الترا تونس - فريق التحرير
شهدت مدينة جرجيس، ليلة الأربعاء 27 أكتوبر/تشرين الأول 2022، احتقانًا في صفوف المتساكنين أمام منطقة الحرس الوطني، وذلك على خلفية صدور نتائج تحليل جيني أجريت على جثث تم إخراجها من مقبرة "الغرباء" ولم تتطابق مع عائلات المفقودين منذ أكثر من شهر إثر غرق أحد مراكب الهجرة غير النظامية، وفق ما أكده عدد من المحتجين في مقاطع فيديو تم تناقلها على منصات التواصل الاجتماعي.
عمد المحتجون إلى إشعال العجلات المطاطية وغلق الطرقات في حركة تصعيدية على خلفية صدور نتائج تحليل جيني أجريت على جثث تم إخراجها من مقبرة "الغرباء" ولم تتطابق مع عائلات المفقودين
وعمد المحتجون إلى إشعال العجلات المطاطية وغلق الطرقات في حركة تصعيدية، كما قاموا بفسخ لافتة مرورية وكتابة عبارة "مدينة الغرباء" عليها نسبة إلى التسمية الملقاة على "مقبرة الغرباء"، تعبيرًا عن غضبهم تجاه السلطات التي تعتبرهم غرباء وفق تصورهم.
وتداول نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي صورًا وفيديوهات توثق حالة الاحتقان التي شهدتها جرجيس ليلًا، وتظهر الطرقات المغلقة بعجلات مطاطية مشتعلة وحواجز حديدية.
وتأتي هذه الاحتجاجات بعد سويعات قليلة من احتقان جدّ بمقر البلدية بجرجيس، الأربعاء، إثر تجمع عدد من عائلات المفقودين للمطالبة بكشف الحقيقة في علاقة بعمليات دفن جثث المهاجرين التي تم العثور عليها خلال الفترة الماضية، وبمحاسبة كل المتورطين في ذلك.
تأتي هذه الاحتجاجات بعد سويعات قليلة من احتقان جدّ بمقر البلدية بجرجيس إثر تجمع عدد من عائلات المفقودين للمطالبة بكشف الحقيقة في علاقة بعمليات دفن جثث المهاجرين
وحمّل المحتجون البلدية مسؤولية ذلك باعتبارها هي المشرفة على عمليات الدفن، وصرح أحد المحتجين حسب ما ظهر في مقاطع فيديو عن التحرك الاحتجاجي: "المسؤول الأول على عمليات الدفن هي البلدية والمفروض أنها لا تقوم بالدفن إلا بعد استنفاد الإجراءات القانونية، إلا أنها لم تقم بأي إجراء قانوني"، وفق ما جاء على لسانه.
ووجه المحتجون أصابع اللوم للرئيس التونسي قيس سعيّد الذي اعتبروا أنه لم يولِ قضية أبنائهم المفقودين الاهتمام اللازم وعدم إدلائه حتى بخطاب بشأنهم، مطالبينه بإقالة الوالي والمعتمد ورئيس البلدية.
وفي تعليقها على ذلك، أكدت بلدية جرجيس، في بلاغ أصدره مكتب إعلامها مساء الأربعاء، أن "لا علاقة لها قولًا وفعلًا بإخفاء أي معلومة كانت من شأنها أن تعيق مسار التحقيق وتضع ما لديها على ذمة فريق الدفاع"، مشيرة إلى أن رئيس البلدية قد قدم إفادته لقاضي التحقيق، وفقها.
بلدية جرجيس: لا علاقة لنا قولًا وفعلًا بإخفاء أي معلومة كانت من شأنها أن تعيق مسار التحقيق والاحتقان الحاصل بمقر البلدية دليل على توجيه الرأي العام إلى مسار مغلوط
وأضافت أنها "تنأى البلدية بنفسها عن الخوض في تفاصيل معارك جانبية أو شخصية أو سياسية قصد تشتيت جهود أسر المفقودين وهيئة الدفاع للوصول إلى الحقيقة"، معتبرة أن ما حصل في البلدية -في إشارة إلى حالة الاحتقان- هو "دليل على توجيه الرأي العام إلى مسار مغلوط"، حسب توصيفها.
ودعت البلدية المواطنين إلى "وضع اليد في اليد وتوحيد جهود الجميع دون تعطيل للمصالح الحيوية في المرفق العام وذلك تحقيقًا للهدف المشترك وهو معرفة الحقيقة في هذه الفاجعة الأليمة وتحميل كل المتدخلين مسؤولياتهم"، وفق نص البلاغ.
جدير بالذكر أن قاضي التحقيق الأول بالمحكمة الابتدائية بمدنين المتعهد بالبحث في ظروف وملابسات غرق مركب الهجرة غير النظامية بسواحل جرجيس وفقدان 18 من أبناء المنطقة كان قد باشر، السبت 22 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، عملية فتح عدد من القبور التي مثلت محل شك عائلات المفقودين، وذلك لدى تحوله إلى مقبرة الغرباء بجرجيس لإخراج الجثث وأخذ العينات للتحليل الجيني من أجل مقارنتها مع عينات جينية لعائلات المفقودين، وفق ما أكده الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بمدنين مساعد وكيل الجمهورية عرفات المبسوط في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء (الوكالة الرسمية).
يشار إلى أن جرجيس تعيش هذه الأيام على وقع سلسلة من التحركات احتجاجية، إثر فقدان 18 من أبنائهم بعد غرق قارب للهجرة غير النظامية والتفطن لدفن جثامين عدد منهم في مقبرة "الغرباء" دون إجراء تحاليل جينية لها، لعلّ أبرزها كان الإضراب العام بمعتمدية جرجيس في 18 أكتوبر/تشرين الأول الجاري الذي كان قد دعا إليه الاتحاد المحلي للشغل بجرجيس، والذي تخللته مسيرة حاشدة للمتساكنين.
ومن بين المطالب التي تم رفعها في الإضراب "فتح بحث فوري في ملابسات انتشال الجثث وطريقة دفنها وتحميل المسؤولية لكل من تورط من قريب أو من بعيد في هذه العملية"، و"إجراء تحاليل جينية لكل الجثث التي لفظها البحر بسواحل جرجيس الشرقية وتم دفنها بعد وقوع الكارثة"، وفق ما جاء في برقية الإضراب.
وتعيش جرجيس منذ أكثر من شهر على وقع فاجعة انطلقت بانقطاع سبل التواصل منذ 21 سبتمبر/أيلول الماضي مع مهاجرين كانوا قد غادروا سواحل جرجيس في إحدى رحلات الهجرة غير النظامية، وتم بعد أكثر من أسبوعين العثور على بعض الجثث بعد عمليات تمشيط بحرية وبرّية قام بها أهالي الجهة، الذين يشتكون عدم تعاون السلطات.