الترا تونس - فريق التحرير
أكد المختص في الاقتصاد عز الدين سعيدان، الأربعاء 31 أوت/ أغسطس 2022، أنّ تونس "بنت ميزانية 2022 على التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي قبل مارس/ آذار 2022، ويبدو أننا بعيدون كل البعد عن هذا اليوم، ولهذا نتساءل كيف ستموّل تونس نفقاتها العادية لما تبقى من هذه السنة؟ الدولة نفسها لا تملك إجابة لذلك، والحلول التي تستعملها الآن هي في رأيي حلول خطيرة وترقيعية قصوى" وفقه.
عز الدين سعيدان: كيف ستموّل تونس نفقاتها العادية لما تبقى من سنة 2022؟ الحلول التي تستعملها الآن هي حلول خطيرة وترقيعية قصوى
ولفت سعيدان في السياق نفسه، لدى حضوره بإذاعة "الجوهرة أف أم" (محلية)، إلى أنّ تونس "لم تسدّد مستحقات الدين الداخلي للبنوك التونسية بالعملة أو بالدينار، وتم تأجيل ذلك كله، كما تم اللجوء إلى طباعة العملة في أكثر من مناسبة، وسط سياسة الإنكار والهروب إلى الأمام، والأجيال القادمة ستلعننا" على حد تعبيره.
وتساءل سعيدان: "ماذا تنتظر السلط التونسية للدخول في إصلاحات ضرورية تأخرت كثيرًا ولكن لا مفر منها؟ كلما تأخرنا يومًا، زادت الأوضاع تعكرًا، وارتفعت كلفة الإصلاحات، والحكومة لم تقم بميزانية تكميلية إلى حد الساعة، بينما لم تعد ميزانيتنا تشبه الواقع التونسي بتاتًا، فالحكومة خائفة من الاعتراف بالأرقام الجديدة، وأن عجز ميزانية الدولة سيتفاقم" وفق قوله.
عز الدين سعيدان: الحكومة لم تقم بميزانية تكميلية إلى حد الساعة، فهي خائفة من الاعتراف بالأرقام الجديدة، بينما لم تعد ميزانيتنا تشبه الواقع التونسي بتاتًا
وقال سعيدان: "اليوم تونس تشتغل بلا ميزانية، وكل الفرضيات التي وضعناها في الميزانية تجاوزها الزمن، وقد غيّرت حرب أوكرانيا السوق العالمية، وأعتبر أنّ سنة 2023 سنة ثقيلة جدًا من حيث تسديد الدين الخارجي، فهي أثقل بكثير من سنة 2022".
وبيّن سعيدان على أنه "لا توجد شروط لصندوق النقد الدولي، وإنما التزامات اتخذتها تونس ولم تحترمها، من ضمنها إصلاح المؤسسات العمومية التي خسرت تمامًا رأس مالها وثقة المزودين الأجانب وثقة البنوك الداخلية والخارجية، كما لم تعد الدولة قادرة على تزويد السوق بالمواد الأساسية التي تملك فيها اختصاصًا و"مونوبولًا" والذي لا يمكن أن ينافسها فيها القطاع الخاص".
عز الدين سعيدان: سنة 2023 ستكون سنة ثقيلة جدًا من حيث تسديد الدين الخارجي، فهي أثقل بكثير من سنة 2022
واستنكر المختص في الاقتصاد في السياق ذاته، "عدم تمكّن الدولة من توفير المواد الأساسية لغياب المال، في حين أن مصالح قوية للغاية في القطاع الخاص توفّر الكماليات بالمقابل"، وقال: "ما هي سياستنا الاقتصادية اليوم؟ لا نملك سياسة اقتصادية ومالية وتنموية في تونس اليوم، ومعدل التضخم سيتجاوز 8.2% بلا شك، وإذا واصلنا بهذا النسق فسنصل إلى عجز تجاري غير مسبوق في تاريخ تونس يقدّر بـ25 مليار دينار لا بد من تسديده بالعملة الأجنبية".
واعتبر سعيدان أنّ "تونس تملك 424 مليون دينار تونسي في الحساب الجاري للدولة، وهو رقم ضعيف جدًا، فالدولة تصرف 180 مليون دينار يوميًا، إذن فالمبلغ يكفيها 3 أيام لا غير"، منتقدًا ما وصفه بـ"سياسة الإنكار المعتمدة منذ مدة، وتوخّي الحكومة سياسة جديدة هي الصمت الرهيب وعدم التعليق على كل هذه المشاكل" وفق تأكيده.
وطالب سعيدان السلط التونسية بكشف حصيلة القمة اليابانية - الإفريقية "تيكاد 8"، قائلًا: "يبدو أننا في تونس لم نفهم (تيكاد) على حقيقتها، فهي تتعلق بالتنمية في إفريقيا عبر القطاع الخاص، وليس العام، ونريد أن نعرف كم كلّفتنا هذه القمة وكم استفدنا منها" وفقه.
عز الدين سعيدان: معدل التضخم سيتجاوز 8.2% بلا شك، وإذا واصلنا بهذا النسق فسنصل إلى عجز تجاري غير مسبوق يقدّر بـ25 مليار دينار يجب تسديده بالعملة الأجنبية
وأضاف سعيدان أنّ "الاستثمار العمومي حين يكون غائبًا، يصبح من الصعب جدًا استقطاب الاستثمار الأجنبي، والدولة للأسف متخلية تمامًا عن الاستثمار العمومي"، لافتًا إلى أنّ "كينيا نظمت (تيكاد 6) منذ 6 سنوات واستغلتها كما ينبغي، لأنه كان هناك إعداد قوي جدًا قبل التنظيم، وجل المشاريع التي تم تقديمها أحدثت قبل الندوة، كما كان هناك تنسيق إفريقي إفريقي كبير جدًا" وفق قوله.
وبخصوص تصريح رئيس الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (جيكا) أكيهيكو تاناكا، بأن اليابان ستدرس إمكانية تقديم مساعدات مالية لتونس بمجرد إبرامها اتفاقية تمويل مع صندوق النقد الدولي، قال سعيدان: "لم يكون هناك داع لأن نتقدم لهذه الوكالة بطلب مساعدة بمناسبة (تيكاد 8)، فهذا خارج السياق، لأننا نعلم موقف هذه البلدان مسبقًا" وفق وصفه.