الترا تونس - فريق التحرير
عقدت الهيئة التنسيقية للهياكل القضائية في تونس، الخميس 9 جوان/يونيو 2022، ندوة صحفية حول "إعفاء القضاة: الأسباب والتداعيات"، وذلك تزامنًا مع اليوم الرابع من الإضراب العام الذي يخوضه القضاة في تونس رفضًا لعزل الرئيس التونسي قيس سعيّد 57 قاضيًا.
ويتواصل الإضراب العام للقضاة في تونس، الأربعاء 8 جوان/يونيو 2022، لليوم الرابع على التوالي في كل محاكم البلاد، بعد أن صوّت المجلس الوطني الطارئ لجمعية القضاة التونسيين، بالإجماع على "مبدأ الدخول في إضراب عن العمل بجميع المحاكم والمؤسسات القضائية دون استثناءات لمدة أسبوع قابل للتجديد".
- جمعية القضاة التونسيين:
وأكد رئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمادي، الخميس 9 جوان/يونيو 2022، أن الرئيس التونسي قيس سعيّد يقدم على خروقات جسيمة بالجملة في حق السلطة القضائية بلا حسيب ولا رقيب، آخرها إعطاء نفسه صلاحية إعفاء قضاة وعزله 57 قاضيًا، وفقه.
وعدد الحمادي، خلال الندوة الصحفية للهيئة التنسيقية للهياكل القضائية في تونس، جملة الخروقات التي اقترفها سعيّد، حسب رأيه، معتبرًا أنه "خرق توطئة الدستور ومبدأ استقلال القضاء وفق ما جاء فيها، كما خرق الفصل 24 من الدستور التونسي المتعلق بحماية المعطيات الشخصية للمواطنين والفصل 27 الذي يقول إن "المتهم بريء حتى تثبت إدانته"، والفصل 28 الذي ينص على أن "العقوبة شخصية ولا تكون إلا بمقتضى نص قانوني سابق الوضع"، وفق تقديره.
رئيس جمعية القضاة التونسيين: سعيّد أقدم على خروقات جسيمة في حق السلطة القضائية بلا حسيب ولا رقيب
كما لفت إلى أن الرئيس تجاوز أيضًا الفصل 107 من الدستور التونسي الذي ينص على أنه "لا ينقل القاضي دون رضاه، ولا يعزل، كما لا يمكن إيقافه عن العمل، أو إعفاؤه، أو تسليط عقوبة تأديبية عليه، إلاّ في الحالات وطبق الضمانات التي يضبطها القانون، وبموجب قرار معلّل من المجلس الأعلى للقضاء".
بالإضافة إلى خرق الفصل 108 من الدستور، وفق الحمادي، الذي يقول إن "لكل شخص الحق في محاكمة عادلة في أجل معقول، والمتقاضون متساوون أمام القضاء. حق التقاضي وحق الدفاع مضمونان، وييسر القانون اللجوء إلى القضاء ويكفل لغير القادرين ماليا الإعانة العدلية.
ويضمن القانون التقاضي على درجتين. جلسات المحاكم علنية إلا إذا اقتضى القانون سريتها ولا يكون التصريح بالحكم إلا في جلسة علنية".
- نقابة القضاة التونسيين:
وفي مداخلته، أكد رئيس نقابة القضاة التونسيين أيمن شطيبة أن "القضاة وقع اغتصابهم في استقلاليتهم" من خلال قرارات الإعفاء الصادرة في حق عدد منهم، معتبرًا أن "الإعفاء هو وسيلة هدم، وأُخرج من سياقه القانوني على اعتبار أنه لا يتم الإعفاء إلا لأسباب صحية، بينما في حال الإخلال بالواجب الوظيفي فإن هناك مسارات تأديبية وقانونية يقع اتباعها"، وفقه.
رئيس نقابة القضاة التونسيين: نحن لا نرفض محاسبة القضاة، لكن يجب أن تكون مرفوقة بالضمانات القانونية وضمان حقهم في محاكمة عادلة"
وشدد، في هذا الصدد، على أنه "تم الحكم على القضاة دون تمكينهم من حق الدفاع عن أنفسهم أو الاعتراض على القرار"، مستدركًا القول: "لسنا ضد المحاسبة، لكن المحاسبة يجب أن تكون مرفوقة بالضمانات القانونية للقاضي وضمان حقه في محاكمة عادلة"، حسب تصريحه.
وعلى صعيد آخر، أكد شطيبة على أن قرار الإضراب العام في سلك القضاء، كان دون أي خلفية سياسية أو حزبية، وإنما هو قرار نابع عن إرادة الهياكل القضائية، داعيًا إلى عدم استثمار تحركاتهم سياسيًا أو حزبيًا"، على حد ما جاء على لسانه.
- اتحاد القضاة الإداريين:
ومن جانبها، وصفت رئيسة اتحاد القضاة الإداريين رفقة مباركي إقدام الرئيس التونسي قيس سعيّد على عزل 57 قاضيًا بـ"المجزرة الكبيرة والمظلمة في حق القضاة"، معقبة: "القاضي اليوم أصبح مدانًا إلى أن تثبت براءته"، وفق تعبيرها.
وتابعت، خلال الندوة الصحفية التي عقدتها الهياكل القضائية في تونس: "لم يبقَ أمامنا من حلّ أمام ما يحصل من تعدٍّ على السلطة القضائية إلا تعليق العمل في المحاكم"، مشيرة إلى أن "نسبة نجاح الإضراب العام في المحكمة الإدارية 100%"، حسب قولها.
رئيسة اتحاد القضاة الإداريين: ما حصل مع القضاة مجزرة كبيرة ومظلمة في حقهم لذلك لم يبقَ أمامنا من حل أمام ما يحصل من تعدٍّ على السلطة القضائية إلا تعليق العمل
وأشارت مباركي إلى أن "القضاة الإداريين اليوم مستهدفون باعتبار أنهم يحكمون في المراسيم والقرارات التي تصدر عن الرئيس التونسي قيس سعيّد"، وفق تصريحها.
ووجهت رئيسة اتحاد القضاة الإداريين رسالة إلى الرئيس قيس سعيّد وإلى وزيرة العدل قائلة: "آمل أن يكون ضميريكما مرتاحين بعد كل هذه المظالم في حق القضاة"، على حد تعبيرها.
- جمعية القاضيات التونسيات:
ومن جهتها، نددت رئيسة جمعية القاضيات التونسيات سيدة القارشي بما اعتبرته محاولات لـ"ضرب المرأة التونسية، والقاضية بشكل خاص، من خلال تشويهها في أخلاقها، بعد أن علت المرأة في تونس كل المراكز"، مستطردة القول: "يريدون إعادة المرأة إلى الوراء والقضاء على مكتسباتها، بأساليب قذرة من خلال جنسها وسمعتها"، حسب رأيها.
رئيسة جمعية القاضيات التونسيات: نحمل السلطة التنفيذية التي تريد تركيع القضاء المسؤولية الكاملة عما قد يحصل للقاضيات اللاتي وقع التشهير بهن وأسرهن
كما أدانت القارشي، في كلمة لها خلال الندوة ذاتها، "التعدي على الحقوق الشخصية والذاتية والحرمة الجسدية والمعطيات الشخصية"، محملة السلطة التنفيذية التي قالت إنها "تحاول تركيع النساء وجعل القضاء قضاء تعليمات، وعلى رأسها الرئيس قيس سعيّد ورئيسة الوزراء نجلاء بودن ووزيرة العدل ليلى جفال، المسؤولية الكاملة عما قد يحصل للقاضيات اللاتي وقع التشهير بهن وأسرهن".
ودعت، في ذات الصدد، المنظمات ومكونات المجتمع المدني إلى التصدي إلى هذه الممارسات التي قالت إنها تصب في إناء "العنف ضد المرأة"، معقّبة: "لا لقضاء التعليمات، لا لتركيع النساء، لا للدكتاتورية"، وفق تعبيرها.
- اتحاد محكمة المحاسبات:
بدوره، اعتبر رئيس اتحاد محكمة المحاسبات وائل حنفي أن الأزمة التي يعيشها القضاء التونسي اليوم سابقة أولى لم يشهدها في تاريخه، حسب تقديره.
وتابع قائلًا إن "التقاء جميع الهياكل القضائية اليوم هو دليل على إجماعها على عمق وخطورة الأزمة"، معقّبًا: "قضيتنا هي قضية مبدئية، ونتمسك بأن لكل قاضٍ الحق في التمتع بكل الضمانات مثل أي شخص آخر".
رئيس اتحاد محكمة المحاسبات: الأزمة التي يعيشها القضاء التونسي اليوم سابقة أولى لم يشهدها في تاريخه والتقاء جميع الهياكل القضائية اليوم دليل على إجماعها على عمق وخطورة الأزمة
وخلص إلى القول: "أمام ما يحدث اليوم مع السطلة القضائية، انتهت بنا السبل إلى إقرار الإضراب العام"، مؤكدًا أنه إذا لم يتم التراجع عن قرار عزل القضاة فإنه سيتم تركيع القضاء محذرًا مما سينجر عن ذلك من تبعات، وفق تصريحه.
- جمعية القضاة الشبان:
ومن جهته، اعتبر رئيس جمعية القضاة الشبان مراد المسعودي، وهو أحد القضاة الذين شملهم قرار العزل، أن "إعفاء القضاة يشكل إعدامًا وظيفيًا واجتماعيًا للقضاة تحت مسمى كذبة مكافحة الفساد والإصلاح"، على حد تقديره.
وأكد المسعودي، في كلمة له خلال الندوة الصحفية للهياكل القضائية، أن "الإعفاءات لم تكن على أساس ملفات تأديبية وأن 90% ممن شملهم القرار ليست لديهم أي ملفات تأديبية"، مشيرًا إلى أن الإعفاءات اتجهت إلى أشخاص على اعتبار مواقفهم ومناهضتهم لمسار الرئيس التونسي قيس سعيّد وانقلابه على باب السلطة القضائية، مشددًا على أن ذلك غير مقبول وخطير، وفق توصيفه.
رئيس جمعية القضاة الشبان: بالنسبة للقضاة الذين لم يشاركوا في التحركات قمنا بإجراءات ضدهم على غرار سحب انخراطهم من الجمعية وإيقاف نشاطهم بها
ولفت رئيس جمعية القضاة الشبان إلى أنه "تم المس من كرامة القضاة وعدم اعتراف بالأحكام القضائية رغم صدور أحكام بعدم سماع الدعوى في قضايا لعدد منهم، في المقابل هناك قضاة صدرت ضدهم أحكام قضائية ورغم ذلك لم يشملهم قرار العزل وكأن السلطة تريد استمرار تواجدهم"، على حد قوله.
وتابع مراد المسعودي قائلًا: "بالنسبة للتحركات التي نخوضها أجمعت عليها الهياكل القضائية وستكون غير مسبوقة"، مؤكدًا ضرورة ألا تتوقف إلا بتحقيق الهدف منها ودفع سعيّد للتراجع عن قرار العزل، حسب تقديره.
وعلى صعيد متصل، لفت المسعودي إلى أنه بالنسبة إلى القضاة الذين لم يشاركوا في التحركات فقد قامت جمعية القضاة الشبان بإجراءات ضدهم على غرار سحب انخراطهم من الجمعية وإيقاف نشاطهم بها، على حد تأكيده.
تنظّم تنسيقية الهياكل القضائية ندوة صحفية حول إعفاء القضاة : الأسباب والتداعيات يوم الخميس 09 جوان 2022 بداية من...
Posted by Association des Magistrats Tunisiens on Wednesday, June 8, 2022
وتعيش تونس منذ الاثنين 6 جوان/يونيو 2022 على وقع إضراب عام طيلة أسبوع في كل محاكم البلاد، إذ صوّت المجلس الوطني الطارئ لجمعية القضاة التونسيين، المنعقد السبت 4 جوان/يونيو 2022، بالموافقة بالإجماع على "مبدأ الدخول في إضراب عن العمل بجميع المحاكم والمؤسسات القضائية دون استثناءات لمدة أسبوع قابل للتجديد". كما أقر المجلس الدخول في اعتصام مفتوح بجميع مقرات الهياكل القضائية".
يشار إلى أن مجلسًا وطنيًا طارئًا للقضاة تم عقده، السبت 4 جوان/يونيو 2022، لبحث موقف وتحركات القضاة التونسيين بعد عزل الرئيس التونسي قيس سعيّد 57 قاضيًا، دون وجود حكم قضائي بات في حقهم أو استكمال مسار تأديبي. وشهد اجتماع المجلس الوطني الطارئ لجمعية القضاة مشاركة واسعة وحضورًا مكثفًا من القضاة، الذين تجاوز عددهم الألف قاض، وفق شهود عيان.
وقد تم استثناء الأذون بالدفن وقضايا الإرهاب شديدة التأكد من هذا الإضراب، وفق لائحة الإضراب التي صدرت لاحقًا. ودعا القضاة إلى عدم الترشح للمناصب القضائية لتعويض زملائهم المعزولين وعدم الترشح للمناصب في الهيئات الفرعية التابعة لهيئة الانتخابات.
مع العلم أن قرار الإضراب شاركت في اتخاذه كل الهياكل النقابية القضائية من نقابة وجمعية وقضاة شبان وقضاة إداريين وهو ما اعتبر إجماعًا لافتًا.