في كتابه المرجعي "عن الديمقراطية في أميركا"، كتب ألكسيس دي توكفيل[1]: "فلا يوجد بلد تكون فيه الجمعيات ملزمة لتحول دون استبداد الأحزاب أو اعتباطية الأمير أكثر من أن يكون المجتمع في حالة ديمقراطية. أما في البلدان التي لا توجد فيها مثل هذه الجمعيات يمكن لشعب كبير أن يقمع بقبضة إنسان واحد".
منذ ثورة 17-14، شهدت تونس ما يشبه الانفلات، أو التضخم، الجمعياتي، إذ ارتفع عددها من العشرة آلاف تقريبًا في آخر أيام النظام البنفسجي، إلى أكثر من 24 ألف جمعية، حسب آخر أرقام مركز الإعلام والتكوين والدارسات والتوثيق حول الجمعيات "إفادة" (آخر تحيين 16 فيفري/شباط 2022). إلا أن ذلك لم يحل دون الانتكاسات المتتالية التي عرفتها تونس طيلة فترة الانتقال الديمقراطي، وصولًا إلى ما تعيشه تونس اليوم من تمشٍّ واضح نحو الاستبداد، بعد انسدال ليل الدكتاتورية.
- في خبايا الإشكال المفهومي:
قد تحيل عبارة المجتمع المدني إلى عدة تعريفات ومفاهيم، انطلاقًا من المنوال الفكري في تناوله: من أقصى الإيديولوجيات اليسارية لماركس، غرامشي وروزا ليكسمبورغ، فالبراديغمات السياسية والاجتماعية لماكس فيبر، هيغل وإميل دوركايم، إلى الأطروحات الليبرالية لآدم سميث وجون لوك.
ماهي مكوناته، مجالات تدخله وحدود حركته، وظيفته والأدوار المناطة به، وعلاقته بالفعل السياسي والاجتماعي...؟ على ضوء هذه المقاييس، يتحدد مفهوم المجتمع المدني للباحثين في الحقول الاجتماعية والسياسية.
نظريًا يتكون المجتمع المدني من الجمعيات، المنظمات والهيئات "المستقلة"، ولو شكليًا، عن السلطة. ولئن تبدو الحدود بين المجتمع المدني والمجتمع السياسي واضحة للوهلة الأولى، في علاقة بممارسة السلطة، لكن العلاقة بينهما تتداخل بشكل متفاوت
نظريًا، يتكون المجتمع المدني من الجمعيات، المنظمات والهيئات "المستقلة"، ولو شكليًا، عن السلطة. ولئن تبدو الحدود بين المجتمع المدني والمجتمع السياسي واضحة للوهلة الأولى، في علاقة بممارسة السلطة، لكن العلاقة بينهما تتداخل بشكل متفاوت، حد الارتباط الوظيفي في حال ما قبل الثورة، فالمساكنة الظرفية حسب التقاطعات والصدامات في نسخة ما بعد الثورة.
وفق المركزية الأوروبية، المجتمع المدني هو نتاج لمسار العقلنة والحداثة التي عقبت عصر النهضة الأوروبية، أين ظهر الصراع الطبقي بين الكادحين والبرجوازيين، لتكون النقابات والجمعيات المهنية بمثابة الهياكل التنظيمية للعمال للدفاع عن مصالحهم الطبقية، ضد الأوليغارشيات الصناعية والمالية.
اقرأ/ي أيضًا: واقع حرية تأسيس الجمعيات في تونس
في الحالة التونسية، لم يمر المجتمع بعد بمراحل التشكل الطبقي والتبلور الاجتماعي اللازمين لتكوُّنِ مجتمع مدني وفق "المودالات" الغربية. إذ منذ بروز الحركة اليسارية في تونس، اختلفت محاولات التوصيف الماركسي للمجتمع التونسي، أو لتوصيف المجموعات التي تحتكر المال والأرض تحديدًا: أرستقراطية حضرية، رأسمالية تابعة، فيودالية/إقطاعية، شبه-شبه... لكن يبقى الثابت أن المجتمع برمته لم يبلغ الحداثة بعد، ولا يزال يقبع في منطقة ما قبل الحداثة، وبالتالي لا يمكن الحديث عن مجتمع مدني وفق التعريفات المرتبطة بالحداثة.
لذا، للحديث عن نسيج الجمعيات، النقابات والمنظمات في تونس، نستعير توصيف الأستاذ والباحث في علم الاجتماع المولدي القسومي في كتابه مجتمع الثورة وما بعد الثروة حيث يشير إلى المنتظم الجمعياتي، النقابي والمنظماتي بـ "المجتمع المدني في تونس"، عوضًا عن "المجتمع المدني التونسي"، في انتظار التونسة المفترضة.
- دور المجتمع المدني في العملية السياسة:
تعود الجذور التاريخية للجمعيات في تونس إلى أواخر القرن 19 بتأسيس الجمعية الخلدونية (1896). رغم احتشامها من الناحية الكمية، كان للنقابات العمالية دور فارق في مقاومة هيمنة الاستعمار الفرنسي على الحياة العامة عبر محاولتين فاشلتين لتأسيس جامعة عموم العملة في العشرينات والثلاثينات، إلى نجاح فرحات حشاد ورفاقه في تأسيس الاتحاد العام التونسي للشغل سنة 1946. كذلك كانت الجمعيات النسائية حاضرة عند قيام بشيرة بن مراد بتأسيس الاتحاد النسائي الإسلامي/القومي التونسي سنة 1936.
كان من المنتظر أن تلعب الجمعيات دورها الطبيعي في الوساطة بين الفرد والدولة، كأجسام وسيطة، بعد الاستقلال. إلا أن الدولة آنذاك سارعت إلى خنق الحياة الجمعياتية عبر إصدار قانون يفترض، علاوة على التحديد المسبق لمجال نشاط الجمعيات، الترخيص المسبق من الدولة
كان من المنتظر أن تلعب الجمعيات دورها الطبيعي في الوساطة بين الفرد والدولة، كأجسام وسيطة، بعد الاستقلال. إلا أن الدولة آنذاك سارعت إلى خنق الحياة الجمعياتية عبر إصدار قانون 7 نوفمبر/تشرين الثاني 1959، الذي يفترض، علاوة على التحديد المسبق لمجال نشاط الجمعيات، الترخيص المسبق من الدولة، تحديدًا من الجهاز الذي يمثل وجه احتكار العنف الشرعي والقوة المادية: وزارة الداخلية.
وباستثناء بعض النقاط المضيئة، وفي فترات محددة، للنساء الديمقراطيات، الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، عمادة المحامين واتحاد الشغل، اشتغلت منظمات المجتمع المدني طيلة الفترة البورقيبية-البنفسجية بالوكالة لصالح النظام في تدجين المجتمع وامتصاص الصدمات.
للتدليل، نستذكر شهادة الباحث في علم الاجتماع المولدي القسومي: "وإذ ما اعتبرنا عدد الجمعيات في الأيام الأخيرة من عمر النظام القديم قد بلغ 9365 جمعية، كانت أغلبها في خدمة النظام، بل كانت مهيأة للدفاع عنه أصلًا، فهذا يعني أنها لا تضمن أي تطابق مع المنوال التفسيري الماركسي الذي يؤكد التقابل بين المجتمع المدني والدولة (ماركس-غرامشي). (مجتمع الثورة وما بعد الثورة. الطبعة الثانية 2020. ص 305).
اقرأ/ي أيضًا: محكمة المحاسبات وانتخابات 2019: رصد للتمويل المُقنّع عبر الجمعيات
من النتائج المباشرة للزخم الثوري لما بعد رحيل بن علي، وربما هي القيمة الوحيدة التي تحققت من القيم والشعارات التي نادت بها الثورة، فك الخناق عن النشاط الجمعياتي وتوفّر حرية التنظم. تدفقت أنهار التمويل الخارجي لدعم الديمقراطية الناشئة وتشكلت الجمعيات، المراصد، المنتديات، الهيئات... في مختلف المجالات المرتبطة بأجندات منظومة حقوق الإنسان الكونية والعائلات الحقوقية الخمسة: الحقوق المدنية، السياسية، الاجتماعية، الاقتصادية والثقافية.
كانت الطبقة الوسطى، أو البرجوازية الصغيرة، أكبر المستفيدين من هذه الإفرازات، رغم عدم مشاركتها مباشرة في الحراك الثوري بين 17 سبتمبر/كانون الأول و14 جانفي/يناير أو مقدماته على غرار أحداث الحوض المنجمي 2008 وبن قردان 2010، باعتبارها تتشكل أساسًا من الموظفين المرتبطين عضويًا بالدولة والنظام.
لعب المجتمع المدني دورًا حاسمًا في مختلف المحطات التي عرفتها البلاد بعد 14 جانفي: تأطير اعتصاميْ القصبة، تشكيل الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة(2011)، انتخابات المجلس التأسيسي (2011)، اعتصام الرحيل (2013)، الحوار الوطني (2013)، وغيرها من المحطات
كان المجتمع المدني حاضرًا ولعب دورًا حاسمًا في مختلف المحطات التي عرفتها البلاد بعد 14 جانفي: تأطير اعتصاميْ القصبة لإسقاط حكومتي محمد الغنوشي. تشكيل الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديموقراطي (2011)، انتخابات المجلس التأسيسي (2011)، اعتصام الرحيل (2013)، الحوار الوطني (2013)، ومختلف الحركات الاجتماعية بين 2015 و2019: "مانيش مسامح"، "وينو البترول"... باختصار ودون مواربة، يمكن اعتبار المجتمع المدني شريكًا فاعلًا ومؤثرًا فيما يسمى "العشرية السوداء". عرضًا نتساءل عن مدى مبررات جزء واسع في اعتماد التوصيف المذكور لحقبة كانت طرفًا أساسيًا فيها.
يختلف دور الجمعيات والنقابات حسب المنوال الفكري الذي تتناول عبره: تصادمي مع السلطة والطبقات الحاكمة وفق المنظور الماركسي وغرامشي (مثال الحركة النقابية في بولندا في الثمانينات)، أو تعديلي فيما يعرف بجماعات الضغط داخل المنظومة. يعرّف المفكّر ميشال كامو المجتمع المدني كالآتي: " بالنسبة إلى علماء السياسة فإن المجتمع المدني يلعب دور السلطة المضادة التي تؤمن لكل وحدات الجسم الاجتماعي وخاصة الفاعلين السياسيين والاقتصاديين اتجاهات إسهامية وتشاركية فاعلة وآليات نجاعة للتحديث والاندماج الاجتماعي والسياسي وخاصة فضاء يتسم باستقلال المواطنين نسبيًا بما يضمن تفعيل الوساطة بين جهاز الدولة والمجتمع".
اقرأ/ي أيضًا: "الدليل الشامل للجمعيات": كتاب جديد عن الجمعيات في تونس
قد تختلف الأدوار التي تفترض أن تلعبها الجمعيات في العملية السياسية، لكن لم ينكر دورها الوساطة بين الجزئي، بما فهو فرد، وكلي بما هو مجتمع. نظريًا تربط الجمعيات بين الحركة السياسية والحركة الاجتماعية، فهي تلعب من جهة دورًا تأطيريًا للحركات الاجتماعية نظرًا لقدرتها الاحترافية على التنظم، وتقوم من جهة أخرى بالتفاوض باسم هذه الحركات مع المجتمع السياسي في أقصى تجلياته: السلطة، كالمفاوضات الاجتماعية التي تقودها النقابات والمبادرات التشريعية التي تساهم الجمعيات والتنظيمات المهنية في صياغتها.
- مواطن الخلل في الحالة التونسية:
في قراءة نقدية، أو ربما بين التقييمية والمراجعة، لما جرى طيلة العقد الممتد بين 14 جانفي/يناير 2011 و25 جويلية/يوليو 2021، كتب الباحث في علم الاجتماع سفيان جاب الله، منسق دراسات مع المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، الأسطر التالية في ورقة بعنوان "الشعب يريد: عودة الدولة أم صيرورة الثورة أم الاثنين معًا؟":
"هل اتهمنا أنفسنا، (نحن الأفراد ومنظمات المجتمع المدني والنخب وأشكال الفعل الجماعي المهيمن)، قبل الركض نحو اتهام الآخرين، وفكّرنا، ولو للحظة، أننا لسنا أبرياء على الدوام؟ أليس من الأجدر أن نحاسب أنفسنا كيف تركنا الأغلبية وحيدة ينتخبها اليمين فتنتخبه واصطفينا لأنفسنا مسار انتقال لم يكن ديموقراطيًا بالنسبة إلى الغالبية؟ هل أفلحنا، نحن اليسار الجديد، في دعم الأقليات، باعتبارها جماعات أو باعتبار ما تحمله من قضايا، على حساب هذه الأقليات أولًا بجعل اغترابها غربة؟ ألم نصور الأغلبية في صورة غول يحاصرنا، فإذا بنا نغدو أقل الفاعلين قدرة على التأثير في المشهد الحالي والأكثر تضررًا منه؟" (صفحة 3).
لا يمكن إنكار الترابط بين المجتمع السياسي والمجتمع المدني، بل يمكن توسيع المجتمع المدني ليشمل المجتمع السياسي باعتبار وجود جمعيات قد تمثل أذرعًا لأحزاب، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة
لا يمكن إنكار الترابط بين المجتمع السياسي والمجتمع المدني، بل يمكن توسيع المجتمع المدني ليشمل المجتمع السياسي باعتبار وجود جمعيات قد تمثل أذرعًا لأحزاب، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وبالتالي يجد المجتمع السياسي موضع قدم له داخل المجتمع المدني، وتصبح العلاقة هنا بين المجتمع نوعًا من الترابط الوظيفي يفضي إلى مقاولة أو مناولة سياسية. وهو ما حدث في تونس، عندما نقارن نسبة المنخرطين في العمل الجمعياتي بعدد الفاعلين الشباب في العمل السياسي، من جملة المهتمين عمومًا بالشأن العام في كل جوانبه، نجد نزوحًا للناشطين من المجال السياسي نجو المجال الجمعياتي (البارومتر العربي).
اقرأ/ي أيضًا: تحت غطاء مكافحة الإرهاب.. حملة تضييق على الجمعيات
من الطبيعي أن يحمل هؤلاء النازحون إيديولوجياتهم، وخيباتهم، ليصبغوا بها نشاطهم الجمعياتي، فتصبح الجمعيات بمثابة هياكل حزبية مشوهة وهجينة، تعيش صراعًا بين الذاتي والموضوعي، أي بين محاولة إخفاء ما تتبناه من توجهات أيديولوجية وسياسية قصد الانضباط لأجندات مرتبطة بالتمويل، والصورة التسويقية أساسًا، المفروضة ضمن سياقات ما بعد العولمة ونهاية التاريخ، وبين الوفاء لتكوينها وميولاتها السياسية. النتيجة: حركات اجتماعية أناركية فوضوية "تناضل" لمجرد "النضال" وتفضيلًا لرفاه المعارضة.
وكنتيجة لغياب الوعي النوعي لدى نشطاء المجتمع المدني بمتطلبات المرحلة الانتقالية، تحول المنطوق الاجتماعي لِطيفٍ واسع من مكونات المجتمع المدني إلى ما يشبه الـ"دوغما"، مفرطة في النخبوية، ومتضادة تمامًا مع يتطلع إليه المجتمع الكبير من رخاء اقتصادي واجتماعي، أوغلت النخب السياسية في تجاهله ومجانبته، فيما جاهدت النخب المدنية لتحويل بوصلة الشمال نحو بوصلتها المرتبطة بما تسمح به برامج التمويل.
تلوح بوادر عدة لاستفاقة محتشمة من مكونات المجتمع المدني، قليلة في عددها لكن وازنة من الناحية الاعتبارية، تبدي رفضها للمنتهج الذي تسلكه السلطة، فيما لا يبدو أن السلطة القائمة تلقي بالاً لهذه الأصوات، ما يعني ربما المرور نحو مرحلة الصدام مستقبلًا
في هذا السياق كتب محمد رامي عبد المولي في العدد 24 للمفكرة القانونية: "هي تعاني عمومًا مع بعض الاستثناءات القليلة من الخلل نفسه الذي يعطب هذه الحركات: تجزئة القضايا الاجتماعية-الاقتصادية وفصلها عن سياقها و"الخوف" من تسييسها. فمكونات المجتمع المدني هي، بصورة عامة، بالتعريف والقانون والممارسة مختصة في قضايا ومشاغل بعينها، وحتى أكثرها راديكالية غاياتها إصلاحية وخطاباتها/حركاتها محسوبة حتى لا تتهم بالتسييس والتحزب و"الانحياز".
سبق وأشرنا في نص سابق، "تصفية الأجسام الوسيطة".. عنوان المرحلة القادمة في تونس، إلى فرضية أن تهاجم السلطة القائمة الجمعيات والنقابات كونها أجسامًا وسيطة تحول بينها وبين الجماهير. وهو ما تأكد مؤخرًا بعد رواج تسريب مسودة مرسوم الجمعيات الذي يعيد للنظام دوره المحوري في العملية الجمعياتية، ما يفترض ربما تصادمًا بين مكونات المجتمع المدني والسلطة في الحالة العادية.
اقرأ/ي أيضًا: رئيس مركز الكواكبي: نرفض المشروع الحكومي المُسقط لتنقيح مرسوم الجمعيات
رغم تأخرها، تلوح بوادر عدة لاستفاقة محتشمة من مكونات المجتمع المدني، قليلة في عددها لكن وازنة من الناحية الاعتبارية، تندد وتبدي رفضها للمنتهج الذي تسلكه السلطة، فيما لا يبدو أن السلطة القائمة تلقي بالاً لهذه الأصوات، ما يعني ربما المرور نحو مرحلة الصدام مستقبلًا. لكن المراهنة على هذا التصادم لكبح جماح السلطة يبقى ضربًا من الخيال، نظرًا لاستيلاب مكونات المجتمع المدني عن المجتمع الكبير، وبالتالي عدم قدرتها على التحشيد والتعئبة اللازمين. في ظل هذا الاختلال في موازين القوى بين السلطة السياسية والمكونات المدنية، تبقى الرجة الاقتصادية المفترضة هي المفتاح الذي سيحسم هذا التصادم لصالح القوى المدنية، إن أحسنت إدارته.
اقرأ/ي أيضًا:
دور الأجسام غير المنتخبة في العملية السياسية في تونس(1): المؤسسات الحديدية