14-مارس-2023
قيس سعيّد

هيومن رايتس ووتش: "في الشهرين الماضيين استخدم قيس سعيّد بعضًا من الوسائل التي كان يستخدمها بن علي" (فتحي بلعيد/ أ.ف.ب)

الترا تونس - فريق التحرير

 

اعتبرت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، الاثنين 13 مارس/آذار 2023، أن تونس على بعد خطوات من "نهج التسلّط"، ذلك أنه في "عهد الرئيس قيس سعيّد يُحظر التظاهر ويُطرد المنتقدون الأجانب"، وفقها.

وأضافت، في تقرير لها من إعداد نائب المدير التنفيذي للمنظمة بقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إريك غولدستين، أنه "منذ استحواذ قيس سعيّد على السلطة في جويلية/ يوليو 2021، ظل السؤال مفتوحًا حول ما تبقى من مكاسب حقوق الإنسان التي حققتها ثورة 2011 في تونس".

هيومن رايتس ووتش: تونس على بعد خطوات من "نهج التسلّط" ذلك أنه في عهد قيس سعيّد بات يُحظر التظاهر ويُطرد المنتقدون الأجانب

وقال إريك غولدستين: "وأنا أشاهد المظاهرات المناوئة لسعيّد في تونس العاصمة يوم 14 جانفي/يناير 2023، في الذكرى الـ 12 للإطاحة بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، فكّرتُ في مكسبَيْن على الأقلّ ظلا موجودين: حرية التجمّع والانفتاح على منظمات المجتمع المدني الدوليّة"، معقبًا: كان عدد المتظاهرين في حدود الألفين، لكن لافتاتهم وشعاراتهم كانت جريئة: "لا للانقلاب"، و"ارحل يا فاشل"، دون أن تتدخل الشرطة.

 

وأضاف، في إشارة إلى تعامل سلطة قيس سعيّد مع مظاهرات المعارضة التونسية، أنه "تسامح مع التجمعات المعارضة له، خلافًا لبن علي الذي كانت قواته الأمنيّة تمنع أو تفرّق كلّ تجمّع سياسي ولو لحفنة من الناس، خلال فترة حكمه التي استمرّت عقدين. كما سمح سعيّد لنشطاء المجتمع المدني الأجانب بالدخول والتنقل في جميع أنحاء البلاد دون عراقيل، بما في ذلك الذين ندّدوا بانحرافه نحو التسلّط، علمًا وأنه في عهد بن علي، مُنع العديد من نشطاء حقوق الإنسان من دخول تونس، أو طُردوا منها".

هيومن رايتس ووتش: في خضمّ حملة إيقاف المعارضين والتحريض على المهاجرين الأفارقة السود، لم ينتبه كثيرون إلى أنّ إدارة سعيّد بدأت ترفض تصاريح التظاهر وتطرد المنتقدين الأجانب أو ترفض دخولهم

واستدرك نائب المدير التنفيذي لمنظمة هيومن رايتس ووتش بقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أنه "في الشهرين الماضيين، استخدم سعيّد بعضًا من الوسائل التي كان يستخدمها بن علي"، مشيرًا إلى أنه "في خضمّ حملة إيقاف المعارضين والتحريض على المهاجرين الأفارقة السود، لم ينتبه كثيرون إلى أنّ إدارة سعيّد بدأت ترفض تصاريح التظاهر وتطرد المنتقدين الأجانب أو ترفض دخولهم"، حسب ما ورد في التقرير.

وتطرق تقرير المنظمة الدولية إلى مسألة إصدار والي تونس قرارًا بمنع مسيرة مقرّرة ليوم 5 مارس/آذار من قبل "جبهة الخلاص الوطني" (ائتلاف سياسي معارض لمسار قيس سعيّد)، وذلك "لتعلّق شبهة جريمة التآمر على أمن الدولة بعض قياديي الجبهة"، مستدركًا أنه لئن تمكنت الجبهة من تنظيم المسيرة في تاريخها بأعداد أقلّ بسبب مراقبة الشرطة، فإنّ الحظر الكتابي الصادر عن الوالي يُبشّر بالسوء"، على حد تقدير المنظمة.

 

 

يذكر أن مسيرة احتجاجية انتظمت، في 5 مارس/آذار 2023، بدعوة من جبهة الخلاص الوطني بالعاصمة التونسية "تنديدًا بالاعتقالات السياسية والانتهاكات الجسيمة للحريات العامة والفردية"، رغم رفض والي تونس تمكينها من ترخيص للتظاهر.

كما سلطت هيومن رايتس ووتش الضوء على قرار قيس سعيّد بطرد الأمينة العامة للاتحاد الأوروبي للنقابات إيستر لينش في 18 فيفري/شباط بحجة "التدخل" في "شؤون تونس الداخلية"، علمًا وأنها كانت قد جاءت لمساندة مطالب الاتحاد العام التونسي للشغل بالتفاوض مع الرئاسة وإطلاق سراح النقابيين الموقوفين، وكذلك على رفض السلطات التونسية، بعد أسبوعين، دخول نقابي إسباني كان قادمًا في زيارة تضامن، وفق ما جاء في التقرير ذاته.

 

 

يشار إلى أن السلطات التونسية عمدت، في 2 مارس/ آذار 2023، إلى منع مسؤول التعاون مع إفريقيا وآسيا بالنقابات الإسبانية، "ماركو بيريز مولينا"، من دخول التراب التونسي عند وصوله إلى مطار تونس قرطاج الدولي، وفق ما أكده اتحاد الشغل.

هيومن رايتس ووتش: "لا يُمكن مقارنة حجم القمع في عهد بن علي والآن، لكن الحظر الأخير للتجمع العام وزيارات الأجانب المنتقدين جعلت قيس سعيّد يقترب خطوتين من نهج بن علي"

وليست هذه المرة الأولى التي تتعامل فيها السلطات في تونس مع مسؤول نقابي بهذا الشكل، فقد سبق للرئاسة التونسية، أن دعت مؤخرًا، الأمينة العامة للاتحاد الأوروبي للنقابات "إستر لينش" إلى مغادرة البلاد، بعد مشاركتها في المظاهرة التي نظمها اتحاد الشغل بصفاقس يوم السبت 18 فيفري/ شباط 2023.

وكان قيس سعيّد قد وجّه، مساء الجمعة 3 مارس/آذار 2023، انتقاداته إلى الاتحاد العام التونسي للشغل، قائلًا إن "اتحاد الشغل حر في تنظيم مظاهرة، لكنه ليس حرًا في دعوة أجانب للمشاركة فيها"، متابعًا القول وفق مقطع فيديو نشرته الرئاسة على صفحتها الرسمية بفيسبوك: "هناك من يريد أن يدعو بعض الأشخاص الأجانب للتظاهر في تونس، وهذا غير مقبول على أيّ مقياس من المقاييس".

وذكرت المنظمة الدولية بأنه "في غضون أعوام قليلة بعد استيلاء بن علي على السلطة في 1987، امتلأت سجون حكومته بآلاف المشتبه بأنهم معارضون، وتعرّض العديد منهم للتعذيب، وواجهت عائلاتهم مضايقات بلا هوادة"، معقّبة: "لا يُمكن مقارنة حجم القمع آنذاك والآن، لكن الحظر الأخير للتجمع العام وزيارات الأجانب المنتقدين جعلت قيس سعيّد يقترب خطوتين من نهج بن علي"، على حد تصورها.