26-يونيو-2023
احتجاج عنصرية

وحيد الفرشيشي: لا أعتقد أنه حدثت إيقافات بهذا الحجم لسياسيين في تونس منذ الستينات (فتحي بلعيد/ أ ف ب)

الترا تونس - فريق التحرير

 

صدر الاثنين 26 جوان/ يونيو 2023، تقرير حول وضعية الحقوق والحريات في تونس من جانفي/ يناير، إلى جوان/ يونيو 2023، بعنوان: "خطاب الكراهية والإيقافات التعسفية" وذلك عن الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية، والذي اعتبر أنّ الدستور الجديد الذي حرره وأصدره الرئيس التونسي قيس سعيّد والانتخابات التشريعية الأخيرة، "تاريخًا فاصلًا ينبئ ببداية عهد القمع ومواصلة تراجع مكتسبات الثورة".

تقرير وضعية الحقوق والحريات في تونس في الـ6 أشهر الأولى من 2023: نظام سعيّد مهّد للإيقافات التي طالت صفوف الناشطين في المجتمع المدني والمعارضين السياسيين والمحامين والصحفيين

وشدّد التقرير على أنّ "نظام قيس سعيّد مهّد للإيقافات التي طالت صفوف الناشطين والناشطات في المجتمع المدني والمعارضين السياسيين والمحامين والصحفيين"، مستعرضًا التوصيات الموجهة لتونس في مجال حقوق الإنسان، فيما يتعلق بالحقوق المدنية والسياسية التي تعد من أكثر الحقوق تضررًا، ولا سيما حرية التعبير والتظاهر وتكوين الجمعيات، وذلك بعد تطبيق المرسوم عدد 54 لسنة 2022 المتعلق بمكافحة الجرائم المتعلقة بنظم المعلومات والاتصالات. 

ويهدف هذا التقرير إلى توثيق التجاوزات والانتهاكات التي أثرت، خاصة، على حرية التعبير والتظاهر السلمي، والسلطة المحلية (المجالس البلدية المنتخبة) وحقوق الأقليات والمجموعات التي تتعرض للتمييز وبعض الحقوق الاقتصادية وخاصة الحق في الماء وفي الغذاء والدواء.

تقرير: المعارضون السياسيون والصحفيون الذين يعارضون صراحة سياسة سعيّد يمنعون من ممارسة هذه الحريات، إذ تم حظر المظاهرات المناهضة واعتقال الصحفيين

 

تقرير خطاب الكراهية والاعتقالات التعسفية

تقرير خطاب الكراهية والاعتقالات التعسفية

 

1/ انتهاكات حرية التعبير وحرية التظاهر السلمي

أشار التقرير إلى أنّ دستور 2022 يضمن كل من حرّية التّعبير وحرّية الاجتماع والتّظاهر السّلميّين، ومع ذلك، فإننا "نشهد رقابة مسبقة أو بالأحرى رقابة تمارسها السلطات. إذ أن المعارضين السياسيين والصحفيين الذين يعارضون صراحة سياسة رئيس الجمهورية يمنعون من ممارسة هذه الحريات. وفي هذا الصدد، تم حظر المظاهرات المناهضة للحكومة واعتقال الصحفيين".

2/ انتهاك حرية النشر

عرّج التقرير في هذه النقطة على عديد التجاوزات، ومنها قضية معرض الكتاب، إذ أشار إلى أنّ بعض القراء الذين زاروا معرض تونس الدولي للكتاب تفاجؤوا بسحب كتاب "فرانكشتاين تونس" لمؤلفه كمال الرياحي من المعرض وغلق الجناح الخاص بدار الكتاب"، فضلًا عن أنّ الصحفي نزار بهلول قد أفاد بأنّ أعوانًا من رئاسة الجمهورية قاموا بسحب كتابه "قيس سعيّد ربان سفينة تائهة"، من المعرض الدولي للكتاب رغم أنّ الكتاب صدر في مارس/ آذار 2021.

3/ حل الهياكل المنتخبة: حل المجالس البلدية

لفت التقرير إلى إعلان الرئيس التونسي قيس سعيّد، حلّ المجالس البلديّة كلّها وتعويضها بنيابات خصوصية، وكان من المقرر أن تنتهي المدة النيابية للمجالس البلدية البالغ عددها 350 في نهاية شهر أفريل/ نيسان، وكان من المقرر نظريًا إجراء الانتخابات في أعقاب ذلك.

4/ الحق في الماء: بين الجفاف الذي يهدد البلاد وغياب السياسات الناجعة

واعتبر التقرير أنّ الفصل 48 من دستور 2022، ينص على أنّ "على الدولة توفير الماء الصالح للشراب للجميع على قدم المساواة، وعليها المحافظة على الثّروة المائية للأجيال القادمة"، إلا أنه وفي هذا السياق وقعت ملاحظة "مشكلة هيكلية في تثمين المياه وغياب رؤية واضحة لتبني حلول ناجعة لضمان الحق في الماء".

وفي محاولة لتدارك النقائص الحاصلة في تجميع المياه، نصّ المرسوم المتعلق بقانون المالية لسنة 2023 على تخصيص اعتمادات بقيمة 2 مليون دينار لإسناد قروض دون فائدة لا تتجاوز 20 ألف دينار لتخزين مياه الأمطار خلال الفترة الممتدّة بين 1 جانفي/ يناير إلى 31 ديسمبر/ كانون الأول 2023. "لكن في حال تراجع نسبة التساقطات إلى 33% من المعدّل الموسمي المسجّل خلال نفس الفترة من السنة الماضية، قد يلجأ البعض إلى ملء المواجل من ماء الحنفيّة بشكل لا يحقّق الفائدة من هذا الإجراء" وفق التقرير.

5/ الانتهاكات المتعلقة بحقوق المجموعات

يتمثل مبدأ عدم التمييز في الإجراءات التي تتخذها الدولة للقضاء على جميع أشكال التمييز، فضلًا عن تحقيق المساواة بين جميع الأفراد، بمن فيهم الأقليات والمعرضون للتمييز. والحماية الفعالة هي مسؤولية الدولة عن اتخاذ التدابير اللازمة لمنع الممارسات التمييزية وتجريمها، ولذلك، فقد نص الفصل 23 من دستور 2022 على هذا المبدأ، "ومع ذلك، تم تسجيل العديد من التجاوزات سنة 2023 ضد هؤلاء الأشخاص في حالة استضعاف مثل النساء والمهاجرين غير النظاميين والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية" وفق التقرير.

6/ انتهاك الحريات النقابية

ينص الفصل 41 من دستور 2022 على ما يلي: "الحقّ النّقابي بما في ذلك حق الإضراب مضمون"، ومع ذلك، "يبدو أن السلطات لم تحترم هذه المقتضيات واستمرت في تطبيق سياسة الاعتقالات التعسفية بين قادة الحركة النقابية" وفق التقرير الذي استعرض عديد الإيقافات في صفوف النقابيين.

7/ إيقاف المعارضين السياسيين

يضمن الفصل 37 من دستور 2022 حرية التعبير. بالإضافة لذلك فإن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان اعتبرت أن: "جميع الشخصيات العامة، بمن فيها التي تمارس أعلى السلطات السياسية مثل رؤساء الدول والحكومات، تخضع بشكل مشروع للنقد والمعارضة السياسية وينبغي ألا تنص القوانين على فرض عقوبات أشد صرامة على أساس هوية الشخص المطعون فيه"، لكن لم تحترم السلطات التونسية العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يضمن حرية التعبير والرأي. وقد تم إيقاف العديد من معارضي الحكومة الحالية، حسب المصدر نفسه.

8/ التضييق وهرسلة المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان

أوضح التقرير أنّ المحامي والناشط السّياسي رضا بلحاج أكّد (قبل أن يتم إيقافه بتهمة التآمر على أمن الدولة)، استدعاء 14 محاميًا للتحقيق معهم، على خلفيّة تنقّلهم إلى مركز الأمن بمنزل جميل (بنزرت) للاستفسار عن مكان منوّبهم، القيادي بحركة النهضة، نور الدّين البحيري، كما كشف المحامي ورئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، بسام الطريفي تلقيه استدعاء لسماعه على سبيل الاسترشاد يوم 28 أفريل/ نيسان 2023 أمام الوحدة الوطنية للأبحاث في جرائم الإرهاب.

9/ تراجع حقوق النساء

ينص الفصل 51 من دستور 2022 على أن: "تلتزم الدّولة بحماية الحقوق المكتسبة للمرأة وتعمل على دعمها وتطويرها" وأن "تتّخذ الدّولة التّدابير الكفيلة بالقضاء على العنف ضدّ المرأة." و"تسعى الدولة إلى تحقيق التناصف بين المرأة والرجل في المجالس المنتخبة"، غير أن الواقع لا يعكس وفق التقرير، ما ينص عليه الدستور والنصوص الدولية لحقوق الإنسان، وفق التقرير، إذ لم يبق المرسوم الذي أدخل تغييرات على القانون الانتخابي، على المقتضيات المتعلقة بمبدأ التناصف بين المرأة والرجل كما هو الحال بالقانون الانتخابي السابق وهو ما ضمن تمثيلية متساوية بين المرأة والرجل في ما يتعلق بالمجالس المنتخبة.

كما تطرّق التقرير إلى "المعاناة المستمرة للعاملات في القطاع الفلاحي، والتزايد المفزع لجرائم قتل النساء، وهشاشة الحقوق الإنجابية، وانتهاكات حقوق المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية وحاملي صفات الجنسين، والحملات العنصرية ضد المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء، واصفًا سببها بـ"خطاب الكراهية القاتل"، فضلًا عن انتهاك الحق في الاختلاف، ما أدى إلى عودة الإرهاب في جربة، وفق التقرير.

الرئيس الشرفي للجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية: "لا أعتقد أنه حدثت إيقافات بهذا الحجم لسياسيين في تونس منذ الستينيات في وقت قصير، ووضع حقوق الإنسان سيء للغاية"

وكان الرئيس الشرفي للجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية، وحيد الفرشيشي، قد قال الاثنين 26 جوان/ يونيو 2023، لدى حضوره بإذاعة "موزاييك أف أم" (محلية): "لا أعتقد أنه حدثت إيقافات بهذا الحجم لسياسيين في تونس منذ الستينات، في وقت قصير"، واصفًا وضع حقوق الإنسان خلال المدة التي تناولها التقرير بالسيء للغاية.