09-يوليو-2022
الدستور التونسي

أهم التغييرات كانت تكريس الانتخاب المباشر لأعضاء مجلس النواب

 

تضمن العدد الأخير من الرائد الرسمي للجمهورية التونسية (الجريدة الرسمية في تونس)، والصادر في ساعة متأخرة من ليل الجمعة 8 جويلية/يوليو 2022، أمرًا رئاسيًا وردت به تغييرات وتعديلات على "أخطاء تسربت إلى مشروع الدستور الجديد الصادر في 30 جوان/يونيو الماضي"، كما وصفها الرئيس التونسي قيس سعيّد، في كلمة ليل الجمعة.

بعد أكثر من أسبوع من نشر مشروع الدستور الجديد في تونس، وانطلاق  حملة الاستفتاء منذ 3 جويلية/يوليو الجاري والمتواصلة إلى 23 جويلية 2022، وانخراط شخصيات وأحزاب ومنظمات في حملتها لدعم الدستور أو معارضته، وصياغة تحليلات ومقالات عدة حول مضمونه، كان توجه الرئيس التونسي لتغيير ما أسماء "أخطاء تسربت إلى مشروع الدستور المنشور".

 

 

وبالاطلاع على الأمر الرئاسي، بلغ عدد التعديلات 46 وقد تم تفصيلها في ذات الأمر والتنصيص على إعادة نشر مشروع الدستور في الرائد الرسمي بعد التغيير. وبالنظر في هذه التعديلات، يتعلق معظمها بأخطاء إملائية ولغوية، مع بعض التعديلات "المضمونية" وإليكم أبرزها:

  • إضافة "في ظل نظام ديمقراطي" للفصل الخامس: شمل التعديل الفصل 5 من مشروع الدستور، الذي سبق أن أثارت صيغته الأولى جدلاً واسعًا وتشكيكاً في "مدنية الدولة" خاصة بعد إلغاء هذا التعبير من مشروع الدستور مقارنة بدستور 2014 وإدراج "العمل على تحقيق مقاصد الإسلام".وتم في التعديل الجديد إضافة عبارة "في ظل نظام ديمقراطي" مع الإبقاء على "العمل على تحقيق مقاصد الإسلام"، وقد أصبح الفصل بصيغته الجديدة كالتالي: "تونس جزء من الأمة الإسلامية، وعلى الدولة وحدها أن تعمل، في ظل نظام ديمقراطي، على تحقيق مقاصد الإسلام الحنيف في الحفاظ على النفس والعرض والمال والدين والحرية".

شمل التعديل الفصل الخامس من خلال إضافة عبارة "في ظل نظام ديمقراطي" مع الإبقاء على "العمل على تحقيق مقاصد الإسلام"

  • حذف "الآداب العامة" من الفصل 55 وتعويض "التلائم" بـ"التناسب": صار الفصل  بعد التعديل كالتالي "لا توضع قيود على الحقوق والحريات المضمونة بهذا الدستور إلاّ بمقتضى قانون ولضرورة يقتضيها نظام ديمقراطي وبهدف حماية حقوق الغير أو لمقتضيات الأمن العام أو الدفاع الوطني أو الصحة العمومية. ويجب ألاّ تمس هذه القيود بجوهر الحقـوق والحريات المضمونة بهذا الدستور وأن تكون مبررة بأهدافها، متناسبة مع دواعيها".
  • توضيح طريقة انتخاب نواب مجلس نواب الشعب من خلال إقرار "الانتخاب المباشر" لهم على عكس النسخة الأولى التي صمتت تماماً إزاء طريقة انتخابهم وأثارت شكوكًا عدة لكن مع تواصل ربط ذلك بالقانون الانتخابي الذي لا نزال نجهله ولا يُنتظر الإعلان عنه إلا بعد الاستفتاء فإن الغموض حول تفاصيل هذه المسألة متواصل. وصار الفصل 60 الجديد كما يلي "يتم انتخاب أعضاء مجلس نواب الشعب انتخابًا عامًا حرًا مباشرًا سريًا لمدة 5 سنوات خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من المدة النيابية، وفق ما يضبطه القانون الانتخابي".

توضيح طريقة انتخاب نواب مجلس نواب الشعب من خلال إقرار "الانتخاب المباشر" لهم على عكس النسخة الأولى التي صمتت تماماً إزاء طريقة انتخابهم لكن مع تواصل الربط بالقانون الانتخابي

 

 

 

  • تعديل الأغلبية المطلوبة للمصادقة على قانون المالية ومخططات التنمية في الفصل 84 ليصير كالتالي "لا تتم المصادقة على قانون المالية ومخطّطات التّنمية إلاّ بأغلبية الأعضاء الحاضرين بكلّ من المجلسين على ألاّ تقلّ هذه الأغلبية عن ثلث أعضاء كل مجلس".
  • في شروط الترشح لمنصب رئاسة الجمهورية، والتي كان قد ضمن "مترشحين" فقط واعتبر البعض أن مشروع الدستور يقصي النساء من الترشح لهذا المنصب لكنها أصبحت تنص على "مترشحين" و"مترشحات"، وتم في سياق ذلك تعديل نص القسم الذي يؤديه رئيس الجمهورية إثر انتخابه. الفصل 89 بعد التعديل هو التالي: "الترشح لمنصب رئيس الجمهورية حق لكلّ تونسي أو تونسية غير حامل لجنسية أخرى مولود لأب وأم ،وجد لأب، وجد لأم تونسيين، وكلّهم تونسيون دون انقطاع".
  • توضيح المدة الرئاسية الممكنة في الفصل 90 الذي صار على الصيغة التالية "ولا يجوز تولي رئاسة الجمهورية لأكثر من دورتين كاملتين متّصلتين أو منفصلتين. وفي حالة الاستقالة، تُعتبر المدة الرئاسية كاملة".

 توضيح المدة الرئاسية الممكنة في الفصل 90 الذي صار كالتالي "ولا يجوز تولي رئاسة الجمهورية لأكثر من دورتين كاملتين متّصلتين أو منفصلتين.."

 

 

  • اشتراط تزكيات للمترشح للرئاسة في الفصل 90: "يشترط أن يزكِّي المترشح أو المترشحة عدد من أعضاء المجالس النّيابية المنتخبة أو من النّاخبين وفق ما يضبطه القانون الانتخابي".
  • الإشارة إلى ضرورة تخلي رئيس الجمهورية عن أي مسؤولية حزبية في الفصل 92: "لا يجوز لرئيس الجمهورية الجمع بين مسؤولياته وأية مسؤولية حزبية".
  • إضافة انتخاب نائب رئيس المحكمة الدستورية في الفصل 125: "ينتخب أعضاء المحكمة الدستورية من بينهم رئيسًا لها ونائباً له طبقًا لما يضبطه القانون".
  • توضيح موعد وطريقة دخول الدستور حيز التنفيذ في باب الأحكام الانتقالية: "يدخل هذا الدستور حيز النّفاذ ابتداء من تاريخ إعلان الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن نتيجة الاستفتاء النهائية، وبعد أن يتولّى رئيس الجمهورية ختمه وإصداره والإذن بنشره في عدد خاص بالرائد الرسمي للجمهورية التّونسية وينفّذ كدستور للجمهورية التّونسية". لكن يتواصل الغموض في هذا المجال فيما يتعلق بفرضية أن تكون النتيجة بـ"لا" على مشروع الدستور التي يصمت إزاءها مشروع الدستور.

تعددت التعديلات على مشروع الدستور لكن دون أن تمس بحجم السلطات المتاحة لرئيس الجمهورية أو اختلال التوازن بين السلطات الذي حذر منه العديد من المختصين في القانون الدستوري

هكذا، تعددت التعديلات على مشروع دستور من المنتظر الاستفتاء عليه في 25 جويلية/يوليو الجاري لكنها معظمها تعلقت بأخطاء لغوية أو تنظيمية كإعادة ترتيب أبواب مشروع الدستور ليرتفع عددها إلى 11 بابًا في النسخة الجديدة، مع تضمين تغييرات مضمونية تم تفصيلها أعلاه، دون مس بحجم السلطات المتاحة لرئيس الجمهورية في الدستور الجديد والتي كانت موسعة جدًا أو اختلال التوازن بين السلطات الذي حذر منه العديد من المختصين في القانون الدستوري أو من مسائل أخرى مهمة وكانت محل قلق ونقاش طيلة الأسبوع الماضي.