07-فبراير-2022

رئيس جمعية القضاة الشبان: كل خرق داخلي لا نقدر على ردّه بالإمكان تقديم تقارير وشكايات للأمم المتحدة بشأنه

 

تشهد البلاد التونسية أزمة سياسية منذ 25 جويلية/يوليو 2021، حين بدأ الرئيس التونسي قيس سعيّد باتخاذ إجراءات استثنائية، على غرار تعليق أعمال مجلس نواب الشعب، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية.

ولم يتوقّف سعيّد على مدى الأشهر الماضية عن انتقاداته المتواصلة للسلك القضائي، إلى أن أعلن فجر الأحد 6 فيفري/شباط 2022، من مقرّ وزارة الداخليّة، أن "المجلس الأعلى للقضاء بات في عداد الماضي"، وأنه "يعتزم إصدار مرسوم مؤقت بشأن تسييره".

أحدثت هذه الخطوة ضجّة على الساحة السياسية وأثارت جدلًا بين مؤيّد ورافض وخلقت مخاوف بشأن استقلال القضاء. وقد تسارعت الأحداث والتطوّرات بعد إعلان رئيس المجلس الأعلى للقضاء يوسف بوزاخر عن إغلاق مقر المجلس ومنع الموظفين والعملة من الدخول من قبل قوات الأمن صبيحة الاثنين 7 فيفري/شباط 2022، وإفادته بأنّ وزارة الداخلية أعلمته بـ"وجود مخطط لاستهدافه".


اقرأ/ي أيضًا: ماذا بعد توجه رئيس تونس لحل المجلس الأعلى للقضاء؟

للحديث عن دلالات هذا القرار وتداعياته، كان لـ"الترا تونس" لقاء مع رئيس الجمعيّة التونسية للقضاة الشبان مراد المسعودي، تجدون تفاصيله في هذا الحوار:

  • ماهو موقفكم من إعلان رئيس الجمهورية حلّ المجلس الأعلى للقضاء؟

لا يملك قيس سعيّد أي سند قانوني لحل المجلس الأعلى للقضاء، وهو قرار غير شرعي. وإغلاق المجلس الأعلى للقضاء يعتبر بمثابة إغلاقٍ للمحاكم. ما قام به الرئيس هو استيلاء بالقوة على المجلس بنفس الشاكلة التي أقدم عليها مع مجلس نواب الشعب باستناده للفصل 80 من الدستور التونسي الذي أساء تطبيقه.

رئيس جمعية القضاة الشبان: لا يملك سعيّد أي سند قانوني لحل المجلس الأعلى للقضاء، وهو قرار غير شرعي.. وإغلاق المجلس الأعلى للقضاء يعتبر بمثابة إغلاق المحاكم

ولا تكون الإصلاحات إلا بالتشاور والنقاش مع المنظومة القضائيّة. لقد أمضينا ثلاث سنوات للنقاش حول قانون المجلس الأعلى للقضاء صلب مجلس نواب الشعب ودافعت عليه أحزاب ومنظمات وطنية، وهذا لم يرضِ الرئيس ويريد فرض مجلس حسب تصوّره في مدة شهر وكلّف وزيرة العدل بإصدار مرسوم بتنظيم الوضع. هل يعقل هذا؟ إن ما يحصل لا يمكن تسميته إلا حكم الفرد الذي يقرر عوض الجميع.

  • لكنّ الرئيس يقول إن "الشعب يريد" ذلك. ما رأيكم؟

أين هو الشعب الذي يتحدّث عنه الرئيس؟ نحن لا نراه.. وإذا أراد رأي الشعب يجب أن يستفتيه، وحتى الاستفتاء الإلكتروني الذي قام بيه فاشلٌ وفيه العديد من العيوب، وكل الأسئلة المتعلّقة بالقضاء التي وردت في الاستشارة الإلكترونية موجّهة.

  • اتّهم سعيّد عددًا من القضاة بالفساد والثراء غير المشروع والتورط مع سياسيين في التعتيم على قضايا، ماهو ردّكم على هذه الاتّهامات؟ 

إن الرئيس مؤمن بفكرة فساد المجلس الأعلى للقضاء دون ملفّات تؤيّد كلامه. ونحن كقضاة لا نؤمن إلا بالأدلّة الماديّة والقرائن. هو يريد فقط تأليب الشعب على المجلس الأعلى للقضاء باتهامه بالفساد وبيع المناصب.. من أين له ذلك؟ هل دخل المجلس ليعاين الملفّات؟ إن كان يملك أيّ إثبات فليقدّمه.

رئيس جمعية القضاة الشبان: سنقدم شكاية للأمم المتحدة ضد سعيّد لأنها ظلت السبيل الوحيد للتشكي في ظلّ غياب برلمان نقدّم له الشكوى وحكومة نتخاطب معها ورئيس يقبل النقاش.. لا حل آخر لدينا

  • قلتم إنكم ستتظلمون لدى الأمم المتّحدة؟ ألا يعتبر هذا استقواءً بالخارج؟

هذه الشكاية ليست بمثابة الاستقواء بالأجنبي، فنحن مصادقون على اتفاقيات مع منظمة الأمم المتحدة وكل خرق داخلي لا نقدر على ردّه بالإمكان تقديم تقارير وشكايات للمقرر الخاص الذي يسائل بدوره الحكومة التونسية ويستجوبها عن سبب قيامها بهذه الخروقات، ونحن في المقابل مطالبون بإقامة الدليل ولقد أعددنا كلّ التسجيلات التي اتهم فيها سعيّد القضاء، وحدّه لحريّة تنقل القضاة وغيرها من الأدلّة. هذا السبيل الوحيد للتشكي في ظلّ غياب برلمان نقدّم له الشكوى وحكومة نتخاطب معها ورئيس يقبل النقاش. لا حل آخر لدينا.



  • ماهي خطواتكم القادمة؟ وهل هناك نيّة لإغلاق المحاكم؟

رئيس جمعية القضاة الشبان: سنقدم جملة من المقترحات التصعيدية لبقية الهياكل القضائية على غرار الاستقالات الجماعية أو الإضراب المفتوح أو حتى غلق المحاكم لأنها مرتبطة بشكل مباشر بالمجلس الأعلى للقضاء.. ردّنا على سعيّد سيكون قويًا

نحن بصدد تنظيم جلسة عامة استثنائية الثلاثاء 8 فيفري/شباط 2022. وسيقدّم المكتب التنفيذي لجمعيّة القضاة الشبان جملة من المقترحات التي سيعرضها أمام بقيّة الهياكل القضائية ليقع التصويت عليها. ومن بين هذه المقترحات، الاستقالات الجماعية أو الإضراب المفتوح أو حتى غلق المحاكم لأنها مرتبطة بشكل مباشر بالمجلس الأعلى للقضاء. لقد نسّقنا مع بقيّة الهياكل ومواقفها متقاربة. كلّ شيء جائز وسيكون الردّ قويًّا.

  • ماهي الحلول المطروحة اليوم لإصلاح المنظومة القضائيّة؟

في الواقع، لا توجد أيّ رغبة للإصلاح من قبل السلطة التنفيذية، هناك فقط رغبة في التنكيل. من يريد الإصلاح يطرح الحلول ويتواصل مع الطرف الآخر للنقاش معه، أمّا الرئيس فلا يقدّم إلا حلولًا فوقيّة ومراسيمًا من ابتكار خياله ورغباته الشخصيّة. وهذا ليس وقت الإصلاح لأن الإصلاح مرتبط بمنظومة كاملة تتضمّن المحامين والخبراء وعدول الإشهاد والتنفيذ، وقد يتطلّب الأمر 20 سنة أخرى لإصلاح المنظومة القضائية.

اقرأ/ي أيضًا: القضاء التونسي: مخاوف من محاولات توظيفه وتطويعه وسط رفض سياسي وحقوقي واسع

  • حمّل رئيس الجمهوريّة المجلس الأعلى للقضاء مسؤوليّة عدم الكشف عن مرتكبي الاغتيالات السياسيّة في تونس، ماهو ردّكم على ذلك؟

رئيس جمعية القضاة الشبان: موقف عميد المحامين يتذبذب حسب المصالح، فبعد أن وُعد بمكان في المجلس الأعلى للقضاء الجديد انقلبت مواقفه. أما نحن فإننا نمثل سلطة لا تعنيها المصالح ومصلحة المواطنين فوق كل شيء

المجلس الأعلى للقضاء لا يحكم في القضايا مثما قال رئيس الجمهورية الذي حمّله مسؤولية عدم الكشف عن المتورطين في اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي. هو فقط هيكل يشرف على القضاة وعلى مسارهم المهني ويقوم باقتراحات لإصلاحات على المنظومة القانونية ويصدر أحكامًا تأديبية.

  • كيف تقرؤون موقف عميد المحامين إبراهيم بودربالة الذي ساند قرار الرئيس؟

موقف عميد المحامين يتذبذب حسب المصالح، فبعد أن وُعد بمكان في المجلس الأعلى للقضاء الجديد انقلبت مواقفه. أما نحن فإننا نمثل سلطة لا تعنيها المصالح ومصلحة المواطنين فوق كل شيء.


 

اقرأ/ي أيضًا:

إلغاء امتيازات أعضاء المجلس الأعلى للقضاء في تونس.. هل هي مقدمة لحله؟

حوار| يوسف بوزاخر: المجلس الأعلى للقضاء متمسك بصلاحياته أمام السلطة التنفيذية