حساب المصلحة العربية وخاصة المصلحة المغاربية.

أسماء البكوش تحاور الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل سمير الشفّي

 

اقرأ/ي أيضًا: حوار| يوسف بوزاخر: المجلس الأعلى للقضاء متمسك بصلاحياته أمام السلطة التنفيذية

وتصريحات الرئيس التركي في اسطنبول بعد زيارته لتونس هي التي عمقت هذه المخاوف بعد تأكيده أن تونس مصطفة خلف تركيا، وهو أمر لا يعكس الحقيقة والدليل أن رئاسة الجمهورية اضطرت لإصدار بيان توضيحي رفضًا لهذه التصريحات وتأكيدًا على التزام تونس بثوابتها وعلاقتها الأخوية بكل الأشقاء الليبيين.

وهنا أريد أن أشدد على ضرورة أن تتصدر دول الجوار الليبي، تونس والجزائر ومصر، لايجاد حل سياسي سلمي ليحصن ليبيا من التقسيم والتدخلات الأجنبية التي لا تقوم على الانتصارات، إنما على مبدأ الغنيمة وتأمين مصالح الدول الأجنبية في ليبيا الشقيقة نظرًا لما تختزنه من ثروات من النفط والغاز، وهذه هي المعركة الحقيقية وخاصة بخصوص أنبوب الغاز الذي يمر من شرق جنوب المتوسط إلى شماله.

 إن المعركة في ليبيا حول المصالح وليس حول العقائد، وهذه قضية لابد أن تكون حاضرة لدى العديد من القوى السياسية التونسية وأن يكون لها الوعي بأن المصلحة العليا لتونس ولمنطقتنا المغاربية يجب أن تسبق المصلحة الحزبية أو العقائدية.

  • توجهتم بـ101 سؤالًا للأحزاب المترشحة للانتخابات ووعدتم بنشر كل الإجابات بعد تجميعها. إلى أين وصلتم؟ وما الفائدة من ذلك؟

هذا سؤال مهم جدًا. فقد تبادر إلى ذهن الكثيرين أن الاتحاد سينخرط في العملية الانتخابية من خلال ترشيح قائمات وهذا من حقنا ولا مانع قانوني فيه ولكننا لم نفعل ذلك بل أردنا المشاركة من خلال العمل إلى جانب الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أولًا على حث الناخبين على التسجيل وهو ما أمكن من تسجيل أكثر من مليون ونصف ناخبًا جديدًا، وثانيًا من خلال تأمين مكاتب الاقتراع عبر ملاحظين وقع تدريبهم وتسخيرهم من قبل الاتحاد وعددهم أكثر من 8000 ملاحظًا في هذه العملية، وهو ما قدم رسالة طمأنة لكل الناخبين وحتى للقائمات المشاركة وساهم في تأمين العملية الانتخابية.

سمير الشفي: كل الأحزاب تحدثت في الانتخابات عن ضرورة العمل على إرساء إصلاحات كبرى لكن لا أحد لديه الجرأة ليقدم فعليًا برنامجه وتصوره

أما الوجه الآخر لهذه المشاركة وهو مقاربة الاتحاد العام التونسي للشغل أن تكون الحملة الانتخابية قائمة على البرامج لا على أشكال التشنج ويكون الولاء قائمًا على البرامج لا على الأشخاص والانتماءات التقليدية السياسية.

وتقدمالاتحاد بأكثر من مائة سؤال إلى كل الأحزاب كن لم نتحصل على أي رد، وقد شاهدنا جميعًا حملة بعيدة كل البعد على البرامج، بل أن كل الأحزاب تتحدث عن ضرورة العمل على إرساء إصلاحات كبرى لكن لا أحد لديه الجرأة ليقدم فعليًا برنامجه وتصوره.

  • تبرأ اتحاد الشغل من الإضراب الأخير لأعوان النقل، فهل فقدت المنظمة الشغيلة السيطرة على هياكلها القطاعية خصوصًا وأن الأمر تكرر في مناسبات سابقة؟

تحدث الانفلاتات النقابية في أرقى الديمقراطيات لذلك لا يجب الاستغراب وتضخيم الأمر، وما يجب قوله إن الاضرابات الفجئية الاحتجاجية تحدث بسبب تنكر لاتفاقات، وبعض الوضعيات لا يمكن أن يسيطر عليها لا الإنس ولا الجن خاصة حينما يتعلق الأمر بقوت الناس وخبزهم. فكيف يمكن لأي جهة كانت أن تؤطر آلاف العمال الذين لا يتحصلون على أجورهم؟

  • لكن الإضراب كان بسبب منحة ولم يكن بسبب عدم خلاص الأجور؟

 المنحة هي أجر، فنظام التأجير في تونس متخلف وقائم على عديد المنح المشتتة في الأجرٍ، وكما قال الأمين العام الأخ نور الدين الطبوبي "الشهرية تكفي أسبوع وباقي أسابيع الشهر في الروج وبالسلف". وإن التزامات العائلة قائمة على المرتب والمنح، فإذا وجد المؤجر نفسه بلا منحة سنوية وكذلك الأجر ماذا يمكن أن يفعل؟ نحن في معركة مستمرة مع وزارة النقل من أجل تأمين الأجور وهي تبذل مجهود لتوفيرها.

سمير الشفي: تحدث الانفلاتات النقابية في أرقى الديمقراطيات لذلك لا يجب الاستغراب وتضخيم الأمر

ولكن هذا الأمر يؤثر على العامل ويجعله يقدم على إضرابات فجئية غير أن الاتحاد مازال قادرًا على احتواءها بما يمثله من مصدر ثقة رغم محاولات البعض التشكيك فيه وشن حملات ممنهجة ضده لا نعلم لحساب من. ورغم ذلك، تظل المنظمة الشغيلة صمام أمان لدى التونسيين. وقد أظهرت نتائج سبر الآراء أن التونسي لا يثق في الأحزاب إلا بنسبة 5 في المائة مقابل ثقته في المؤسسة العسكرية وفي اتحاد الشغل.

  • توجد انتقادات عديدة لاتحاد الشغل بتعطيل القاطرة الاقتصادية وأننا مررنا بعد الثورة إلى دكتاتورية النقابات، هل الاتحاد على وعي بهذه المسألة؟

ثقة التونسيين في الاتحاد العام التونسي للشغل كبيرة جدًا، وحسب آخر سبر آراء لشركة محترمة تم عرضه في المنتدى النقابي مؤخرًا، بلغت نسبة الثقة 63 في المائة.

لكن ما علينا أن نأخذه بعين الاعتبار هو أن الاتحاد قوة منحازة إلى المفقرين والمهمشين وله مقارباته الاقتصادية والاجتماعية ولديه جملة من المواقف لذلك لا يمكن أن ننتظر من عصابات النهب والتهريب والتهرب الضريبي أن تكون صديقة للاتحاد. وبالتالي منذ الوهلة الأولى، توجد عملية فرز بين من له مصلحة في وجود الاتحاد كمنظمة مستقلة مناضلة وقوية، ومن يقف الاتحاد حجر عثرة أمام مصالحهم.

سمير الشفي: لا يمكن أن ننتظر من عصابات النهب والتهريب والتهرب الضريبي أن تكون صديقة للاتحاد

اقرأ/ي أيضًا: حوار| عبد الباسط بن حسن (المعهد العربي لحقوق الإنسان):هذا ما نطلب من قيس سعيّد

ولما تتركز هذه الحملات مدفوعة الأجر من الجهات النافذة والتي وللأسف نجحت في تغيير المشهد السياسي، فقد أصبحت هذه القوى هي الممولة والمانحة للأحزاب وعادة هي القوى التي تملك أموالًا طائلة، وهي العصابة التي تعين القيادات الحزبية وتدفع من أجل تشويه المنظمة.

لكن رغم ذلك، إن الاتحاد حريص على أن يكون متوازنًا ومدركًا لطبيعة المرحلة الانتقالية وما تحمله من تفاصيل صغيرة ولكنها مؤثرة في علاقته بثقة الرأي العام، وقد قمنا بالبحث في هذا الصدد وكما ذكرت سابقا في المنتدى النقابي عرضنا إحصائيات وكانت نسبة الثقة الأعلى في علاقة بمقاربة الاتحاد وإدارته للشأن العام.

أما الحديث عن دكتاتورية النقابات، فهو يندرج في إطار الحملة ضد الاتحاد الذي يعالج بعض التجاوزات إن وجدت بكل صرامة، وهي حالات معزولة وتضخيمها ممنهج لضرب الاتحاد، وهذه الحملة انطلقت منذ بداية الثورة. فلا بد ألا ننسى أنه لن يُغفر للاتحاد تأطيره في 2011 للثورة وانحيازه لها ولنتذكر التجمعات التي كانت في قبة المنزه بينما كان الاتحاد بكل مناضليه في اعتصام القصبة.

  • لكن يتساءل البعض لماذا لم تُحاسب قيادة الاتحاد التي تبرأت من احتجاجات ديسمبر 2010 التي كانت تقود أغلبها الاتحادات الجهوية؟

من لا يعرف الاتحاد من الداخل يمكن أن يخلص إلى استنتاجات سطحية للعلاقة التي تربط بين مختلف هياكله ويذهب لتحليل لا يعكس حقيقة الواقع. ولكن ليس معنى ذلك أن الاتحاد معصوم من الخطأ، إذ أدارت هذه المنظمة بشكل متميز الاحتجاجات وتصاعدها التدريجي بطريقة ذكية جدًا ولولا ذلك لقمعت في مهدها من خلال محاصرة دور الاتحاد ومن خلال ضرب النقابيين. ولكن تقسيم الأدوار وقتها بين الهياكل الوسطى والقاعدية والهياكل المركزية هو الذي أمّن هذا المسار.

سمير الشفي: تقسيم الأدوار بين الهياكل الوسطى والقاعدية والهياكل المركزية للاتحاد هو الذي أمّن مسار الثورة والأمر كان تكتيكًا

والقيادة النقابية لم تخلع القناع في وجه الدكتاتورية خوفًا على الاتحاد، وقد كان تكتيكًا بين الهياكل. وعلينا أن نتذكر أن قيادة الاتحاد زارت سيدي بوزيد بعد انطلاق الاحتجاجات وأطرتها وساهمت في إطلاق سراح العديد من الموقوفين، وكانت حريصة على أن يتم التعامل مع الاحتجاجات بلا قوة أمنية، وهذا موثق في بيانات أواخر شهر ديسمبر 2010. وعندما تطور الوضع، بدأت مواقف القيادة تتطور إلى أن وصلنا الى الاحداث الدموية الكبرى في تالة والقصرين وعندها دعت قيادة الاتحاد إلى اجتماع مكتب تنفيذي موسع طارىء يوم 10 جانفي 2011، واتخذنا بموجبه قرار الإضراب العام في صفاقس وقرارات الإضرابات الجهوية. يمكننا نقد قيادة الاتحاد لكن لا يمكن تشويهها فيما يتعلق بانحيازها لعامة الناس.

وحملات التشويه للمنظة الشغيلة نُصبت لها منصات قصف إعلامية، فمثلًا يقال أن الاتحاد قام بأكثر من 40 ألف اضراب في عهد الترويكا، ولم يدعو إلى إضراب واحد في عهد بن علي، وهذه الأرقام مغالطة فالاتحاد نشر أرقامًا تبينّ أنه نفذ منذ 1980إلى غاية آخر يوم في حكم بن علي أكثر من 10 آلاف إضرابًا. في حين من 2010 إلى غاية 2018، لم تتجاوز عدد الإضرابات 5 آلاف إضرابًا، ونسأل البعض ومنهم نواب وأمناء عامين لأحزاب: على أي قاعدة بيانات تأسست تصريحاتكم وأرقامكم؟

  • يواجه اتحاد الشغل اتهامات بالفساد وبالخصوص في علاقة بالوثائق التي ينشرها دوريًا النائب السابق عماد الدائمي، ألا ترى أن الاتحاد ماض في الهروب إلى الأمام؟

أولا من يريد أن يفتش ويبحث عن الفساد، نحن ننصحه أن يفتش عليه خارج أسوار الاتحاد، فالفساد متغلغل في مفاصل الدولة والاتحاد بعيد كل البعد عن هذه الشبهات.

والسيد عماد الدايمي زار اتحاد الشغل في أكثر من مناسبة سنوات 2012 و2013 وحتى 2014، ونحن نكن الاحترام لكل مسؤول حظي بثقة الناس بصرف النظر عن الاختلافات السياسية أو الفكرية، وكنا نأمل ونود منه إن كانت له ملفات حقيقية في علاقة بفساد النقابيين أن يقدمها إلى القضاء لأنها الجهة الوحيدة المؤهلة قانونًا ودستورًا للبت في هذه القضايا.

سمير الشفي: نقول لعماد الدائمي إنه إذا عثر على ملف فساد لأحد النقابيين نحن سنكون أقسى عليه من القضاء لأنه لا يشرفنا أن يكون بيننا فاسدون

لكن ما يبعث على الريبة هو أن كل مجال اهتمام السيد الدائمي هو تسليط الأضواء حول الفساد داخل الاتحاد، لكن نحن مطمئنون أن الاتحاد بعيد عن الفساد وهذا ليس لأننا ملائكة بل لأننا منظمة ديمقراطية والمنظمات الديمقراطية تقوم على قاعدة الفصل بين الهياكل ولديها هيكل مراقبة منتخب، وهذا ما يجعلنا من أكثر المؤسسات تحصينًا.

بل أكثر من ذلك نحن المنظمة الوحيدة التي كانت تمارس المعارضة منذ سبعينيات القرن الماضي أيام الجمر، فعدد الشهداء الذين سقطوا في 26 جانفي 1978 أكثر من عدد شهداء ثورة 17 ديسمبر/ 14جانفي. دفع الاتحاد الثمن لأنه رفض الاختيارات الليبيرالية المتوحشة التي ضربت قوت الناس وحقوقهم، وبالتالي نحن تعلمنا بالتجربة أن النظام كلما أراد خضوع الاتحاد إلا وفتش عن فساد مالي وكم حاول وذلك في كل الفترات ولم يفلح. ونحن عملنا على أن تتم الرقابة داخليًا وخارجيًا في كل الموازنات المالية حتى لا نكون عرضة للابتزاز والاختراق ويبقى صوتنا عاليًا.

ونقول للسيد الدائمي إنه إذا عثر على ملف فساد لأحد النقابيين، نحن سنكون أقسى عليه من القضاء لأنه لا يشرفنا أن يكون بيننا فاسدون. وهو كان بإمكانه أن يحصل على ما يريد من المعلومات وأبواب الاتحاد مفتوحة، لكن عندما يتصرف بطريقة لي الذراع فنحن نرفض ذلك. واذا كان هو أوغيره حريصين على المال العام، نذكر أنه لدى الدولة التونسية 8 آلاف مليون دينار ديون متخلدة لدى القطاع الخاص، ونحن نخسر سنويًا 10 آلاف مليون دينار تهرب ضريبي.

  • ألا ترى أن دعم الاتحاد للمترشح في الدور الأول للرئاسيات عبد الكريم الزبيدي ونبيل القروي في الدور الثاني وإن لم يكن علنيًا، كان خطأ؟

الاتحاد رسميًا لم يدعم أي طرف، وحرصنا على تأمين شفافية الانتخابات والدليل أن دور الاتحاد طيلة الحملات الانتخابية كانت الحركة فيها أقل من المعتاد لأن الاتحاد كان حريصًا على أن يبقى على مسافة واحدة من الجميع.

اما بالنسبة لرئيس الجمهورية قيس سعيّد، فقد زار مقّر الاتحاد العام التونسي للشغل وهو أحد أبناء الاتحاد، ففي الإضراب العام الذي أعلناه دفاعًا عن القطاع العام والزيادة للوظيفة العمومية كان في مقدمة الحشود أمام مجلس نواب الشعب.

 

اقرأ/ي أيضًا:

مبارك بن ناصر:القمح والزيتون تحيط بهما الأخطار وتهريب الجينات كارثي (حوار1/2)

مبارك بن ناصر: "الشملالي" و"الشتوي" أفضل مشاتل الزيتون في الكون (حوار 2/2)