28-مارس-2023
تونس شارع الحبيب بورقيبة

قدمت تونس موقفها من التوصيات الـ 283 لمجلس حقوق الإنسان وقالت إنها قبلت بصفة نهائية 192 منها وأحيطت علمًا بـ91 توصية (Philippe Lissac/GODONG)

الترا تونس - فريق التحرير

 

نظمت الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية وجمعية موجودين والأورومتوسطية للحقوق ومنظمة فريدريش ايبرت، الثلاثاء 28 مارس/آذار 2023، ندوة صحفية لتقديم موقف منظمات المجتمع المدني التونسي من إجابات الحكومة التونسية خلال الاستعراض الدوري الشامل المنعقد مؤخرًا أمام مجلس حقوق الإنسان التابع لمنظمة الأمم المتحدة بجنيف.

وكانت الدولة التونسية قد قدمت، في 24 مارس/آذار 2023، إلى مجلس حقوق الإنسان موقفها من 283 توصية التي تم عرضها والتي تخص وضعية الحقوق والحريات والحقوق المدنية والسياسية وحرية التعبير وحقوق النساء والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والحقوق البيئية.

 

 

وقال عضو جمعية الأورومتوسطية للحقوق، جابر واجه، الذي قدّم خلال الندوة الصحفية كلمة حول التوصيات المتعلقة باستقلالية القضاء في تونس وموقف الدولة التونسية منها، إن مجلس حقوق الإنسان قدم لتونس 30 توصية تتعلق باستقلالية القضاء، وتفاعلت تونس إيجابيًا مع 17 توصية وقالت إنها أحيطت علمًا بـ13 توصية.

جابر واجه (عضو بجمعية الأورومتوسطية للحقوق): التفاعل الإيجابي لتونس مع 17 توصية تتعلق باستقلالية القضاء فيه نوع من المناورة نظرًا للتدخل الممنهج في الشأن القضائي في تونس والتأثير على مجرى المحاكمات وترهيب القضاء

وأضاف واجه، في هذا الصدد، أن التفاعل الإيجابي مع الـ17 توصية في علاقة باستقلالية القضاء وإرساء المجلس الأعلى للقضاء والمحكمة الدستورية، كان في شكل "مناورات"، حسب تقييمه.

وأوضح في هذا الصدد أن الأورومتوسطية تعتبر أن في تفاعل تونس نوع من "المناورة" وذلك لأن في تونس أصبح هناك "تدخل ممنهج في الشأن القضائي وتأثير على مجرى المحاكمات، وهناك تلاعب بالإجراءات والقوانين ومبادئ المحاكمة العادلة وترهيب القضاء".

 

 

وتابع قائلًا: "ناهيك عن ذلك، فإن المجلس المؤقت للقضاء ضعيف ومحدود الصلاحيات والرقابة عليه مشددة، أصبح هيكلًا تقنيًا"، مردفًا: "إضافة إلى ذلك، غياب حركة قضائية هو سابقة في تاريخ تونس، ما ألقى بظلاله على حق المواطنين في الولوج إلى العدالة".

جابر واجه: الموضوع الأخطر يتعلق بحماية المدنيين من المنظومة القضائية العسكرية، إلا أن تونس أجلت النظر في إلغاء عملية إحالة المدنيين أمام القضاء العسكري إلى الدورة القادمة التي تنعقد بعد 4 سنوات

أما الإشكال الآخر، وفق واجه، فهو يتعلق بـ"عزل القضاة والتدخل السافر الحاصل في القضاء عبر المرسوم 35 الذي أعطى للسلطة التنفيذية القدرة على إعفاء القضاة، علمًا وأنها كانت من قبل من صلاحيات المجلس الأعلى للقضاء".

كما سلط عضو جمعية الأورومتوسطية للحقوق الضوء على عدم تفعيل قرار المحكمة الإدارية بإعادة عدد من القضاة الذين تم عزلهم إلى العمل، وإحالتهم على المسار الجزائي، وإحالة 13 قاضيًا منهم أمام قطب مكافحة الإرهاب في 16 قضية فارغة ومبنية على معلومات مستشفة من منصات التواصل الاجتماعي".

وتابع قائلًا: "أما الموضوع الأخطر فهو يتعلق بحماية المدنيين من المنظومة القضائية العسكرية، وهو حق يتقاطع مع كل الحقوق الأخرى، إلا أن تونس أجلت النظر إلى الدورة القادمة التي تنعقد بعد 4 سنوات في إلغاء عملية إحالة المدنيين أمام القضاء العسكري".

وتساءل واجه في هذا الصدد إلى أنه "عندما يكون هناك تأجيل نظر في مجموعة من الحقوق المستعجلة كإلغاء المرسوم عدد 54 المتعلق بأنظمة المعلومات والذي مسّ صحفيين ونشطاء من المجتمع المدني، يكون السؤال أين الضمانات خاصة في ظل غياب محكمة دستورية؟"، وفق تعبيره.

جابر واجه: عندما يكون هناك تأجيل نظر في مجموعة من الحقوق المستعجلة كإلغاء المرسوم عدد 54 الذي مسّ صحفيين ونشطاء من المجتمع المدني، يكون السؤال أين الضمانات خاصة في ظل غياب محكمة دستورية؟

يذكر أن تونس كانت قد استعرضت تقريرها الدوري الشامل أمام مجلس حقوق الإنسان في 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، وتمّ نقاشه وتقديم التوصيات لها من قبل 112 دولة فيما مجمله 283 توصيّة. وتفاعلت تونس إيجابيًا مع 185 توصية، وأجلت الإجابة عن موقفها من 44 توصية وأعلنت أنها أحيطت علمًا بـ 54 توصية.

وفي 24 مارس/آذار 2023 قدمت تونس موقفها من التوصيات الـ 283، وقالت إنها قبلت بصفة نهائية 192 منها وأحيطت علمًا بـ91 توصية.

 

 

وذكرت المنظمات التي عقدت الندوة الصحفية، في بيان لها، أن "الملاحظ أن التوصيات التي قدمت إلى تونس من قبل الـ 113 دولة من مختلف المجموعات السياسية والثقافية والجغرافية قد غطت كل مجالات حقوق الإنسان، إذ أعربت عديد الدول عن الانشغال فيها يتعلّق بالحالة السياسية وتأثيرها على حقوق الإنسان"، مستدركة القول إن "الدول التي توجهت لتونس بتوصيات لم تكتفِ بالوضع الراهن في تونس بل قدمت توصياتها في جميع المجالات: الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحقوق البيئية والحقوق في التنمية إلى جانب حقوق مختلف المجموعات المميّز ضدها".

 

 

وفيما يلي البعض من التوصيات التي قدمت للدولة التونسية وتفاعل هذه الأخيرة معها: 

  • حرية التعبير:

تمت الموافقة على 13 توصية متعلقة بحرية التعبير والصحافة من قبل الدولة التونسية، تتعلق بالحفاظ ودعم الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري والمرسوم القانوني رقم 2011-115 المؤرخ في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2011 المتعلق بحرية الصحافة والطباعة والنشر.

ولُفت الانتباه إلى ثلاث توصيات تتعلق بوقف متابعة الصحفيين والناشطات في مجال حقوق الإنسان على أساس القانون رقم 2022-54 المؤرخ في 13 سبتمبر/أيلول 2022 المتعلق بمكافحة جرائم تتعلق بأنظمة المعلومات والاتصالات ومواد القانون الجنائي.

  • استقلال القضاء:

تلقت تونس أثناء الاستعراض الدوري الشامل 30 توصيّة تعلقت باستقلالية القضاء قبلت 17 منها، وأرجأت موقفها من 12 توصية وأعلنت أنها توصلت فقط بتوصية واحدة. 

والتوصيات المقبولة بصفة أوّلية تعلقت بتوصيات عامة حول دعم استقلال القضاء وإرساء المحكمة الدستورية، وإقرار حماية القضاة عبر تبني نظام أساسي خاص بهم. ودعم الإعانة العدلية.

منظمات: التوصيات التي أرجأت تونس الإجابة عنها فتتعلق كلّها بالقضاء العسكري ودوره في محاكمة المدنيين ولم تجب تونس على توصية تتعلق بإعادة المجلس الأعلى للقضاء "الشرعي"

أمّا التوصيات التي أرجأت تونس الإجابة عنها فتتعلق كلّها بالقضاء العسكري ودوره في محاكمة المدنيين بما في ذلك الإعلاميين والمدافعين عن حقوق الإنسان.

بينما لم تجب تونس عن توصية واحدة تقدمت بها مملكة بلجيكا تتعلّق بإعادة المجلس الأعلى للقضاء السابق المجلس "الشرعي" في 12 فيفري/شباط 2022.

  • حرية التنظّم والتظاهر:

توصلت تونس بـ8 توصيات حول حرية الجمعيات والتي تناولت التضييقات التي تتعرض لها الجمعيات عند التكوين وعند ممارسة بعض أنشطتها، وكذلك تعقيدات الوصول إلى التمويل. كما تناولت المداخلات التهديدات الحكومية بتغيير قانون الجمعيات (المرسوم 88) والذي تتمسك به الجمعيات نظرًا لطابعه التحرري ولمطابقته لكل المعايير الدولية.

 تلقت تونس توصيات حول التضييقات التي يواجهها الناشطون السياسيون والمدنيون خلال مشاركتهم في مظاهرات سلمية ومرخص لها، والإيقافات التعسفية التي يتعرض لها المتظاهرون

كما تلقت تونس توصيات حول التضييقات التي يواجهها الناشطون السياسيون والمدنيون خلال مشاركتهم في مظاهرات سلمية ومرخص لها، والإيقافات التعسفية التي يتعرض لها المتظاهرون.

  • عدم التمييز على أساس الميول الجنسي والهويّة والتّعبيرات الجندريّة:

وجهت لتونس 20 توصية مباشرة حول عدم التمييز على أساس الميول الجنسي والهوية والتعبيرات الجندرية. والملاحظ أن تونس قبلت منها 3 فقط وأحيطت علمًا بـ17 توصية.

قبلت تونس توصية كندا (عدد 6.183) المتعلقة "بالقضاء على كل الممارسات التمييزية المؤسسة على الميول الجنسية والهوية الجندرية". وقبلت توصية آيسلاندا (عدد 6.184) بخصوص "معاقبة كل جريمة كراهية مبنية على الميول الجنسي والهوية والتعبيرات الجندرية". 

وفي هذا الصدد، اعتبرت المنظمات أن "قبول تونس بهذه التوصية يتعارض مع "تحفظها" على توصيات عديدة أخرى قدمت لها تتعلق أساسًا بإلغاء الفصل 230 من المجلة الجزائية، إذ وردت على تونس 13 توصية تتعلق صراحة بإلغاء هذا الفصل، وفقها.

  • التمييز/ العنف القائم على لون البشرة والجنسية:

بشكل عام، تم توجيه 14 توصية بخصوص عدم التمييز بناءً على التمييز والعنف القائم على لون البشرة والجنسية مباشرة إلى تونس، لكن هذه الأخيرة قبلت فقط 5 منها وأخذت علمًا بـ 9 توصيات، بينما لم يتم تقييم 3 توصيات فقط.

توجيه 14 توصية لتونس بخصوص عدم التمييز بناءً على التمييز والعنف القائم على لون البشرة والجنسية مباشرة لكنها قبلت فقط 5 منها وأخذت علمًا بـ 9 توصيات، بينما لم يتم تقييم 3 توصيات فقط

قبلت تونس توصيات بشأن "تنفيذ الأحكام القانونية الحالية التي تحظر التمييز العنصري بالكامل والفعال"، وتوصية بشأن "إنشاء اللجنة الوطنية لمكافحة التمييز العنصري"، وتوصية بشأن "توفير الموارد اللازمة للجنة الوطنية لمكافحة التمييز العنصري لضمان عملها الجيد"، وتوصية بشأن "مواصلة تعزيز عمل اللجنة الوطنية لمكافحة التمييز العنصري لتحقيق التزامات إعلان دوربان وبرنامج العمل"، وتوصية بشأن "اتخاذ التدابير اللازمة لتنفيذ القانون الأساسي 2018-50 المتعلق بمكافحة التمييز العنصري بشكل كامل، بما في ذلك إنشاء اللجنة الوطنية لمكافحة التمييز العنصري".

واعتبرت المنظمات في هذا الصدد أنه "جرى النظر في جميع التوصيات المتعلقة باتباع استراتيجية وطنية أكثر شمولية للسكان المهاجرين، بما في ذلك اعتماد قانون لجوء، بتحفظات، بما في ذلك تلك المتعلقة بالقضاء على انعدام الجنسية من خلال ضمان منح تسجيل الولادات لجميع الأطفال في تونس، بما في ذلك المهاجرين واللاجئين"، مستطردة أنه "للأسف، لم يتم اتخاذ أي إجراء بشأن جميع التوصيات المتعلقة بالتصديق على الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، بل تم تدوينها دون متابعة".

  • التوصيات بالعودة إلى المسار الديمقراطي:

ذكرت المنظمات أن "التوصيّات التي جاءت من عديد الدول لعودة المسار الديمقراطي عديدة، وهي 20 توصية،  سواء من خلال إنهاء حالة الاستثناء والطوارئ (توصية كندا عدد 7.13). ومن خلال إرساء المحكمة الدستورية والهيئات الديمقراطية".

منظمات: "التوصيّات التي جاءت من عديد الدول لعودة المسار الديمقراطي عديدة، وهي 20 توصية، وما يلفت النظر هو التفاعل الإيجابي للدولة التونسية (بصفة أولية) مع هذه التوصيات

وأشارت إلى أن "ما يلفت النظر هو التفاعل الإيجابي للدولة التونسية (بصفة أولية) مع هذه التوصيات. ذلك أن الدولة التونسية قبلت أغلب التوصيات المتعلقة بإرساء المؤسسات الديمقراطية بما في ذلك المحكمة الدستورية".

وإلى جانب التوصيات العامة تلقت تونس توصيات تفصيلية للعودة إلى المسار الديمقراطي تعلقت بالانتخابات ووجوب استجابتها للقواعد المتفق عليها دوليًا. وإرساء نظام قائم على فصل السلط والتوازن بينها. وكذلك باستقلال القضاء عمومًا وخاصة المجلس الأعلى للقضاء، حيث قبلت تونس 17 توصية تتعلّق بوجوب إرساء مجلس أعلى مستقل يضمن استقلال السلطة القضائية.

  • دعوة تونس للمصادقة على اتفاقيات حقوق الإنسان:

تلقت تونس مجموعة من 15 توصية تدعوها إلى المصادقة أو الانضمام إلى معاهدات ونصوص دولية متعلقة بحقوق الإنسان. هذه التوصيات حوصلتها دولة مالاوي في توصيتها عدد 7.6 بالقول "الدعوة إلى المصادقة التدرجيّة على الصكوك الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان". إلا أن عديد الدّول (25 دولة) ركّزت على معاهدات بعينها: تتمثل خاصة:

في الاتفاقيات الداعمة لحقوق النساء، وخاصة اتفاقية اسطنبول حول العنف المنزلي، (اتفاقية مجلس أوروبا) وكذلك الاتفاقية عدد 190 لمنظمة العمل الدولي، لسنة 2019 المتعلقة بالعنف والتحرش في أماكن العمل، هذه التوصيات أكدّتها أغلب الدول في توصياتها.

  • التوصيات المتعلقة بالهجرة وحق اللّجوء:

لفتت المنظمات إلى أنه قد "وردت التوصيات المتعلقة بالهجرة واللجوء من عديد الدول وخاصة الإفريقية، وهو ما يعكس أيضًا حرص الدول الإفريقية على توفير أكبر الضمانات لمواطنيها الذين يهاجرون إلى تونس إمّا للعمل والدراسة أو فقط كبلد عبور نحو دول أوروبا الشمالية. فكانت التوصيات أساسًا بالمصادقة على الاتفاقية الدولية لحماية حقوق العمّال المهاجرين وأفراد عائلاتهم".

 

 

وذكرت أنه "في المصادقة على الاتفاقيات المتعلقة بمنع الاتجار في الأسلحة ومنع انتشار الأسلحة النووية: جاءت هذه التوصية من دولة المالاوي، (7.5). وهي توصية هامة، خاصة وأن تونس ليست من الدول ذات التوجهات العسكرية وأن سياستها الخارجية تتميز دائمًا بمواقفها السلميّة ولذا ليس من المعقول ألاّ تنخرط في مثل هذه الاتفاقيات"، وفق نص البيان.

في المقابل، لم تبين تونس موقفها من التوصية المتعلقة باتفاقية حقوق الشعوب الأصلية، لمنظمة العمل الدولية عدد 169 والتي توجهت بها الدانمرك، وأعلنت تونس فقط أنها توصلت بهذه التوصية "لأن البلاد التونسية، حسب تقدير المنظمات، لم تعترف بحقوق المجموعات الأثنية أو اللغوية المختلفة وخاصة حقوق الأمازيغ فإقرارها بهذه الاتفاقية فيه إقرار بوجود هذه المجموعات وهو ما لم تقبله تونس منذ توصيات مجلس حقوق الإنسان في 2008 وتواصل إنكارها إلى حدود تقرير 2017".