03-يونيو-2022
قصر العدالة تونس

حملت السلطة التنفيذية المسؤولية الكاملة للسلامة الجسدية والمعنوية والمادية للقضاة (Getty)

الترا تونس - فريق التحرير

 

اعتبرت جمعية القاضيات التونسيات، الخميس 2 جوان/يونيو 2022، أن الأمر الرئاسي المتعلق بعزل 57 قاضيًا يعدّ "انحرافًا خطيرًا بالسلطة الهدف منه فرض إرادة السلطة التنفيذية على القضاة باعتبارهم الخط الأخير للدفاع عن الحقوق والحريات، وترهيب بقية القضاة بهدف تطويعهم"، وفق تقديرها.

جمعية القاضيات التونسيات تدعو سعيّد إلى "التراجع فورًا عن الأمر الرئاسي المتعلق بعزل قضاة واعتباره باطلًا لمخالفته الدستور"

وأكدت، في بيان لها، أن الأمر الرئاسي المذكور "ضرب عرض الحائط بأهم المبادئ الواردة بالدستور على غرار المحاكمة العادلة والمساواة أمام القانون وخالف كل المعايير والالتزامات الدولية التي ما انفكت الدولة التونسية تشدد على التزامها بها وتذكر بما جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي ينص خصوصًا على مبادئ المساواة أمام القانون وافتراض البراءة والحق في محاكمة عادلة وعلنية أمام محكمة مختصة مستقلة ونزيهة، وبما أقرته المبادئ الدولية لاستقلال القضاة والمحامين من ضرورة أن ينظر في التهمة الموجهة ضد قاضٍ بصفته القضائية والمهنية وذلك على نحو مستعجل وعادل وبموجب إجراءات ملائمة وللقاضي الحق في الحصول على محاكمة عادلة وألّا يكون القضاة عرضة للإيقاف أو لممارسات من شأنها أن تجعلهم غير لائقين لأداء مهامهم وبعد استيفاء جميع الإجراءات التأديبية وإجراءات الإيقاف أو العزل طبقًا للمعايير المعمول بها للسلوك القضائي، ويجب أن تكون القرارات الصادرة بشأن تلك الإجراءات قابلة لإعادة النظر من جهة مستقلة.

وفي هذا الصدد، دعت جمعية القاضيات السلطة التنفيذية ممثلة في الرئيس التونسي قيس سعيّد ورئيسة الوزراء نجلاء بودن والمكلفة بتسيير وزارة العدل إلى "التراجع فورًا عن الأمر المذكور واعتباره باطلًا لمخالفته الدستور وخاصة لشرطي  التناسب والضرورة ولجميع المبادئ والمعايير الدولية وتمكين من وردت أسماؤهم بالقائمة من جميع الضمانات للدفاع والمحاكمة العادلة في إطار تأديبي أو قضائي وإطلاق نهج إصلاحي متناسب وملائم في التعاطي مع السلطة القضائية وإصلاحها".

وحملت السلطة التنفيذية المسؤولية الكاملة للسلامة الجسدية والمعنوية والمادية للقضاة الواردة أسماؤهم بالأمر الرئاسي، معبرة عن مساندة القضاة المعنيين في مسار تقاضيهم وتظلمهم من الإجراء المذكور بجميع السبل والوسائل القانونية المتاحة.

جمعية القاضيات التونسيات تندد بـ"تعاطي السلطة التنفيذية مع القضاء وانتهاجها سياسة الأمر الواقع" وتدعو كل القضاة إلى "الوقوف صدًا منيعًا ضد هذا التجاوز الخطير للانحراف بالسلطة"

كما نددت بـ"تعاطي السلطة التنفيذية مع السلطة القضائية وانتهاجها سياسة الأمر الواقع"، داعية جميع القاضيات والقضاة التونسيين بمختلف رتبهم واختصاصاتهم إلى الوقوف صدًا منيعًا ضد هذا التجاوز الخطير للانحراف بالسلطة ومساندة زملائهم من تفترض فيهم البراءة إلى حين البت تأديبيًا في ملفاتهم طبقًا للإجراءات القانونية ومن طرف هيئات مختصة.

وشددت على أن "استقلال السلطة القضائية خط أحمر لا مجال للتعدي عليه سواء كان ذلك في ظرف عادي أو استثنائي باعتبار أن سلامة النظام القضائي واستقلاليته شرط أساسي لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية وبناء دولة القانون والمؤسسات وأن كل اعتداء عليها أو مساس بها هو ضرب لمقومات الدولة وتقويض لها"، حسب رأيها. 

كما أهابت بباقي مكونات السلطة القضائية المؤمنة باستقلالها وبالمنظمات الوطنية وبالهيئات المستقلة وبمكونات المجتمع المدني بالوقوف جنبًا إلى جنب دفاعًا عن مبادئ الديمقراطية وعمادها استقلال السلطة القضائية، وفق ما جاء في نص البيان.

صورة

 

صورة

 

وكان قد صدر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية (الجريدة الرسمية) أمر رئاسي عدد 516 لسنة 2022 مؤرخ في 1 جوان/يونيو 2022 يتعلق بعزل 57 قاضيًا في تونس. وكان الرئيس التونسي قيس سعيّد قد أصدر أيضًا، في ذات العدد من الرائد الرسمي، مرسومًا يسمح له بـ"إصدار أمر يقضي بإعفاء كل قاض تعلّق به ما يمس من سمعة القضاء أو استقلاليته"، وفقه.

وتضم قائمة القضاة المعزولين عديد الأسماء المعروفة، من بينها رئيس المجلس الأعلى للقضاء الذي قام سعيّد بحله يوسف بوزاخر ورئيس جمعية القضاة الشبان مراد المسعودي وعدة قضاة عارضوا توجهات الرئيس التونسي في الشأن القضائي مؤخرًا.

وكان سعيّد قد قال، في مقطع فيديو نشرته الرئاسة التونسية لاجتماع مجلس الوزراء بإشرافه، مساء الأربعاء 1 جوان/ يونيو 2022، إنه سيصدر قرارات وصفها بـ"التاريخية" ضد شخصيات (لم يسمّها) قال إنها ستصدر في أمر رئاسي وذكر أنها قامت بجملة من الجرائم وعددها، وذلك دون أن يقدم بشأنها أي أدلة. وقد قوبل هذا القرار برفض واسع واستنكار من الطبقة الحقوقية والقضائية في تونس.