08-مايو-2022
""

هيكل المكي: لولا لحظة 25 جويلية، لكان هناك انهيار للدولة التونسية

 

دعا القيادي في حركة الشعب هيكل المكي، إلى ضرورة تكوين جبهة صمود من أجل تحصين مسار 25 جويلية/ يوليو، داعيًا إلى ضرورة الحوار، مؤكدًا أنّه  لا يمكن إلغاء الأحزاب، وأن اللحظة ليست لمشروع البناء القاعدي.

هيكل المكي: نختلف مع سعيّد من داخل مسار 25 جويلية، إذ نرى أن صياغة الجمهورية الجديدة ودستورها يتطلب حوارًا وجبهة داخلية وطنية متينة

هذه الملفات وغيرها تتابعونها في الحوار التالي:

  • أعلن رئيس الجمهورية قيس سعيّد عن تشكيل لجنة خاصة بالإعداد لجمهورية جديدة، ما تعليقكم على هذا القرار؟

نحن من دعاة الجمهورية الجديدة، وهي دولة الشعب، إنها الدولة الاجتماعية الديمقراطية، ونحن مع الرئيس في الذهاب نحو جمهورية جديدة ودولة تتصالح مع شعبها ولا تتخلى عن مواطنيها، ويكون فيها الإنسان التونسي مواطنًا ومحور العملية السياسية والاقتصادية التي نحلم بها.

  • لكن هل تكون صياغة هذه الجمهورية ومقوّماتها ودستورها حكرًا على الرئيس؟ 

هذا ما نختلف فيه مع الرئيس، فنحن نختلف معه من داخل مسار 25 جويلية/ يوليو، إذ نرى أن كل هذا يتطلب حوارًا وجبهة داخلية وطنية متينة من أجل الذهاب إلى الجمهورية الاجتماعية الديمقراطية الجديدة والتي نريدها جميعًا، وإن كنا نختلف في تفاصيلها ولكننا كحركة الشعب نلتقي في مبادئها العامة، مع الرئيس ومع اتحاد الشغل ومع القوى الأخرى الوطنية، فنحن نتفق في المضمون مع الرئيس لكن قد نختلف في الشكل معه.

هيكل المكي: التسريبات المنسوبة لعكاشة لا يمكن أن تمس من الدولة التونسية، وهذا التوقيت سواء كان صحيحًا أو مفبركًا، مخطط له، وهي عملية مخابراتية محكمة

  • قال الرئيس إن اللجنة ستضم هيئتين، إحداهما ستكون خاصة بالحوار وستشمل الصادقين في "حركة التصحيح" والمساندين لمسار 25 جويلية/ يوليو. هل حركة الشعب ضمن هؤلاء؟

نحن من صنّاع 25 جويلية/ يوليو، ونحن في قلب هذا التاريخ، ونحن الطرف الذي دافع بشدة عنه، وانتقد المسار أيضًا وحذّر سعيّد من الأخطاء والمطبات التي يقع فيها المسار.

ونحن في حركة الشعب نعتبر أنفسنا في لحظة تاريخية فاصلة، لذلك فنحن نتجاوز المصلحة الحزبية الضيقة وندعو الرئيس لتكوين جبهة 25 جويلية/ يوليو: جبهة للصمود والتصدي للعدوان الداخلي والخارجي.

فكما ترون، ما يحدث من حرائق وتسريبات وتحرك للسفارات، هي جبهات لخلاص الإسلام السياسي وليس لخلاص تونس.

  • هل تقصدون أن أطرافًا خارجية وراء الحرائق والتسريبات؟

نحن في حركة الشعب لا نؤمن بكل هذه الصدف، فهذه عملية مركبة ومنظمة فيها تسريبات ومحاولة لضرب الأمن القومي، فالحديث مثلًا بتلك الصفاقة عن الحالة الصحية للرئيس هو مساس بالأمن القومي.

هذه السرديات مع الحرائق والإعلام الأجنبي وتصنيفات حرية الصحافة والتسريبات كلها تكشف أن هناك عملية تستهدف ضرب مسار 25 جويلية/ يوليو، وتضرب كل نفس سيادي وطني حقيقي في البلاد وليس قيس سعيّد فقط.

هيكل المكي: كأنّ عضو الحملة التفسيرية لمشروع الرئيس أحمد شفطر، يسعى إلى أن يكون الرئيس وحيدًا بشتمه اتحاد الشغل وحركة الشعب وكل من هم في قلب 25 جويلية

  • لكن ما سمعناه من تسريبات، كانت منسوبة لنادية عكاشة، وقد كانت الذراع الأيمن للرئيس، بل إن البعض يعتبرها من مهندسي مسار 25 جويلية/ يوليو، ألا تعتقد أن الخطر قادم من أشخاص اختارهم الرئيس وأحاطهم به؟

في الحقيقة أنا لا أريد أن أعلق على تسريبات نادية عكاشة لأن هناك بعض الشك في العملية، وأعتقد أن هذه التسريبات لا يمكن أن تمس من الدولة التونسية فهو حديث بين شخصين ونجهل من هو الطرف الذي يقابلها، لكن في كل الحالات، هذا التوقيت سواء كان صحيحًا أو مفبركًا، فهو يصب في مصلحة حركة النهضة، وهو مخطط له، وهي عملية مخابراتية محكمة. إنها عملية تذكرنا بويكيليكس وما انجر عنها فيما أصبح يسمى "الربيع العربي".

 أما بالنسبة للرئيس واختياراته، فنحن نقول إنّ المشكل ليس في المغدور بل في من قام بفعل الغدر، فكلنا يمكن أن نختار أصدقاء وحتى زوجة ونكتشف أننا لم نحسن الاختيار، لكن هذا لا يُعفي الرئيس من ضرورة حسن اختيار معاونيه ومحيطه والذين يشاركونه اتخاذ القرار والحكم.

  • لكنكم انتقدتم أيضًا المحيطين بالرئيس ومن بينهم وزير الداخلية، واعتبرته "المشيشي الجديد" وكذلك أحمد شفطر عضو الحملة التفسيرية لمشروع رئيس الجمهورية؟

أنا لا أريد أن أدخل في مناكفات، لكن بالنسبة لشفطر، فهو لم يساهم في مسار 25 جويلية/ يوليو من قريب أو من بعيد، ولم نسمع باسمه قبل هذا التاريخ أو قبل 17 ديسمبر/ كانون الأول 2010.

أنا أعتقد أن شفطر يقوم بدور مهم، فهو لا يريد أن يحيط بالرئيس أي صديق، وهذا مشكل، فهو يسب اتحاد الشغل وحركة الشعب وكل من هم في قلب 25 جويلية/ يوليو وكأنه يسعى إلى أن يكون الرئيس وحيدًا دون رفيق أو صديق، وهذا مشكل كبير.

 وإن كنت لا أعرفه شخصيًا، فإني أسال: لماذا يفعل هذا بالرئيس؟ ولماذا يحاول ضرب كل أصدقائه؟ فنحن والاتحاد العام التونسي للشغل ساندنا 25 جويلية/ يوليو وإن انتقدناه.

  • ألا ترى أن اللحظة حاسمة من أجل الإعلان عن اختياركم؟ وهل هناك اتصالات بكم؟

هناك اتصالات بالرئيس وآخرها في عيد الفطر المبارك، ولم تكن هناك قطيعة بين الرئيس وحركة الشعب، لكن المسألة ليست شخصية بل هي تهمّ شعبًا ووطنًا ودولة، وبالتالي نحن نرى أن الحوار يجب أن يكون مبنيًا على مضامين وملفات كبرى تتعلق بالسياسي والاقتصادي والاجتماعي وحتى الثقافي، بقيادة الرئيس وليس حوارًا شكليًا، وأن ننطلق به إلى الدولة التي نريد، وهي دولة الشعب.

  • الرئيس قال إن الدستور سيكون جاهزًا خلال أسابيع، وعلّق أستاذ القانون الصغير الزكراوي على ذلك معتبرًا أن هذا التمشي مرتجل ولن يخلق ديمومة وأن الدستور جاهز وكتبه الرئيس بنفسه، فما تعليقكم؟

هناك بعض الأخطاء في التمشي، لكن المعركة الحقيقية ليست معركة دستور وقوانين بل معركة بين خط وطني سيادي، وخط خياني تابع، وبين من يريد سيادة القرار الوطني وتحقيق اكتفاء غذائي ذاتي واقتصادًا يخلق الثروة ومن يريده اقتصادًا ريعيًا.

هناك من يريد محاربة الفساد والمفسدين ومن يريد أن تكون الدولة دولة اجتماعية مدنية، وهناك آخرون يريدون أن يتواصل "السيستام" ويبقى النظام مع بعض التغييرات الشكلانية من هنا وهناك.

هذا هو الصراع الحقيقي، وإن كان الرئيس يقوم ببعض الأخطاء، فهذا لا يعني أن المسار خاطئ، وعلى الرئيس أن يدعو كل القوى الوطنية للحوار وأساسًا دعوة الاتحاد العام التونسي للشغل وحركة الشعب وكل الوطنيين.

هيكل المكي: قلنا إننا لن نشارك في الاستشارة إذا لم نعرف اللجنة التي ستقوم بصياغة نتائجها وهذا دفاعًا عنها ومن أجل عدم التشكيك فيها

  • من هم الوطنيون الآخرون باعتقادك؟

لسنا وحدنا الوطنيون، بل هناك آخرون، وموقفي الشخصي واضح: لا بدّ من تحييد الإسلام السياسي، ونرحّب بكل من يقبل بالحوار من أجل السيادة التونسية ومن أجل دولة الشعب وهي الدولة الديمقراطية الاجتماعية.

  • رغم مساندتكم ودعمكم المطلق لـ25 جويلية/ يوليو لكنكم قاطعتم الاستشارة، ألا يبدو هذا غريبًا؟

نحن من أسّس 25 جويلية/ يوليو ونحن أصحاب فكرة حكومة الرئيس وهي التي افتكت المقود من حركة النهضة وأفشلت تكوين أول حكومة وهي حكومة الجملي مع صولاتنا وجولاتنا في البرلمان، وأنا شخصيًا كرئيس للجنة المالية أرسلت رسالة للرئيس دعوته فيها إلى تفعيل الفصل 80 وأنا من قلت له إننا أمام خطر داهم.

أما فيما يتعلق بالاستشارة فنحن نريد تحصين 25 جويلية/ يوليو وتحصين الاستشارة، لكن لا يمكن اعتبار الاستشارة كل شيء، بل هي ورقة ينطلق بها الحوار، وقلنا إننا لن نشارك فيها إذا لم نعرف اللجنة التي ستقوم بصياغة نتائجها وهذا دفاعًا على الاستشارة ومن أجل عدم التشكيك فيها.

هيكل المكي: حرصًا على الاستفتاء والاستشارة حتى لا يشكك فيهما أحد، فإننا ندعو إلى اعتماد طرق لا تترك الباب مفتوحًا للتشكيك حتى وإن كانت نتائجها صحيحة

  •  هل يمكن أن تقاطعوا الاستفتاء؟

هذا قرار تتخذه هياكل الحزب ولكن لا نريد الحديث عن مقاطعة لأن 25 جويلية/ يوليو مسار يجب أن يستكمل خارطة الطريق المرسومة، لكن حرصًا على الاستفتاء والاستشارة حتى لا يشكك فيهما أحد، فإننا ندعو إلى اعتماد طرق لا تترك الباب مفتوحًا للتشكيك حتى وإن كانت نتائجها صحيحة.

وهنا أريد أن أقول أيضًا إن الاستشارة يمكن أن تكون ورقة في الحوار لكن لا يمكن أن تكون أساسه.

  • وإن كان السؤال مكررًا ولكن سأطرحه عليكم: لماذا  تتبرؤون من دستور 2014 وتتبرؤون من حكومات شاركتم فيها وترمون المسؤولية على غيركم؟

 أولًا، نحن كنا ممثلين بالنائب الشهيد محمد البراهمي في المجلس التأسيسي وقد تم اغتياله قبل المصادقة على الدستور وبالتالي نحن لم نشارك فيه.

كما أننا نعتبر أن دستور 2014 وقع صياغته بشكل غير بعيد عن صياغة دستور العراق وغيرها من دساتير "بريمر" وهو يتماهى مع الإرادة الأمريكية بتعويض الأنظمة الوطنية بأنظمة الإسلام السياسي الديمقراطي، وبالتالي هو دستور مرحلة الإخوان وحكمهم سواء في مصر أو تونس، وهو دستور أزمات ومطبات أنتج نظامًا سياسيًا هجينًا أصبح فيه رئيس البرلمان إمبراطورًا.

إنه دستور مغلق وهو أيضًا لم يحقق للتونسيين أي تقدم على كل المستويات وليس جرمًا أن يتم تعديله أو حتى إلغاؤه، لكن نطرح السؤال التالي: كيف؟ فهل سيكون هناك حوار لمناقشة الدستور الجديد وعرضه على الاستفتاء؟ هذا ما سنراه مع الرئيس.

هيكل المكي: نحن من نظّرنا لحكومة الرئيس وبمشاركتنا فيها، حافظنا على حالة الاشتباك مع الحركة ولم نتركها ترتاح في البرلمان أو الحكومة أو في الميدان

أما الجزء الثاني من السؤال فإن مشاركتنا في الحكومات قد تمت في حكومة إلياس الفخفاخ، فنحن الذين نظّرنا لحكومة الرئيس وبعد أن افتككنا المقود من حركة النهضة أصبح من الواجب علينا سياسيًا أن نشارك في حكومة لن تقودها حكومة النهضة، لكن حافظنا على حالة الاشتباك مع الحركة ولم نتركها ترتاح في البرلمان أو الحكومة أو في الميدان.

ولذلك يمكن القول إنها مشاركة ذكية ووفية لمبادئنا ووفية للشعب ولاستمرار حالة الاشتباك مع العدو الإخواني. نعم شاركنا حتى نرفع الحرج عن حكومة الرئيس التي دعونا إليها وحتى لا نترك حركة النهضة في سلام.

  • وماذا لو قدّم رئيس الجمهورية الدستور وأعلن عنه من دون حوار أو نقاش؟ ماذا أنتم فاعلون؟

دعيها حتى تقع.

  • إذا ما عدت بكم إلى يوم 24 جويلية/ يوليو، هل كان هناك طريق يمكن أن نسلكه للخروج من الأزمة غير ما حدث يومها؟

بالعكس، 25 جويلية/ يوليو كانت لحظة إنقاذ الدولة التونسية من الانهيار، وهي لحظة الشعب التونسي وليست لحظة رئيس الجمهورية ولا حركة الشعب.

إنها لحظة من أهم لحظات التاريخ التونسي المعاصر. إنه يوم من أيام الله كما يقال.

وبالتالي، فأنا أعتقد أنه لو لم تكن لحظة 25 جويلية/ يوليو لكان هناك انهيار للدولة التونسية، وستكون الفوضى عارمة، ولا يمكن التحكم فيها، وبالتالي فهي فرصة للشعب التونسي، ولهذا نتمسك بها كل هذا التمسك. إنها لحظة الشعب ومهما كانت المصاعب والمطبات فإننا بعد 25 جويلية/ يوليو أفضل.

  • هل تخشون المواعيد الانتخابية المقبلة؟

على العكس، كلنا استعداد للمواعيد الانتخابية القادمة مهما كان نظام الاقتراع، لكن بشرط أن تكون مواعيدًا حقيقية، يكون التونسي متحمسًا لها. وهذا يفترض شرطين: أولًا أن يكون هناك نقاش سياسي في الفضاء العام وتنافس سياسي وبرامج للتنافس وإعلام منخرط، مع كل القطاعات والأطياف من هذا الشعب، وثانيًا، أن يكون هناك في العملية السياسية ما يقدم شيئًا ما للمواطن التونسي في حياته اليومية حتى يتصالح مع الحركة السياسية.

وبدون هذين الشرطين، ستكون انتخابات بلا لون أو طعم، وستكون نسبة المشاركة ضعيفة، والطامة الكبرى هو التشكيك في هذه النتائج ومن سيحكم إذا كانت نسبة المشاركة في الاستفتاء أو الانتخابات ضعيفة فمن أين سيأتي بالشرعية؟

هيكل المكي: الحزب كتعبيرة سياسية سيبقى، وعلى الذين يتحدثون باسم الرئيس أن يقدموا لنا ورقة التفويض الممنوحة لهم

  • وماذا لو غابت الأحزاب عن هذه العملية، خاصة وأن الرئيس يرى أن عصرها انتهى؟

ستكون هناك أحزاب، والحزب كتعبيرة سياسية سيبقى، حتى وإن خانت بعض الأحزاب شعبها وهو ما جعلهم يعافون العملية السياسية والنخبة الحزبية.

 لكن أنا أقول لشعبنا: لا تخلط الغث بالسمين، وهناك نخبة سياسية تتبنى مشروعًا وطنيًا، وأدعوهم لمعاقبة الأحزاب التي أجرمت في حقك وأعط الفرصة لمن يعرضون مشروعًا وطنيًا حقيقيًا ومن بينهم حركة الشعب.

من يحرك الساحة السياسية هم الأحزاب وليس الأفراد ونقول مجددًا إنّ لحظة 25 جويلية/ يوليو ليست لحظة البناء القاعدي، بل هي لحظة الشعب التونسي نحو الذهاب إلى دولة الشعب الديمقراطية الاجتماعية، ومن يقول عكس ذلك ممّن يدّعون أنهم أصحاب المشروع هم لا يمثلون الرئيس، وأذكر أنه قال إن لا أحد يمثّله، كما أن الرئيس قيس سعيّد لم يعلن عن ذلك، فعلى الذين يتحدثون باسم الرئيس أن يقدموا لنا ورقة التفويض الممنوحة لهم.