أسفر الدور الأول من الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها التي شهدتها تونس يوم 15 سبتمبر/ أيلول 2019، عن مرور مرشح حزب قلب تونس نبيل القروي والمترشح المستقل قيس سعيّد إلى الدور الثاني الذي من المنتظر أن يتمّ إجراؤه يوم 13 أكتوبر/ تشرين الأول 2019.
وتثير هذه الانتخابات جدلًا كبيرًا خصوصًا مع تواجد المترشح نبيل القروي في السجن المدني بالمرناقية منذ 23 أوت/ آب 2019، على خلفية شكاية رفعتها ضده منظمة "أنا يقظ" تتعلق بتبييض الأموال، الأمر الذي يعدّ وضعية غير طبيعية نظرًا إلى ما يعتبره البعض غياب تكافؤ الفرص بين المرشحين.
وفي هذا السياق، التقى "ألترا تونس" مع حاتم المليكي، المتحدث الرسمي باسم الحملة الانتخابية لنبيل القروي، الذي تحدث عن مستجدات قضية نبيل القروي، فضلًا عن ملامح برنامجه الانتخابي وموقفه من ملف الحريات الفردية والأمن القومي وغيرها.
اقرأ/ي أيضًا: المهدي المبروك: قيس سعيّد متصوّف ثوريّ قد يرقى إلى الشخصية الجامعة (حوار)
- أولًا، ما الجديد في قضية رئيس حزب قلب تونس والمترشح للانتخابات الرئاسية نبيل القروي؟ وبحسب المعطيات المتوفرة لديكم هل سيتم الإفراج عنه في الجلسة المقررة ليوم 2 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل؟
بالنسبة لقضية نبيل القروي لا بد من التذكير أننا كقلب تونس نعتبرها قضية سياسية لا مسألة قضائية. صحيح أن هناك حكماً قضائيًا بإيداع القروي بالسجن لكننا كنا قد عبرنا منذ البداية أن هذا الحكم غريب في طبيعته وتوقيته وطريقة تنفيذه وفي الشخص المستهدف خاصة أن نبيل القروي مترشح للانتخابات الرئاسية.
هذا الموقف كنا قد عبرنا عنه قبل إجراء الدور الأول من الانتخابات الرئاسية واحترمنا الإجراءات القانونية والقضائية رغم أننا كنا نؤكد دائمًا أن المسألة سياسية لا قضائية. بعد الدور الأول من الانتخابات الرئاسية تغير الوضع بصفة جذرية لأن هناك نصف مليون تونسي طالبوا بأن يكون نبيل القروي في الدور الثاني من الانتخابات. الموضوع لا يتعلق بمسألة قضائية ولكن تتعلق بمسألة إجراء انتخابات رئاسية في دورها الثاني من عدمه.
ونحن نقول هذا الكلام لأن أجهزة تابعة للدولة، وهي الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، طالبت أن تضمن الانتخابات مبدأ تكافؤ الفرص بين المرشحين. وهناك أيضًا منظمات وطنية وعلى رأسها الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، حتى رئاسة الجمهورية، عبّرت عن قلقها من الوضعية التي توجد بها تونس اليوم. السؤال المطروح هو كيف نضمن تكافؤ الفرص في الدور الثاني في الوقت الذي يوجد فيه مترشحان أحدهما في السجن.
حاتم المليكي المتحدث الرسمي باسم الحملة الانتخابية لنبيل القروي لـ"ألترا تونس": القروي اليوم ليس مسجونًا بل هو موجود في ظرف تحفظي فما هو الضرر من وجوده خارج السجن كي يقوم بحملة انتخابية؟
خصومنا السياسيون يقولون لا بأس لنجر مناظرة وحوارًا تلفزيًا وهذا الأمر مغالطة للرأي العام لأن المناظرة جزئية من جزئيات الحملة الانتخابية. المقصود في الدستور بخصوص تكافؤ الفرص هو ضمان حرية التنقل والاتصال المباشر والتواجد في وسائل الإعلام ليقدم المترشحون برامجهم وأنفسهم للناخبين حتى يختار هؤلاء من سيكون رئيس الجمهورية.
المسألة الثانية تتعلق بالمنصب في حدّ ذاته. نحن اليوم أمام اختيار رئيس جمهورية، قائد أعلى للقوات المسلحة، شخص باستطاعته إعلان الحرب وله قيمة كبيرة في ضمان الدولة واستقرارها وتمثيلها في الخارج وتمثيل صورتها ولسنا نتحدث عن منصب عادي. بالنسبة إلينا نحن لا نرى إمكانية إجراء الانتخابات الرئاسية في الدور الثاني في ظلّ غياب المرشح نبيل القروي.
والسؤال ما هو الضرر الذي سيحصل إذا غادر السجن خاصة أن البحث التحقيقي مازال لم ينته وقاضي التحقيق أطلق سراح نبيل القروي لأنه لا يمتلك ما يدينه. ونبيل القروي اليوم ليس مسجونًا بل هو موجود في ظرف تحفظي. ما هو الضرر من وجوده خارج السجن كي يقوم بحملة انتخابية؟ الضرر الوحيد أنه سينجح في الانتخابات.
- إذًا أنت تعتبر ان هناك أطرافًا تقف وراء بقائه في السجن؟
من يقف وراء هذا الموضوع هو الطرف الخاسر من مغادرته السجن والخاسر من خروجه من السجن هم منافسونا السياسيون.
- مثل من؟
مثل حركة النهضة وحركة تحيا تونس الموجودتين في الحكم. اليوم الإشكال أنهم يتحدثون معنا بمنطق استقلال القضاء ونحن نحترم استقلال القضاء الذي يخوض إضرابًا.. صحيح أنه من حقه أن ينفذ إضرابًا وإن كانت المسألة تحتمل النقاش.. لكن القضاء أيضًا أصدر يوم الجمعة الفارط أحكامًا في المحكمة الإدارية تتعلق بالنظر في الطعون المقدمة في النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية أي أن هناك حد أدنى من الخدمة وهذه مسألة وطنية هامة.. وكان من الممكن أن يصدر قرار الإفراج.
نحن ليس لنا أي مشكل مع القضاة ولكن لدينا مشكل مع منافسينا السياسيين الذين اليوم لا يقبضون على نبيل القروي بل أخذوا تونس رهينة وهم بصدد ارتهان مستقبل تونس باعتبار أننا اليوم أمام العالم وأمام الرأي العام في وضعية دقيقة وحرجة جدًا.. لدينا مرشحان أحدهما غير موجود.
- إذا لم يغادر نبيل القروي السجن في الجلسة المقبلة هل يعني هذا أنه سيرفض المشاركة في المناظرة التلفزية الرئاسية؟
المناظرة التلفزية تفصيل دقيق في الموضوع وليس لها أي قيمة بالنسبة إلينا مقارنة بمبدإ تكافؤ الفرص.
- ما حقيقة ما يروّج حول وجود مفاوضات بين حزب قلب تونس وحركة تحيا تونس للإفراج عن نبيل القروي؟
بالنسبة إلينا حركة تحيا تونس خصم سياسي مسؤول على الفشل الموجود في البلاد في السنوات الـ3 الأخيرة. وهو الجهة التي حاولت أن تصدر قانون إقصاء وتعديل القانون الانتخابي لكي تقصي نبيل القروي. حركة تحيا تونس وحركة النهضة تتحملان المسؤولية السياسية في الوضع المتعكر بما في ذلك وجود نبيل القروي في السجن، وهي (تحيا تونس) مسؤولة عن المسّ من مستقبل تونس والمسار الديمقراطي والتلاعب بإرادة شعبية واضحة وضعت نبيل القروي في الدور الثاني من الرئاسية.
لا وجود لأي مفاوضات مع حركة تحيا تونس وليس هناك سبب أو توجه في المفاوضات ونحن نعتبرها الجهة التي تسببت في الفشل. ليس لدينا فكرة التفاوض مع الأشخاص الذين يمثلون سبب المشكل.
- بعد الانتخابات هل من الممكن أن تتفاوضوا وربما تتحالفوا مع حركة تحيا تونس؟
بالنسبة إلينا حركة تحيا تونس تعتبر في جانب كبير منها، متسببة في كل مصاعب المرحلة الأخيرة. مسألة المفاوضات مع حركة تحيا تونس غير مطروحة لا قبل الانتخابات ولا بعدها.
حاتم المليكي: مسألة المفاوضات بين قلب تونس وحركة تحيا تونس غير مطروحة لا قبل الانتخابات ولا بعدها
- تعدّ محاربة الفقر أحد أبرز الشعارات التي تحملها حملة نبيل القروي الانتخابية، ما هي الآليات الحقيقية التي سيفعل بها هذا الشعار على أرض الواقع؟
الآلية الأولى تتمثل في عقد اجتماعي. في تونس لدينا مشكلتان. الأولى أننا لا نعترف بوضعية الفقر الموجودة. الفقر في تونس أصبح يمسّ شريحة تقارب 7 ملايين مواطن تونسي من بينهم 2 ملايين لا يستطيعون توفير مأكلهم ومشربهم و5 ملايين "مشكلة حياتهم" كيفية إنهاء الشهر دون ديون ودون أن يعيشوا ظروفًا صعبة.
هؤلاء الـ7 ملايين يجب أن يصبحوا أولوية السياسات العمومية، الأولوية لا تتمثل في ميزانية الدولة وعجز ميزانية الدولة والحديث عن الإصلاحات والأوامر التي تتعطل. لا نستطيع أن نواصل بهذا الشكل لأن المواطن التونسي إذا واصل في هذا الطريق، وقد عبّر عن ذلك بكلّ وضوح، لن يهتم لا بديمقراطية ولا مسار ديمقراطي.
ما نطرحه هو القيام بعد اجتماعي بين كلّ الأطراف المعنية. نضع مشكلة الفقر الموجودة والهشاشة التي يعيش فيها المواطنون على أولويات الدولة التونسي. وعندما نتفق حول حجم الفقر وأسبابه والأماكن التي يتواجد بها والشرائح التي يهمهما حينها نخرج بسياسة عمومية ونحدد كم من وزارة نحتاج وكيف سنتصرف في محاربة الفقر.
الدولة التونسية لا تعترف بفشلها خلال الثماني سنوات الأخيرة في حين أن المواطنين متعبون ويعيشون ظروفًا قاسية والدولة تتحدث عن الانتقال الديمقراطي. الانتقال الديمقراطي بالنسبة للمواطنين هو الماء والكهرباء والطريق النظيف وحديقة لأطفالهم وطبيب يعالجهم ويعالج عائلاتهم.. يجب تسخير كل مجهودات الدولة في الفترة القادمة لمحاربة مظاهر الفقر.
اقرأ/ي أيضًا: عدنان منصر: لهذا انسحبت من الحراك ويجب التفكير من الآن في انتخابات 2024 (حوار)
- ولكن يقال إن الدولة ليس لها موارد لتنفيذ كل هذا؟
ليس مطلوبًا من الدولة أن تقوم هي بمحاربة الفقر بمفردها بمواردها.. المطلوب منها أن تعترف بالفقر وتحدد أماكن وجوده ومن يتضرر منه وأسبابه، وأن تجمع الأطراف الاقتصادية والاجتماعية والمجتمع المدني كي يساهم كل واحد في محاربة الفقر بطريقته.
هناك رجال أعمال مستعدون لمحاربة الفقر بطريقتهم وبإمكانهم وضع إمكانياتهم على ذمة الدولة من خلال شراكة مع القطاع العام.. هناك مجتمع مدني مستعد لمحاربة الفقر ولكنه يحتاج إلى دعم الإدارة والدولة لتسهيل تدخله في المناطق التي يوجد بها. هناك أجهزة جهوية ومحلية يجب إعطاؤها الوسائل الضرورية لمحاربة الفقر، مثلًا عوض انعقاد لجان مجابهة الكوارث بعد وقوع الكارثة نريد تكوين لجنة جهوية لمجابهة الفقر كي تزيل الكارثة أصلًا. لا بد أن نعترف أننا فشلنا في سياساتنا منذ سنوات كي نبدأ الإصلاح وهذا ما يطرحه حزب قلب تونس.
- هل يفكر نبيل القروي في طرح تغيير النظام السياسي أو تعديل القانون الانتخابي إذا فاز في الانتخابات؟
النظام السياسي الذي اخترناه في تونس له عيوب لكن العيب لا يأتي من النظام في حدّ ذاته، بل هو متأت من أمرين، أولًا لم نستكمل النظام السياسين لأننا لم نركز بعد المحكمة الدستورية والمجالس الجهوية التي ستقوم بالتنمية الجهوية. لم نركز هاتين المؤسستين ونريد القول إن النظام السياسي جيد أو سيء؟ ! لا بد من الانتهاء من تركيز النظام السياسي وإثر ذلك من الممكن إجراء التعديلات اللازمة على ضوء الواقع الذي سنعيشه.
المسألة الثانية المهمة التي يطرحها قلب تونس هي ضرورة وقف السياحة الحزبية، لأنها كانت أساس الداء خلال خمس سنوات. ننتخب برلمانًا يتفكك ويقوم بتحالفات جديدة والأشخاص التي وضعت برامج وانتخبناها على أساسها تتوجه لكتل أخرى هذا الأمر يدخلنا في فوضى ولا مسؤولية. البرلمان يقول إنه غير مسؤول والحكومة تقول إنها غير مسؤولة ورئاسة الجمهورية تقوم إنها غير مسؤولية. لا بد من وقف نزيف السياحة الحزبية.
- كيف تنوون القيام بذلك؟
من خلال إصدار قانون يمنع على النواب، إذا ترشحوا ونجحوا عن قائمة، أن يغادروها. وبالنسبة للمستقلين من حقهم الانضمام إلى كتلة برلمانية ولكن لا يمكنهم مغادرتها لاحقًا. هذه المسألة حيوية. فخلال 5 سنوات بيّنت التجربة أن نظامنا هجين لأن لا أحد ضمنه يتحمل المسؤولية.
يجب توضيح مسؤولية البرلمان والنواب الموجودين صلبه. كما يجب أن تقوم العلاقة بين البرلمان والحكومة على أساس برنامج يتم الاتفاق عليه، حينها يمكن الحديث عن كيفية تحسين النظام السياسي وإذا وجدت به أخطاء أو تعديلات نستطيع إدخالها.
أما قلب النظام السياسي رأسًا على عقب يعني أننا سنفتح باب التجربة لـ8 سنوات إضافية وسندخل في متاهة أخرى.
حاتم المليكي لـ"ألترا تونس": النقاط الموجودة في مشروع مجلة الحريات الفردية لا تطرح إشكالًا بالنسبة إلينا كحزب بما في ذلك إلغاء الفصل 230 من المجلة الجزائية
- نبيل القروي قال في حوار لمجلة "لوبوان" الفرنسية إنه يمثل المحور الليبرالي الحداثي، هل هذا يعني أنه مستعد للدفاع ولتبني مشروع مجلة الحريات الفردية والدعوة لإلغاء الفصل 230 من المجلة الجزائية المتعلق بالفحص الشرجي؟
برنامجنا يقوم على تكريس الحريات الفردية والفعلية لأن المشكل في تونس هو أنه يمكن إصدار قوانين لكنها لا تطبق على الميدان ولنا تجربة في قانون مناهضة العنف ضد المرأة حيث أصدرنا القانون لكننا وجدنا صعوبات في تطبيقه.
والنقاط الموجودة في مشروع مجلة الحريات الفردية لا تطرح إشكالًا بالنسبة إلينا كحزب بما في ذلك إلغاء الفصل 230 من المجلة الجزائية لأن الفحص الشرجي فيه إهانة كبيرة لعديد الشرائح الاجتماعية. المشكل في تونس تمكن في المقاربة والتوقيت الذي يستعمله السياسيون، هم يستعملون قضايا المجتمع لتصفية حسابات سياسية فيما بينهم.
هذه المواضيع تتطلّب دورًا فعالًا للمجتمع المدني لتوعية المواطنين كي يفهموا ما معنى مثليين وما هي معاناة المثليين. كما تتطلب إجراءات قانونية وتكوينًا لأعوان الأمن وإجراءات ضمن المجتمع التونسي كي يصبح متقبلًا لهم دون المس بثقافة وتقاليد المجتمع. أكبر خطأ يمكن أن ترتكبه هو أن تصلح الأوضاع بفوقية من خلال قوانين. والإجراءات من هذا النوع تتطلب ثقافة مجتمعية لقبول الآخر والتعامل معه كشخص عادي ومساعدته كي يكون موجودًا في المجتمع في إطار احترام الآخر.
- لكن هذه الإجراءات تتطلّب حيزًا زمنيًا وخلال هذا الوقت عديد المواطنين تقع إهانة كرامتهم من خلال الفحص الشرجي؟
إهانة كبيرة يعيشها مواطنون تونسيون وإهانة تقع أحيانًا في مراكز الأحيان، إلى جانب العديد من التجاوزات على غرار الاطلاع على الفيديوهات الموجودة في الهواتف الجوالة لمواطنين. هذه مسألة ثقافية موجودة في المجتمع التونسي يجب أن تتعالج. نحن اليوم وصلنا في 2020 إلى درجة تؤهلنا كي نقبل الآخر واختلافه، وكي نثقف المجتمع في هذا الشأن وأيضًا مؤسسات الدولة حتى تتعامل مع هؤلاء الأشخاص بطريقة سليمة.
نحن في تونس لا نعترف بالإنسان المريض نفسيًا ولا بمن يعاني صعوبات مالية.. هناك حالة من الاحتقان الاجتماعي تجعل قبول المواطنين لبعضهم البعض ضعيفًا جدًا وهذا سببه الرئيسي أيضًا ظروفهم الاقتصادية الصعبة.
اقرأ/ي أيضًا: كلثوم كنو: هذه أهداف مبادرة "مواطنون" ولا إرادة سياسية لإصلاح القضاء (حوار)
- ما هو موقف نبيل القروي من عقوبة الإعدام؟
بالنسبة إلينا عقوبة الإعدام ليست العقوبة التي تحل الإشكاليات وثبت أنها لا تحل المشاكل في العديد من الدول وليست العقوبة الردعية المناسبة.. الحالة الوحيدة التي نساند فيها عقوبة الإعدام هي عندما يتعلق الأمر باعتداءات جسيمة على القصّر.
- فيما يتعلّق بالسياسة الخارجية، هل سيحافظ نبيل القروي، إذا فاز بالرئاسية، على نهج الدبلوماسية التونسية المألوف سابقًا أم أن له برنامجًا مغايرًا؟
في تونس هناك مشكلتان ظهرتا في السنوات الأخيرة، وهما أولًا سياسة المحاور التي تريد بعض الأطراف أن تأخذ تونس إليها. في تونس لا يجب أن نتدخل في الشؤون الداخلية للدول خاصة الشقيقة منها، ولا ننضم لمحور ضد آخر. تونس بلاد بحكم جغرافيتها وتاريخها وثقافتها تستفيد دائمًا من علاقات خارجية متوازنة. لنا شريك مغاربي وشريك أوروبي وهذا هو فضاؤنا الطبيعي الذي تتحرك ضمنه تونس.
وما ينقصنا في هذا الفضاء هو فاعلية دبلوماسيتنا. لدينا علاقات وسفارات لكن سفارتنا لا تتوفر لها العديد من الوسائل ولا تعمل بالطرق العصرية للمناصرة وربط العلاقات. لا بد من تطوير أداء وزارة الخارجية لمزيد تثمين دور أبناء الدبلوماسية ووزارة الخارجية وإزالة التعيينات القائمة على المحاصصات الحزبية، وتوفير أفضل الوسائل لهم كي يتمكنوا من معرفة المكان الذي يوجدون به وما الذي يستطيعون بيعه في هذا المكان وكيف يمكن أن يتفقوا معه.
كما يجب أن تلعب وزارة الخارجية دورًا أكبر فيما يتعلق بالاستثمار الخارجي. ونحن لدينا مشكل كبير حيث أن وزارة التعاون الدولي بعيدة عن وزارة الخارجية في حين أن هذه الأخيرة هي من يجب أن يشرف على هذا الدور. وزارة الخارجية يجب أن تكون مسؤولة عن إيجاد أسواق وجلب المستثمرين وتصدير منتوجاتنا. يجب أن تكون هي وزارة الإشراف على هذه المسائل.
- كيف سيعالج نبيل القروي ملف الهجرة غير النظامية والتونسيين المفقودين في حال فوزه في الانتخابات؟
هذا المشكل له 3 أبعاد. هناك المشكل الداخلي حيث لا يمكن أن نقبل في تونس أن يموت أبناؤنا في البحر وهذه مسؤوليتنا ويجب أن نوفر فرصًا أكثر للشباب كي لا يتهور ولا يدخل في مغامرة غير محسوبة وتؤدي إلى نتائج كارثية. لذلك العمل على محاربة الفقر وخلق فرص أكثر للشباب للتقليص من إمكانية لجوء المواطنين للهجرة غير الشرعية ذات النتائج الكارثية.
المسألة الثانية تهم علاقتنا مع الفضاء الأوروبي المعني بمسألة الهجرة غير الشرعية. نحن نتحدث دائمًا عن كوننا شركاء في محاربة هذه الهجرة لكن الشراكة تعني أنه في تونس يجب أن نوضح رؤيتنا، ماذا نريد أن نفعل وما هي المناطق التي تتأتى منها الهجرة غير الشرعية والفئات التي تشملها، وذلك كي نتعاون مع الاتحاد الأوروبي لمنع الأشخاص من التفكير في الهجرة غير الشرعية.
ولكن في المقابل لا يمكن وضع المواطنين أمام وضعية انسداد أفق دون أن يكون لهم أي مستقبل وهم يشاهدون الرشوة والفساد ينتشران في الإدارة وتطلب منهم كمواطنين أن لا يهاجروا، لذلك محاربة الفقر وإصلاح الدولة التونسية مهم أيضًا.
الاتحاد الأوروبي دائمًا ما يطالبنا بسياسة تنمية واضحة محليًا وموجهة للشباب ونحن عاجزون عن القيام بسياسة تنمية للشباب.
- ما هي رؤية نبيل القروي لملف الأمن القومي؟
الأمن القومي التونسي لا بد أن يتطور لأن الأمن الداخلي والأمن الخارجي اليوم مرتبطان ببعضهما البعض. وإذا وضعنا جانبًا حالة الحرب مع دولة وهو أمر غير مطروح بالنسبة لتونس، يتبيّن أن مجموعات التهريب والتطرف والناس الموجودين في الداخل والخارج لهم علاقة مباشرة مع بعضهم. من الممكن أن تتكون خلية داخل تونس وتتحول إلى خلية أوسع في أوروبا وتعمل مع خلية أخرى على الحدود التونسية الليبية أو الحدود التونسية الجزائرية. العالم بصدد التطور.
الجريمة المنظمة تلتصق بالتهريب والتهريب يلتصق بالتطرف والتطرف يلتصق بالإرهاب. ونحن نقترح أن يكون لدينا أكاديمية – نحن نطلق عليها أكاديمية ولكنها جهاز – لمحاربة الإرهاب، وهي أكاديمية الأمن القومي ويجب أن تضم كبار الخبرات الموجودة في وزارتي الدفاع والداخلية وفي الفرق المختصة كالاستعلامات وغيرها.
هذه التحركات المعقدة لمجموعات، والتي تكون أحيانًا لأسباب اقتصادية وأحيانًا لأسباب اجتماعية وأحيانًا استخباراتية وأحيانًا لها علاقات دولية، يجب أن يكون لدينا قدرة كبيرة على الاستباق كي نعرف أين يجب أن نتدخل كي نحدّ من الخطر الداخلي والخارجي المرتبطين ببعضهما.
المسألة الثانية تهم استقرار التعيينات في المناصب الحساسة لأنه إذا تم تغيير مديرين عامين في مصالح معينة في وزارة الدفاع ووزارة الداخلية على أساس المحاصصة الحزبية فذلك ضرب للأمن القومي التونسي.
- هل تعتبر أن جميع التعيينات في المناصب العليا بوزارتي الدفاع وحتى الداخلية يجب أن تكون تحت إشراف رئيس الجمهورية؟
أكثر من رئيس الجمهورية وأكثر من رئيس الحكومة، هناك مناصب يجب أن نتفق كتونسيين أنها لا تخضع للمحاصصة الحزبية وهذا معمول به في عدة دول. هناك مناصب حساسة في الدولة يجب أن تكون خاضعة للإشراف البرلماني والقضائي وثانيًا يجب أن يكون فيها استقرار.
أكثر ما يضر البلاد من الناحية الأمنية هو التعيين على أساس المحاصصة الحزبية الذي يؤثر كثيرًا على أداء الوحدات العسكرية والأمنية.
- مدير الديوان الرئاسي الأسبق عدنان منصر تحدث مؤخرًا عن قيام وكالة "ESL Publics" بضغوطات من أجل إطلاق سراح نبيل القروي، ما هو تعليقكم على هذه المسألة؟
إذا كان عدنان منصر يعرف كلّ شيء فليخبرنا متى سيتم الإفراج عن نبيل القروي.
حاتم المليكي لـ"ألترا تونس": سبق لنبيل القروي ولزوجته ولي أيضًا أن صرحنا أننا نأسف للتصريحات المتعلقة بأنا يقظ والتي جاءت في حالة غضب
- البعض في تونس يشبّه نبيل القروي بـ"برلسكوني تونس" وتكثر الأحاديث حول شبهات فساد تحوم حوله، كيف تردون على هذه الاتهامات؟
نحن في تونس أوصلنا أنفسنا إلى مرحلة نخوّن فيها بعضنا البعض. نخوّن رجال الأعمال ونخوّن الإدارة ونقول إنها فاسدة، ونخوّن الشباب ونقول عنه متطرّف و"ضايع"، نخوّن المواطنين القاطنين في الريف ونخوّن المواطنين في المدينة. هناك جو من الحقد والكراهية وهو آخذ في التضاعف في تونس وسيمثل خطرًا كبيرًا إذا لم يتم إيقافه.
نحن مبدؤنا واضح، إذا كان هناك شخص تتعلق به شبهات فساد فهناك أجهزة قضائية تحقق ولكن تحقق في إطار قضاء عادل ونزيه يضمن كل الحقوق ويضمن محاكمة عادلة.. ونتمنى أن نقلل نحن التونسيون من توجيه الاتهامات لبعضنا البعض لأننا نشتم بعضنا طول الوقت.
- هل تعتبرون أن القضاء مستقل أم أنه لا يزال بعيدًا عن استقلاليته؟
لا يوجد قضاء نزيه 100 في المائة ولا يوجد قضاء فاسد 100 في المائة.. لكن هناك معركة يخوضها القضاة والمجتمع التونسي ككل كي يتجه القضاء تدريجيًا لأكبر درجة من الاستقلالية، ولكن في جميع الحالات الاستقلالية والنزاهة ليسا دائمًا بنسبة 100 في المائة، ولهذا توجد في وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء فرق تفقد.
وعندما نقول أن القضاء ارتكب أخطاء أو شبهات فذلك لا يعني أن القضاء بأكمله ليس نزيهًا.
- في علاقة بالتسريبات الصوتية المتعلقة بتهديد نبيل القروي لمنظمة أنا يقظ، سبق وأن صرحتم في أكثر من مناسبة أن القروي قد تغيّر بعد وفاة ابنه، ولكن هل هو مستعد اليوم للاعتذار لأنا يقظ والشعب التونسي مما ورد في تلك التسريبات؟
حياة الأشخاص تخضع للكثير من التغيرات ووفاة ابن بالنسبة لأب تؤلم كثيرًا. وسبق لنبيل القروي ولزوجته ولي أيضًا أن صرحنا أننا نأسف لهذه التصريحات التي جاءت في حالة غضب ولم تترجم بأي فعل من الأفعال. ونأسف لأنه في تونس مازلنا نعمل بمنطق التسريبات ونتمنى لو ينتهي التجسس على المواطنين في جلساتهم الخاصة والسرية. ولننته من منطق التسريبات.
نحن نحاسب الناس على أفعالها ونطلب منهم إذا أصبحوا مسؤولين أن يتجنبوا القيام بتصريحات تثير التشنج أو الحقد والكراهية، لكننا في الأخير تأسفنا على الكلام البذيء وأوضحنا أن ذلك الموقف كان في حالة غضب ولم يترجم بأي فعل من الأفعال ولم يمسّ أي منظمة من المنظمات.
اقرأ/ي أيضًا:
عبد الحميد الجلاصي: قد أترشح لرئاسة حركة النهضة ومورو الأجدر بقصر قرطاج (حوار)
محسن مرزوق: للجيش دور اقتصادي ممكن وأؤيد إنتاج "الزّطلة" لأغراض طبية (حوار)