في تمييز رمزي بسيط، فإن رجل المسرح نور الدين الورغي يعتبر المثقف التونسي الوحيد الذي حمل كل الخيبات الثقافية التونسية وعاد بها إلى الأرض وحنى عليها كمزارع أصيل حنكته المحاريث بكبريائها الطاغي وهي تقلّب في عميق الأديم العتيق، وصاحب من أجل سني أهدابها كل السحاب العابر معلّمًا إيّاه أن الحلم هو درس الأنبياء، ثم يستمطره بعد ضنى البذر حتى يزهر مسرحًا مربكًا تعبق رائحته كل أرجاء الوطن.
نور الدين الورغي هو كوكب لامع في مجرّة المسرح التونسي، ابن أصيل لرائحة أمّنا الأرض، وخالق لأوطان من شعر ودلالات وبلاغة، موسيقاها أزيز خشبات المسارح عندما تطؤها أقدام الممثلين ويرتطم بها جسد الفنان، لقد انحرف بكل الصور المسرحية التونسية رغم فرادتها وتميزها وأسس بلغة المسرح رؤيا جديدة لا عهد لنا بها.
المسرحي التونسي نور الدين الورغي دأب على أب الفنون منذ طفولته عندما كان تلميذًا واتصل به اتصالًا أبديًا في المرحلة الفرنسية عندما كان طالبًا للآداب، كتب مسرحيات عديدة تطالب بحقوق العمّال والمهاجرين
لم يصل نور الدين الورغي إلى مرتبة المثقف الغرامشي إلا بعد إنهاكات وصعود وكسوف وتعب سيزيفي مهتّك للروح قبل الجسد وإشراقات الشاعر وتجارب فنية متواصلة على امتداد أربعة عقود من الزمن كان فيها الورغي مسرحيًا شفيفًا ومنقّبًا حفّارًا في جبل الثقافة، وملتصقًا بقضايا الإنسان والأوطان في أبعادها الكونية العابرة للزمن، لا يحيد عن الحرية والحب والسلم والتعايش الآمن.. يدافع عنها بشراسة المجالدين والمحاربين، لا يقف أمامه دكتاتور أو معرقل أحلام أو قلة ذات يد.
المسرحي التونسي نور الدين الورغي دأب على أب الفنون منذ طفولته عندما كان تلميذًا بمدارس الآباء البيض أواسط ستينات القرن العشرين، واتصل به اتصالًا أبديًا في المرحلة الفرنسية عندما كان طالبًا للآداب، فهزّه هوى السيار هزًّا ليجد في المسرح أداة للنضال الاجتماعي والسياسي، فكتب مسرحيات عديدة تطالب بحقوق العمّال والمهاجرين، لكن مغامراته المسرحية تعمّقت وتأصّلت عندما عاد إلى تونس فانتبذ له دربًا جديدًا يرتكز على اللغة "الدارجة" (اللهجة اليومية التونسية) فجعلها فضاء تفكيره المسرحي الجديد، فأصبح محترف توليد لغوي بالعامية، يستعملها للتعبير عن القضايا النقابية العمالية وعن مشاكل الفلاحين والمسحوقين والمقصيين والمنسيين والمهمشين والعاطلين.
ترك نور الدين الورغي الفرقة المسرحية القارة بجندوبة بعد أن أجبر على الاستقالة.. وفي سنة 1983 أسس مع رفيقة دربه في الحياة والنضال الثقافي "ناجية الورغي" أفقًا جديدًا للحلم والفنّ وهو "مسرح الأرض"
وقد حملته رحلة التجريب في ثنايا المسرح مع بداية الثمانينات إلى الإشراف على الفرقة المسرحية القارة بولاية جندوبة ليستمر بها خمس سنوات أثمرت سواري لا مرئية لمسرح جهوي حقيقي قوامه النقد الاجتماعي وخلق جيل مسرحي بالجهة مازالت أعماله شاهدة على وجوده إلى اليوم..
وعندما اختلف مع السلطة البورقيبية ترك نور الدين الورغي الفرقة المسرحية القارة بجندوبة بعد أن أجبر على الاستقالة. وفي سنة 1983 أسس مع رفيقة دربه في الحياة والنضال الثقافي "ناجية الورغي" أفقًا جديدًا للحلم والفنّ وهو "مسرح الأرض" الذي تحول إلى مشروع ثقافي أساسي في المشهد الثقافي التونسي فأنتج لنا وطنًا من الأعمال المسرحية الخالدة "ريح ومديح وكلام فصيح" و"تراجيديا الديوك" و"تربة بالعسل" و"حب الرمّان" و"ليالي البوقرعون" و"حوافر السبول"..
نور الدين الورغي تحدّث إلى "الترا تونس" عن أمجاده المسرحية وعن فلسفة فن المسرح وعن السياسة الثقافية في تونس وعن رؤيته للواقع التونسي بعد الثورة كما لم يتحدث من قبل، فكان هذا الحوار:
- تأسس "مسرح الأرض" سنة 1983 وهي السنة نفسها التي بعثت فيها أهم تظاهرة مسرحية تونسية وهي أيام قرطاج المسرحية وفي السنة نفسها أيضًا تأسس "المسرح الوطني" (المسرح التابع لوزارة الثقافة) ما هي التوجهات الجمالية التي كنت تراهن عليها في ظل نقص الدعم وسطوة المسرح الرسمي على المشهد الثقافي؟
نحن أبناء مسرح الأرض كنّا مرفوعين على أعناق الحلم، همّنا الأساسي في ذلك الوقت هو التأسيس لمسرح مغاير، قريب من مشاغل الناس، يتحدث لغتهم، ويلتقطهم من قارعة الأوضاع المتردية سياسيًا واقتصاديًا وذوقيًا ويقولهم جماليًا، لقد حاولنا أن نكون صدى لصرخات المجتمع المكتومة، كما حاولنا أن نكون رائحة الأرض التونسية في الأقاصي المنسية وخاصة في الشمال الغربي.. لقد آلمنا النظام بتعريته من خلال مسرحيات تعتمد الكشف وإنارة العقول وتوخي الصدق مع المتلقي، وهو ما خلق حولنا جمهورًا مازال يتابعنا إلى اليوم.
- يبدو أن روح مسرح الأرض تكمن في نصوصه العاتية بالشعرية وحفره المستمر في اللغة "الشريدة" التي يتحدّثُها التونسيون؟
بعد عودتي من فرنسا كان لزامًا علي أن أنحت مصيري الفني والثقافي، فتوجهت مباشرة للغة التونسيين: العامية. فقمت بحفر عميق في جمالياتها والقبض على أسرارها والدفء الكامن فيها، والمحزن والمقرف والموجع والرومانسي والجنوني... إنها وعاء فخم ومهجور قمت بإعادة البريق إلى جنباته... فكنّنا ننحت اللغة العامية نحتًا في النصوص التي قدمناها مثل "تربة بالعسل" التي سافرت لمسارح باريس أو "إليك يا معلمتي" التي سافرت إلى قلوب التونسيين لأنها تطرح معاناة معلّمات الريف وهي معاناة مازالت متواصلة إلى اليوم.
اقرأ/ي أيضًا: الكتابة السردية بـ"الدارجة".. جدل قديم متجدد
- هل يمكن القول إنك أحد مؤسسي "مسرح المؤلف" على غرار "سينما المؤلف" حيث يكون المخرج هو الأول والأخير في صناعة جمالية العمل وخاصة كتابة النص؟
لست وحدي في ذلك، لقد كنا جيلًا بأكمله همّه الكتابة المختلفة والآسرة والمغايرة للسائد المسرحي وخصوصًا المسرح التجاري.. لقد كان النص هاجسًا لدى أهم المسرحيين، لأنه ليس هناك كتّابًا يكتبون ممهورين للمسرح أو باستطاعتهم تمثل الهواجس الجمالية للموجة الجديدة من مسرحيي نهاية السبعينات وبداية الثمانينات عدا قلة قليلة استطاع النظام في النهاية تدجينها، لذلك نهضنا بالأمر بأنفسنا وفزنا فوزًا عظيمًا، ولك أن ترجع لنصوص المنصف الصايم أو عز الدين قنون أو عبد القادر مقداد أو توفيق الجبالي أو الفاضل الجعايبي وجليلة بكار أو محمد إدريس..
لقد كنا نريد إعادة هندسة الأفق الجمالي للمتلقي عبر نصوص جديدة بعيدة عن السذاجة السائدة، تمكنه من أدوات النقد والمقارنة بل وتجعله يفهم الواقع على نحو مغاير ويشعر أيضًا أن الحياة متاحة، كما نساعده على الحلم ولو لبرهة.
المسرحي نور الدين الورغي: الطبقة السياسية التي أوكلت لها مهمة تحقيق أهداف الثورة لم تكن في مستوى التاريخ وفي مستوى اللحظة المجتمعية
- معاشرتك للغة "الدارجة" (العاميّة) وتمرّسك بها ومسح الغبار عن وجهها الجميل واكتناه حقيقتها جعل منك "سلامورًا" يركب ظهر اللغة التي تحمله إلى تخوم بعيدة غير متوقعة تسر السامعين.. ولعل تدويناتك على صفحتك على شبكة التواصل الاجتماعي "فيسبوك" خير دليل على ذلك.
في الحقيقة يعجبني "السّلام" لكني لست "سلامورًا" فهذا فن له أهله وله صنّاعه وقوّالوه، وإعجابي به ينحسر في القدرة الذهنية لصانعه على التشقيق اللغوي والوصف الخلاق المفاجئ والذهاب به إلى لحظات مكاشفة غير متوقعة.. تمامًا كلاعب "السّورف" (التزلج على الأمواج).
وشخصيًا أمارس عادة القول فيما يشبه "السّلام" على صفحتي على شبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك منذ 17 ديسمبر/ كانون الأول 2010 إلى اليوم دون انقطاع ولو ليوم واحد... إنها آلاف المقاطع الشعرية المستلهمة من الواقع الاجتماعي التونسي ومن الحياة اليومية والأحداث السياسية... إنه نوع من "التيرابي" (العلاج) تجاه ما نعيشه من مآزق سياسية واجتماعية وثقافية...
- كأني بك تشير إلى عدم رضاك عمّا يحدث في تونس بعد الثّورة؟
الثورة هي ملك معنوي ورمزي للشعب التونسي وللأجداد الذين رحلوا، لكنهم حلموا يومًا بالثورة، هي شعور غامر ينتاب الصادقين الذين ساهموا في انبعاثها ومرافقتها ودافعوا عنها بالدّم، هي ذاك الكون الغامر بالحرية الذي أصبحنا ننعم به. لكن ما حدث أن الطبقة السياسية التي أوكلت لها مهمة تحقيق أهداف الثورة لم تكن في مستوى التاريخ وفي مستوى اللحظة المجتمعية، وخيّم الخذلان على كل شيء، لقد حوّلوا المعيش اليومي للتونسيين إلى جحيم، لقد تم العصف بالأحلام، لكن لا بدّ من القول إن "الثورة" حقيقة خارج الزمان والمكان، وهي مستمرة في الأذهان وفي وجدان المؤمنين بها.
اقرأ/ي أيضًا: المثقف والثورة التونسية: في انتظار ثورة الفنان
- يبدو أن العطالة قد استبدّت بكل الدواليب، لقد خيّم الشعور بالخيبة على نفوس التونسيين فكيف السبيل لتجاوز كل ذلك والمرور إلى مراحل أكثر أمانًا واستقرارًا؟
بالثورة الثقافية.
- وما الذي أبطأ الثورة الثقافية؟
مع بداية الثورة حاول العديد من المثقفين التونسيين من موسيقيين ومسرحيين ورسامين ومسرحيين وشعراء... المضي قدمًا نحو ثورة ثقافية، وللأمانة التاريخية فإن فكرة اللقاء حول هذا المشروع الثقافي المغيّر هي فكرة الفقيد الشهيد العزيز شكري بلعيد، حيث زارني في مقر مسرح الأرض بدار بن عبد الله بالمدينة العتيقة بتونس ثلاث مرات، وجلسنا مطولًا وطلب مني الانخراط في الجبهة الثقافية التي حلم بها وأن أكون أحد أضلعها وساندته في ذلك، وأذكر أنه طلب مني عدم إقصاء أحد وأكد على دعوة الفنان الشعبي صالح الفرزيط. وما عطل نشوء هذه الجبهة شيئآن: اغتيال شكري بلعيد، وضعف الوعي بأهمية المشروع والجنوح مرة أخرى للخطط الثقافية التي تحضرها الدولة والاستكانة للسائد الثقافي.
المسرحي نور الدين الورغي: ما يحصل في تونس هو أنه بعد 14 جانفي2011 وقع استسهال الفن المسرحي والكتابة المسرحية، لقد تحولت الخشبات إلى قاعات محاضرات وغابت شروط الإبداع وغابت كل الإيقاعات
- ودور المسرح الآن وهنا؟
المسرح هو أداة نضال ضد كل ما يعيق حرية الإنسان وسعادته والحد من الحياة في جميع تجلياتها، فهو يعرّي الواقع السيء ويكشفه من أجل تجاوزه، المسرح يرمّم الذات المكسورة للإنسان، وفي اعتقادي لا يكون المسرح مسرحًا إلا إذا تقيدنا بشروط الإبداع التي ضبطتها رحلة هذا الفن الأصيل عبر الأزمنة والحضارات، من العهد اليوناني إلى اليوم، والمسرح لا يقدّم حلولًا وإنما دوره توصيفي بالأساس، والتوصيف هنا ليس مباشرًا وإنما بطرق وأساليب جمالية تعتمد اللغة والخيال والصور.
وما يحصل في تونس هو أنه بعد 14 جانفي/ يناير 2011 وقع استسهال الفن المسرحي والكتابة المسرحية، لقد تحولت الخشبات إلى قاعات محاضرات وغابت شروط الإبداع وغابت كل الإيقاعات. ليعلم الجميع أن الكتابة المسرحية زمن الحريّة أصعب من الكتابة زمن الدكتاتورية.
- كل الأعمال التي أنتجها مسرح الأرض لا تغيب عنها شموس الشّعر، هل يمكن القول إنكم بصدد تأصيل المسرح في هويته الأولى وهي الشعر، وكيف يتقبل المتلقى هذه الأعمال؟
المسرح بدأ شعرًا مع سوفوكل ويوربيد وأسخليوس، ثم انفصل الشعر في بعض المراحل الزمنية، لكنه لم يكن انفصالًا أبديًا، فقد عادت المسارح إلى الشعر وإلى المنابت الأولى، وتنوعت العودة. ومسرح الأرض بتونس لا يعتبر الشعر هاجسه الأول بقدر بحثه عن الإيقاع الذي يسكن الشعر وتوظيف في العمل المسرحي، فالمخرج هو مراقب إيقاع الخشبة ومدى تناغمها مع الإيقاع الداخلي للمتلقّي.
اقرأ/ي أيضًا: نبيل دغسان والمسرح.. عن تجربة فنية ووجودية
- كانت لـ"مسرح الأرض" تجربة هامة مع التلفزيون التونسي واستحسنها الجمهور التونسي، لكنها سرعان ما انقطعت، لماذا؟
من أجل تعميق تجربتنا الإبداعية حملنا أدوات المسرح وروح المسرح إلى التلفزيون التونسي وأنجزنا عدة أعمال لعل أبرزها: "ريح الفرنان" (1997) و"بنت الكيوسك" (2002)، هي إطلالة تعطلت في الأثناء وذهب معها مسلسل "أحكي يا وادي" الذي كتبته سنة 1997 وكان من المزمع أن يخرجه حمادي عرافة لكن العمل تمّ وأده وبقي في الرفوف إلى اليوم. تجربة التلفزيون حاولنا من خلالها تقديم دراما اجتماعية تعالج القضايا الحقيقة في الريف التونسي البعيد.
- دار بن عبد الله هل يمكن القول إنها كانت ذاك الحلم الصاخب وتحطم فيما بعد على صخرة الأيام؟
كان الهدف الأساسي من اقتناء هذا المعلم الأثري (كوري قصر عائلة بن عبد الله) هو بعث مشروع ثقافي متعدد الاختصاصات مهمته تعميق تجربة مسرح الأرض واستقبال التجارب المسرحية الأخرى والتفاعل معها، هذا إلى جانب مهام التكوين وإقامة المعارض الفنية وإقامة الندوات اللقاءات الفكرية... دار بن عبد الله حلم مفتوح على المطلق الثقافي في بلدنا ومازال مستمرًا إلى اليوم رغم الصعوبات التي يعانيها.
- كيف تنظر إلى الوضع المسرحي في تونس من جهة دعم الدولة له، والصراعات المستمرة التي تعيشها الحياة المسرحية التونسية سواءً داخلها أو في علاقة بالقطاعات الثقافية الأخرى؟
المسرح هو الدرع الثقافي الذي يستطيع حماية المجتمع من المخاطر المحدقة به، وكما حدثنا الكبار: "المسرح هو مرآة الشعوب والشعوب بلا مرآة لا تستطيع أن ترى نفسها"، وفي تونس لم تتغير السياسة المسرحية والتي لا نرى لها ملامح واضحة، فهي تقوم على مجموعة قوانين متقادمة من ستينات القرن العشرين وقد حان الوقت لمراجعتها وتطويرها، فالمسرحيون مازالوا يعيشون على الدعم، وهو في الحقيقة مساعدة على الإنتاج بنسبة 30% من كلفة إنتاج العمل المسرحي خلال موسم ثقافي واحد، وهذا لا يكفي لأن المسرحيين التونسيين القدامى أو الشباب يشتغلون في ظروف صعبة فضلًا عن إدارة الإنتاج وأدوات العمل ووضعية القاعات وغياب الفضاءات بأغلب جهات البلاد. أما ما سميته أنت بالصراعات فأنا أسميها اختلافات. وهي أمر طبيعي، فللمسرحي طبيعة مخصوصة فهو غير مهادن ولا يعرف مستقرًا "كالماء يجري" فهو مأخوذ بمشاريعه وبفنه ويرى نفسه نبيًا في قومه.
- مسرح الأرض الذي نذر نفسه لمواجهة التاريخ كيف يرى مستقبله؟
أنا وناجية الورغي لم نحد على الحلم ولم نحد على مبادئ التأسيس ولم نحد على انحيازنا الثابت لقضايا الشعب التونسي والأرض التونسية. مسرح الأرض جزيرة أساسية في أرخبيل المسرح التونسي همّه النضال من أجل التثوير والتغيير نحو الأفضل، نحن راكمنا خلفنا 50 عملًا مسرحيًا ولازلنا نعمل بلا كلل أو ملل. وقريبًا سنعود بعمل مسرحي جديد عنوانه "منعرجات".
اقرأ/ي أيضًا: