01-يونيو-2023
حمادي الرحماني

حمادي الرحماني: الإيقاف والإيداع بالسجن أصبح هو الأصل في القضايا التي تتدخل فيها السلطة

الترا تونس - فريق التحرير

 

أكد القاضي المُعفى بأمر رئاسيّ، حمادي الرحماني، الخميس 1 جوان/ يونيو 2023، في تصريحه لـ"الترا تونس"، أنّ "القضاة المباشرين أصبحوا يعيشون حالة من الرعب، بعد عزل 57 قاضيًا، وهم ينتظرون في كل لحظة عزلهم وإعفاءهم بجرّة قلم ودون ضمانات، جرّاء أيّ موقف أو قرار يتّخذونه" وفق وصفه.

حمادي الرحماني لـ"الترا تونس": "القضاة المباشرون أصبحوا يعيشون حالة من الرعب، بعد عزل 57 قاضيًا، وهم ينتظرون في كل لحظة عزلهم وإعفاءهم بجرّة قلم ودون ضمانات

وأضاف الرحماني: "القضاة المباشرون تتم ملاحقتهم تأديبيًا على خلفية مواقفهم الرافضة للتعليمات أو حتى مواقفهم المعلنة في انتقاد سياسة وزارة العدل، وفي غياب مجلس أعلى للقضاء يحمي القضاة، السلطة السياسية هي من تمسك بخيوط المجلس ووزارة العدل، وبالتالي لا يشعر القاضي أنه محميّ، والقضاة المتعهدون بالملفات حين يسمعون رئيس الجمهورية يتحدث عن قضايا جارية يخافون ويعتبرونها بابًا للتعليمات" وفق قوله.

وأشار حمادي الرحماني إلى أنّ "هناك قضاة تحقيق اعترفوا للمحامين بأنهم خضعوا للضغوطات وأنهم مجبرون على إيقاف المتهمين لأنهم إن لم يفعلوا سيقع إيقافهم هم"، مذكّرًا بأنه وقع إيقاف قاض بقطب الإرهاب لأنه ترك متهمين بحالة سراح على عكس ما أرادت السلطة.

حمادي الرحماني لـ"الترا تونس": القضاة المباشرون تتم ملاحقتهم تأديبيًا على خلفية مواقفهم الرافضة للتعليمات أو حتى مواقفهم المعلنة في انتقاد سياسة وزارة العدل

وأفاد حمادي الرحماني أنّ "القضاة يجرجرون إلى تفقدية القضاة يوميًا لمساءلتهم على اجتهاداتهم القضائية"، لافتًا إلى أنّ الهيئة الوطنية للمحامين لم ترسّم هؤلاء المعفيين بعد في جداول المحاماة، ومستنكرًا في سياق آخر، "التعيينات القضائية التي تتم وفق اختيارات وزيرة العدل، وخارج القانون وخارج اختصاص المجلس الأعلى للقضاء".

كما اعتبر حمادي الرحماني أنّ هناك عدّة "محاكمات متوالية تمت فيها التضحية بقرينة البراءة"، مؤكدًا أنّ الإيقاف أصبح هو الأصل في القضايا التي تتدخل فيها السلطة، وهذا دليل على أن القضاة لا يمكنهم أن يقولوا (لا) للسلطة السياسية، بدليل قضية الطالبين في أغنية (بابار فيل) اللذين تم الإفراج عنهما غداة تدخل قيس سعيّد من الدائرة نفسها التي رفضت قبل يوم الإفراج عنهما بطلب من المحامين" على حد وصفه.

حمادي الرحماني لـ"الترا تونس": هناك قضاة تحقيق اعترفوا للمحامين بأنهم خضعوا للضغوطات وأنهم مجبرون على إيقاف المتهمين لأنهم إن لم يفعلوا سيقع إيقافهم هم

وأوضح الرحماني أنّ دائرة الاستهداف بدأت بالقضاة لكنها امتدت إلى السياسيين والصحفيين والنقابيين وستتسع أكثر فأكثر لأن الاستبداد لا يشبع، على حد تقديره.

ورأى الرحماني أنّ القضاء التونسي كان بإمكانه أن يكون أكثر لُحمة ووحدة، لكن السلطة السياسية لم تفوّت فرصة لاختراق الهياكل القضائية وخاصة جمعية القضاة التونسيين، وفقه، مضيفًا: "هناك هيكل نقابي اختفى ويبدو أنّ السلطة احتوته وتجنّده لضرب حرية استقلال القضاء".

 

 

وكان قضاة تونس، قد نظموا الخميس 1 جوان/يونيو 2023، وقفة احتجاجية أمام قصر العدالة بتونس العاصمة وقفة احتجاجية بمناسبة الذكرى الأولى للإعفاءات الرئاسية التي طالت 57 قاضيًا، بدعوة من جمعية القضاة التونسيين وهيئة الدفاع عن القضاة المعفيين في تونس.

ورفع القضاة المحتجون شعارات منددة بتدخل السلطة التنفيذية في سير القضاء في تونس على غرار "حريات حريات لا قضاء التعليمات"، "الشعب يريد قضاة لا عبيد"، "لا قانون لا حرية في قضاء التبعية"، "بالقانون بالقانون لا قضاء التلفون"، وغيرها من الشعارات.

وقال رئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمادي، في كلمة له خلال الوقفة الاحتجاجية، إن هذا التحرك يأتي للتذكير بما وصفه بـ"اليوم الأسود في تاريخ القضاء التونسي الذي شهد إعفاءات ظالمة في حق القضاة خارج كل المسارات القانونية"، وفقه.

 

 

ومن جانبه، قال المحامي العياشي الهمامي، عضو هيئة الدفاع عن القضاة المعفيين، خلال الوقفة أمام قصر العدالة بتونس، "نحتج اليوم على مواصلة خرق القانون من قبل وزير العدل والرئيس بعدم تنفيذ أحكام المحكمة الإدارية بإيقاف تنفيذ القرارات الرئاسية بإعفاء قضاة". 

وكان الرئيس التونسي قيس سعيّد قد أصدر، في 1 جوان/يونيو 2022، بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية (الجريدة الرسمية) أمرًا رئاسيًا يتعلق بعزل 57 قاضيًا في تونس، وقد أثار ذلك ضجة واسعة على المستوى الحقوقي في الداخل والخارج. 

وعلى الرغم من صدور أحكام قضائية من المحكمة الإدارية، في 10 أوت/أغسطس 2022، تقضي رسميًا بإيقاف تنفيذ 49 قرار إعفاء، إلا أن وزارة العدل التونسية رفضت تفعيل هذه الأحكام وإعادتهم إلى عملهم، ومنذ ذلك الحين يخوض القضاة تحركات من أجل المطالبة برفع هذه "المظلمة"، وفق توصيفهم.