18-أبريل-2024
التحرش الجنسي أطفال تونس

استفحلت في تونس آفة الاستغلال الجنسي للأطفال بسبب نقص الثقافة الجنسية لديهم مقابل الاستعمال المفرط وغير المراقب للإنترنت (صورة توضيحية/ pexels)

 

"إذا حاول أحدهم لمسك من جسدك ماذا تقول له؟"، "في هذا العالم يعيش معنا أشرار قد يكونون من أقاربنا وقد يطلبون منّا أشياء غريبة، لا يجب أن نخفي الأمر على والديْنا"، "لا أحد يملك الحق للاطلاع على جسدي"...هذه العبارات استعملتها المربية التونسية أريج ضميد في محاولة منها لطرح موضوع التحرّش الجنسي مع تلاميذها ووثّقت ذلك في فيديو أثار إعجاب الكثير من روّاد التواصل الاجتماعي.

أريج ضميد (معلمة) لـ"الترا تونس": لم يكن من السهل عليّ طرح موضوع التحرش الجنسي على تلاميذي الذين تتراوح أعمارهم بين 8 و12 سنة لكنني  بدأت بتبسيط المفاهيم وإيصال تنبيهات للأطفال خاصّة بعد حادثة الاستغلال الجنسي عبر الإنترنت التي هزّت الشارع التونسي

ولم يكن من السهل على أريج كسر حاجز هذا الموضوع مع أطفال تتراوح أعمارهم ما بين 8 و12 سنة، وفق حديثها لـ"الترا تونس"، حيث استغلّت لحظة كتابة تلميذ على يد زميلته بالقلم ليكون منطلقًا لإيصال معنى قدسيّة الجسد وأهميّة حمايته.

"عمّ الهدوء في القسم ورأيت نظرات الريبة والاستغراب في عيون البعض، لكنّني بدأت بتبسيط المفاهيم وشرحها وإيصال تنبيهات للأطفال خاصّة بعد حادثة الابتزاز والاستغلال الجنسي عبر الإنترنت التي هزّت الشارع التونسي" هكذا تحدّثت ضميد عن الأسلوب الذي اعتمدته في تحسيس تلاميذها، مؤكّدة ضرورة خلق علاقة ثقة وأمان مع الأطفال ليستطيعوا تجاوز مشاعر الخوف التي تنتابهم.

 

 

  • أخصائية نفسيّة: انتبه لهذه العلامات عند طفلك فقد تدلّ على تعرّضه للاستغلال

وفي هذا الإطار، تشدّد الأخصّائيّة النفسيّة شيماء بن عليّة أهميّة الحديث عن البيدوفيليا والتحرّش وغيرها من التابوهات مع الأطفال قبل إعطائهم الهواتف الذكيّة، وذلك لاستباق أي حوادث أو مخاطر من الممكن أن تعترضهم مع ضرورة تنبيههم بالروابط الغريبة أو المواقع الإباحية التي تصلهم.

أخصائية نفسية لـ"الترا تونس":  من المهم الحديث عن البيدوفيليا والتحرّش وغيرها من التابوهات مع الأطفال قبل إعطائهم الهواتف الذكيّة، وذلك لاستباق أي حوادث أو مخاطر من الممكن أن تعترضهم

وتضيف محدّثتنا أنّه "من الضروري طمأنة الأطفال والتعبير عن مشاعر الحب والحماية لأنّ الكثير منهم يخاف العقاب فيتجنّب إخبار والديه"، وفقها.

وعن العلامات التي تظهر على الطفل الذي تعرّض للتحرّش، تؤكّد شيماء بن عليّة أنه "من المهمّ رصد أيّ تغيّر في الحالة النفسيّة كالانعزال والحزن وانقطاع التواصل وفرط الحركة، بالإضافة إلى التغيّرات التي تطرأ على النوم أو النظام الغذائي"، مضيفة أنّ "هذه الحالة تحتاج إلى حبّ لا مشروط كي يستطيع الطفل البوح بمشاعره وما تعرّض له"، وفق تصريحها لـ"الترا تونس".

وتقول الأخصائيّة النفسيّة إنّ واجب الإشعار محمول على كلّ مواطن، لذلك على الوليّ التواصل مع مندوب حماية الطفولة أو قاضي الأسرة والكشف على كلّ المعطيات التي يتحصّل عليها من طفله بالإضافة إلى تقديم الإثبات، وفقها.

أخصائية نفسية لـ"الترا تونس": أسباب التحرش ترجع لنقص الثقافة الجنسية عند الأطفال وخوف الأولياء من الخوض في هذه المواضيع رغم أنّ الطفل يحتاج لهذا التحسيس منذ أن يبلغ الثانية من عمره

وترجع محدّثتنا أسباب التحرش لنقص الثقافة الجنسية عند الأطفال وخوف الأولياء من الخوض في هذه المواضيع رغم أنّ الطفل يحتاج لهذا التحسيس منذ أن يبلغ الثانية من عمره.

وتختم بن عليّة حديثها قائلة: "اكتشفت الكثير من القذارة في مجتمعنا، خاصّة أنّي أسمع عن مثل هذه الحوادث يوميًّا من قبل من يرتادون مكتبي، والأخطر من ذلك أنّ هذه الحوادث تؤثّر على السلوك الجنسيّ للطفل عند الكبر"، حسب تصريحها. 

 

الوكالة الوطنية للسلامة السيبرنية: بإمكان الأولياء تقديم طلب لمزوّدي الإنترنت لتوفير فضاء افتراضي آمن 

ومن جهتها، توضّح المكلفة بالإعلام في الوكالة الوطنية للسلامة السيبرنية، أمال الوسلاتي، أنّه وقع تعزيز مهام الوكالة بعد تغيير تسميتها من الوكالة الوطنيّة للسلامة المعلوماتيّة إلى الوكالة الوطنيّة للسلامة السيبرنية وفق المرسوم عدد 17 لسنة 2023 الصادر في 11 مارس/آذار 2023 والذي دخل حيّز التنفيذ في 11 سبتمبر/أيلول 2023.

المكلفة بالإعلام في وكالة السلامة السيبرنية: لا بدّ من إرساء ثقافة الحوار داخل الأسرة من خلال تبسيط المفاهيم للطفل وتقديمها بطريقة سلسة وتوعيته بمخاطر الشبكة العنكبوتيّة على غرار التحيل والتحرش والاستدراج

وأوضحت في هذا الصدد أنّه بالإضافة إلى الخدمات المقدّمة للمؤسسّات الوطنيّة والمختصّين في مجال السلامة السّيبرنيّة والمسؤولين على سلامة النظم المعلوماتيّة، تقوم الوكالة بمهامّ توعوية لكلّ المواطنين ومستعملي شبكات الإنترنت في تونس وخاصّة للأسر التونسيّة وبالأساس إلى الأطفال والناشئة باعتبارهم الفئة الأكثر ارتباطًا واستعمالًا للشبكات المعلوماتية ولمواقع التواصل وأيضًا باعتبارهم الفئة الأكثر هشاشة والتي يجب الحرص على سلامة استعمالاتها وترشيد إبحارها.

 

 

وتشدّد محدّثتنا على ضرورة إرساء ثقافة الحوار داخل الأسرة من خلال تبسيط المفاهيم للطفل وتقديمها بطريقة سلسة وتوعيته بفوائد الشبكة العنكبوتيّة ومخاطرها والمشاكل التي يمكن أن تعترضه خلال عمليّة الإبحار على شبكة الإنترنت على غرار التحيل والتحرش والاستدراج، مضيفة أنّه بإمكان الأولياء تقديم طلب لمزوّدي الإنترنت لتوفير فضاء افتراضي آمن وآليّات مراقبة تحمي الطفل من كلّ عمليّة استغلال.

المكلفة بالإعلام بوكالة السلامة السيبرنية لـ"الترا تونس": بإمكان الأولياء تقديم طلب لمزوّدي الإنترنت لتوفير فضاء افتراضي آمن وآليّات مراقبة تحمي الطفل من كلّ عمليّة استغلال

ودعت، في هذا الصدد، الأولياء إلى تعزيز ثقة الأطفال في أنفسهم وأن يكون الوليّ هو المرجع الأساسي له عند تلقّيه أيّ رسالة أو صورة أو مضمون مزعج أو غير أخلاقي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكّدة ضرورة تنبيههم إلى عدم الإدلاء بالمعطيات الشخصيّة والمصرفيّة وأرقام الهواتف والعناوين وتاريخ التنقّلات، وعدم فتح الكاميرا إلا عند الضرورة وبعد الاستشارة، واستعمال قنوات بحث موجّهة للأطفال (YOUTUBE KIDS/GOOGLE KIDS) وتركيز آليّات مراقبة الإبحار وتحميلها على الهواتف والحواسيب رفعًا لدرجة السلامة، وفق حديثها لـ"الترا تونس". 

وتفيد الوسلاتي بأنّ الوكالة الوطنية للسلامة السيبرنية أصدرت عديد النشريات التي من شأنها تعزيز سلامة الإبحار للأبناء عبر الإنترنت من بينها الدليل التوعوي بعنوان "حماية الأطفال على الخط: التوصيات والممارسات المثلى" والذي يتضمّن عناصر عمليّة للتنبيه من المخاطر حسب الأهميّة (التحرّش، الابتزاز، التحيّل..) بالإضافة إلى طرق حماية الأطفال والمحرّكات التي لها فائدة تعليميّة وتكوينيّة وترفيهيّة، كما يتضمّن العديد من النصائح للأولياء والمربّين، وفقها.

 

وزارة المرأة على الخطّ

وفي إطار الحملة الاتصاليّة التي أطلقتها وزارة الأسرة للتّوقّي من المخاطر السيبرنية على الأطفال، وقع نشر عدد من المطويّات التوعويّة والإرشاديّة للأطفال وللأولياء حول عدد من المواضيع كالاستخدام الآمن للإنترنت وتجنّب تسجيل المعلومات الشّخصيّة في المسابقات عبر الإنترنت وحماية المعلومات الشخصيّة وعدم نشرها وحسن اختيار كلمات العبور ومخاطر تحدّث الأطفال مع الغرباء على الشبكة العنكبوتيّة.

 

 

كما أصدرت الوزارة دليلًا لحماية الأطفال من مخاطر الإنترنت تحت عنوان "رحلة آمن وآمنة لحماية الأطفال من مخاطر الإنترنت".

ويتكوّن الدليل، الذي أنجزه مركز الإعلاميّة الموجّهة للطفل، من ثماني محطات تتمثّل في "جواز سفر آمن وآمنة" و"ميثاق الإبحار الآمن على شبكة الإنترنت" و"التّأثير الإيجابي للإنترنت" و"التّأثير السّلبي للإنترنت" و"قواعد آمن وآمنة لحمايتكم من مخاطر الإنترنت" و"توصيات آمن وآمنة من أجل رحلة سيبرنيّة آمنة" و"نحو بيئة أسريّة رقميّة آمنة" بالإضافة إلى "أنموذج الأسرة الإيجابيّة".

 

 

يذكر أنّ صفحة على إحدى منصات التواصل الاجتماعي أثارت مؤخّرًا جدلًا واسعًا في تونس، بعد نشرها شهادة لأخت أحد الأطفال المتضرّرين من الاستغلال الجنسي عبر الإنترنت، وقامت بالكشف عن هويّة رجل يقوم باستدراج أطفال قصر لا تتجاوز أعمارهم 13 عامًا، وإجبارهم على تصوير أنفسهم في مقاطع فاضحة ثم ابتزازهم وتهديدهم لاحقاً.