تحتل القضية الفلسطينية حيزًا هامًّا في وجدان التونسيين وتربطهم بها صلة قوميّة ودينيّة متينة، يشتدّ هذا القرب ويتوهّج ويقوى كلّما تجدّد العدوان الإسرائيلي على هذه المنطقة العربيّة المحتلّة ذات المقام المقدّس الجليل في النفوس والأذهان.
التعدّي على الحق الفلسطيني لا يقتصر على العدوان العسكريّ الذي بلغ ذروته بُعيد عمليّة طوفان الأقصى، إنّما يتخطّى ذلك في فترات التهدئة إلى ألوان من التطبيع، فبالآلة الحربيّة يُقتّل الصهاينة الأطفال والنساء والشيوخ والفتيان، وبالتطبيع يُعدم المحتلُّ الذاكرة وكلّ توق إلى التحرّر والثأر واسترداد الحقّ المسلوب.
بالآلة الحربيّة يُقتّل الصهاينة الأطفال والنساء والشيوخ والفتيان، وبالتطبيع، يُعدم المحتلُّ الذاكرة وكلّ توق إلى التحرّر واسترداد الحقّ المسلوب
لا شكّ أنّ أجساد الفلسطينيين وأرواحهم في أمسّ الحاجة إلى سواعدنا وأموالنا ومهاراتنا مساعدة وإسعافًا وإغاثة، لكن ذاكرة الحقّ الفلسطينيّ لا تقلّ حاجة إلى الوقاية من التلف والتزييف والتضليل وذاك أضعف الإيمان، فالنسيان آفة العلم وهو كذلك آفة الحقّ المسلوب.
الحقّ يحتاج إلى التوثيق والتسجيل، في الكتب والمجلات، ويقتضي تحويله إلى مشغل ثابت قارّ في قاعات الدرس ومدارج الجامعات، وهو ما يجعلنا نتساءل عن منزلة القضيّة الفلسطينيّة في البرامج التعليمّية في تونس.
يحتاج الحقّ الفلسطيني إلى التوثيق والتسجيل، ويقتضي تحويله إلى مشغل ثابت قارّ في قاعات الدرس ومدارج الجامعات
المحنة الفلسطينية والمقاومة يمكن أن يكون لها حضور في دروس التربية التشكيليّة من خلال الصور الجادّة والكاريكاتوريّة، ولا شكّ أنّ مادّة العربيّة كفيلة كذلك باستيعاب هذه المسألة القوميّة والإنسانيّة من خلال نصوص من أجناس أدبيّة مختلفة، كما يمكن تكييف نوادي الأدب والشعر والإبداع بما يجعلها حاضنة للقضيّة، لكن لا بدّ أن نعترف بأنّ درس التاريخ يظلّ الأقدر على إبلاغ الرسالة، لهذا ارتأينا الاستئناس برأي فائزة علوش المتفقدة العامّة في مادّة التاريخ والجغرافيا والتي تزخر تجربتها المهنيّة والثقافيّة بالأنشطة ذات المنحى الأكاديمي والفكريّ والسياسيّ والإنسانيّ على المستوى المحلّي والعربيّ والإفريقيّ
- التوازن بين الموقف النقديّ والفكر التحرّري والانحياز للحق الفلسطينيّ
أكدّت فائزة علوش لـ"الترا تونس"، أنّ القضية الفلسطينية قد حظيت منذ النكبة سنة 1948 باهتمام كلّ شعوب الوطن العربي واعتبرت قضيتهم المركزية، كما شكّلت أولوية في خطاباتهم السياسية والرسمية، فكان من الطبيعي أن تواكب البرامج التعليمية هذه التوجهات ويقع تناول هذه المسألة ضمن برامج المواد الاجتماعية وبصفة خاصة مادة التاريخ، وقد اعتنت البرامج الرسمية والكتب المدرسية التونسية في هذا السياق، بهذه المسألة ونزّلتها في إطار نضالات الشعوب المستعمرة من أجل التحرر والانعتاق.
متفقدة عامّة في مادّتي التاريخ والجغرافيا: تمت معالجة القضية الفلسطينية في المدرسة التونسية معالجة نقديّة علميّة وهو ما لا يتعارض مع المواقف المبدئيّة المتصلة بالانحياز الصريح والمعلن للحق الفلسطيني
في البداية، نوّهت المتفقدة العامّة بمعالجة القضيّة في المدرسة التونسية معالجة نقديّة علميّة وهو ما لا يتعارض مع المواقف المبدئيّة المتصلة بالانحياز الصريح والمعلن للحق الفلسطيني، وفصّلت علوش هذا الرأي قائلة: "إن حضور القضية الفلسطينية في البرامج الرسمية لمادّة التاريخ يستهدف جملة من القدرات التي تساهم في تعزيز الوعي بالقضية وأهميتها التاريخية والسياسية ويمَكِّن المتعلمين من اكتساب معارف تتعلّق بالصّراع الصهيوني الفلسطيني وتأثيره فى المنطقة والعالم. بالإضافة إلى التشجيع على تنمية التفكير النقدي والنقاشات البناءة حول حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية وتعزيز الوعي السياسي لدى الناشئة بقضايا العصر".
ونفيًا لشبهة التطبيع في البرامج الرسمية، قالت علوش إنه على الرّغم من أنّ هذه البرامج صيغت في عهد النّظام السّابق (البورقيبي والنوفمبري)، لا يمكن الحديث عن وجود تطبيع في البرامج التعليمية التونسية، فالتسلسل الزمني للقضية وتحليل الأحداث والبحث في جذورها قد تمّ وفق منهجيّة علميّة اتّسمت بالموضوعية والنزاهة في إطار معرفة مدرسيّة خاضعة للنّقل التعلّمي تراعي عدّة جوانب منها: القدرات المستهدفة بالتدريس، مستوى المتعلّمين، ملامح المتخرج وغايات النّظام التّربوي التّونسي.. أكيد أنها تختلف عن المعرفة الأكاديمية المفتوحة والمحينة، لكنّها تبقى في كل الأحوال بعيدة كلّ البعد عن شبهة التّطبيع، وفقها.
- التمسّك بالحدّ الأدنى وعدم الاستفادة من المدّ الثوريّ
ردّا على سؤال "الترا تونس" حول دور الثورة التونسية في تعزيز حضور القضيّة في البرامج المدرسيّة قالت فائزة علوش: "يجب الإشارة في البداية إلى أن برامج التاريخ المعمول بها حاليًا تمّت صياغتها في عهد النّظام السّابق مع بعض التحويرات الطفيفة في إطار ما يسمّى بـ'تخفيف البرامج'، ولم تتم مراجعتها على الرغم من مرور أكثر من 10 سنوات على اندلاع الثورة باستثناء بعض التعديلات الجزئية التي أدخلت على هذه البرامج فرضتها جائحة فيروس كورونا والتي تواصل العمل بها إلى حد الآن في إطار ما يسمّى منذ سبتمبر/ أيلول 2021 بـ'الصيغة الخاصة'، وتمثلت هذه التعديلات في حذف بعض الدروس من البرامج الرسمية لكن هذه العمليّة، لم تؤثر في مسألة تناول القضية الفلسطينية وتواتر الدّروس الخاصّة بها ضمن هذه البرمجة، وفق تأكيدها.
- تناول القضيّة الفلسطينية.. تقصير كميّ ونوعيّ ومهنيّ
أكدّت فائزة علوش أنّ القضيّة الفلسطينية لا تحضر في محور مستقلّ وقدّمت لـ"الترا تونس" جردًا دقيقًا للمحاور في مختلف الفصول يؤكّد ذلك، قائلة: تُدرّس القضية الفلسطينية في مادّة التّاريخ بالنّسبة إلى ثلاثة مستويات فقط تهمّ المرحلتين الإعداديّة والثانويّة.
متفقدة عامّة في مادّتي التاريخ والجغرافيا: لا يمكن الحديث عن وجود تطبيع في البرامج التعليمية التونسية على الرّغم من أنّها صيغت في عهد النّظام السّابق البورقيبي والنوفمبري
المستوى الأوّل: التاسعة من التعليم الأساسي: في المحور الثاني الذي يتناول بالدرس أهم التطورات التي عرفها العالم والبلاد التونسيّة خلال الفترة المعاصرة حيث تدرج القضيّة الفلسطينية في الدّرس الثالث ضمن محور "العالم بعد الحرب العالمية الثانية" وتأتي مباشرة بعد أن يتعرض التلميذ إلى درس تحرر الشعوب المستعمرة كما تنصّ التوضيحات بسفر البرامج في شأن هذا الدّرس على ضرورة الإشارة في المقدمة إلى "جذور القضية الفلسطينية" ثم يتمّ التطرق فيما بعد إلى"المراحل الكبرى من 1945 إلى اتفاقية أوسلو وذلك بـ'الاعتماد على سلم زمني'، علمًا و أنّ (التطرق إلى المسألة) يعني أن التعليمة مغلقة تفرض على الأستاذ التقيّد بها بدون زيادة أو نقصان.
المستوى الثاني متّصل بالسنوات الثالثة ثانوي (شعب علمية) في إطار دراسة أزمات القرن العشرين وتحولاته، إذ ترد القضيّة الفلسطينيّة في الدّرس الرابع والأخير من البرنامج وتنصّ التوضيحات على التّركيز على "الأطوار الكبرى من الانتداب البريطاني إلى اتفاقية أوسلو". التّعليمة بالنّسبة لهذا المستوى مفتوحة تعطي مجالًا للأستاذ كي يتصرف في المحتوى مع التّركيز على الأطوار. المؤسف حسب فائزة علوش أنّ هذا الدّرس لا يتناوله إلّا قلة من المدرسين ممّن يحرصون على إتمام البرنامج الرّسمي في الآجال باعتباره الدّرس الأخير في البرنامج.
المستوى الثالث: السنوات الرابعة ثانوي (شعب الآداب) تدرّس القضيّة الفلسطينيّة ضمن تاريخ العالم المعاصر بعد 1945، محور" تحرّر الشّعوب المستعمرة" في الدّرس الّثالث، وتنصّ التوضيحات المتعّلقة بهذا الدّرس على ضرورة الإشارة إلى "جذور القضية الفلسطينية مع التّركيز على "المراحل الكبرى من الانتداب إلى اتفاقية أوسلو".
تنتهي المتفقدة العامّة إلى الإقرار بأنّ القضية الفلسطينية تُدرّس في بلادنا ضمن نتائج الحرب العالمية الأولى أو في علاقة بمحور تحرر الشعوب المستعمرة من أجل الاستقلال ويتمّ التركيز فيها بالخصوص على مسألتي الجذور والأطوار والمنعرج الذّي اتّخذته القضيّة بعد الحرب العالميّة الثّانية.
فائزة علوش لـ"الترا تونس": البرامج الرسمية عمومًا، لا تركّز كثيرًا على القضية الفلسطينية، وتُدرّس في مادّة التّاريخ بالنّسبة إلى 3 مستويات فقط تهمّ المرحلتين الإعداديّة والثانويّة
ولتأكيد هذه الخلاصة تقول فائزة علوش: "عمومًا، البرامج الرسمية لا تركّز كثيرًا على الموضوع الفلسطيني خاصة بعد حذف المحور المتعلق بتاريخ المشرق العربي الذّي يحيل مباشرة على جذور هذه القضيّة، كذلك على الرغم من التشابه بين برنامجي شعبتي الآداب والاقتصاد (مع فارق في عدد حصص تدريس المادة) يُعفى تلاميذ هذه الشّعبة من دراسة هذه المسألة، في الوقت الذّي سجلت فيه القضيّة الفلسطينيّة حضورها الهّام واللافت للانتباه في الثورة التونسية من خلال رفع العلم الفلسطيني في المسيرات الشعبية والشعارات المرفوعة التّي تعكس تبنّي الرأي العام التّونسي للقضيّة الفلسطينيّة، ومساندته لها وتعاطفه معها بالإضافة إلى حجم حضور القضيّة في الخطاب الرّسمي بعد الثورة لأنّ الطريق إلى فلسطين يمرّ حتمًا على حدّ تعبير فائزة علوش عبر التحوّل الديمقراطي بأغلب الدّول العربية (نظرًا للعلاقة المتلازمة بين التطبيع والأنظمة المستبدة) وتلقّي الدّعم من جميع أحرار العالم.
- القضيّة الفلسطينية في امتحان البكالوريا
نفت فائزة علوش أن تكون الامتحانات الوطنية قد أعرضت تمامًا عن القضيّة الفلسطينية وأجابت عن سؤالنا عن مدى حضور المسألة في الامتحانات الوطنية قائلة: "عمومًا يساهم إدراج القضية الفلسطينية في امتحان البكالوريا في تعزيز الفهم والوعي السياسي والتاريخي لهذه المسالة كما يعكس التزام المنظومة التربويّة التّونسيّة بتوفير تعليم شامل يتناول القضايا الدوليّة الهامّة. كما أن طرح مواضيع تهمّ هذه القضية في امتحان وطني من شأنه أن يعزز الوعي بأهمية هذه القضية وتحدياتها".
فائزة علوش لـ"الترا تونس": طُرحت القضية الفلسطينية أربع مرّات في امتحان البكالوريا: 1998 بالنسبة لشعبتي الآداب والاقتصاد والتصرف، 2012 و2018 و2022 بالنسبة لشعبة الآداب
في السنوات الأخيرة، تضيف محّدثتنا، "أصبح هذا الحضور يقتصر على امتحان البكالوريا بالنسبة إلى شعبة الآداب بعد أن تمّ حذف مادتي التاريخ والجغرافيا من مناظرة الدخول إلى المعاهد النموذجية بالنسبة إلى تلاميذ السنوات التاسعة، فبين 1998 و2023 طرحت القضية الفلسطينية أربع مرّات في امتحان البكالوريا (1998 بالنسبة لشعبتي الآداب والاقتصاد والتصرف، 2012 و2018 و2022 بالنسبة لشعبة الآداب) وكثيرًا ما تثير المواضيع المطروحة جدلًا في صفوف الأساتذة نظرًا لحساسيّة المسألة، على حدّ تعبير المتفقدة العامة لمادة التاريخ والجغرافيا.
- السلاح المدرسيّ لمواجهة التضليل الإعلامي الغربي
تدعو فائزة علوش إلى تحيين المعطيات المتعلقة بالقضيّة الفلسطينيّة حتّى لا تقف عند حدود "أوسلو" وتشدّد مُحدّثتنا على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار المستجدات العالمية والإقليميّة لأنه وبعد مرور سنوات عديدة على إبرامها، بدأت تبرز التداعيات السلبيّة لهذه الاتّفاقية على الفلسطينيين وعلى السّلم في المنطقة ككلّ. ولمزيد الإيضاح تضيف علوش أن مسألة التّحيين هذه لا تهمّ القضيّة الفلسطينيّة فحسب بل كلّ برنامج التّاريخ بدون استثناء، فمن غير المعقول على حدّ تعبيرها أن يتوقف تاريخ تونس المعاصر مثلًا عند حدود سنة 1987 وتاريخ العالم عند حدود نهاية الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفياتي سنة 1990.
فائزة علوش لـ"الترا تونس": يجب تحيين المعطيات المتعلقة بالقضيّة الفلسطينيّة حتّى لا تقف عند حدود "أوسلو" مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار المستجدات العالمية والإقليميّة
وفي تعليقها على المظاهرات الداعمة لغزة في الفترة الأخيرة ودورها في الدفع نحو مراجعة حضور القضية الفلسطينية كميًا ونوعيًا، تؤكّد فائزة علوش بأنّ الحدث قد ساهم في التذكير بمركزيّة القضية بالنسبة للتونسيين، فهي حاضرة لدى مختلف الأجيال وخاصّة منهم الشباب الذّي برهن على أن فلسطين قضيته أيضًا، وليست قضيّة الشّعب الفلسطيني فحسب، ومن ثمّة يصبح التّعامل مع الكيان الصهيوني بوصفه كيانًا محتلًّا مستحيلًا، والتّطبيع معه أمرًا مرفوضًا.
تضيف فائزة علوش في السياق نفسه قائلة: "إن اختراق اللّوبي الصهيوني اليوم لوسائل الإعلام ولوسائل التواصل الاجتماعي وتبريره للقتل اليومي للأبرياء وتدنيسه للمقدّسات، جعل النّاس ينبشون أكثر من أي وقت مضى في تاريخ القضية وفي جذورها وفي أسباب الصّراع العربي الصّهيوني ويطرحون تساؤلات لن يجدوا الإجابة عنها إلّا في دروس التّاريخ المؤهّلة أكثر من غيرها للقيام بهذه المهمّة".
- دور المدرسة والأطر التشريعية في التصدّي للتطبيع واللامبالاة
تعتبر فائزة علّوش أنّ دعم الدوّلة التونسيّة وشعبها المتواصل للقضيّة الفلسطينية قد أعطى صورة مشرفة لشعب يتطلع للكرامة والانعتاق وهو ما يعكس وجود انسجام بين الجانبين الرسمي والشعبي في مناصرة حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته وتحرير كافة أراضيه من الاحتلال، هذا الدّعم يجب أن يترجم على حدّ تعبير، المتفقد العامّة، إلى إجراءات عملية من بينها تمرير مشروع "تجريم التطبيع" ولم لا؟، تضيف علوش، تعزيز إدراج القضية الفلسطينية في برامج التاريخ وبقية المواد الاجتماعية والإنسانية كالتّربية المدنيّة والفلسفة.. فذلك السبيل الأمثل وفقها، حتى يتمكن المتعلمون من إدراك معنى الظلم والقهر الذّي يتعرض له الشعب الفلسطيني، وهذا من شأنه أن ينمّي لديهم التشبث بقيم العدالة والمساواة ويشجعهم على المشاركة الفعالة في المناقشات السياسية ويطوّر وعيهم التاريخي والسياسي بدل اللّامبالاة.
إن التزام تونس بدعم القضية الفلسطينية وتعزيز الوعي الثقافي والتاريخي للأجيال القادمة من شأنه وفق علوش أن يولّد لديها الشعور بالمسؤولية تجاه هذه القضية مما يساهم في تشكيل جيل واع ومستعد لتحمل دور إيجابي في بناء عالم أفضل وأكثر عدالة.
فائزة علوش لـ"الترا تونس": التركيز على الجانب الكرونولوجي في تدريس القضية لا يشجّع كثيرًا المتعلّمين على البحث والتّفكير النّقدي حول الصّراع الإسرائيلي الفلسطيني وتداعياته
وحول تطوير منهجية تناول القضية الفلسطينية تؤكّد علوش على أنّ التركيز على الجانب الكرونولوجي في تدريس القضية (التّركيز على الأطوار) لا يشجّع كثيرًا المتعلّمين على البحث والتّفكير النّقدي حول الصّراع الإسرائيلي الفلسطيني وتداعياته، لذا يتعين على البرامج مستقبلًا، وفقها، الإلمام بمختلف الجوانب التّاريخية والسياسيّة والاجتماعيّة للقضيّة، ممّا يساعد الناشئة على تطوير مهارات البحث والتّحليل وفهم القضايا الدوليّة بشكل أفضل.
تختم فائزة علوش قراءتها لمنزلة القضيّة الفلسطينية قائلة لـ"لترا تونس": "يمكن الإقرار بأن حضور القضيّة الفلسطينيّة في برامج التّاريخ بالبلاد التونسيّة يعكس التزام المنظومة التربويّة التونسيّة بمعالجة القضايا الإنسانيّة العادلة وهذا من شأنه أن يدعم اهتمام النّاشئة بالأحداث التاريخية والسياسية الكبرى في العالم ويوفر الفرصة للمتعلمين لدراسة وفهم هذا الصّراع المعقّد ويعزّز مشاركتهم المستقبلية في تحقيق العدالة والسلم في المنطقة وفي العالم. ومن المهمّ أيضًا ونحن بصدد مراجعة البرامج التعليمية أن نطوّر الجهود في هذا الاتجاه لضمان حضور القضيّة الفلسطينيّة في برامج التاريخ بشكل أنسب في جميع المستويات الدراسيّة".