01-مايو-2022
""

الطبوبي: من غير المسموح استمرار حالة الضبابية والتفرّد السائدة حاليًا

الترا تونس - فريق التحرير

 

جدّد الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، في كلمة ألقاها الأحد 1 ماي/ أيار 2022، بمناسبة عيد العمال العالمي، دعوة الرئيس التونسي قيس سعيّد إلى "تجسيم ما عبّر عنه من استعداد لتحمّل مسؤولية الإشراف على الحوار الوطني، وذلك بالشروع الفوري في إطلاقه قبل فوات الأوان، بعد التوافق على أهدافه وإطاره وأطرافه ومحاوره وأشكال إنجازه وأجندة أشغاله، لأنه قارب النجاة الأخير" على حدّ تعبيره.

نور الدين الطبوبي: أدعو سعيّد إلى الشروع الفوري في إطلاق الحوار الوطني قبل فوات الأوان، بعد التوافق على أهدافه وإطاره وأطرافه ومحاوره وأشكال إنجازه وأجندة أشغاله

وعبّر الطبوبي عن رفض الاتحاد وبقوة، "الدعوات المغامرة لتفتيت الدولة وخلق كيانات موازية تدفع البلاد إلى المجهول، كما يرفض تجميع السلطات والتفرّد بالحكم، والتغيير الأحادي للقوانين والتشريعات، إذ من غير المسموح استمرار حالة الضبابية والتفرّد السائدة حاليًا والتي تؤدي إلى التعتيم على المشاكل، عبر خطاب شعبوي لا يزيد الوضع إلا سوءًا وانسدادًا في الأفق".

وبخصوص المفاوضات مع صندوق النقد الدولي استنكر الطبوبي أن تكون ميزانية البلاد "مرتهنة لاستجابة الصندوق"، معتبرًا أنّها ميزانية "لم تستشر فيها الحكومة الطرف الاجتماعي ولم تكن وليدة توافق وطني"، قائلًا إنّ مذكّرة الحكومة لصندوق النقد تضمنت إجراءات تتعلق بالتقليص من كتلة الأجور ووقف الانتدابات في الوظيفة العمومية، كما تضمّنت رفع الدعم والتفويت في عدد من المؤسسات العمومية.

نور الدين الطبوبي: تعهدات الحكومة لصندوق النقد الدولي مسقطة، وأدعو سعيّد إلى التدخّل لدى الحكومة التي يتحمّل مسؤولية اختيارها من أجل مراجعة خياراتها

وقال الطبوبي: "لا نعارض مبدأ اللجوء إلى القروض إذا كان ذلك يصبّ في خانة التنمية، ولكننا كنا نأمل لو تم إشراك المنظمات الوطنية في إعداد الميزانية بعد تجميد البرلمان، ونعتبر أنّ تعهدات الحكومة لصندوق النقد مسقطة وجاءت لتؤكد أنّ هذه الحكومة كغيرها، تسعى لتحميل الشغالين والطبقة الوسطى والفئات الفقيرة فشل خيارات الحكومات، وأدعو سعيّد إلى التدخّل لدى الحكومة التي يتحمّل مسؤولية اختيارها من أجل مراجعة خياراتها وعدم الالتزام بما يلحق الضرر بالشغالين وبعموم الشعب" على حدّ وصفه.

وأكد الطبوبي على ضرورة شنّ حملات تستهدف المحتكرين، والتشجيع على إقامة مجمعات فلاحية بها مركبات صناعية متكاملة، والتحكم في مسالك التوزيع، مجددًا "شجبه المطلق سياسة التفقير والتجويع المسلّطة على شعبنا التي كرّستها سبل الاحتكار المختلفة ونهج المضاربة والأساليب المقنّعة لرفع الدعم عن المواد الأساسية والحيل المخاتلة للرفع في الأسعار، ونتشبّث بضرورة فتح التفاوض للزيادة في الأجر الأدنى ولتعديل الأجور في القطاع العام والوظيفة العمومية، كما نجدد مطالبة الحكومة بتطبيق الاتفاقيات القطاعية حفاظًا على الاستقرار الاجتماعي".

كما تمسّك اتحاد الشغل أيضًا وفق الطبوبي "بإلغاء المنشور 20 حفاظًا على مصداقية التفاوض، إذ أنّ المنشور يضرب الحق النقابي ويضيّق على المفاوضات الاجتماعية، ونحن مستعدّون لخوض شتى النضالات لإبطاله" وفق تأكيده.

وشدّد الطبوبي على أنّ الاتحاد خاض جولة جديدة من المفاوضات الاجتماعية مع منظمة الأعراف كللت بالنجاح، مضيفًا: "طالبنا الحكومة في كل الجلسات التي جمعتنا بها بوجوب الالتزام بالاتفاقيات المبرمة مع الاتحاد المتعلقة بفتح التفاوض لمراجعة الأجور في القطاع العام والوظيفة العمومية، أمام استمرار تدهور المقدرة الشرائية وتجاوز نسبة التضخّم 7%، وبعد بلوغ التدهور المتواصل للمقدرة الشرائية للأجراء نسبة تقارب أو تفوق 15%".

واستعرض الطبوبي ما وصفها بأزمات سنوات 1978، و1985 وبينهما أزمة الخبز في 1984، وقبلهم جميعًا أزمة 1965، وذلك لما قال إنه "للتذكير بفشل سياسة قمع النقابيين ومحاولات تهميش الاتحاد وترهيب مناضليه، وللتأكيد على أهمية الاستفادة من تجاربنا لأخذ العبرة وعدم تكرار الأخطاء نفسها، وأولى هاته العبر هي أنه لا خيار أمام التونسيين سوى انتهاج سياسة الحوار مهما تضاربت آراؤنا، وذلك لتجنيب تونس ويلات العنف وعدم الاستقرار، والتعويل على إمكانياتنا الذاتية لإيجاد الحلول" وفق قوله.

وتابع الطبوبي: "تمرّ تونس اليوم بأزمة أكبر من الأزمات السابقة، تهدد بتفكك الدولة ومؤسساتها وانهيار اقتصادي ومالي غير مسبوق، من تمظهراته بداية اضمحلال الطبقة الوسطى".

نور الدين الطبوبي:  مستعدّون لخوض شتى النضالات لإبطال المنشور 20، ونتشبّث بضرورة فتح التفاوض للزيادة في الأجر الأدنى ولتعديل الأجور في القطاع العام والوظيفة العمومية

وقال الطبوبي إنّ اتحاد الشغل "ساند منذ البداية مسار 25 جويلية/ يوليو 2021 على أمل أن يكون فرصة أخيرة لتونس وشعبها للخروج من حالة التردّي، وكان أملنا أن نسارع بالنقاش حول الإصلاحات حتى نتدارك ما أعاقته التجاذبات والصراعات في العشرية الماضية، وأكدنا على ضرورة تنظيم حوار وطني بإشراف رئيس الجمهورية يعالج كل مظاهر الأزمة، وقد دعونا إلى الإسراع بإنهاء الحالة الاستثنائية وتوخي صياغة تشاركية لنظام سياسي وقانون انتخابي متلائمين مع خصوصية مجتمعنا، والتشبث بمبدأ الفصل بين السلطات والتوزان بينها واحترام استقلالية القضاء وتحييد مؤسسات الدولة من إدارة وجيش وأمن ورفض الاستقواء بالأجنبي" وفق تعبيره.

وأضاف الطبوبي أنّ موقف قيس سعيّد اتسم بالمقابل "بالتردّد وعدم الوضوح، مخيّرًا تنظيم استشارة إلكترونية، وهي التي لا يمكن أن تكون بديلًا عن الحوار الوطني الفعلي.. وكي لا يكون الحوار شكليًا، تمسكنا بألا يتم وفق نتائج مسبقة، وأكدنا على مشاركة كل الأحزاب الملتزمة بمدنية الدولة وسيادتها، على قاعدة رفض العودة لما قبل 25 جويلية/ يوليو" وفقه.