30-يوليو-2022
احتجاجات للمعارضة التونسية

لعل الاستحقاقات الوطنية القادمة تفرض على المعارضة التونسية تقديم المصلحة الوطنية (فتحي بلعيد/أ.ف.ب)

 

رغم دعوات الحوار المتكررة من أطراف المعارضة في تونس وتقاطع مواقفها من خيارات الرئيس التونسي قيس سعيّد، إلا أنها مازالت دعوات تراوح مكانها ولم تتقدم فيها المشاورات قيد أنملة، ويبدو أن مهمتها لن تكون سهلة، فالإرث بينها ثقيل ومثخن بالجراح، وفق ما يراه الكثيرون، لكن لعل الاستحقاقات الوطنية القادمة تفرض على المعارضة التونسية تقديم المصلحة الوطنية وربما تكشف الأشهر القادمة عن تطورات في طريقة عملها وخياراتها.

 

 

  • سمير ديلو (جبهة الخلاص الوطني):

لنقاش الموضوع، تواصل "الترا تونس" مع القيادي بجبهة الخلاص الوطني سمير ديلو، وهي إحدى مكونات المعارضة التونسية، الذي قال إن "معارضتنا ليست للاستفتاء أو الدستور فقط وإنما لكامل المسار، حتى انخراطنا في مناسبتين في تبيان أعوار ومسالب المسار والمشاكل والأخطاء التي وقعت في الدستور، ومرة أخرى حول ما شاب عملية الاستفتاء من شبهات قوية هو من باب بيداغوجي ومن باب إقامة الحجة ولا يمس شيئًا من باب وشعار معارضتنا "لما بني على باطل فهو باطل"، في ما زاد عن ذلك سنخوض كل وسائل النضال والمقاومة السلميين".

سمير ديلو: "وسائل النضال السلمي وسائل طويلة المدى لا تتنزّل في إطار الانتصار بالضربة القاضية، ليس لنا أي وهم في أن سعيّد سيعود للمنطق أو الإقناع لأنه مهووس بتطبيق مشروعه"

وتابع ديلو "وسائل النضال السلمي وسائل طويلة المدى لا تتنزّل في إطار الانتصار بالضربة القاضية، ليس لنا أي وهم في أن سعيّد سيعود للمنطق أو الإقناع لأنه مهووس بتطبيق مشروعه، كل من راهنوا على أنه سيقصي غيرهم ويشركهم أقصاهم كما أقصى غيرهم، سعيّد لا يستمع إلا لصوته ولصدى ما يقول، نحن غير متعجلين ومستعدون للصمود كل الوقت الذي يتطلبه الأمر ولن نعوّل على تفهم سعيّد".

وأضاف، خلال حديثه لـ"الترا تونس" "رؤية سعيّد هي اختصار الدولة في شخصه، وما دستره في الكتيٌب الخاص به الذي يدعي أنه دستور يقوم على اختصار كل المؤسسات والصلاحيات في شخص واحد، شخص قيس سعيّد، ليس دورنا أن نفرض حلاًوما يتداول من حديث في اليومين الأخيرين وما روجته رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي من حديث على تقسيم الدولة ووضع حكومة موازية كله خارج عن السياق".

وشدد ديلو على "نحن لا ننظّر ولا ندعو ولا نسعى لإقامة حكومة موازية لحكومة الرئيس وإنما نريد حكومة بديلة منبثقة عن حوار وطني تكون أولويته اقتصادية بالإضافة للإنقاذ السياسي، سنقدّم مشروعنا وعلى الجميع المشاركة في الحوار، كان من المفروض أن يشرف عليه الرئيس منذ سنة 2020 بعد دعوة الاتحاد لإجراء حوار وطني ولكن سعيّد يرفض ذلك رفضًا قاطعًا، فليكن حوار بلا رئيس لا حوارًا بلا دولة لأن الدولة ليست الرئيس".

سمير ديلو:  "نحن لا ننظّر ولا ندعو ولا نسعى لإقامة حكومة موازية لحكومة الرئيس وإنما نريد حكومة بديلة منبثقة عن حوار وطني تكون أولويته اقتصادية بالإضافة للإنقاذ السياسي"

وحول مدى تقدم المشاورات للإعداد للهيئة التحضيرية للمؤتمر الوطني للإنقاذ من قبل جبهة الخلاص، كما سبق أن دعوا له، بيّن ديلو أن "الفكرة مازالت في خطواتها الأولى لكنّها بصدد التقدم شيئًا فشيئًا، عند إحساس جميع الأطراف بخطورة المشروع المدمر لقيس سعيّد سيتفقون على التنسيق"، وفق تقديره.

 

 

  • عصام الشابي (الحملة الوطنية لإسقاط الاستفتاء):

وتتشكل معارضة الرئيس التونسي قيس سعيّد من أقطاب من بينها جبهة الخلاص الوطني والحملة الوطنية لإسقاط الاستفتاء المتكونة من 5 أحزاب ديمقراطية اجتماعية، وكذلك الحزب الدستوري الحر، ولمزيد توضيح مواقفهم أيضًا وتوجهاتهم القادمة، تواصل "الترا تونس" مع أمين عام الحزب الجمهوري والقيادي بالحملة الوطنية لإسقاط الاستفتاء عصام الشابي، الذي قال في تصريح لـ"الترا تونس"، "قمنا طيلة السنة الفارطة بتحركات وتعبئة سياسية وميدانية ضد مسار رئيس الجمهورية الذي دشّنه بالانقلاب على الدستور وتفكيك مؤسسات الدولة ووضع يده على كل السلطات".

عصام الشابي: "كان للمعارضة دور بارز و نجحت في الحد من اندفاع الرئيس والنتيجة أن الاستفتاء الذي أراد أن يتحوّل إلى مبايعة لشخصه ومشروعه مُنِي بفشل واضح"

وأردف الشابي "كان للمعارضة دور بارز و نجحت في الحد من اندفاع الرئيس والنتيجة أن الاستفتاء الذي أراد رئيس الجمهورية أن يتحوّل إلى مبايعة لشخصه ومشروعه مُنِي بفشل سياسي وانتخابي واضح، حيث لم يتوجه أكثر من 75% من التونسيون لصناديق الاقتراع ولم يؤيدوا مشروع رئيس الجمهورية، أصبح واضحًا أن السردية التي بنَى عليها سعيّد مشروعه وطموحاته بأنه يمثل طموحات الشعب وأن له تأييدًا شعبيًا كبيرًا تبين على الميدان أنها تآكلت وأصبحت الكفة تميل للمعارضة، وتبيّن بالأرقام أنه لا يحصد إلا أقلية وهو ما يعطي دفعًا للمعارضة في مواصلة الدفاع عن الدولة المدنية والديمقراطية ودستورها دستور الثورة وهو الوثيقة التي يمكن البحث في إطارها عن حل للأزمة القائمة".

وشدد الشابي "النتائج المنبثقة عن الاستفتاء لا تعطي شرعية ومقدوح فيها كما أن أداء الهيئة المنصبة للانتخابات كارثي، هذه الأخطاء أقل ما يقال إنها تعزز شبهات التلاعب بإرادة الناخبين، الاستفتاء سيعزز الأزمة ويضاعف إضعاف الدولة التونسية ووحدة التونسيين وقوة الدولة التونسية في مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية وأمام الخارج".

عصام الشابي: "الاستفتاء سيعزز الأزمة ويضعف الدولة ووحدة التونسيين وقوة الدولة في مواجهة التحديات"

وتابع الشابي "تونس تعاني من تحديات خطيرة حيث أنها من بين الخمس دول الأولى المهددة بالتخلف عن سداد ديونها، نحن في حاجة لمعارضة تلتفت للوضع الاقتصادي، وندعو إلى نقاش جدي للخروج من الأزمة السياسية والاقتصادية، علينا أن نبحث في تطوير عملنا السياسي وتطوير جهودنا لخلق موازين قوى تمنع استمرار هذا النهج ذو التداعيات الخطيرة، نعتقد أن مصلحة تونس تقتضي أن نغلق هذا القوس في أقرب الآجال، لا نرى بديلًا عن التوافق والحوار إلا الاحتراب الأهلي الذي نرفضه ونرفض أن نبقى شهودًا على تدهور الأوضاع في بلادنا أكثر".

الشابي واصل حديثه لالترا تونس بالقول "الحوار لا يمكن أن يتوقف على أي جهة ولو كان رئيس الجمهورية، لا نضحي بمستقبل بلادنا من أجل لحظة قد لا تأتي من الرئيس، وهذه مسؤولية الأطراف السياسية والمدنية أن تمضي قدمًا في تنظيم حوار للبحث والاتفاق على مخرجات الخروج من هذه الأزمة، المبدأ هو الحوار الوطني الجامع الذي لا يستثني أحدًا وهي وصفة جربت من قبل في تونس وفي كل أنحاء العالم ولا ندري لماذا يقع التخلي عليها، نحن لم نطلع على مبادرة جبهة الخلاص وعند الاطلاع عليها سنتفاعل معها، المعارضة بكل مكوناتها في حاجة لبناء جسور ثقة فيما بينها ودراسة كل المقترحات"، وفقه.

 

 

  • عماد الخميري (حركة النهضة):

من جهة أخرى، قال الناطق الرسمي باسم حركة النهضة عماد الخميري، في تصريح لـ"الترا تونس" إن "كل المسارات التي جاءت من بعد 25 جويلية 2021 أثبتت عجزها في معالجة أوضاع البلاد ونقلتنا من الأزمة إلى الانهيار الشامل في كل مؤسسات الدولة، خاصة بعد الاستحواذ على هيئة الانتخابات لتنفيذ أجندة الرئيس في كل ما يتعلق بالاستحقاقات الانتخابية، كل هذا لا يمكن أن تتلقّفه المعارضة إلا بمزيد توحيد جهودها لأن سعيّد استفاد من تشتت وتشرذم المعارضة والصف الوطني".

عماد الخميري: "كل المسارات التي جاءت من بعد 25 جويلية 2021 أثبتت عجزها في معالجة أوضاع البلاد ونقلتنا من الأزمة إلى الانهيار الشامل في كل مؤسسات الدولة"

وأضاف القيادي بحركة النهضة "ستكون هناك معارضة لهذا النهج الأحادي الذي فُرض على التونسيين والذي أثبتت المحطة الأخيرة " الاستفتاء" فشله من جديد، بحيث يمكن الحديث عن 7 مليون تونسي غير معني بهذه الوثيقة الجديدة التي ولدت ميتة والتي تكرس لحكم سلطاني مركزي يجمع كل السلطات بيده سنناضل على الأرض، نضالًا مدنيًا سلميًا ديمقراطيًا من أجل وضع حد لهذا الانقلاب"، وفقه.

وأكد الخميري في حديثه لـ"الترا تونس"، "سنطالب بالعودة للشعب لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية سابقة لأوانها، سنضغط في هذا الاتجاه وسنعمل مع بقية الطيف السياسي والاجتماعي، دائرة المساندين للرئيس تضيق وصارت أقلية بالنظر لعموم الشعب التونسي ولدائرة المعارضين له والذين مستهم الإجراءات اللاجتماعية للانقلاب، حينما تلتقي هذه المعارضة على الرغم من تشتتها ننتظر أن يكون هناك توحيد على مستوى الممارسة وعلى مستوى النضال".

عماد الخميري:  "سنطالب بالعودة للشعب لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية سابقة لأوانها، سنضغط في هذا الاتجاه وسنعمل مع بقية الطيف السياسي والاجتماعي"

وبخصوص إمكانية إجراء حوار بين أطراف المعارضة وأطراف أخرى، بينّ الخميري أن "سعيّد تنكر لكل طلبات الحوار، ورمى بكل الذين مدوا أيديهم للحوار وسيثبت التاريخ أن هذا من سقطات الانقلاب،وفقه، جربت كل الأنظمة الاستبدادية هذا من قبل وكانت الإجابة دائمًا الفشل، هذا الهروب إلى الأمام لن يعالج أوضاع بلادنا، بل سيزيد في الأزمة وسيدفع إلى الانهيار، سنعمل على محطة المؤتمر الوطني الجامع مع قوى المعارضة في البلاد، هناك اتصالات ستفضي إلى أن يكون هناك التقاء في القريب ضد مشروع الانقلاب ومن أجل وضع أجندة وطنية للخروج من هذا الوضع".

 

 

  • الحزب الدستوري الحر:

تشتت المعارضة التونسية يؤكده أيضًا موقف الحزب الدستوري الحر، الذي يواصل اتهام جبهة الخلاص "بالعمل على ضرب الدولة وإدخال البلاد في تنازع الشرعيات بالاستقواء بالخارج"، حسب تصريحات رئيسته. ويتهم الدستوري الحر الرئيس قيس سعيّد "بمواصلة الهروب إلى الأمام والدوس على سيادة الشعب الرافض لمساره، وإرغامه للتونسيين على تنفيذ مشروع البناء القاعدي باستعمال الأجهزة الصلبة للدولة وأدوات القمع وميليشيات فيسبوك"، وفقه.

عبير موسي: "دعوة لميثاق سياسي يحدد الإطار العام للتحرك و يحضر الأرضية لأغلبية برلمانية مدنية تقوم بالإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية"

ونبهت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي في تصريح إعلامي لها مما "قد يحمله نجاح أحد المسارين سواء لقيس سعيّد أو جبهة الخلاص من تأثيرات على تونس"، داعية أصحاب الفكر الديمقراطي إلى إمضاء ميثاق سياسي يحدد الإطار العام للتحرك و يحضر الأرضية لأغلبية برلمانية مدنية تقوم بالإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتضع تونس على السكة الصحيحة، وفق قولها.

وقالت موسي إنها تقبل أن تكون الوثيقة المحررة من طرف الرئيس المنسق لهيئة إعداد الدستور الصادق بلعيد أساسًا للحوار حول الإصلاحات الضرورية وذلك لتسهيل تمريرها وإقرارها بطريقة قانونية سليمة، وفق تقديرها.