03-يوليو-2022
أمين محفوظ الدستور سعيّد

أمين محفوظ: التوطئة احتوت على قراءة ذاتية وشخصية للتاريخ من قبل سعيّد

الترا تونس - فريق التحرير

 

أكد أستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ، الأحد 3 جويلية/ يوليو 2022، أنّه صُدم من نسخة مشروع الدستور التي نشرت في الرائد الرسمي، وقال: "نحن نريد الذهاب لديمقراطية حقيقية، وقد انخرطنا في المسار على هذا الأساس، وواجهنا عديد الصعوبات زمنيًا" وفقه.

وقال محفوظ: "طلبنا من قيس سعيّد نشر نص مشروع الدستور لسببين: لحق الشعب التونسي في الاطلاع أولًا، وكي تتحمل كل جهة مسؤوليتها بمقارنة مشروع الدستور النهائي بالمسودة التي قدمتها اللجنة" وفقه.

أمين محفوظ: شاركنا في مسار سعيّد لأننا دعاة نظام ديمقراطي لا نظام تسلّطي، لكن مشروع الدستور الصادر بالرائد الرسمي لم يحترم سوى 1% من عمل اللجنة في التوطئة مثلًا

وتابع محفوظ لدى حضوره بإذاعة "شمس أف أم" (محلية)، أنّ المشاركين في اللجنة "دعاة نظام ديمقراطي لا نظام تسلّطي، لكن مشروع الدستور الصادر بالرائد الرسمي لم يحترم سوى 1% من عمل اللجنة في التوطئة، وضرب 70% من النظام السياسي، كما ضرب كليًا النظام الديمقراطي والمحكمة الدستورية، وأزال كل الضمانات، ومن إيجابياته بالمقابل أنه نصّ على إمكانية تنقيح هذا الدستور، عكس دستور 2014". 

وفسّر أستاذ القانون الدستوري أنّه يجب لصياغة أيّ دستور التفكير حين وضع القواعد على أساس أننا خارج الحكم، لكن سعيّد لم يفكر كيف ستكون الأمور حين يكون هو خارج الحكم خاصة على مستوى الحقوق والحريات، ونحن قد اقترحنا أحكامًا انتقالية، لم نجدها في مشروع الدستور".

 

أمين محفوظ: حين نضع قواعد الدستور يجب التفكير على أساس أننا خارج الحكم، لكن سعيّد لم يفكر في ذلك، ولم نجد الأحكام الانتقالية التي اقترحناها

وأوضح أمين محفوظ أنّ اللجنة الاستشارية اقترحت تقديم الانتخابات التشريعية إلى 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2022 عوض 17 ديسمبر/ كانون الأول 2022، فضلًا عن اقتراح تنظيم انتخابات رئاسية سابقة لأوانها في أفريل/ نيسان 2023، مستنكرًا عدم الإشارة بأي كلمة إلى منظومة العدالة الانتقالية في مشروع هذا الدستور.

واعتبر محفوظ أنّ سعيّد طلب من اللجنة مقترحًا لمشروع دستور، لكن التعيين تم بشكل متأخر، وفقه، وقال: "وكأن الرئيس ندم على اللجنة، وربما كان ينتظر أن نقول إننا لم نستطع إنجاز ما طلبه منا في الوقت المحدد، كما كان من المفروض أن يعطي هذه اللجنة نفس حظوظ الاستشارة الإلكترونية، لكننا نجده يحترز منها في التوطئة" على حد تعبيره.

أمين محفوظ: كأن سعيّد ندم على اللجنة التي اختارها، وربما كان ينتظر أن نقول إننا لم نستطع إنجاز مشروع الدستور الذي طلبه منا في الوقت المحدد

وأبرز أمين محفوظ أنّ مشروع هذا الدستور خطير وسيفرز أزمات يومية، وهو نص لا يؤسس لنظام ديمقراطي، على حد تعبيره، وقال: "ضربٌ لهيبة الدولة التونسية أن يحتوي الرائد الرسمي على أخطاء غير مقبولة شكلًا كالأخطاء اللغوية، والأخطاء في التعابير، وهذه الأخطاء التي تسربت غير قابلة للإصلاح حاليًا، لأنها لا تعدّل إلا بتنقيح الدستور، بعد أن تتم المصادقة عليه بـ(نعم)".

وأضاف أستاذ القانون الدستوري: "لا يمكن أن يكون سوى رئيس الدولة هو من كتب هذا النص، الذي سيترجم بأخطائه، وقد كنت أفضّل الرجوع إلى اللجنة لإبداء رأينا، فنقطة قوة لسعيّد أن يعود إلينا" وفق قوله.

أمين محفوظ: كيف يمكن أن تنص التوطئة على أنّ الشعب حر في مساءلة من اختاره، في الوقت الذي لا يمكن فيه مساءلة الرئيس وفق مشروع الدستور؟

وقدّر أمين محفوظ أنّ مشروع الدستور الذي نشر بالرائد الرسمي، أقل مرجعية دينية من دستور 2014، معتبرًا أنّ التنصيص على عبارة (الأمة) تم بضغط من حركة الشعب والتيار الشعبي، مشيرًا إلى أنه لا يمكن التنصيص على ضرورة أن يكون الإسلام دين رئيس الجمهورية، فهذا تمييز، وفق وصفه.

وذكر أمين محفوظ أنّه تم الاتفاق على أن تكون التوطئة مقتضبة، لكنها وردت في المقابل أطول بكثير من توطئة دستور 2014، واحتوت على قراءة ذاتية وشخصية للتاريخ، وقال: "كيف تذكر التوطئة أنّ الشعب حر في مساءلة من اختاره، في الوقت الذي لا يمكن فيه مساءلة الرئيس وفق النص، إذ يجب أن تتم المحاسبة، وكان على سعيّد التفكير في من سيخلفه، هذا ليس نظامًا رئاسيًا، فلا أحد يراقب الرئيس بما في ذلك المحكمة الدستورية في الظرفين العادي والاستثنائي" وفق قراءته.

وكان أستاذ القانون ورئيس اللجنة المكلفة بإعداد مقترح الدستور الصادق بلعيد، قد أكد في رسالة أوردتها جريدة الصباح في عددها الصادر الأحد 3 جويلية/ يوليو 2022، أن مشروع الدستور المنشور بالرائد الرسمي "لا يمت بأي صلة لما أنجزته هيئته"، وعرض نص الدستور الذي قامت اللجنة باقتراحه.

وقال بلعيد، بخصوص نسخة الدستور التي صدرت بالرائد الرسمي: "هي مهمة حق أريد بها باطل.. من واجبنا الإعلان بكل قوة وصـدق أن النص الذي وقع نشره في الرائد الرسمي والمعروض للاستفتاء لا يمت بصلة إلى النص الذي أعددناه وقدمناه للرئيس". 

وتابع بلعيد: "وعليه، فإننـي بصفتي الرئيس المنسق للهيئة الوطنية الاستشارية، وبعد التشاور مع صديقي الأستاذ أمين محفوظ وموافقته، أصرح بكل أسف، وبالوعي الكامل للمسؤولية إزاء الشعب التونسي صاحب القرار الأخير في هذا المجال، أن الهيئة بريئة تمامًا من المشروع الذي طرحه سيادة الرئيس للاستفتاء" وفق نص رسالته.

يشار إلى أنّه صدر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية، ليل الخميس 30 جوان/ يونيو 2022، مشروع الدستور التونسي الجديد الذي من المنتظر أن يستفتى عليه في 25 جويلية/ يوليو 2022. وقد تضمن توطئة و142 فصلًا موزّعة على 10 أبواب، وهذه قراءة تحليلية فيه: مشروع الدستور التونسي الجديد.. صلاحيات واسعة للرئيس والبناء القاعدي يتضح.