الترا تونس - فريق التحرير
أكد رئيس جمعية القضاة الشبان مراد المسعودي، الاثنين 27 جوان/ يونيو 2022، معلّقًا على بلاغ وزارة العدل الأخير، أنّه كان "هروبًا إلى الأمام دون سعي لإيجاد حل، وهي طريقة تهديد لإجهاض تحركات القضاة، فالوزارة تراهن على خوف بعض القضاة لكسر الإضراب، وفي هذا إقرار ضمني بأن تحرك القضاة ناجح ويتماشى مع إحصاءات تنسيقية الهياكل القضائية التي أقرّت بنجاحه بما لا يقل عن 96%" وفقه.
مراد المسعودي: سعيّد يملك سياسة ممنهجة للتخلي عن المجلس الأعلى المؤقت للقضاء وقد بلغنا أنّ الرئيس رفض لقاء أعضائه مؤخرًا
وأضاف المسعودي أيضًا لدى حضوره بإذاعة "الجوهرة أف أم" (محلية)، بأنّ البلاغ "يكرّس فكرة (القضاء الوظيفة) الذي تشرف عليه وزارة العدل بدل المجلس الأعلى للقضاء"، واعتبر أنّ اقتطاع الأجور يمثّل مسًا بالاستقلال المالي للسلطة القضائية.
وتابع المسعودي أنّ مطالب القضاة واضحة وهي "التراجع عن قائمة الإعفاء الظالمة التي لم تستند على أي معطى مادي أو قانوني، والتراجع أيضًا عن المرسوم الذي يعطي للرئيس التونسي حق إعفاء القضاة، وهو ما يخالف الدستور والمواثيق الدولية".
ولفت مراد المسعودي إلى وجود مدونين ونشطاء موالون لسعيّد هم من يحددون قائمات المعزولين على ضوء التقارير الأمنية، وقال: "هناك صفحات فيسبوك موالية لسعيّد تستبق قراراته وتعلنها قبل إصدارها رسميًا"، وفق وصفه.
وأوضح المسعودي أنّ "قيس سعيّد يملك سياسة ممنهجة ستجعله يتخلى عن المجلس الأعلى المؤقت للقضاء، والمؤشرات على ذلك عديدة، ففي عرف الرئيس وتصوّره، لا يجب أن يخضع القضاء لمجلس، بل أن يخضع لوزارة العدل، ولا أدل على ذلك من أنّ المجلس الذي عيّنه كان صوريًا وجرّده من أهم صلاحياته المتمثلة في تأديب القضاة، وهو لم يبد أي تفاعل أو بلاغ بخصوص ما يحصل، وبلغنا أنّ هذا المجلس قد طلب لقاء سعيّد فرفض" وفقه.
مراد المسعودي: المجلس الأعلى المؤقت للقضاء متواطئ ومتورط، ولم يبد أي تفاعل حول ما حصل في حق القضاة
وتابع في السياق نفسه: "عدم تفاعل المجلس الأعلى المؤقت للقضاء تأييد لقرار سعيّد، فهو متواطئ ومتورط، ونعتبر أعضاءه شركاء في أكبر جريمة طالت السلطة القضائية وهي الانقلاب على المجلس الأعلى للقضاء الشرعي"، موضحًا أنّ "حلّ سعيّد للمجلس الشرعي وتعيينه مجلسًا آخر بنفسه، أفقد القضاة حماستهم تجاه المجلس، فضلًا عن تعيينه لأطراف فقدت صفتها القضائية وهم المتقاعدون، وذلك تمهيدًا للتخلّي عنه".
وبخصوص الحركة القضائية أشار المسعودي إلى أنها جاهزة بعد أن تم اشتغالها في وزارة العدل بدلًا من المجلس الأعلى المؤقت للقضاء، وقال: "بدؤوا بالخطط القضائية الكبرى، وقاموا بخارطة قضائية لإحكام السيطرة على القطاع كما يرغب سعيّد".
مراد المسعودي: الحركة القضائية جاهزة وتم فيها وضع خارطة قضائية لإحكام السيطرة على القطاع كما يرغب سعيّد
وعن بعض الدوائر القضائية التي لم تضرب قال المسعودي: "عديد القضاة خضعوا للتهديد عبر مناشير كتابية ترسلها وزارة العدل بشكل يومي، وليس الكل شجعانًا، فهناك من يخاف على أجرته وعائلته، ونحن نحارب من أجل غاية تتجاوز قائمة العزل، نحارب آلية يريد سعيّد أن يسيطر بها على القضاء سيطرة تامة عن طريق التخويف أو تصفية بعض القضاة لأن قراراتهم القضائية تختلف عما يريده".
وشدّد رئيس جمعية القضاة الشبان على أنّه "إذا ذهبت وزيرة العدل في صرف مستحقات 6 أشهر عمل للقضاة المعزولين فيجب أن يتم تتبعها ومعاقبتها بتهمة إهدار المال العام، فإعفاء القضاة يخضع لشروط، وكل القضاة الآن هم مشروع عزل" وفق تصريحه.
وكانت تنسيقية الهياكل القضائية قد أصدرت الأحد 26 جوان/ يونيو 2022، بيانًا، جاء ردًا على البلاغ الصادر عن وزارة العدل "وما تضمنه من ترهيب وتهديد مباشر للقضاة على خلفية تعليقهم العمل بجميع المحاكم والمؤسسات القضائية والتمديد فيه للأسبوع الرابع على التوالي، رفضًا لقرار عزل 57 قاضيًا" وفق البيان.
ويشار إلى أنّ وزارة العدل قد أعلنت وفق بلاغ نشرته الأحد 26 جوان/ يونيو 2022، عن مواصلتها تنفيذ إجراءات الاقتطاع من الأجر، بالنسبة لمرتب شهر جويلية/ يوليو 2022، على خلفية تمديد القضاة لإضرابهم للأسبوع الرابع على التوالي احتجاجًا على عزل 57 قاضيًا.
ويذكر أنّ تنسيقية الهياكل القضائية، قد أعلنت السبت 25 جوان/يونيو 2022، أنها قررت التمديد في الإضراب عن العمل بكافة المحاكم العدلية والإدارية والمالية والمؤسسات القضائية للأسبوع الرابع على التوالي، بداية من يوم الاثنين 27 جوان/ يونيو 2022.
وذكرت، في بلاغ مشترك لها تحصل "الترا تونس" على نسخة منه، أن هذا القرار يأتي على خلفية عدم تفاعل رئاسة الجمهورية ووزارة العدل مع تحركات القضاة ومع الأزمة المستفحلة وعدم التراجع عن قرارات عزل 57 قاضيًا وإلغاء المرسوم عدد 35 المنقح لمرسوم المجلس الأعلى المؤقت للقضاء والذي يعطي لرئيس الجمهورية صلاحية إعفاء قضاة، وفق ما ورد في نص البلاغ.
وكان سعيّد قد عزل 57 قاضيًا في مستهل جوان/يونيو الجاري متهمًا إياهم بتهم خطيرة منها الفساد المالي والأخلاقي ودعم الإرهاب وغير ذلك من التهم، دون وجود أي قرارات قضائية باتة ضدهم.
وكانت جمعية القضاة التونسيين قد رفضت هذه القرارات واعتبرت أنها قد صدرت "بواعز سياسي"، وقدم عديد القضاة المعزولين شهاداتهم والتي تعرضت لرغبة الرئيس التونسي فرض سلطته على السلطة القضائية، وفقهم، وتعرضوا لامتناعهم عن توظيف القضاء ضد المعارضين لسياسة سعيّد في تونس وأن ذلك ساهم في عزلهم، وفق شهاداتهم.
وفي الأثناء، كان قد أعلن 3 قضاة، وهم حمادي الرحماني ورمزي بحرية ومحمد الطاهر الكنزاري، دخولهم في إضراب جوع احتجاجي، بداية من الأربعاء 22 جوان/ يونيو 2022، انطلاقًا من مقر جمعية القضاة التونسيين بقصر العدالة بتونس، تحت شعار "الجوع ولا قضاء الخضوع"، في آخر تصعيد من الهياكل القضائية لقرار عزل 57 قاضيًا بأمر رئاسي.
يشار إلى أن القضاة التونسيين يخوضون منذ الاثنين 6 جوان/يونيو 2022 إضرابًا عامًا في كل محاكم البلاد، إذ صوّت المجلس الوطني الطارئ لجمعية القضاة التونسيين، المنعقد في 4 جوان/يونيو 2022، بالموافقة بالإجماع على "مبدأ الدخول في إضراب عن العمل بجميع المحاكم والمؤسسات القضائية لمدة أسبوع قابل للتجديد". كما أقر المجلس الدخول في اعتصام مفتوح بجميع مقرات الهياكل القضائية".