علقت ببالي مرة عبارة لشاب من أصحاب الشهائد العليا المعطلين عن العمل في أحد اللقاءات الصحفية قد تلاشت آماله في إيجاد مهنة يسترزق منها بعد غلق أبواب الوظيفة العمومية وندرة فرص التشغيل في القطاع الخاص حين قال: "في البلاد هذه يحبوني يا نحرق روحي.. يا نحرڨ!".
و"الحرڨة" باللهجة العامية التونسية تعني الهجرة غير النظامية.. ويعرفها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية، في دراسة ميدانية حول التمثلات الاجتماعية والممارسات والانتظارات للهجرة غير النظامية في تونس أعدها الدكتور عبد الستار السحباني أستاذ علم الاجتماع بالجامعة التونسية، بأنها "فعل رمزي يقوم على تولي المهاجر غير النظامي إحراق وثائق هويته الإدارية، حركة تهـدف إلى التخلص مـن العوائق الإدارية التي تحول دون قدرته على الهجرة والانخراط في مغامرة ليست مضمونة النتائج بدءًا بركوب البحر وما يمكن أن يحدث من مفاجآت أثناء الرحلة قـد تؤدي إلى الغـرق، ومواجهـة لمصير جديد بهوية جديدة متحررة من الهوية الإدارية واستعدادًا لمواجهة كل الاحتمالات الممكنة".
لطالما مثّلت أخبار الهجرة غير النظامية أحد أبرز العناوين في تونس، خاصة مع الارتفاع المطّرد لأرقام التونسيين الذين خيروا ركوب "قوارب الموت" هروبًا من تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي فاقمها عدم الاستقرار السياسي
ولطالما مثّلت أخبار الهجرة غير النظامية أحد أبرز العناوين في تونس، خاصة مع الارتفاع المطّرد لأرقام التونسيين الذين خيروا ركوب "قوارب الموت" هروبًا من تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بتونس التي ما انفكت تتفاقم وضاعفها عدم الاستقرار السياسي، قابله في الضفّة الأخرى للبحر الأبيض المتوسط تصاعد نسق رحلات إعادة ترحيل المهاجرين غير النظاميين من إيطاليا إلى تونس، خاصة في موفى سنة 2021، بإيعاز وتعاون من السلط التونسية بناء على اتفاقية ممضاة بين البلدين، وفق ما تؤكده بيانات سنتناولها في تقريرنا هذا.
- ماذا تقول الأرقام؟
تشير بيانات المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية، في آخر تحيين للأرقام، إلى أن عدد المهاجرين غير النظاميين التونسيين الذين وصلوا إلى الأراضي الإيطالية منذ بداية سنة 2021 إلى غاية نوفمبر/تشرين الثاني 2021 بلغ 15210 مھاجرًا بينما كان عدد الواصلين إلى إيطاليا خلال نفس الفترة من سنة 2020، 12510 مهاجرًا بنسبة زیادة بـ 19%.
في المقابل، بلغ عدد عمليات الهجرة غير النظامية التي تم إحباطها منذ جانفي/يناير إلى غاية نوفمبر/تشرين الثاني 2021، 1662 محاولة بينما تم في نفس الفترة من سنة 2020 إحباط 1062 محاولة. وبذلك بلغ عدد المجتازین الذین تم منعھم منذ بدایة السنة 24116 مھاجرًا، بينما كان عدد الذين تم منعهم من الهجرة غير النظامية خلال نفس الفترة من سنة 2020، 12749 مهاجرًا أي بنسبة زیادة بـ %90 في ظرف سنة.
عدد المهاجرين غير النظاميين التونسيين الذين وصلوا إلى إيطاليا من جانفي إلى نوفمبر 2021 بلغ 15210 مھاجرًا بينما كان عدد الواصلين إلى إيطاليا خلال نفس الفترة خلال من سنة 2020، 12510 مهاجرًا بنسبة زیادة بـ 19%
ويقول منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، في نشرية شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2021 للهجرة غير النظامية والتحركات الاحتجاجية، في تعليقه على الارتفاع الذي يقارب الضعف لعدد التونسيين الذين تم إحباط محاولاتهم للهجرة غير النظامية، إن "تصریحات بعض المسؤولین الفرنسیین والإیطالیین لا تخفي سعادتھم بمستوى التعاون التونسي في مراقبة الحدود مستندة إلى الأرقام التي تحققھا السلطات التونسیة في مجال مراقبة الحدود البحریة في نفس الوقت الذي شھد شھر نوفمبر/تشرين الثاني 2021 احتجاجات للبحارة التونسیین ضد تقاعس الحرس البحري في حمایة مراكب الصید التونسیة والتصدي للصید العشوائي".
اقرأ/ي أيضًا: قصة "حارق" تونسي إلى فردوس لامبيدوزا الإيطالية (صور)
وبمقارنة عدد المهاجرين غير النظاميين الواصلين إلى إيطاليا سنة 2021 حسب الأشهر، نجد أن أكبر عدد للمهاجرين غير النظاميين الذين تمكنوا من الوصول إلى إيطاليا تم تسجيله في شهر جويلية/يوليو 2021 إذ بلغ 3907 مهاجرين يليه شهر أوت/أغسطس بـ3904 مهاجرين، ثم شهر سبتمبر/أيلول بـ1655 مهاجرًا. بينما تم تسجيل أقّل عدد للمهاجرين غير النظاميين التونسيين الواصلين إلى إيطاليا سنة 2021 في شهر أفريل/نيسان إذ بلغ عددهم 307 مهاجرين، وفق بيانات المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
- هروب من "واقع ضبابي"
ولطالما ارتبطت ظاهرة الهجرة غير النظامية بالهروب من الفقر والبطالة والخصاصة والبحث عن "العيش الكريم"، خاصة في ظلّ الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المتردّية بالبلاد.
ويقول أستاذ علم الاجتماع عبد الستار السحباني في دراسته حول الهجرة غير النظامية في تونس (المشار إليها أعلاه) إن "نشأة مشروع الهجرة غير النظامية لدى الشباب التونسي يعكس حالة من اللاأمن الناتج عن الفقر والبطالة والإحساس بالتهميش وانعكاساته النفسية السلبية فيكون مقدمة الانفصال بينه وبين المجتمـع فيتطلع الشـباب للهجرة بحثًا عـن الحضوة الاجتماعية المفقودة وعن أحلام قـد يكون عانقها ذات 17 ديسمبر وآمن بها يوم 14 جانفي لكنها تبخرت وسط عجـز الساسة عـن تحقيق طموحاتهم في الكرامة والعدالة الاجتماعية".
عبد الستار السحباني: نشأة مشروع الهجرة غير النظامية لدى الشباب التونسي يعكس حالة من اللاأمن الناتج عن الفقر والبطالة والإحساس بالتهميش وانعكاساته النفسية السلبية
وتفيد بيانات المعهد الوطني للإحصاء في آخر تحيين نشره في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، أن نتائج المسح الوطني حول السكان والتشغيل للثلاثي الثالث من سنة 2021، 762,6 ألف عاطل عن العمل من مجموع السكان النشيطين مقابل 746,4 ألف عاطل عن العمل تم تسجيله خلال الثلاثي الثاني لسنة 2021، أي بزيادة 16 ألف عاطل عن العمل.
وقد حافظت المناطق الغربية للبلاد التونسية والجنوب التونسي على أعلى نسب للبطالة، فقد بلغت 33% بالشمال الغربي، 26,3 % بالجنوب الغربي، 23% بالوسط الغربي و22,5% بالجنوب الشرقي وهي معدلات تتجاوز المعدل الوطني بـين أربع و أربعة عشر نقطة، وفق معهد الإحصاء.
أما بخصوص آخر تحيين لأرقام الفقر، فقد جاء في تقرير خاص بخريطة الفقر بالبلاد التونسية كان قد أعده المعهد الوطني للإحصاء بالتعاون مع البنك الدولي، أن نسب الفقر ارتفعت بشكل رئيسي في مناطق الشمال الغربي والوسط الغربي. وأفاد أن إقليم الوسط الغربي يعدّ أفقر الأقاليم بالبلاد بمعدل 29.3%، يليه إقليم الشمال الغربي بمعدل فقر 25.8%، ثم إقليم الجنوب الغربي بـ18.2%...
اقرأ/ي أيضًا: معهد الإحصاء: ارتفاع معدلات الفقر بشكل رئيسي في الوسط الغربي والشمال الغربي
- إعادة الترحيل إلى تونس: انتهاكات في مراكز الاحتجاز وتصعيد في نسق الرحلات
المتابع لقضايا المهاجرين غير النظاميين التونسيين لا يخفى عنه أن جدل مراكز الاحتجاز وإعادة الترحيل بإيطاليا ما انفكّ يتصدّر واجهة أخبار الهجرة سنة 2021، لِما تضمنه من تطورات، شملت من جهة الحديث عن انتهاكات واعتداءات على مهاجرين تونسيين داخل مراكز الاحتجاز، ووفاة تونسيّين بها، وصولًا إلى تداول معطيات مؤخرًا عن تصعيد في رحلات إعادة ترحيل المهاجرين غير النظاميين من إيطاليا إلى تونس.
اقرأ/ي أيضًا: جحيم مراكز الترحيل في إيطاليا: تونسيون عرضة لشتى الانتهاكات
ويعاني المهاجرون غير النظاميين التونسيون من انتهاكات ومعاملات وصفها حقوقيون بـ"التمييزية" و"العنصرية"، أمام صمت السلط التونسية التي أعطت الضوء الأخضر للسلط الإيطالية للقيام بممارسات منتهكة لحقوق الإنسان وللمواثيق الدولية على مرأى من الجميع. وهو ما يؤكده رئيس جمعية "الأرض للجميع" عماد السلطاني لـ"الترا تونس".
عماد السلطاني (رئيس جمعية "الأرض للجميع") لـ"الترا تونس": يعاني المهاجرون غير النظاميين التونسيون من انتهاكات أمام صمت السلط التونسية التي أعطت الضوء الأخضر للسلط الإيطالية للقيام بممارسات منتهكة لحقوق الإنسان
يضيف: "المهاجر غير النظامي الحامل للجنسية التونسية يعامل بكل أشكال العنصرية. ليس هناك أيّ أدنى احترام للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، إذ يقع احتجاز النساء والأطفال والقصّر في مراكز الترحيل، دون توفير أي متابعة صحية، ولا تقديم أكل صالح لهم رغم وضوح الاتفاقيات الدولية في حظر ذلك".
ويعتبر الحقوقي المهتم بشؤون المهاجرين غير النظاميين أنه "لو لم تعطِ السلط التونسية الضوء الأخضر لكل هذه الممارسات لَمَا عُومل المهاجر التونسي بالذات بهذه العنصرية"، وأن "السلط الإيطالية تدرك جيدًا أنه ليست هناك حكومة ولا دولة تونسية ستذود عن حقوق مواطنيها"، مشيرًا إلى أن "الانتهاكات تجاه المهاجرين غير النظاميين تصل حد الضرب والتعنيف وحرمانهم من أبسط حقوقهم"، على حد قوله.
"ولعلّ حادثة الوفاة المسترابة للشاب وسام عبد اللطيف خير دليل على ذلك"، يستنتج السلطاني.
اقرأ/ي أيضًا: وفاة مسترابة لشاب تونسي في مركز احتجاز إيطالي.. حقيقة تنتظر الكشف
يذكر أن الشاب وسام (26 سنة) الذي كان محتجزًا في مركز الحجز والترحيل بـ "Ponte Galeria" بروما، توفي في 2 ديسمبر/كانون الأول 2021، وفق ما أكده النائب التونسي عن دائرة إيطاليا مجدي الكرباعي في تدوينة نشرها الجمعة 3 ديسمبر/كانون الأول 2021 على صفحته بموقع التواصل فيسبوك.
وأوضح الكرباعي أن الشاب المتوفى "جاء إلى إيطاليا في أكتوبر/تشرين الأول 2021، قضى 10 أيام في الحجر الصحي على سفينة Gnv تم تم نقله بعد ذلك إلى مركز الحجز والترحيل بـPonte Galeria، مشيرًا إلى أنه تم نقله في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 من مركز الترحيل إلى المستشفى مع العلم أنه لا يعاني من أي مرض حسب ما أعلمته به عائلته"، على حد قوله، لتوفّي فيما بعد.
ووفق رواية جمعية "الأرض للجميع" فإن وسام "قد توفي وهو مقيد إلى السرير في جناح الطب النفسي في مستشفى سان كاميلو، بعد أن أُدخِلَ في مركز الإنعاش القلبي الرئوي في مركز الاحتجاز بونتي جاليريا"، واصفة إياه بـ"معسكر اعتقال يتم فيه احتجاز الأشخاص دون ارتكاب أي جريمة"، وفق ما جاء في بيان للجمعية نشرته في 17 ديسمبر/كانون الأول 2021.
كما أكدت أن "المضايقات مستمرة حتى بعد وفاته: مثل التشريح السريع للجثة، وصمت المؤسسات الإيطالية والتونسية تجاه أفراد عائلته الذين يواصلون المطالبة بالعدالة"، وفق نص البيان.
ويتم في مركز "بونتي غاليريا" بروما احتجاز المهاجرين غير النظاميين لإعادة ترحيلهم. ولطالما ندد حقوقيون تونسيون بالمعاملات التي يتعرض إليها المهاجرون غير النظاميين التونسيون به. ووصفه النائب التونسي عن دائرة إيطاليا مجدي الكرباعي، الذي يعنى بقضايا الهجرة غير النظامية، بـ"غوانتنامو المهاجرين".
وعن رحلات إعادة الترحيل إلى تونس، يقول الكرباعي لـ"الترا تونس"، إن "ترحيل المهاجرين غير النظاميين التونسيين يتم بناء على اتفاقية تم توقيعها منذ سنة 1998، لكن في كل فترة تقع إضافة بنود جديدة فيها تُلزم تونس على التعاون مع الجانب الإيطالي، من خلال تحديد هوية المرحّلين ثم إعادة ترحيلهم، مقابل مبالغ سنوية تُعطى إلى تونس، في إطار إجراءات الحد من الهجرة غير النظامية".
النائب مجدي الكرباعي لـ"الترا تونس": ارتفع نسق الرحلات المنظمة لإعادة ترحيل المهاجرين غير النظاميين التونسيين من إيطاليا إلى تونس ليبلغ معدل ثلاث رحلات أسبوعيًا وكل رحلة تضم 40 مهاجرًا
وكشف النائب أنه "حسب المعطيات التي توصل إليها، فإن مبلغًا قيمته 8 مليون يورو يقع صرفه إلى تونس يخصص للمعدات اللوجيستية التي يتم توفيرها في إطار مكافحة الهجرة، إضافة إلى 30 مليون يورو سيتم تخصيصها في الفترة المتراوحة من 2021 إلى غاية سنة 2023، من أجل أن تكثف تونس مجهوداتها لحماية الحدود الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط"، وفقه.
وأضاف أنه منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2021 "ارتفع نسق الرحلات المنظمة لإعادة ترحيل المهاجرين غير النظاميين التونسيين من إيطاليا إلى تونس ليبلغ معدل ثلاث رحلات أسبوعيًا (أيام الاثنين والخميس، وفي بعض الأحيان أيضًا الجمعة) وكل رحلة تضم 40 مهاجرًا غير نظامي يقع ترحيلهم من مطار باليرمو إلى مطار طبرقة".
اقرأ/ي أيضًا: نائب تونسي: نسق ترحيل المهاجرين التونسيين غير النظاميين من إيطاليا في ارتفاع
وفي تعليقه على ذلك، يقول المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، في نشرية نوفمبر/تشرين الثاني 2021 للهجرة غير النظامية، إن "الرئیس التونسي قيس سعیّد لم يظهر أي مساعٍ من أجل توقیع اتفاقیات مع دول شمال المتوسط من أجل وقف الترحیل القسري للمھاجرین غیر النظامیین".
كما اعتبر أن "خطاب الرئيس ظھر في شكل المدین لھذه الظاھرة الاجتماعیة واعتبارھا شكلًا من أشكال التآمر ضده، والحال أن الهجرة غير النظامية باتت طریقًا للباحثین عن آفاق اقتصادیة واجتماعیة سّدت كل منافذھا في تونس".
منتدى الحقوق الاجتماعية: الرئیس سعیّد لم يظهر أي مساعٍ من أجل توقیع اتفاقیات مع دول شمال المتوسط لوقف الترحیل القسري للمھاجرین غیر النظامیین وخطابه ظھر في شكل المدین لھذه الظاھرة واعتبارھا شكلًا من أشكال التآمر ضده
ويضيف المنتدى أن "تحفظ السلطات التونسية عن اتفاقیاتھا الموقعة مع الجانب الإیطالي في علاقة بترحیل المھاجرین غیر النظامیین يتواصل وتسد الطریق أمام الباحثین عن المعلومة والحال أن فیلمًا وثائقیًا (RITORNO DELLA VIA LA) بثتھ قناة راي نیوز 24 الإیطالیة كشف عن وثیقتین ھامتین:
-الوثیقة الأولى تمثل نص محضر الجلسة بین الجانبین الإیطالي والتونسي بتاریخ 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2020 حول التزامات تونس بالتعاون في الترحیل القسري للمھاجرین غیر النظامیین التونسیين وتشدید الرقابة على الحدود.
- الوثیقة الثانیة تمثل مراسلة وزارة الخارجیة التونسیة لسفارة تونس بإیطالیا لمتابعة الالتزامات المالیة لإیطالیا مقابل التعاون التونسي في قضایا الھجرة".
ويؤكد منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعيى أن "ھذه المعطیات یرفض الجانب التونسي كشفھا لوسائل الإعلام الوطنیة وللرأي العام الوطني"، وفق ما ورد في نشريته.
- ملف المفقودين: في الرفوف إلى أجل غير مسمى!
يعدّ ملفّ المهاجرين غير النظاميين التونسيين من أبرز الملفات العالقة، نظرًا لتواصل ارتفاع عدد المفقودين السنة تلو الأخرى الذي يقابله عدم جدية السلطات الرسمية في التعاطي مع الموضوع، وفق ما يؤكده الناشطون الحقوقيون المتابعون لملف الهجرة غير النظامية.
رئيس جمعية "الأرض للجميع" ينتقد "تواصل تهميش السلطات التونسية ملف التونسيين المفقودين في إيطاليا" ويحمّل الرئيس سعيّد مسؤولية عدم فتح هذا الملف الذي وصفه بـ"العاجل"
يقول رئيس جمعية "الأرض للجميع" عماد السلطاني لـ"الترا تونس"، إن عدد التونسيين المفقودين بالأراضي الإيطالية جراء الهجرة غير النظامية منذ سنة 2011 وإلى غاية موفى أكتوبر/تشرين الأول 2021 بلغ حوالي 5 آلاف مفقود، مستدركًا أن "السلطات التونسية لا تمتلك العدد الحقيقي للتونسيين المفقودين بإيطاليا جراء الهجرة غير النظامية ولديها حصيلة وحيدة تعود للسنوات 2011 و2012 و2013 ولا تتعدى 500 مفقود"، على حد قوله.
كما انتقد السلطاني "تواصل تهميش هذا الملف وعدم إيلائه الأهمية اللازمة من قبل مختلف الحكومات المتعاقبة"، محمّلًا الرئيس التونسي قيس سعيّد مسؤولية عدم فتح هذا الملف الذي وصفه بـ"العاجل"، وعدم وضع استراتيجية ورؤية واضحة لحل مختلف المشاكل المتعلقة بهذا الملف، حسب رأيه.
وكان عدد من عائلات التونسيين المفقودين في رحلات هجرة غير نظامية قد نفذوا، بتاريخ 6 سبتمبر/أيلول 2021، وقفة احتجاجية أمام المسرح البلدي بشارع الحبيب بورقيبة للمطالبة بالكشف عن مصير مئات المفقودين من أبنائهم بالأراضي الايطالية منذ سنة 2011.
ودعت رئيس جمعية أمهات المفقودين، فاطمة كسراوي، في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء (الوكالة الرسمية)، الرئيس قيس سعيّد إلى "الإسراع بفتح ملف المفقودين وإيلائه الأهمية القصوى"، معتبرة أن "ملف المفقودين يعد من بين أهم وأكبر ملفات الفساد خاصة أنّ الحكومات المتعاقبة قامت بالتلاعب به"، على حد قولها.
مع تواصل ارتفاع أرقام المهاجرين غير النظاميين التونسيين بالتوازي مع أرقام المفقودين، وتراكم الملفات المرتبطة بذلك، العام تلو الآخر، تبقى عديد الإشكاليات التي تطرحها الهجرة غير النظامية على الأفراد، المجموعات، ومؤسسات الدولة عالقة، في وقت تغيب فيه أي استراتيجية حقيقية وفعلية تعالجها…
اقرأ/ي أيضًا:
"حمودة".. حكاية أب تحطّمت كلّ سفنه
تفاقم مشكل المفقودين بعد عمليات هجرة غير نظامية في سواحل المهدية