03-أغسطس-2023
مهرجان قرطاج الدولي

لم يتوقف الجدل في تونس منذ انطلاق موسم المهرجانات الصيفية لهذا العام (صورة من الصفحة الرسمية لمهرجان قرطاج الدولي)

 

لم يتوقف الجدل في تونس منذ انطلاق موسم المهرجانات الصيفية، في مختلف الولايات، نظرًا للضجة التي رافقت عددًا منها وارتبطت سواءً بمشاكل تنظيمية أو تمويلية أو حتى أخلاقية، ومنها ما تجاوز صداها المستوى المحلّي.

 

  • إلغاء عروض بعدد من المهرجانات

1- مهرجان قرطاج الدولي

وكانت ضجت منصات التواصل الاجتماعي قد ضجّت تونسيًا، الأربعاء 2 أوت/أغسطس 2023، على خلفية إلغاء حفل الثنائي الفرنسي بيغفلو وأولي "Bigflo et Oli" الذي كان من المزمع إحياؤه مساء اليوم ذاته بالمسرح الأثري بقرطاج في إطار فعاليات مهرجان قرطاج الدولي.

بيغفلو وأولي: قرار إلغاء حفلنا ضمن فعاليات مهرجان قرطاج الدولي يأتي على خلفية الأوضاع الحالية في تونس

وتفاعلًا مع ذلك، أوضح الثنائي، ظهر الأربعاء، أنّ قرار إلغاء حفلهما الذي كان من المزمع تنظيمه ضمن الدورة الـ57 لمهرجان قرطاج الدولي يأتي على خلفية "الأوضاع الحالية في تونس"، دون تقديم أيّ معطيات أخرى بخصوص ذلك.

 

صورة

 

وكانت الهيئة المديرة للدورة 57 لمهرجان قرطاج الدولي قد أعلنت، صباح الأربعاء، أنّها تفاجأت فجر اليوم ذاته وبعد وصول الفريق التقني لمجموعة Bigflo et Oli إلى المسرح الأثري بقرطاج لتركيز التجهيزات التقنية، بقرار منتج الحفل إلغاء العرض دون ذكر سبب هذا الإلغاء.

كانت الهيئة المديرة لمهرجان قرطاج قد أعلنت أنها "تفاجأت بقرار منتج الحفل إلغاء العرض دون ذكر السبب" محملة الثنائي المسؤولية الكاملة لقرار الإلغاء

وذكرت، في بلاغ لها، أنه تمت على أساس ذلك دعوة عدل تنفيذ لمعاينة ذلك وتحميل مجموعة Bigflo et Oli المسؤولية الكاملة في قرارها، وفقها.

 

 

2- مهرجان الراب بجربة

وقبل ذلك بيومين، بدوره أعلن الفنان العالمي ماتر غيمس، وهو من أصول كونغولية، إلغاءه حفله في تونس ضمن فعاليات  ''مهرجان الراب بجربة''، والذي كان مقررًا ليوم 11 أوت/أغسطس 2023.

المغني العالمي ماتر غيمس يلغي حفله ضمن فعاليات ''مهرجان الراب بجربة'' على خلفية ما اعتبره ''معاملة لا إنسانية من قبل السلطات التونسية تجاه المهاجرين وطردهم إلى الحدود التونسية الليبية"

وأوضح المغني المذكور عبر ''ستوري'' على حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي ''أنستغرام'' أن إلغاء الحفل يأتي على خلفية ما اعتبره ''معاملة لا إنسانية من قبل السلطات التونسية تجاه المهاجرين وطردهم إلى الحدود التونسية الليبية".

 

 

3- مهرجان الحمامات الدولي

وتواصلت موجة إلغاء الفنانين الأجانب عروضهم في تونس، إذ أعلنت إدارة مهرجان الحمامات الدولي، الأربعاء 2 أوت/أغسطس 2023، أنّه تم إلغاء حفل الفنانة المالية فاتوماتا دياوارا الذي كان من المزمع تنظيمه الخميس 3 أوت/أغسطس الجاري ضمن فعاليات الدورة 57 للمهرجان.

إدارة مهرجان الحمامات تعلن تلقيها بريدًا إلكترونيًا صادرًا عن إدارة أعمال الفنانة المالية فاتوماتا دياوارا يتضمن ملفاً طبياً يفيد بتعكر مفاجئ لحالتها الصحية ويلزمها عدم السفر ما يعني إلغاء حفلها بالمهرجان

وذكرت إدارة المهرجان، في بلاغ لها، أنها تلقت بريدًا إلكترونيًا صادرًا عن إدارة أعمال الفنانة المذكورة يتضمن ملفاً طبياً يفيد بتعكر مفاجئ لحالتها الصحية ويلزمها عدم السفر. 

وأشارت إدارة المهرجان إلى أنه "بإمكان كل من اقتنى تذكرة للعرض استرجاع ثمنها عن طريق الاتصال بإدارة المركز الثقافي الدولي بالحمامات دار المتوسط للثقافة والفنون، بداية من يوم الاثنين 7 أوت/أغسطس الجاري"، حسب ما ورد في البلاغ ذاته.

 

 

لكن إلغاء العروض لم يكن من جهة الفنانين في جميع الحالات، بل كان من طرف الجهة المنظمة في عروض معينة كما هو الحال بالنسبة لعرض الفنانة التونسية آمال المثلوثي الذي كان من المزمع تنظيمه يوم 9 أوت/أغسطس الجاري، إذ أعلنت إدارة مهرجان الحمامات الدولي 2023 في دورته 57، يوم الثلاثاء 1 أوت/ أغسطس 2023، عن إلغائه.

ولم توضّح إدارة المهرجان في بلاغها المقتضب، سبب إلغائها عرض آمال المثلوثي.

بلاغ إدارة المهرجان، قابله بلاغ آخر من الفنانة آمال المثلوثي التي احتّجت على طريقة إلغاء الحفل، قائلة إنّ "تونس تضرب من جديد وتواصل في إقصاء أبنائها وفنانيها من بلادهم ومن حقهم الشرعي في التواجد على أرض الوطن". 

آمال المثلوثي: تونس تضرب من جديد وتواصل في إقصاء أبنائها وفنانيها من بلادهم وإلغاء حفلي تمّ دون حتى إعلامي أو إعلام فريقي

وتابعت المثلوثي، أنّه "بعد قرطاج في 2017، يلغي مهرجان الحمامات عرضها بدون حتى إعلامها أو إعلام فريقها. وأنه قد تم إرسال إيميل لحاملي التذاكر ولم يتم الرد من طرف إدارة المهرجان إلى الآن على هذه الرسالة". 

وأرجعت المثلوثي هذا الإلغاء "بعد الحملة التي رافقت تواجدها في فلسطين وإحيائها 3 حفلات في رام الله، بيت لحم والقدس، ضمن مهرجان ليالي الطرب بقدس العرب بدعوة من معهد إدوارد سعيد المركز الثقافي الرمز، للكفاح ضد الاحتلال والذي يحيي حفلات مع فنانين عرب منذ 30 سنة وسبق أن شارك فيه لطفي بوشناق وأنور براهم" وفقها. 

وكانت الفنانة التونسية آمال المثلوثي، قد أعلنت وفق تدوينة نشرتها على حسابها بفيسبوك، ليل الخميس 27 جويلية/ يوليو 2023، أنّها "قررت التخلي عن فكرة إقامة حفل في مدينة حيفا المحتلة في فضاء يملكه فلسطيني، تفاديًا لأي سوء فهم، وتبعًا لما أثارته جولتها في الأراضي الفلسطينية من جدل وتباين في الآراء بين مرحب ورافض".

وأكدت آمال المثلوثي أن "مناصرتها للقضية الفلسطينية مسألة محسومة وأمر واقع تعبر عنه تصريحاتها، أغانيها ومواقفها" وفق تدوينتها المقتضبة.

 

 

4- مهرجان سوسة الدولي

بدورها، كانت إدارة مهرجان سوسة الدولي قد أعلنت، في 23 جويلية/يوليو المنقضي،  إلغاء عرض الكوميدي "أمين رادي" الذي كان مقررًا في 29 جويلية/يوليو 2023.

وذكرت إدارة المهرجان، في بلاغ مقتضب لها، أن إلغاء العرض جاء لأسباب خارجة عن نطاق المهرجان، مقدمة اعتذاراتها  لكل من كان يتطلع بشغف إلى هذا العرض، دون أن توضّح أسباب إلغائه.

 

 

  • إلغاء مهرجان الجاز الدولي بطبرقة

ولم يتوقف الأمر عند إلغاء عروض في عدد من المهرجانات، وإنما بلغ حد إلغاء مهرجانات برمتها. 

يتعلق الأمر بمهرجان الجاز الدولي بطبرقة الذي أعلنت إدارته، الأربعاء 2 أوت/أغسطس 2023، عن "إلغاء دورته الـ20 التي كان من المفترض أن تمثل في هذه السنة فرصة للاحتفال بالذكرى الـ50 لانطلاق احتفالية موسيقى الجاز التي أدت لانبعاث هذا المهرجان العريق والتي كان من المأمول انتظامها من 11 إلى 19 أوت/أغسطس 2023".

إدارة مهرجان الجاز بطبرقة: نقص وانعدام التمويلات وعدم تعاون وزارتي السياحة والثقافة جعلت من المستحيل تنظيم المهرجان بمستوى يليق بشهرته الدولية

وذكرت إدارة المهرجان، في بلاغ لها، أنّ "نقص وانعدام التمويلات وعدم تعاون وزارتي السياحة والثقافة جعلت من المستحيل تنظيم المهرجان بمستوى يليق بشهرته الدولية، رغم الجهود الحثيثة والتنازلات والمرونة الكبيرة التي قدمها فريق التنظيم"، وفقها.

وأشارت، في ذات الصدد، إلى أنه "كان من المأمول أن يكون هناك تعاون أكبر ومرونة أكثر خاصة فيما يتعلق بالتمويل وآجاله لفائدة مهرجان طبرقة للجاز لسنة 2023 والذي كان من المبرمج أن يقدم فنانين عالميين مثل بيت سميث وبيغ دادي ويلسون وماديسون ماكفيرين وجون شانون، وأن يحظى بالاحترام والدعم الذي تلقاه دائمًا من جمهورنا الرائع".

 

 

  • كلام "بذيء" على ركح قرطاج

أثار عرض الممثل الفرنسي الكوميدي "AZ"، ليلة 16 جويلية/يوليو 2023، في إطار عروض مهرجان قرطاج الدولي الجدل على خلفية تلفظه بكلمة أعتبرت "بذيئة" من قبل الكثيرين وتكرارها عدة مرات.

ندد عديد النشطاء على منصات التواصل الاجتماعي بما اعتبروه "اعتداءً على الضوابط الفنية والذوقية والأخلاقية واستخفافًا بالذوق العام وبأعرق مهرجان في تونس"

وقد ندد عديد النشطاء على منصات التواصل الاجتماعي بما اعتبروه "اعتداءً على الضوابط الفنية والذوقية والأخلاقية واستخفافًا بالذوق العام وبأعرق مهرجان في تونس"، وفق تقديرهم.

كما لام آخرون على وزارة الثقافة التونسية ما اعتبروه "تبذير" مخزون المالية العمومية على عروض تروج ما اعتبروه "ابتذالًا"، منددين بعدم القيام بالاطلاع على نصّ العرض قبل تقديمه للجمهور، وفق توصيفهم.

 

 

وقد علق الرئيس التونسي قيس سعيّد، الثلاثاء 18 جويلية/ يوليو 2023، على ذلك معتبرًا أنّ "ما حصل على مسرح قرطاج، فيه اعتداء على مهرجان قرطاج الدولي ذي التاريخ التليد، بل يرتقي إلى مرتبة الجريمة التي يعاقب عليها القانون"، معقبًا أنه "من المفروض أن يعاقب بالسجن وبخطية مالية من اعتدى علنًا على الأخلاق الحميدة أو الآداب العامة على مسرح قرطاج، لا أن يُجازى بمقابل يناهز 26 ألف يورو للعرض"

وأضاف سعيّد لدى استقباله بقصر قرطاج وزيرة الثقافة التونسية حياة قطاط القرمازي، أنّ "ما يحصل في تونس اليوم في المجال الثقافي وغيره من المجالات "لم يعد من الممكن أن يستمرّ"، مذكرًا بأن "من الأهداف النبيلة التي أنشأت من أجلها المهرجانات في تونس نشر الثقافة والارتقاء بالمجتمع فضلًا عن نوادي السينما ودور الثقافة في كل أنحاء البلاد"، وبأن "ركح مسرحي قرطاج والحمامات، على وجه الخصوص، لم يكونا مفتوحين إلا أمام الفنانين المبدعين الملتزمين ولم تكن تطأ أقدام أحد خشبتي هذين المسرحين من الذين لا علاقة لهم لا بالفنّ ولا بالثقافة، بل يتمّ الاختيار الدقيق على من هو جدير بالفعل بأن يشارك فيهما مشاركة تتناغم مع السياسة الثقافية للدولة" على حد قوله.

جدير بالإشارة إلى أنّ الجدل الذي أثارته مختلف العروض في علاقة بعدد من المهرجانات التونسية لهذه الصائفة قد أسال الكثير من الحبر وخلق عديد التساؤلات والمخاوف بخصوص مستقبل هذه المناسبات الموسمية التي ربما تمثل المتنفّس الثقافي الوحيد للكثيرين والأكبر صيتًا بالبلاد في ظلّ شحّ التظاهرات الثقافية على مدار السنة.