06-يونيو-2022
أنس الحمادي جمعية القضاة التونسيين

أنس الحمادي: التعدّي الذي حصل على السلطة القضائية فاق كلّ التوقعات (الشاذلي بن إبراهيم/ NurPhoto-

الترا تونس - فريق التحرير

 

أطلق رئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمادي، الاثنين 6 جوان/يونيو 2022، صيحة فزع عمّا يشهده القضاء التونسي اليوم، مصرحًا بأن "التعدّي الذي حصل على السلطة القضائية فاق كلّ التوقعات"، حسب رأيه.

وأضاف، في مداخلة له على إذاعة "موزاييك أف أم"، قائلًا: "صبرنا كثيرًا على انتهاك أعراضنا والتشهير بنا وبأسمائنا في صفحات موالية للرئيس التونسي قيس سعيّد على مواقع التواصل الاجتماعي، وصبرنا على خطابات الرئيس الذي لا يترك أيّ مناسبة دون أن يذكر القضاء ويطلب من القضاة تحقيق نتائج طبق رغبته وإرادته، وتوجه إلى قضاة عدليين وإداريين وماليين وإلى رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي ورئيس محكمة المحاسبات والنيابة العمومية…"، وفقه.

رئيس جمعية القضاة التونسيين: صبرنا كثيرًا على انتهاك أعراضنا والتشهير بنا في خطابات الرئيس وفي صفحات موالية له على مواقع التواصل الاجتماعي

وتابع الحمادي: "في كل مرة نتحلى بالصبر وواجب التحفظ كان دائمًا يحكمنا، لكن الرئيس ما انفك يستقوي على السلطة القضائية بآلة وزارة الداخلية، وخير مثال على ذلك إعلان حل المجلس الأعلى للقضاء بين 6 و7 فيفري/شباط 2022 ليلًا من مقر وزارة الداخلية، ثم إغلاق مقر المجلس الأعلى للقضاء بواسطة الأجهزة الأمنية".

وأردف رئيس جمعية القضاة التونسيين، في ذات السياق: "بعد أن داس الرئيس على المجلس الأعلى للقضاء الشرعي، داس أيضًا على المجلس الذي عيّنه ولم يرضَ بالاحتكام إليه في المسائل التأديبية المتعلقة بالقضاة وقام بـ'ذبح' 57 قاضيًا ومن خلالهم هم ذبح القضاء التونسي"، حسب تعبيره.

وعقّب قائلًا: "الرئيس صدّر بعض أسماء القضاة في قائمة القضاة الذين عزلهم، ليس ليقاوم الفساد الذي قاموا به، وإنما ليشوّه بها البقية"، متسائلًا: "ما ذنب الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بتونس بوبكر الجريدي الذي تم عزله وإهانته لا لشيء إلا لأنه قال "لا" لخرق القانون"، وفقه.

الحمادي: سعيّد صدّر بعض أسماء القضاة المتعلقة بهم شبهات فساد في قائمة القضاة الذين عزلهم، ليس ليقاوم الفساد الذي قاموا به، وإنما ليشوّه بها البقية

وتابع رئيس جمعية القضاة التونسيين: "من القضاة المعزولين من أعطوا شهادات بالدمع وقالوا نحن رفضنا لعب دور قذر في تصفية خصوم سياسيين فوجدوا أنفسهم معفيين. قضاة ليست لهم أي علاقة بالفساد فقط قاموا بإرضاء ضميرهم وطبقوا القانون".

كما تطرق الحمادي إلى الحديث عن قاضية قال إنه يتم "ذبحها وسحلها" في صفحات موالية للرئيس التونسي بمواقع التواصل الاجتماعي وذلك إثر اتهام الرئيس لها في كلمة له بمجلس وزاري بأنها "زانية". وعبّر رئيس جمعية القضاة، في هذا الصدد، عن خشيته عليها وعلى حياتها". 

كما تحدث عن قاضي تحقيق قال إنه "من أفضل القضاة في قطب الإرهاب في تونس"، قال إنه تم عزله لأنه "تعهد بملف الصفحات التي تدعي الموالاة للرئيس وبدأ في كشفها والوصول إلى أشخاص نافذة"، وفق تصريحه.

الحمادي: هناك وثائق إدارية في ملفات قضائية تُوزّع على أشخاص غير موجودين في تونس، وأجهزة رسمية هي التي تقود هذه العملية

 

كما أشار الحمادي إلى أن "هناك قاضيًا نُسب إليه أنه أمين مال جمعية قرآنية وأنها أسند إليها أرضًا، وتبين بالوثائق أن لا علاقة له لذلك وأن هناك تشابهًا في الأسماء وأن أرقام بطاقتيْ التعريف الوطنيتين للقاضي والشخص الآخر مختلفتين، لكن مع ذلك تم إخباره بأن الملف أغلق وأنه وقع إعفاؤه"، حسب روايته.

وتحدث رئيس جمعية القضاة التونسيين عن أن هناك عمليات تنصت تحدث خارج الآليات القانونية ضد عدد كبير من القضاة ودون أذون قضائية، مشيرًا إلى أنه "من خلال التنصت تم بعث وشايات وتقارير أمنية في قضاة ليتم فيما بعد إعفاؤهم ظلمًا وبهتانًا"، وفقه.

وأردف: "هناك أشخاص ذكروا بأسمائهم، وهناك وثائق إدارية في ملفات قضائية تُوزّع على أشخاص غير موجودين في تونس، وأجهزة رسمية هي التي تقود هذه العملية"، على حد قوله.

الحمادي: قاضي تحقيق من أفضل ما لدينا في قطب الإرهاب تم عزله لأنه تعهد بملف الصفحات الموالية للرئيس وبدأ في كشفها والوصول إلى أشخاص نافذة

وكان قد صدر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية (الجريدة الرسمية) أمر رئاسي عدد 516 لسنة 2022 مؤرخ في 1 جوان/يونيو 2022 يتعلق بعزل 57 قاضيًا في تونس. وكان الرئيس التونسي قيس سعيّد قد أصدر أيضًا، في ذات العدد من الرائد الرسمي، مرسومًا يسمح له بـ"إصدار أمر يقضي بإعفاء كل قاض تعلّق به ما يمس من سمعة القضاء أو استقلاليته"، وفقه.

وتضم قائمة القضاة المعزولين عديد الأسماء المعروفة، من بينها رئيس المجلس الأعلى للقضاء الذي قام سعيّد بحله يوسف بوزاخر ورئيس جمعية القضاة الشبان مراد المسعودي وعدة قضاة عارضوا توجهات الرئيس التونسي في الشأن القضائي مؤخرًا.

وكان سعيّد قد قال، في مقطع فيديو نشرته الرئاسة التونسية لاجتماع مجلس الوزراء بإشرافه، مساء الأربعاء 1 جوان/ يونيو 2022، إنه سيصدر قرارات وصفها بـ"التاريخية" ضد شخصيات (لم يسمّها) قال إنها ستصدر في أمر رئاسي وذكر أنها قامت بجملة من الجرائم وعددها، وذلك دون أن يقدم بشأنها أي أدلة. وقد قوبل هذا القرار برفض واسع واستنكار من الطبقة الحقوقية والقضائية في تونس.

وتعيش تونس انطلاقًا من الاثنين 6 جوان/يونيو 2022 على وقع إضراب عام طيلة أسبوع في كل محاكم البلاد، إذ صوّت المجلس الوطني الطارئ لجمعية القضاة التونسيين، المنعقد السبت 4 جوان/يونيو 2022، بالموافقة بالإجماع على "مبدأ الدخول في إضراب عن العمل بجميع المحاكم والمؤسسات القضائية دون استثناءات لمدة أسبوع قابل للتجديد". كما أقر المجلس الدخول في اعتصام مفتوح بجميع مقرات الهياكل القضائية".