07-نوفمبر-2023
محامو وقضاة تونس يدعمون غزة

لئن عبر محامو وقضاة تونس عن دعمهم لغزة بمختلف الأشكال إلا أنّه لا يزال هناك شقاق في الاحتجاج بين الهياكل (ياسين القايدي/ الأناضول)

 

لا غرو أن دعم القضية الفلسطينية والتنديد بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة هو ممّا لا يُختلف فيه بين جمهور المحامين والقضاة في تونس على النحو الذي عكسته مواقف هياكلهما المهنية والتمثيلية منذ 7 أكتوبر/تشرين الثاني 2023. مواقف حاسمة وأنشطة متعددة تعكس التزامًا حاسمًا. بيد أن معاينة أشكال الإسناد تؤكد القطيعة فيما بينها، في ظل غياب التنسيق من جهة أولى، وغياب أنشطة موحّدة انعكاسًا لوحدة الموقف من جهة ثانية. 

لا يزال الشقاق على خلفية تباين المواقف الجذري في قضايا استقلال القضاء والعلاقة مع السلطة التنفيذية منذ 25 جويلية/يوليو 2021، هو المخيّم على أجواء العدالة في تونس.

 

رصد مواقف محامي وقضاة تونس.. تفاعل مبكّر ونقابة القضاة تتأخر

تتالت بيانات الهيئة الوطنية للمحامين وجمعية المحامين الشبان وجمعية القضاة التونسيين وبصفة متأخرة نقابة القضاة التونسيين إسنادًا للقضية الفلسطينية وإدانةً للجرائم الصهيونية في الأراضي المحتلة.

 بيان هيئة المحامين الصادر باسم عميدها، مساء 7 أكتوبر/تشرين الثاني 2023، تضمّن إشادة لافتة بـ"طوفان الأقصى" باعتبارها "عملية عسكرية نوعية وتاريخية دكّت معاقل جيش الكيان الصهيوني الغاصب وأنهت أسطورة -الجيش الذي لا يُقهر-" مع تأكيد "الدعم المبدئي لخيار المقاومة المسلحة كخيار وحيد لاسترجاع الأرض المسلوبة". هذا البيان لحقه آخر عن مجلس الهيئة بتاريخ 17 أكتوبر/تشرين الثاني 2023 تضمّن، بالخصوص، إدانة لتواطؤ حكومات الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واستنكار مواقف المنظمات المهنية والقانونية والحقوقية الأوروبية. 

دعم القضية الفلسطينية والتنديد بالعدوان الإسرائيلي ممّا لا يُختلف فيه بين المحامين والقضاة في تونس بيد أن معاينة أشكال الإسناد تؤكد القطيعة فيما بينها في ظل غياب التنسيق من جهة أولى، وغياب أنشطة موحّدة انعكاسًا لوحدة الموقف من جهة ثانية

عبّرت جمعية المحامين الشبان بدورها عن مباركتها لـ"طوفان الأقصى" واعتبرت أنهّا "رد فعل طبيعي ومشروع لشعب اُنتهك عرضه واُغتصبت أرضه" (بيان 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023).

لم يتأخر أيضًا بيان جمعية القضاة التونسيين بتاريخ 8 أكتوبر/تشرين الأول الداعم لـ"المقاومة الفلسطينية الباسلة"، والحاسم أن "طوفان الأقصى" هو "ردّ شرعي ومبرّر على جرائم الاحتلال الصهيوني مع التسجيل الإيجابي لـ"موقف تونس المبدئي الداعم للقضية الفلسطينية"، في إشارة للموقف الرسمي. جدّدت الجمعية موقفها في بيان ثانٍ بتاريخ 18 أكتوبر/تشرين الأول مستنكرة الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني. هي مواصلة للموقف التاريخي للجمعية الداعم بحماسة للقضية عبر شواهد متعددة منها زيارة رئيستها كلثوم كنو عام 2012 لقطاع غزة، فضلًا عن تأييدها لسنّ قانون لتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني.

في المقابل، ظلّت نقابة القضاة التونسيين غائبة لم يُسمع لها أي صوت، وذلك على سنّتها في عدم إعلانها مواقف أو في تأخر إعلانها بما يشمل حتى المستجدات القضائية (لم تصدر نقابة القضاة مثلًا بيانها من الحركة القضائية 2023-2024 إلا بعد 10 أيام من صدورها في الرائد الرسمي). 

على عكس بقية هياكل المحاماة والقضاء في تونس لم تصدر نقابة القضاة التونسيين بيانًا للتفاعل مع ما يحصل في فلسطين إلا بعد ما يزيد عن أسبوعين من بدء العدوان الإسرائيلي وخصّصت النقطة الأولى لـ"تثمين موقف الدولة التونسية"

فلم تصدر بيانها تفاعلًا مع الحدث إلا يوم 24 أكتوبر/تشرين الأول أي بعد ما يزيد عن أسبوعين من بدء العدوان الإسرائيلي. وخصّصت النقطة الأولى لـ"تثمين موقف الدولة التونسية" قبل تصدير موقفها، وهو ما يعزّز التقدير على بعد الولاء للسلطة التنفيذية التي باتت تحرص النقابة على إظهاره في بياناتها. فمثلًا في بيانها حول الحركة القضائية الأخيرة، ابتدأته أيضًا بتثمين "المجهودات المبذولة" لإصدارها مع الإشادة بها، والحال أن هذه الحركة كرّست قضاة الموالاة وعاقبت قضاةً معروفين بدعمهم لاستقلال القضاء عبر النقل التعسفية، بما مثّلته من آخر مراحل وضع السلطة السياسية يدها على القضاء.

 

 

انحياز الاتحادات الدولية لإسرائيل.. هيئة المحامين تحتّج وجمعية القضاة تصمت

أصدر الاتحاد الدولي للمحامين بيانًا منحازًا لدولة الكيان بتاريخ 12 أكتوبر/تشرين الأول 2023 تضمّن إدانة لـ"الهجوم الشنيع لحماس ضد إسرائيل" داعيًا الحركة الفلسطينية لإنهاء هجماتها بصفة فورية دون مطالبة إسرائيل بإنهاء عدوانها على القطاع المحاصر مع تجاهل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي يتعرّض إليها الشعب الفلسطيني. 

احتجّت هيئة المحامين، في مراسلة وجهتها لرئيسة الاتحاد الدولي بتاريخ 19 أكتوبر/تشرين الأول، عن هذا البيان الداعم "لمجازر الكيان الصهيوني" وبما تضمّنه من خروج عن الحياد وفق نظامه الأساسي. وذكّرت، في المراسلة التي نشرتها على صفحتها، بحق الشعب الفلسطيني المحتلّ في المقاومة والدفاع عن أرضه طبق ميثاق الأمم المتحدة. 

لئن أدانت هيئة المحامين في تونس موقف الاتحاد الدولي للمحامين المساند لإسرائيل فإنّ جمعية القضاة التونسيين لازمت الصمت ولم تحتجّ على الانحياز المفضوح للاتحاد الدولي للقضاة مع الاحتلال

وأعلنت الهيئة مقاطعة أشغال الملتقى الدولي للاتحاد بروما بين 25 و29 أكتوبر/تشرين الأول المنقضي مع إمكانية تعليق العضوية في صورة عدم الرجوع عن موقفه داعية أيضًا لتسجيل موقف المحاماة التونسية وعرضه على الجلسة العامة للاتحاد. 

وفيما ظهر استجابةً لاحتجاجات عدد من نقابات المحامين العربية، أصدر الاتحاد الدولي بيانًا جديدًا بتاريخ 20 أكتوبر/تشرين الأول المنقضي عبّر، في مفتتحه، عن القلق العميق من الضحايا الفلسطينيين خاصة من النساء والأطفال في غزة مع دعوة صريحة لإسرائيل إلى احترام القانون الدولي الإنساني والمطالبة بـ"النفاذ الفوري والمستمرّ" للمساعدات الإنسانية للقطاع. يعدّ البيان الثاني بذلك انتصارًا للصوت الاحتجاجي للنقابات العربية ومن بينها هيئة المحامين بتونس.


صورة

الاتحاد الدولي للقضاة بدوره انغمس في انحياز مفضوح مع الكيان الصهيوني. إذ أدان، في بيان له، العنف ضد المدنيين في إسرائيل وخاصة ضد الأطفال وكبار السن معبرًا عن تضامنه مع "الزملاء في إسرائيل وعائلاتهم" داعيًا لإيقاف العنف ضد الأبرياء، وذلك دون أي إشارة للضحايا الفلسطينيين ودون مطالبة بوقف انتهاكات القانون الدولي الإنساني في العدوان الإسرائيلي الذي كان قد بدأ قبل 5 أيام من تاريخ البيان.

غاب في المقابل احتجاج جمعية القضاة التونسيين المنخرطة في الاتحاد الدولي للقضاة، والحال أنّه كان المطلوب منها التصريح بموقف علني وصارم ضد هذا الانحياز الصارخ والتمييز الصريح في التضامن بين المدنيين بحسب انتمائهم، وبالتجاهل المقيت للجرائم المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني. الاتحاد الذي يدّعي في نظامه الأساسي (الفصل 2) بأنّه "يخلو من أي طابع سياسي" اصطفّ مع الكيان بشكل يتعارض ليس فقط مع مقومات الحياد السياسي، بل أيضًا مع مبادئ حقوق الإنسان والمواثيق الدولية التي طالما يمعن الاحتلال في خرقها. 

ضعف حضور النقابات العربية للقضاة صلب الاتحاد الدولي للقضاة الذي يضم هياكل من تونس والجزائر والمغرب ولبنان فقط، مع حضور لهيكل من دولة الكيان دون فلسطين، لا يبرّر الخضوع للأمر الواقع عبر الصمت

إنّ ضعف حضور النقابات العربية للقضاة صلب الاتحاد الذي يضم هياكل من تونس والجزائر والمغرب ولبنان فقط، مع حضور لهيكل من دولة الكيان دون فلسطين، لا يبرّر الخضوع للأمر الواقع عبر الصمت. إذ بادر نادي قضاة لبنان لدعوة الاتحاد بإعلاء الصوت لتطبيق القانون الدولي ودرء الظلم، فيما دعته نقابة قضاة الجزائر إلى إثارة الدعوى ضد الكيان أمام المحكمة الجنائية الدولية، لكن غابت الإشارة مطلقًا للاتحاد في بيانات جمعية القضاة التونسيين. 

تاليًا، تُثار الشبهة أن صمت الجمعية مردّه ما قد يظهر مناكفة للاتحاد الذي كان قد سلّم، في مؤتمره بتايوان قبل أسابيع، جائزة استقلال القضاء (جائزة مسيرة الألف رداء) لرئيسها. لكن لا تزال الفرصة، في الأثناء، سانحة لتدارك الموقف وإبعاد الشبهة. ذلك أن القناعة الراسخة بالتزام الجمعية بالدفاع عن القضية الفلسطينية وعن القضاة الفلسطينيين وعائلاتهم، إحقاقًا للعدل والتزامًا بالمواثيق الدولية، يقتضي التعبير عن موقف احتجاجي مبدئي من اصطفاف الاتحاد الدولي للقضاة خلف الكيان الصهيوني.

 

أشكال متعددة لإسناد القضية

إجمالًا، عدا البيانات، تعدّدت أشكال التعبير عن الدعم والتضامن بين هياكل المحامين والقضاة، ويمكن حصرها كما يلي:

 

  • وقفات ومسيرات: 

نظمت الفروع الجهوية للمحامين، التي تداعت بدورها لإصدار بيانات دعم للمقاومة تحت إشراف الهيئة الوطنية وقفات دعم ومناصرة يوم 10 أكتوبر/تشرين الأول 2023. ثم شاركت الهيئة في المسيرة الوطنية يوم 12 أكتوبر/تشرين الأول بتونس العاصمة، كما نظمت وقفة أمام قصر العدالة في "يوم غضب عن الجرائم الصهيوني" بتاريخ 26 أكتوبر/تشرين الأول، وكلاهما ضمن أنشطة اللجنة الوطنية لدعم المقاومة في فلسطين. 

نظمت هياكل القضاة والمحاماة في تونس وقفات ومسيرات احتجاجية تنديدًا بالعدوان الإسرائيلي، ما عدا نقابة القضاة التي انكفأت على الدعوة للمشاركة في أي تحرك بما يؤكد توجهها بعد 25 جويلية في عدم الانخراط في الأنشطة الجماعية تضامنية كانت أو احتجاجية

بدورها، نظمت جمعية القضاة وقفة احتجاجية بقصر العدالة يوم 20 أكتوبر/تشرين الأول 2020. يُشار إلى أن عددًا من المنظمات الوطنية والأحزاب بادرت بتكوين اللجنة الوطنية لدعم المقاومة بعد يومين من بدء "طوفان الأقصى" لتنسيق أنشطتها، وهي تضمّ بالخصوص الاتحاد العام التونسي للشغل، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والنقابة الوطنية للصحفيين إضافة للهيئة الوطنية للمحامين مع غياب أي هيكل تمثيلي للقضاة. 

ويُطرح السؤال، بالخصوص، حول سبب عدم انضمام جمعية القضاة والحال أنها لطالما عملت في إطار جمعياتي شبكي مع بقية المنظمات الوطنية، كسابق إمضائها على بيان المنظمات الوطنية حول غزة بتاريخ 12 ماي/أيار 2021. 

في المقابل، انكفأت نقابة القضاة على الدعوة للمشاركة في أي وقفة أو مسيرة، بما يؤكد توجهها، تحديدًا بعد 25 جويلية/يوليو 2021، في عدم الانخراط في الأنشطة الجماعية تضامنية كانت أو احتجاجية.

 

 

  • ندوات علمية: 

بادر الفرع الجهوي للمحامين بتونس بتسليط الضوء على الحرب الإسرائيلية على غزة في برنامج الندوة العلمية لافتتاح المحاضرات التكوينية التي خُصّصت، يوم 20 أكتوبر/تشرين الأول، لطرق موضوع قوانين الحرب وإجراءات التقاضي عبر تقديم مداخلتين: "قوانين الحرب" و"ملف فلسطين أمام المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية: المسار والمآل"، وذلك بحضور السفير الفلسطيني بتونس. 

والملاحظ هو إشراف الأستاذين في الجامعة التونسية محمود داوود يعقوب وإبراهيم الرفاعي على النشاط العلمي تقديمًا وتمهيدًا، وهما تونسيان فلسطينيان من موجة الفلسطينيين الذي قدموا إلى تونس، خلال العقود الماضية، للتحصيل الأكاديمي ثم بقيا للإقامة فيها. تتعزّز بذلك التقاطعات بين فلسطين وتونس التي احتضنت، للإشارة، ثمانية آلاف فلسطيني بمناسبة استقبال منظمة التحرير الوطني طيلة 11 عامًا بين 1982 و1993. 
 

  • الدعم المالي: 

لم يغب مجهود المحامين والقضاة في الدعم المالي للأشقاء الفلسطينيين. إذ فتحت هيئة المحامين، بتاريخ 12 أكتوبر/تشرين الأول، باب التبرّعات المالية والعينية بمقراتها وبحسابها البنكي تضامنًا مع الشعب الفلسطيني. 

كما شاركت الهيئة مع جمعية المحامين الشبان في تيسير بيع تذاكر السهرة الفنية الخاصة بالتضامن مع الشعب الفلسطيني يوم 20 أكتوبر/تشرين الأول المخصّصة عائداتها لحساب الهلال الأحمر الفلسطيني. 

بدورها، حثّت جمعية القضاة التونسيين منظوريها للمساهمة في المد التضامني مع الشعب الفلسطيني (بيان 18 أكتوبر/تشرين الأول 2023)، فيما دعت النقابة القضاة للتبرع بأجر يوم عمل على الأقل بعد التنسيق مع الجهات المختصة (بيان 24 أكتوبر/تشرين الأول 2023). وليس بيّنًا مدى جديّة هذه المبادرة إن ما راسلت النقابة فعلًا هذه الجهات واتفقت معها على كيفية تنفيذ التبرّع لتوضع على ذمة القضاة.

 

 

  • دعاوى قضائية: 

كوّنت هيئة المحامين لجنة قانونية خاصّة لتوثيق الانتهاكات الإسرائيلية لرفع الشكاوى والدعاوى ضد "القادة الصهاينة" وتحديدًا أمام محكمة الجنايات الدولية. وأفادت بأنها ستراسل رئاسة الجمهورية بقصد إحالة الشكوى على المحكمة الدولية ولطلب دعم الكفاءات التونسية للترشح لمنصب العضوية بالمحكمة (بيان 18 أكتوبر/تشرين الأول 2023). 

بدوره، عبّر رئيس جمعية القضاة التونسيين عن الاستعداد للتنسيق مع الجهات المتخصصة للتشكي ضد القادة الصهاينة أمام المحكمة المذكورة.

كوّنت هيئة المحامين لجنة قانونية خاصّة لتوثيق الانتهاكات الإسرائيلية لرفع الشكاوى والدعاوى ضد "القادة الصهاينة" أمام محكمة الجنايات الدولية وبدوره عبّر رئيس جمعية القضاة عن الاستعداد للتنسيق مع الجهات المتخصصة للتشكي ضد القادة الصهاينة

 

  • رسائل احتجاجية: 

أعلنت هيئة المحامين، بالإضافة إلى الرسالة الموجهة للاتحاد الدولي للمحامين، عن عزمها توجيه رسائل احتجاجية عن جرائم الإبادة وضد الإنسانية إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة، وسفير الاتحاد الأوروبي بتونس وكافة سفراء الدول الداعمة للكيان الصهيوني.


صورة
  • المقاطعة: 

أعلنت هيئة المحامين مقاطعتها أشغال الملتقى الدولي للاتحاد الدولي للمحامين بروما (25-29 أكتوبر/تشرين الأول) على خلفية بيانه المنحاز للكيان الصهيوني. 

بدورها أعلنت جمعية المحامين الشبان عن مقاطعة الأنشطة العلمية والثقافية المنظمة من طرف مجلس عمادات المحامين بفرنسا على خلفية دعمه للكيان، مع مقاطعة كل أنشطة سفارات الحكومات الأجنبية الداعمة له، دون تحديدها على وجه التفصيل.

 

 

القضايا العادلة وسؤال المبدئية

يُطرح السؤال الأخلاقي دائمًا بمناسبة تداعي هياكل للتعبير عن دعمها للقضايا العادلة كالقضية الفلسطينية عن تخلّفها عن دعم القضايا العادلة الداخلية بالخصوص في موضوع نشاطها: مثال قضية استقلالية القضاء

يُطرح السؤال الأخلاقي دائمًا بمناسبة تداعي هياكل للتعبير عن دعمها للقضايا العادلة كالقضية الفلسطينية عن تخلّفها عن دعم القضايا العادلة الداخلية بالخصوص في موضوع نشاطها: مثال قضية استقلالية القضاء. ثم يأتي الحديث، ثانيًا، عن توظيف هذه الهياكل للحظات الإجماع للتغطية ليس فقط عن استقالتها عن الدفاع عن استقلال القضاء مثلًا بل أيضًا عن مشاركتها وتواطئها في وضع السلطة السياسية يدها على القضاء. 

نقابة القضاة، على وجه التحديد، تقترح شكليًا تبرع القضاة بيوم عمل في سياق التحشيد الحالي، لكنها تتخلّف عن إنجاد القضاة المعفيين الذين تحصلوا على قرارات إدارية بوقف التنفيذ ورفضت السلطة السياسية تنفيذها. وقد أدت هذه المظلمة لقطع أرزاق هؤلاء القضاة ومصدر عيش عائلاتهم وما يعنيه من تبعات مكلفة اجتماعيًا ومعيشيًا. فلا تتعلّق المسألة، بالنهاية، بتنازع قضايا عادلة، بل بالمبدئية.