03-نوفمبر-2022
المخرج السينمائي نادر الرحموني صورة ألترا تونس

المخرج السينمائي نادر الرحموني: تفاجأت باختيار "وحلة" في المسابقة الرسمية لأيام قرطاج السينمائية (رمزي العياري/الترا تونس)

 

تواصل السينما التونسية نحت صورتها الناصعة ضمن سيرورة التاريخ الثقافي على طريقتها القديمة والتي أعطتها شكل الأرخبيل، فكل تجربة سينمائية تونسية هي فردية بالضرورة ولا تشبه إلا نفسها ولها نسقها ونظرتها الجمالية التي لا تشبه الأخرى، إنها مجموعة من التجارب الفنية والفكرية العميقة، المتجاورة على جغرافيا الثقافة التونسية ويرفد بعضها البعض ضمن منظومة القيم الإبداعية والإجتماعية التي تشتغل عليها تلك التجارب.

يشارك نادر الرحموني عبر شريطه الروائي الطويل الأول "وحلة" في المسابقة الرسمية للدورة 33 من أيام قرطاج السينمائية ممثلًا لتونس في المهرجان العريق

أمّا دخول عالم هذا الأرخبيل التونسي فلا يتطلب المشي وراء مخرج بعينه أو مدرسة بعينها أو الانخراط في موجة بعينها، يكفي أن تكون مسكونًا بروح السينما كفن مغيّر ومحيّر، يكفي أن تغامر إنتاجياً، يكفي أن يكون لك حلم، وهذا تقريبًا ما حصل مع المخرج التونسي نادر الرحموني، الوافد الجديد على الأرخبيل.

نادر الرحموني، الذي يشارك شريطه الروائي الطويل الأول "وحلة" في المسابقة الرسمية للدورة 33 من أيام قرطاج السينمائية ممثلًا لتونس في المهرجان العريق وفاجأ الساحة الثقافية والسينمائية خصوصًا بهذا الحضور وهذه المشاركة.

 

 

"الترا تونس" التقى المخرج الأربعيني نادر الرحموني وتنافذ معه بخصوص تعلقه بالإخراج  وقصة شريط "وحلة " وهو المهندس في مجال الإعلامية، ومشاركته القوية في أيام قرطاج السينمائية، فكان هذا الحوار:

  • هل بدا لك دخول الساحة السينمائية التونسية سهلًا وهي المتسمة بالتعقيد والصعوبات؟

سهلًا إلى أبعد الحدود ما دامت الإرادة موجودة وراية الحلم مرفوعة.

المخرج السينمائي نادر الرحموني  لـ"الترا تونس": وفرت "لوحلة" كل الظروف الموضوعية من أموال واختيار لممثلين مناسبين للأدوار، وهو يندرج ضمن ما يسمى بسينما الواقع

  • كيف كان التعلّق بفن السينما وأنت البعيد في الإقامة عن تونس ولم تتلق تكوينًا أكاديميًا بالمدارس التونسية ولم تكن يومًا ما مساعدًا لمخرج تونسي في أحد أعماله؟

أنا أقيم بالخارج متنقلًا بين فرنسا وبريطانيا وأشتغل مع شركات كبرى في الهندسة الإعلامية لكني درست بالجامعة التونسية وتشكل وعيي الثقافي والسياسي والاجتماعي بتونس، زد على ذلك أني دائم الزيارة لتونس فوصلي لم ينقطع مع بلدي.

أما تعلقي بالسينما والفعل الثقافي عمومًا فقد كان منذ اليفوعة والشباب، إذ كنت منخرطًا في نوادي السينما كما تلقيت تكوينًا في المسرح بمؤسسة "التياترو" مع توفيق الجبالي وتوفيق العايب وتابعت بعناية أعمال عاطف بن حسين في الإخراج وإدارة الممثل واطلعت على "مستر كلاس" لكبار المخرجين والممثلين، كما تلقيت تكوينًا بالأكاديمية البريطانية للفنون الدرامية وبكونسارفتوار سانتا مونيكا بالولايات المتحدة الأمريكية.

لكن يبقى الأهم من كل ذلك هو الجذوة التي تسكن المبدع والأحلام التي تتراقص في خياله والرسائل التي يريد أن يدفع بها نحو المجتمع.

  • لماذا ذهبت إلى السينما دون المسرح؟

تجربتي بالمسرح متواصلة ومستمرة وقد أنجزت مسرحية بعنوان "بالبروفة" مع الممثلين المسرحيين عمار الطريفي وحمودة بن حسين. ويبقى المسرح نخبويًا ولا يذهب إلى حيث تذهب السينما وهو دائمًا مصدر تمتين لآفاقي السينمائية.  

 

 

  • لنتحدث عن شريط "وحلة "؟

لقد وفرت "لوحلة" كل الظروف الموضوعية من أموال واختيار لممثلين مناسبين للأدوار، وهو يندرج ضمن ما يسمى بسينما الواقع حيث تبدو المشاعر الإنسانية مكشوفة والحقائق غير مزيفة، لقد توخى الشريط تمشي "السهل الممتنع" في الأدب أي البساطة والتكثيف في التمشي الدرامي ولن أفشي سرًا عندما أقول إني من مناصري البساطة في كل شيء بما في ذلك فن السينما لأن البساطة الفنية هي التي تدفع بالجمهور إلى مناقشتك والدخول في جدال معك، أما الأشرطة الغامضة والمعقدة فلا يقبل عليها الجمهور الواسع بل وتتحول إلى أعمال نخبوية مهجورة.

"وحلة" يتناول طبيعة العلاقات العائلية في تونس على مستوى البناء النفسي الاجتماعي، فكل واحد منا يستطيع أن يجد نفسه كتمفصل من تمفصلات الفيلم، لقد كان وقوفًا صادقًا أمام المرآة وهذا في الحقيقة ما صبوت إليه.

المخرج السينمائي نادر الرحموني  لـ"الترا تونس": "وحلة" يتناول طبيعة العلاقات العائلية في تونس على مستوى البناء النفسي الاجتماعي

  • كيف تقبلت ردود أفعال الجمهور تجاه شريطك  الروائي الأول "وحلة"؟

لقد حضر الجمهور بكثافة خلال العروض الثلاثة للشريط والتقيت الحضور وجلست إليهم للنقاش ومنهم من أعجب بالشريط مقابل شق آخر لم يعجبه وهذا أمر طبيعي، لكن الخلاصة أني شديد الرضا عن تلك النقاشات الرائعة وهي ستكون بمثابة الدافع لأعمالي القادمة.

  • هل تفاجأت بقبولك لتمثيل تونس في المسابقة الرسمية للدورة 33 من مهرجان أيام قرطاج السينمائية؟

في حقيقة الأمر تفاجأت ولم أصدق ذلك، فعندما قدمت ملفي كان هدفي الأسمى أن يقبل الشريط ضمن آفاق السينما التونسية قصد مشاهدته من قبل التونسيين الذين عادة ما يقبلون بكثافة على الأشرطة التونسية خلال هذه التظاهرة العريقة.

وأوعزت ذلك إلى الصدقية القصوى التي أنجز بها كامل الفريق هذا العمل الفني وربما قد لمست لجنة الاختيار ذلك أثناء مشاهدتها الشريط. وهو أيضًا ما يرسّخ لدي تلك القناعة الفلسفية الرائجة بأنه ليس هناك منطقًا تفاضليًا في الفن.

المخرج السينمائي نادر الرحموني  لـ"الترا تونس": عندما قدمت ملفي كان هدفي الأسمى أن يقبل الشريط ضمن آفاق السينما التونسية ولم أصدق قبوله لتمثيل تونس في المسابقة الرسمية للأيام

 

 

  • هل يمكن القول إنك تسلك درب ما يعرف بسينما المؤلف على غرار الأجيال السينمائية التونسية السابقة؟

هناك لبس لدى العديد من التونسيين في استعمال مصطلح "سينما المؤلف" حيث تنقسم السينما لديهم إلى سينما تجارية وأخرى جادة وملتزمة، في حين أن السينما هي السينما وكل منتج سينمائي يدافع عن فكرة أو رسالة والمتقبل له الاختيار وله أدوات التفكيك والفهم والتحليل... وتبقى العملية الإخراجية هي نوع من الكتابة السردية بالكاميرا وهو ما توخيته في شريطي "وحلة ".

كما أني استأنست بالكاتبة التونسية خولة حسني أثناء ترجمة الفكرة الأساسية وشخصيًا أعتبر أنّ الكتّاب هم رفقاء المخرجين لأنهم في النهاية يلتقون في نقطة تقاطعية هامة وهي بناء الحلم والحمل على التخييل وعرضه على المتلقي عن طريق مشاريع جمالية.

المخرج السينمائي نادر الرحموني  لـ"الترا تونس": أنا منشغل بالهموم النفسية للمجتمع والفرد التونسي ومشروعي السينمائي القادم يتنزل في إطار المشاغل الصحية للتونسيين

  • كيف يرى المخرج نادر الرحموني دروبه القادمة في أرخبيل السينما التونسية؟

أنا منشغل بالهموم النفسية للمجتمع التونسي والفرد التونسي ومشروعي السينمائي القادم يتنزل في إطار المشاغل الصحية للتونسيين.

 

 

صورة تجمع المخرج نادر الرحموني بمراسل "الترا تونس"  (صورة: الترا تونس)

صورة تجمع المخرج نادر الرحموني بمراسل "الترا تونس"  (صورة: الترا تونس)