الترا تونس - فريق التحرير
قال رئيس جمعية القضاة التونسيين، أنس الحمادي، الأربعاء 31 ماي/أيار 2023، إن القضاء في تونس اليوم بيد السلطة التنفيذية وهو وضع غير طبيعي ولا يخدم مصلحة دولة القانون ولا يحمي الحريات، حسب تقديره.
أنس الحمادي: القضاء في تونس اليوم بيد السلطة التنفيذية وهو وضع غير طبيعي ولا يخدم مصلحة دولة القانون ولا يحمي الحريات
وأضاف، في مقابلة له على إذاعة "موزاييك" (محلية)، أن القضاة التونسيون تحت القصف والسحل اليومي من قبل صفحات على منصات التواصل الاجتماعي لأشخاص ينسبون أنفسهم للنظام القائم ويقومون بحملات تشويه ضد القضاة ويدعون إلى عزلهم، وفقه.
وأشار الحمادي، في هذا الصدد، إلى أنه تم التقدم بعدة شكايات ضدهم من بينها ما مرّت عليها سنتان دون أن يقع النظر فيها، في المقابل نرى شكايات أخرى تثار ضد محامين لمجرد أنهم تكلموا في إطار مهامهم وتتحرك ضدهم الدعوى الجزائية وتثار التتبعات ضدهم بسرعة قصوى، على حد قوله.
ولفت رئيس جمعية القضاة، في ذات السياق، إلى أن من ينسب نفسه للنظام يجد نوعًا من الحماية، ومن يعارضه أو يتكلم عن الإخلالات الإجرائية لمنظوريه يجد نفسه أمام السحل الإلكتروني، حسب تأكيده.
أنس الحمادي: القضاة التونسيون تحت القصف والسحل اليومي من قبل صفحات على منصات التواصل الاجتماعي لأشخاص ينسبون أنفسهم للنظام القائم ويقومون بحملات تشويه ضد القضاة ويدعون لعزلهم
وأشار أنس الحمادي إلى أن جمعية القضاة التونسيين تعتزم بالتنسيق مع هيئة الدفاع عن القضاة المعنيين تنظيم وقفة احتجاجية، الخميس 1 جوان/يونيو 2023، بمناسبة الذكرى الأولى لما لقبها بـ"مجرزة" الإعفاءات التي طالت 57 قاضيًا، أمام قصر العدالة بتونس بداية من الساعة الحادية عشر صباحًا بتوقيت تونس.
وذكر رئيس جمعية القضاة أن هذه الوقفة تأتي في إطار الدور الموكول للجمعية في الدفاع عن استقلالية القضاء وعن المصالح المادية والمعنوية للقضاة وعن ضمانات المحاكمة العادلة، مشددًا على أن الإطار هو أبعد ما يكون عن الأطر السياسية.
وعلى صعيد متصل، سلّط أنس الحمادي الضوء على وضعية القضاة المعفيين، مؤكدًا أنهم يعيشون وضعًا صعبًا على المستويات الاجتماعية والنفسية والمادية والمهنية، مذكرًا بأنهم بلا عمل ولا أجرة ولا تغطية صحية منذ سنة كاملة، ومن بينهم من أقدم على محاولة انتحار وآخر أصيب بجلطة، إلى غير ذلك من الحالات الاجتماعية.
أنس الحمادي: نطالب بأن يتم التعاطي مع ملفات رفع الحصانة عن القضاة المعفيين بكامل الموضوعية دون تدخل السلطة التنفيذية وبعيدًا عن حالة الخوف والرعب التي يعيشها القضاة اليوم
كما ذكّر الحمادي بأن المحكمة الإدارية كانت قد أقرّت بأن 49 قاضيًا من بين الذين تم إعفاؤهم ليس هناك في حقهم أي ملف، مستدركًا أنه وقع فيما بعد افتعال ملفات وفبركتها من بينها ما تضمّن تهمًا خطيرة بالإرهاب والفساد المالي، وغيرها.
وتابع قائلًا: حتى بالنسبة للقضاة الذين تعلقت بهم ملفات، نحن مع المحاسبة لكن بالأطر القانونية، وليس بآلية الإعفاء، فآلية الإعفاء أجمع عليها العالم كله بأنها مناهضة لاستقلال القضاء وتفتح الباب على مصراعيه أمام التدخل الكبير للسلطة التنفيذية في السلطة القضائية وفق تقديره.
وطالب رئيس جمعية القضاة التونسيين بـ"إيقاف هذه المظلمة وتنفيذ أحكام المحكمة الإدارية"، معتبرًا أن إعفاءهم أساسًا جاء بـ"قرار سياسي، ثم بعد ذلك أُعدّت الملفات"، وفقه.
وبخصوص مسألة حصانة القضاة، ذكر أنس الحمادي أنه "لا يمكن تتبع قاض طالما تجسدت فيه صفة القاضي، ولا يمكن تتبعه جزائيًا إلا بعد رفع الحصانة عنه"، لافتًا إلى أن القضاة الذين تم إعفاؤهم بأمر رئاسي كانوا قد تظلموا أمام المحكمة الإدارية التي أوقفت تنفيذ قرار الإعفاء، وبالتالي عادت إليهم صفة القاضي، وعندما تم تتبعهم جزائيًا تمسكوا بالحصانة أمام قاضي التحقيق، فقام القضاة المتعهدون بالملفات بمكاتبة المجلس الأعلى المؤقت للقضاء في طلب رفع الحصانة.
أنس الحمادي: هناك ضغط كبير جدًا مسلط على أعضاء المجلس الأعلى المؤقت للقضاء يصل حدّ التهديد والترهيب ما قد يؤثر في البت في ملفات رفع الحصانة عن القضاة المعفيين
وتابع: المجلس الأعلى المؤقت للقضاء عقد جلسات وتعهد بالملفات، وهناك 13 ملفًا لـ13 قاضيًا عرضوا أمامه الثلاثاء 30 ماي/أيار، من بينهم 3 قضايا تم الترافع في شأنها وتم تحديد جلسة للحكم يوم 20 جوان/يونيو، أما بقية القضايا تم تأخيرها استجابة لطلب لسان الدفاع، وتم تأخيرها إلى نفس التاريخ وهو 20 جوان/يونيو 2023.
وطالب أنس الحمادي بأن يتم التعاطي مع هذه الملفات بكامل الموضوعية دون تدخل السلطة التنفيذية، وبعيدًا عن حالة الخوف والرعب التي يعيشها القضاة اليوم، وفق قوله.
وأشار، في هذا السياق، إلى أنه وفق المعطيات المتوفرة فإن هناك ضغطًا كبيرًا جدًا يصل حدّ التهديد والترهيب ضد أعضاء المجلس، معقّبًا: "كل الخشية ألّا يكون البت في الملفات قانونيًا وفق الإجراءات والقوانين المعمول بها، وإنما يكون سياسيًا"، حسب تصريحه.