الترا تونس - فريق التحرير
تعيش تونس، الخميس 16 جوان/يونيو 2022، على وقع إضراب عام في 159 مؤسسة ومنشأة عمومية على كامل تراب الجمهورية، كان قد دعا إليه الاتحاد العام التونسي للشغل، المنظمة النقابية المركزية في تونس.
وكان الاتحاد العام التونسي للشغل قد أقر، في برقية تنبيه بإضراب أصدرها الثلاثاء 31 ماي/ أيار 2022، الإضراب العام في 159 مؤسسة ومنشأة عمومية طيلة يوم 16 جوان/ يونيو 2022.
وجاء في برقية اتحاد الشغل أنّ هذا الإضراب العام يأتي "أمام تعمد الحكومة التونسية ضرب مبدأ التفاوض وتنصّلها من تطبيق الاتفاقيات المبرمة وعدم استعدادها لإصلاح المؤسسات العمومية، وأمام الارتفاع الجنوني المتواصل لأسعار كافة المواد"، وفقه.
ورد في برقية اتحاد الشغل أن هذا الإضراب العام يأتي على خلفية "تعمد الحكومة ضرب مبدأ التفاوض وتنصّلها من تطبيق الاتفاقيات المبرمة وعدم استعدادها لإصلاح المؤسسات العمومية"
وكانت الهيئة الإدارية الوطنية لاتحاد الشغل، المنعقدة بتاريخ 23 ماي/ أيار 2022، قد قررت دخول كافة أعوان المنشآت والمؤسسات العمومية المسجلة أسفله (159 مؤسسة ومنشأة عمومية)، في إضراب كامل يوم الخميس 16 جوان/ يونيو 2022، من أجل تلبية المطالب الآتية:
- سحب المنشور عدد 20 الصادر بتاريخ 9 ديسمبر/ كانون الأول 2021.
- تطبيق جميع الاتفاقيات الممضاة.
- الدخول الفوري في مفاوضات اجتماعية تفضي إلى ترميم المقدرة الشرائية بعنوان سنوات 2021/ 2022/ 2023.
- الشروع الفوري في إصلاح المنشآت والمؤسسات العمومية حتى تلعب دورها الاقتصادي والاجتماعي وعدم اللجوء إلى الخوصصة الجزئية أو الكلية تجسيمًا لمحضر الاتفاق الممضى بين الحكومة واتحاد الشغل بتاريخ 22 أكتوبر/ تشرين الأول 2018.
- إلغاء المساهمة التضامنية (1%).
- إنهاء التفاوض في القانون العام لأعوان المنشآت والمؤسسات العمومية
- جلسة تفاوض "غير جدية"
وكانت قد انعقدت، الاثنين 12 جوان/يونيو 2022، جلسة تفاوض بين وفدين عن اتحاد الشغل والحكومة، من أجل التوصل إلى حل فيما يتعلق بالإضراب العام، بيد أن الاتحاد أعلن في ساعة متأخرة من اليوم ذاته أن الجلسة التي استمرت لـ5 ساعات متواصلة "لم تسفر عن نتائج إيجابية، مؤكدًا أن الإضراب العام المزمع تنفيذه يوم 16 جوان/يونيو الجاري لا يزال قائمًا.
وذكر اتحاد الشغل، وفق ما أورده موقع "الشعب نيوز" التابع له، أنه "لم يرد في محضر الجلسة أي اتفاق إلا في تسقيف التفاوض حول القانون العام للوظيفة العمومية والقانون العام للمنشآت والدواوين إلى موفى جويلية/يوليو 2022"، مستطردًا أن "الوفد النقابي تمسك بناء على ذلك بتنفيذ الإضراب العام في القطاع العام"، داعيًا المكتب التنفيذي الوطني إلى "مواصلة التعبئة لإنجاح الإضراب في كنف الوعي والمسؤولية".
على الرغم من انعقاد جلسة تفاوض بين اتحاد الشغل قبل أيام قليلة من موعد الإضراب إلا أنها "لم تسفر عن نتائج إيجابية" وكانت "غير جدية" وفق ما أكده الاتحاد
وسبق أن أكد الأستاذ الجامعي المختص في الاقتصاد والخبير لدى قسم الدراسات التابع للاتحاد العام التونسي للشغل عبد الرحمان اللاحقة، في تصريح إعلامي الخميس 9 جوان/ يونيو 2022، أنّ "الحكومة هي من تدفع لإضراب 16 جوان/ يونيو وتشجّع عليه"، مؤكدًا أن "الإشكالية تكمن في انقطاع الحوار الاجتماعي ولهذا تمت الدعوة إلى الإضراب"، وفقه.
وهو ما جدد تثبيته اتحاد الشغل، في بيان لمكتبه التنفيذي الوطني الأربعاء 15 جوان/يونيو 2022، بتأكيد مضيه في تنفيذ الإضراب العام في القطاع العمومي يوم 16 جوان/يونيو الجاري، بعد فشل المفاوضات مع الحكومة.
وورد في ذات البيان أن "أعوان القطاع العام يخوضون بالفكر والساعد الخميس 16 جوان/يونيو 2022 إضرابًا من أجل الدفاع عن حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، بعد أن ماطلت الحكومة في الاستجابة إلى مطالبهم المشروعة واستهانت ببرقية التنبيه بالإضراب الصادرة منذ 31 ماي/أيار 2022 والتي جاءت بقرار من الهيئة الإدارية الوطنية منذ 23 ماي/أيار 2022 وبعد جلسة غير جدّية لم يتمّ عقدها إلا يوم الاثنين 13 جوان/يونيو الجاري ضمن اللجنة المركزية للتصالح، تقدّمت فيها الحكومة بإجابات لا توحي برغبة حقيقية في تجاوز الإضراب وإيجاد الحلول للخروج بنتائج إيجابية في المفاوضة الجماعيّة تجنّب البلاد في هذا الظرف الدقيق المزيد من التوتّر وتؤمّن الاستقرار الاجتماعي".
- مساندة محلية ودولية للإضراب العام
ولقي قرار الاتحاد العام التونسي للشغل بتنفيذ الإضراب العام تضمانًا ومساندة على المستويين المحلي والدولي.
لقي قرار اتحاد الشغل بتنفيذ الإضراب العام تضمانًا ومساندة على المستويين المحلي والدولي
محليًا، عبرت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين عن "مساندتها التامة لنضالات الاتحاد العام التونسي للشغل من أجل تحقيق مطالبه المشروعة، خاصة أمام عدم تحمل الحكومة لمسؤولياتها في إدارة التفاوض الاجتماعي والتحاور مع الأطراف الاجتماعية والالتزام بالاتفاقيات السابقة".
كما أعربت، في بيان لها، عن تضامنها مع الاتحاد "لما يتعرض له من حملات تشويه وهرسلة على خلفية مواقفه"، وفق ما جاء في البيان ذاته.
تونس في 15 جوان 2022 بيان تعبر النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين عن مساندتها التامة لنضالات الاتحاد العام التونسي...
Posted by النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين-Snjt on Wednesday, June 15, 2022
بدورها، وجهت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، الأربعاء 15 جوان/يونيو 2022، برقية مساندة إلى المنظمة الشغيلة عبرت لها فيها عن مساندتها إياها "في ماطلبها المشروعة"، وفق تعبيرها.
#عاش_الاتحاد_العام_التونسي_للشغل
Posted by UGTT - الاتحاد العام التونسي للشغل - (page officielle) on Wednesday, June 15, 2022
وعلى الصعيد الدولي، أبدى الاتحاد الأوروبي للنقابات، الأربعاء 15 جوان/يونيو 2022، دعمه الكامل للإضراب العام الذي يقوده الاتحاد العام التونسي للشغل في تونس الخميس 16 جوان/يونيو 2022.
وقال أمين عام الاتحاد الأوروبي للنقابات لوكا فيسينتيني: "إننا نتضامن مع زملائنا في الاتحاد العام التونسي للشغل في كفاحهم المهم للغاية من أجل الديمقراطية والاحترام الكامل للحقوق الاجتماعية والنقابية في تونس".
بدوره، عبر الاتحاد الدولي للمعادن، في برقية مساندة وجهها لاتحاد الشغل في تونس، عن مساندته التامة لتحركات الاتحاد "من أجل تحقيق مطالبه المشروعة"، وفق ما ورد في البرقية.
مساندة #الاتحاد_الدولي_للمعادن
Posted by UGTT - الاتحاد العام التونسي للشغل - (page officielle) on Wednesday, June 15, 2022
- داعمون للرئيس يلوحون بـ"العمل على إفشال الإضراب"
في المقابل، عقد ما يعرف بـ"حراك 25 جويلية" الداعم للرئيس التونسي قيس سعيّد، الأربعاء 15 جوان/يونيو 2022، ندوة صحفية للتنديد بالإضراب العام الذي يقوده الاتحاد العام التونسي للشغل.
حراك 25 جويلية (داعم لسعيّد): سنناضل بكلّ الوسائل لإفشال الإضراب العام "العشوائي وغير الشرعي"
وقال عضو المكتب الوطني للحراك عبد الرزاق الخلولي، في كلمة له على هامش الندوة الصحفية، إن "اتحاد الشغل يختلق اضرابات عشوائية وغير شرعية يسعى من خلالها لتعطيل مسار 25 جويلية دون مبرّر"، معقبًا: "سنناضل بكلّ الوسائل حتى نُفشل ما تخططون له ونفشل هذا الإضراب"، على حد ما جاء على لسانه.
- دعوة لإنجاح الإضراب
وفي الأثناء، جدد الاتحاد العام التونسي للشغل، في بيان مكتبه التنفيذي الوطني الصادر الأربعاء 15 جوان/يونيو 2022، دعوة "العمال والعاملات لإنجاح الإضراب ولإبلاغ صوتهم عاليًا ولتأكيد تصميمهم ووعيهم ومسؤوليتهم في الدفاع عن حقوقهم في وجه الصلف والاستهتار والبرامج اللا شعبية"، وفق البيان. كما دعا العمال للحضور بكثافة أمام المقر الوقتي للاتحاد العام التونسي للشغل بشارع الولايات المتحدة بداية من الساعة التاسعة صباحًا يوم الإضراب العام.
اتحاد الشغل يدعو العمال "لإنجاح الإضرابهم والدفاع عن حقوقهم في وجه الصلف والاستهتار والبرامج اللا شعبية" ويندد بـ"حملات التشويه" ضده
وشدد الاتحاد العام التونسي للشغل على أن "إضراب يوم 16 جوان 2022 هو فرصة للأجراء لتأكيد وحدتهم وتشبّثهم بحقوقهم وتحدّيهم للهرسلة والتهديدات بما فيها التسخيرات غير الدستورية وغير القانونية، وهي مناسبة ليعبّروا عن غضبهم إزاء تردّي أوضاعهم وتدنّي أجورهم وتهديد مواطن رزقهم وسيكون يومًا للتجمّع في دور الاتحاد وساحاتها لإبلاغ صوتهم إلى الرأي العام وإلى من تجاهلوا حقوقهم المشروعة واستهانوا بقوّتهم وجحدوا جهودهم وعرقهم وعملهم"، وفق ذات البيان.
في سياق متصل، أكد الاتحاد العام التونسي للشغل أنه "منذ أن أعلن عن قرار الإضراب العام في القطاع العام، اشتعلت حملة تشويه وتشهير غير مسبوقة انطلقت بمحاولة البعض من هنا وهناك تسييس الإضراب وتوظيفه وتواصلت بنشر الإشاعات والأكاذيب والأخبار الزائفة والإساءة إلى النقابيين وانتهت بالشحن والتحريض على الاتحاد وعلى قيادته ووصلت إلى حدّ التهديد، ممّا خلق حالة من التوتّر والاحتقان تنذر بموجة عنف وحالات فوضى يدبّر لها البعض ويخطّطون".
وسبق أن صرح الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، بتاريخ 9 جوان/يونيو 2022، إن اتحاد الشغل مستهدف من السلطة في تونس "لأنه يقول كلمة الحق ولأن صوته مدوّ ومرتفع ولا يخشى أحدًا"، وفق تعبيره. وأضاف الطبوبي، في تصريح لوسائل إعلام محلية على هامش اختتام المؤتمر الدولي للشباب بقطاع النقل، أن اتحاد الشغل طوى صفحة "الحوار"، مؤكدًا أنه يرفض "سياسة المخاتلة السياسية التي تعتمدها السلطة"، وفق توصيفه.
سبق للطبوبي أن أكد أن اتحاد الشغل مستهدف من السلطة في تونس "لأنه يقول كلمة الحق ولأن صوته مدوّ ومرتفع ولا يخشى أحدًا" على خلفية رفضه المشاركة في "الحوار"
وقد سبق أن أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل، في 23 ماي/أيار 2022، رفضه المشاركة في الحوار بالصيغة المعلنة في المرسوم الرئاسي المتعلق بإحداث هيئة استشارية لتأسيس "الجمهورية الجديدة".
وتعيش تونس على وقع أزمة سياسية حادة منذ استحواذ الرئيس التونسي قيس سعيّد، منذ 25 جويلية/يوليو الماضي، على السلطة التنفيذية بإقالته رئيس الحكومة حينها هشام المشيشي ثم حله البرلمان والانطلاق في الحكم بمراسيم في خطوة وصفها خصومه "بالانقلاب"، ويعتبرها "تصحيحًا للمسار"، وسط انتقادات داخلية وخارجية من التوجه لترسيخ حكم فردي.
ومن المنتظر أن تقوم ما أسماها قيس سعيّد "الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة"، تحت إشرافه بصياغة دستور جديد لتونس، سيتم طرحه فيما بعد للاستفتاء في 25 جويلية/يوليو القادم ثم إجراء انتخابات برلمانية في 17 ديسمبر/ كانون الأول.