09-فبراير-2024
 الفلاحة في تونس

منذ سنة 2015 تسجيل 74 حادثًا في قطاع النقل الفلاحي خلفت 870 جريحًا وجريحة و60 حالة وفاة (صورة أرشيفية/ فتحي بلعيد/ أ.ف.ب)

الترا تونس - فريق التحرير

 

ما فتئت حوادث المرور التي تتعرض لها العاملات في القطاع الفلاحي في تونس تمثل كابوسًا لهنّ، خاصة وأنّ أرقامها ما انفكت ترتفع حاصدة أرواحهنّ، على الرغم من وضع قانون واضح منذ سنة 2019 ينظّم عملية نقل العملة والعاملات في الفلاحة.

ما فتئت حوادث المرور التي تتعرض لها العاملات في القطاع الفلاحي في تونس تمثل كابوسًا لهنّ، خاصة وأنّ أرقامها ما انفكت ترتفع حاصدة أرواحهنّ، على الرغم من وضع قانون واضح منذ سنة 2019 ينظّم عملية النقل الفلاحي

ولطالما أطلقت منظمات المجتمع المدني التونسي صيحات فزع أمام تواصل ارتفاع عدد ضحايا حوادث المرور من العاملات الفلاحيات، وبقاء القوانين الموضوعة للحد منها مجرد حبر على ورق.

 

  • حادثان خطيران منذ بداية 2024

ورغم مضي سوى شهر وأسبوع من سنة 2024، فقد شهدت البلاد التونسية حادثين مروريين خطيرين، أحدهما كان مميتًا وأسفر عن وفاة عاملتين في القطاع الفلاحي.

الحادث الأول كان في 14 جانفي/يناير المنقضي بولاية بنزرت على مستوى الطريق الجهوية عدد 51 الرابطة بين بنزرت وسجنان، وقد خلّف إصابة 39 شخصًا بين عاملات وعملة بإصابات متفاوتة الخطورة، مشددًا على أنّ الحادث خلّف لـ4 عاملات كسرًا على مستوى الحوض مما استوجب الاحتفاظ بهن في المستشفى للعلاج وإجراء عملية جراحية. 

رغم مضي سوى شهر وأسبوع من سنة 2024، فقد شهدت البلاد التونسية حادثين مروريين خطيرين، أحدهما كان مميتًا وأسفر عن وفاة عاملتين في القطاع الفلاحي

أما الحادث الثاني فقد جدّ يوم 5 فيفري/شباط 2024، وتمثل في انقلاب شاحنة خفيفة كانت تقل عاملات في القطاع الفلاحي، على الطريق المعبدة وغير المرقمة في منطقة أولاد خلفة بمعتمدية جلمة بولاية سيدي بوزيد.

وقد أسفر الحادث عن وفاة عاملتين فلاحيتين وإصابة 29 شخصًا بإصابات متفاوتة الخطورة من بينهم طفلان يبلغان من العمر 5 و6 سنوات، وفق ما جاء في بيان أصوات نساء الصادر بتاريخ 5 فيفري/شباط الجاري.

 

 

  • منذ 2015.. 60 وفاة و870 إصابة في حوادث النقل الفلاحي

وفي آخر تحديث لبياناته في علاقة بحوادث النقل الفلاحي التي تم رصدها منذ سنة 2015، أفاد المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بأنّه سجل 74 حادثًا، خلفت 870 جريحًا وجريحة و60 حالة وفاة.

المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية: منذ سنة 2015 تسجيل 74 حادثًا في قطاع النقل الفلاحي خلفت 870 جريحًا وجريحة و60 حالة وفاة

وذكّر المنتدى بأنّ القانون عدد 51 المتعلق بإحداث صنف نقل للعملة والعاملات في القطاع الفلاحي مثّل نقطة مفصلية في مسار الاعتراف بالعمالة الفلاحية وإطارًا قانونيًا يضبط شروط وآليات تعاطي نشاط النقل الفلاحي سنّه البرلمان التونسي ودخل حيّز التنفيذ في جوان/يونيو 2019  تحت ضغط مجتمعي واسع إثر الفاجعة التي اودت بحياة 12 ضحية من بينهم أطفال وخلفت قرابة 20 جريحًا وجريحة في 27 أفريل/نيسان من نفس السنة، وظهرت ملامحه أكثر مع إصدار الأمر الترتيبي عدد 724 المتعلق بأساليب تطبيقه".

واستدرك المنتدى أنه "رغم تأكيده مرارًا على ضرورة مراجعة القانون واعتماد مقاربة تنموية اجتماعية تشاركية من أجل إيجاد بدائل آمنة للنقل تمكن العمالة الفلاحية من الذهاب إلى العمل والعودة في ظروف إنسانية ولائقة محمية ومؤمنة من كل المخاطر، إلا أنه تم تسجيل 38 حادثًا منذ سنة 2020، ذهبت ضحيتها 20 عاملة و358 جريحًا وجريحة. 

 

  • خارطة توزيع الحوادث بين الولايات

وعن توزيع حوادث المرور في النقل الفلاحي بين الولايات، قال منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية إنّ "نصف العدد الجملي للحوادث كانت في ولايتي سيدي بوزيد والقيروان، إذ تحتل ولاية سيدي بوزيد المرتبة الأولى بنسبة 30% تليها ولاية القيروان بنسبة 20%، ثم بنسبة أقل ولاية القصرين. 

منتدى الحقوق الاقتصادية: نصف العدد الجملي لحوادث النقل الفلاحي سُجّلت في ولايتي سيدي بوزيد والقيروان، إذ تحتل ولاية سيدي بوزيد المرتبة الأولى بنسبة 30% تليها ولاية القيروان بنسبة 20

أما بقية الحوادث فسُجّلت أغلبها في ولايات الشمال الغربي (الكاف، جندوبة، باجة وسليانة) والشمال الشرقي (بنزرت ومنوبة).

 

  • الإجراءات القانونية المنظمة للنقل الفلاحي.. حبر على ورق

ويشير منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية إلى أنّ الأمر الحكومي عدد 724 لسنة 2020 المتعلق بأساليب تطبيق القانون عدد 51 لسنة 2019 حدد شروط ممارسة نشاط نقل العملة والعاملات من قبل شخص طبيعي أو معنوي ونص على وجوب توفر ترخيص لتعاطي هذا النشاط يمنح من قبل السلط الجهوية بعد النظر فيها من قبل اللجان الاستشارية الجهوية المتكونة من ممثلي كل الوزارات المتدخلة وتحت إشراف الولاة. 

منتدى الحقوق الاقتصادية: "مسألة منح التراخيص أو حتى طلب الانتفاع بها لا تزال حبرًا على ورق، إمّا لعدم وضوح شروطها أو لعدم ملاءمتها مع الواقع أو أيضًا لعدم مقبوليتها لدى جموع الوسطاء والممارسين عشوائيًا

واستدرك المنتدى أنّ "مسألة منح التراخيص أو حتى طلب الانتفاع بها لا تزال حبرًا على ورق، إمّا لعدم وضوح شروطها أو لعدم ملاءمتها مع الواقع وديناميات العمالة الفلاحية أو أيضًا لعدم مقبوليتها لدى جموع الوسطاء والممارسين عشوائيًا وبشكل غير نظامي لهذا النشاط لتعارضها مع مصالحهم".

وفي هذا الصدد، نشرت المنظمة الحقوقية بعض المؤشرات التي تعكس الوضع في علاقة بسيرورة تنفيذ الإجراءات التي جاء بها القانون عدد 51 لسنة 2019: 

  • ولاية سيدي بوزيد: 0 ترخيص منذ إصدار القانون والسبب هو عدم تلقي الولاية أيّ مطلب في الغرض 
  • ولاية القيروان: 0 ترخيص منذ إصدار القانون والسبب هو عدم تلقي الولاية  لأي ملف مستوفى الوثائق ومستجيب للشروط القانونية 
  • ولاية بنزرت: 10 تراخيص من جملة 31 مطلبًا بعنوان سنة 2023 
  • تعريفة النقل العشوائي المحددة من قبل الوسطاء: 5 دينارات وأحيانًا أكثر دون اعتبار قرب المسافة أو بعهدها   
  • تعريفة النقل الفلاحي المحددة بالقانون والمضبوطة في المقرر الوزاري عدد 316 لسنة 2022: من 750 مليمًا إلى 850 مليمًا (إلى حدود 10 كلم) إلى 86 مليمًا للبقعة الكيلومترية الواحدة.  

 

تعريفة النقل العشوائي المحددة من قبل الوسطاء

تعريفة النقل الفلاحي المحددة بالقانون

5 دينارات وأحيانًا أكثر

من 750 مليمًا إلى 850 مليمًا (إلى حدود 10 كلم)

 

  • إحصائيات في علاقة بحقوق العاملات الفلاحيات

كما نشر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بعض الأرقام والمؤشرات الواردة في الدراسة الميدانية التي سبق أن أصدرها في أفريل/نيسان 2023 في علاقة بالوضعية الشغلية للنساء في القطاع الفلاحي والتي تفسر تعطل تطبيق القانون، وهي كالآتي:

  • 92% من العاملات في القطاع الفلاحي أجورهن لا تتجاوز الأجر الأدنى الفلاحي المضمون
  • 92% من العاملات لا يتمتعن بالتغطية الاجتماعية 
  • 10% من العاملات يتنقل بين المدن للعمل في الحقول حسب المواسم

منتدى الحقوق الاقتصادية: 92% من العاملات في القطاع الفلاحي أجورهن لا تتجاوز الأجر الأدنى الفلاحي المضمون ولا يتمتعن بالتغطية الاجتماعية و80% منهنّ يتنقلن بواسطة شاحنات

  • 80% من العاملات يتنقلن بواسطة الشاحنة
  • 67% من العاملات يعتبرن الدولة هي المسؤولة عن الحوادث 
  • 62% من العاملات لا توجد بينهن وبين مشغلهن أيّ علاقة (الوسيط هو المتحكم في العملية)

مؤشرات في علاقة بالوضعية الشغلية للنساء في القطاع الفلاحي

النسبة

عاملات أجورهن لا تتجاوز الأجر الأدنى الفلاحي المضمون

92%

عاملات لا يتمتعن بالتغطية الاجتماعية 

92%

عاملات يتنقل بين المدن للعمل في الحقول حسب المواسم

10%

عاملات يتنقلن بواسطة الشاحنة

80%

عاملات يعتبرن الدولة هي المسؤولة عن الحوادث

67%

عاملات لا توجد بينهن وبين مشغلهن أيّ علاقة (الوسيط هو المتحكم)

62%

 

كما أشارت المنظمة الحقوقية إلى أنها وجهت سؤالًا حول ما إذا كانت العاملة تعتبر القانون 51/2019 هو الحل الأنسب للحد من الحوادث، فكانت النتيجة التالية:

  •  59% من عينات البحث أجبن بـ"لا"، حيث يعتبرن أن المسألة تتجاوز القانون وأنهن مضطرات لعدم توفير بديل عن الشاحنات 
  • 33% أجبن بـ "لا أعلم" ويفسرن ذلك بعدم معرفتهن بالقانون وما يتطلبه من شروط وأحكام.
  • 8% أجبن بـ"نعم" 

إجابات العاملات حول ما إذا كنّ يعتبرن أنّ القانون 51/2019 هو الحل الأنسب للحد من الحوادث؟

الإجابة بـ"لا"

الإجابة بـ"نعم"

الإجابة بـ"لا أعلم"

59%

8%

33%

 

وخلص المنتدى في هذا الصدد إلى أنّه "لإصلاح واقع العاملات في القطاع الفلاحي لا بد من إصلاح القطاع وهيكلته وتفعيل هياكل الرقابة والاعتراف القانوني بالعمالة فيه وإرساء أسس ومنظومات تكفل كرامة وحقوق هذه الفئة الشغيلة وتوفر لها آليات الحماية والإدماج والتمكين".

 

 

  • "لا لشاحنات الموت"

وكان حراك "ثائرات" قد نفذ، يوم 7 فيفري/شباط 2024، وقفة احتجاجية بجبنيانة من ولاية صفاقس تضامنًا مع ضحايا حادث العاملات في القطاع الفلاحي بأولاد خليفة من معتمدية جلمة.

ورفعت المتظاهرات جملة من الشعارات التي تندد بسياسات التهميش والتفقير التي تمارسها السلطات ضد العاملات في القطاع الفلاحي، على غرار "لا لشاحنات الموت"، "ماناش مسلّمين في حقوقنا شادين"، "جوعتونا فقرتونا وللجبانة هزيتونا"، وغيرها من الشعارات.

 

 

وقالت جمعية أصوات نساء، في بيان نشرته عقب الحادث المميت بسيدي بوزيد الذي تسبب في وفاة عاملتين فلاحيتين وإصابة 29 آخرين، إنه رغم صدور القانون عدد 51 لسنة 2019 المتعلق بإحداث صنف جديد لنقل العملة الفلاحيين إلّا أن الحوادث لم تتوقف نظرًا لعدم تطبيق هذا القانون، وفقها.

جمعية أصوات نساء: نندد بصمت وتخاذل الدولة ووضعها لبرامج وقوانين فاشلة لا تتلاءم مع أوضاع العاملين والعاملات في القطاع الفلاحي علمًا وأنّ العاملات يمثّلن 80% من اليد العاملة في هذا المجال

وذكّرت الجمعية بأنّ "هذا الحادث هو الثاني الذي تم تسجيله منذ بداية السنة وسط صمت وتخاذل الدولة ووضعها لبرامج وقوانين فاشلة لا تتلاءم مع أوضاع العاملين والعاملات في القطاع الفلاحي علمًا وأنّ العاملات يمثّلن 80% من اليد العاملة في هذا المجال"، حسب تأكيدها.  

وفي هذا السياق، نددت جمعية أصوات نساء بوضعية العاملات بالقطاع الفلاحي، مجددة الدعوة لتفعيل القانون المذكور ووضع حلول فعالة لمشاكل المواطنين من أجل ضمان سلامتهم وكرامتهم الإنسانية.

كما جددت تضامنها المطلق واللّامشروط مع كافة العاملات في القطاع الفلاحي، مؤكدة أن تكرر هذه الحوادث يقيم الدليل مرة أخرى على خطورة مسالك نقل العملة والعاملات في البلاد في ظل صمت غير مبرر من كافة هياكل الدولة.

العفو الدولية تدعو السلطات التونسية إلى تطبيق القانون عدد 51 لسنة 2019 المتعلق بإحداث صنف نقل للعاملات والعملة بالقطاع الفلاحي الذي بقي حبرًا على ورق نتيجة لعدم إرساء الآليات اللازمة لتفعيله

من جهتها، حثت منظمة العفو الدولية السلطات التونسية على تطبيق القانون عدد 51 لسنة 2019 المتعلق بإحداث صنف نقل للعاملات والعملة بالقطاع الفلاحي الذي بقي حبرًا على ورق نتيجة لعدم إرساء الآليات اللازمة لتفعيله.

ودعت المنظمة، في بلاغ نشرته 5 فيفري/شباط 2024، إلى ضمان سلامة وكرامة العمال والعاملات بالقطاع الفلاحي المعرضين والمعرضات للخطر في ضل تهميش وصمت هياكل الدولة إزاء هؤلاء.