الترا تونس - فريق التحرير
أدانت الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان ومنظماتها الأعضاء البالغ عددها 78 في إفريقيا جنوب الصحراء والمغرب العربي والشرق الأوسط، الخميس 9 مارس/آذار 2023، تصريحات الرئيس التونسي قيس سعيّد في علاقة بالمهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء بتونس، داعية إلى "فتح تحقيق مستقل في تونس بخصوص اندلاع أحداث عنف تستهدف المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء"، وفقها.
الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان: الإجراءات الحكومية لصالح المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء ليست إلا محاولات "استرضاء" ولا تزال أعمال العنف المصاحبة للتصريحات العنصرية مستمرة دون فتح أي تحقيق
واعتبرت، في تقرير لها حمل عنوان: "مجرمون وقتلة.. التصريحات العنصرية للرئيس قيس سعيّد تمثل مرحلة جديدة في الانجراف الاستبدادي للنظام"، أن الإجراءات الحكومية المعلن عنها في تونس بتاريخ 5 مارس/آذار الجاري ليست إلا محاولات "استرضاء" أخيرة ولم تتضمن حتى اعتذارًا، معقبة: "إن الضرر قد حدث، ولا تزال أعمال العنف المصاحبة لهذه التصريحات العنصرية واستهداف المهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى في تونس مستمرة دون فتح أي تحقيق، وقد بدأت بعض البلدان في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى في إعادة مواطنيها".
وأشارت الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، في ذات الصدد، إلى أن "على مدار 15 يومًا، وثقت المنظمات الأعضاء فيها تفاقم انتهاكات حقوق الإنسان التي يعاني منها المهاجرون من جنوب الصحراء بتونس على غرار الاعتقالات والاحتجاز التعسفي، والهجمات، والإخلاء من المنازل، والطرد التعسفي من العمل"، مرجحة أن "يكون الوضع صعبًا وخطيرًا بشكل خاص بالنسبة للمهاجرين الأكثر ضعفًا، مثل المهاجرين غير النظاميين، الذين لا يبدو أنهم مشمولون بالإجراءات الحكومية المعلنة".
وعلقت رئيسة الفدرالية أليس موجوي في هذا الصدد قائلة: "إن التمييز بين البشر أمر مخيف. كما أن استدعاء الكراهية ضد الأشخاص الذين يعانون بالفعل من التمييز والعنف والحرمان هو على وجه الخصوص ذروة الوحشية"، وفق توصيفها.
رئيسة الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان: "إثارة الكراهية ضد الأشخاص الذين يعانون بالفعل من التمييز والعنف والحرمان هي ذروة الوحشية، وأناشد بشكل خاص المسؤولين في تونس، ما هو الإرث الذي ستتركونه في التاريخ؟"
وتابعت، في السياق ذاته: "الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، والـ 54 منظمة أعضاء في إفريقيا والـ188 منظمة حول العالم، جميعها تعارض بقوة العنف اللفظي والجسدي الذي يمس المهاجرين على التراب التونسي"، مستطردة: "أناشد بشكل خاص المسؤولين في تونس، ما هو الإرث الذي ستتركونه في التاريخ؟"، حسب تعبيرها.
ومن جهته، أكد الأمين العام للفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، دريسا تراوري، أنه "يجب على السلطات التونسية فتح تحقيق مستقل لإلقاء الضوء الكامل على الانتهاكات التي يتعرض لها المهاجرون من جنوب الصحراء، وتحديد المسؤوليات وتحقيق العدالة للضحايا"، مشددًا على أنها حالة طوارئ مطلقة، يجب أن تكون فيها مكافحة الإفلات من العقاب على انتهاكات حقوق الإنسان في صميم عمل الدولة التونسية، بغضّ النظر عن الضحايا والمسؤولين"، وفق تصوره.
- العنف الذي أدانه التشريع التونسي
وذكرت الفدرالية بأن "التشريع التونسي يدين هذا العنف ويعاقب عليه، وذلك وفق ما ينص عليه القانون الأساسي عدد 50 لسنة 2018 المتعلق بالقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري ما جعل تونس أول بلد مغاربي لديه تشريعات مناهضة للعنصرية"، وبأن "الدولة التونسية ملزمة باحترام الصكوك الإقليمية والدولية لحماية حقوق الإنسان التي وقعتها وصادقت عليها بحرية"، وفق ما ورد في التقرير ذاته.
أمين عام فدرالية حقوق الإنسان: على السلطات التونسية فتح تحقيق مستقل لإلقاء الضوء الكامل على الانتهاكات التي يتعرض لها المهاجرون من جنوب الصحراء، وتحديد المسؤوليات وتحقيق العدالة للضحايا
وقال نائب رئيسة الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان عيسى رحمون: "إننا نرحب وندعم حشد المجتمع المدني التونسي، ولا سيما إنشاء جبهة مناهضة للفاشية"، مضيفًا: "يجب أن تكون مكافحة العنصرية والتمييز في صميم الاستجابة للأزمة. إن التصريحات التي أدلى بها الرئيس التونسي تجعله راعيًا ومحرضًا ومتواطئًا في موجة العنف ضد المهاجرين"، حسب تعبيره.
🔴La #FIDH et ses 78 organisations membres en Afrique subsaharienne, au Maghreb et au Moyen-Orient condamnent fermement les propos racistes du Président tunisien #KaïsSaïed et les actes de violences ciblant les migrant·es qui ont suivis👇https://t.co/cbIkmcTyyG
— FIDH (@fidh_fr) March 9, 2023
يذكر أن مجموعة من المنظمات والشخصيات أعلنت، في 23 فيفري/شباط 2023، عن تأسيس ما أسمته "جبهة مناهضة الفاشية"، قالت إنها مفتوحة لكلّ القوى المناضلة أفرادًا ومجموعات وتنظيمات، "لمقاومة السياسات والخطاب والممارسات العنصرية والاستبداديّة بكلّ الوسائل والأشكال النضاليّة اللازمة لوضع حد لتناميها"، في أعقاب خطاب أدلى به الرئيس التونسي قيس سعيّد قال فيه أن "هناك ترتيبًا إجراميًا تمّ إعداده منذ مطلع هذا القرن لتغيير التركيبة الديمغرافية لتونس".
وكانت الحكومة التونسية قد أعلنت، في بلاغ أصدرته ليل الأحد 5 مارس/آذار 2023، عن جملة من الإجراءات قالت إنها من أجل "تيسير جملة من الإجراءات أمام الأجانب المقيمين بتونس بهدف حماية مختلف الجاليات"، وفيما يلي تفاصيلها: الرئاسة في تونس تقرّ إجراءات جديدة لفائدة الأجانب المقيمين بها
نائب رئيسة الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان: "التصريحات التي أدلى بها الرئيس التونسي تجعله راعيًا ومحرضًا ومتواطئًا في موجة العنف ضد المهاجرين"
وجاءت هذه الإجراءات بعد موجة من الانتقادات العارمة التي طالت الدولة التونسية في أعقاب خطاب أدلى به الرئيس التونسي قيس سعيّد قال فيه أن "هناك ترتيبًا إجراميًا تمّ إعداده منذ مطلع هذا القرن لتغيير التركيبة الديمغرافية لتونس".
وهي إجراءات اعتبرتها جبهة مناهضة الفاشية في تونس (ائتلاف من منظمات وجمعيات وشخصيات حقوقية)، الأربعاء 8 مارس/آذار 2023، "محاولة لذر الرماد على العيون عن الخطاب العنصري المستند أساسًا على نظرية المؤامرة ووهم تغيير التركيبة الديمغرافية لترهيب الشعب التونسي وتبرير سياساته العنصرية والفاشية"، وفق توصيفها.
وقالت، في بيان لها، إنها "لم ترتق إلى الحد الأدنى الذي يجبر الضرر الحاصل ويضمن حقوق وحريات المهاجرين من جنوب الصحراء وانحصرت في بديهيات كان من المفروض توفيرها لكل مهاجر تواجد على الأراضي التونسية وفي حماية الدولة.
جدير بالذكر أن خطاب الرئيس كان قد أثار جدلًا وانتقادات واسعة في تونس، لا سيّما وأنه جاء في سياقٍ تصاعد فيه الخطاب العنصري في صفحات على منصات التواصل الاجتماعي تجاه المهاجرين وطالبي اللجوء في تونس. وأدانت جمعيات ومنظمات حقوقية في تونس خطاب قيس سعيّد الذي اعتبرته "محرضًا على العنصرية"، داعية إياه إلى احترام المواثيق والمعاهدات الدولية التي وقعتها الدولة التونسية في مجال حقوق الإنسان.