15-يونيو-2021

الباعث الشاب شكري العلياني: شركتي ستغلق الباب أمام تجّار السوق السوداء ولهذا يعطلونها

 

طيلة 5 سنوات، عمل الباعث الشاب شكري العلياني على مواصلة الطريق رغم ما فيه من تعطيلات إدارية ونجح في تجاوز العقبات البيروقراطية متسلحًا بالصبر والعزيمة لتحقيق مشروعه بعد أن ظل لأكثر من 10 سنوات عاطلًا عن العمل رغم أنه خرّيج الجامعة التونسية.

"أنهكتني سنوات البطالة، وبعد أن تزوجت وأنجبت أطفالًا قررت أن أجد حلًا لوضعي الاقتصادي وأن أبعث مشروعي الخاص كي أخرج من طابور انتظار الانتداب في الوظيفة العمومية، خاصة وأن الحكومات المتعاقبة تؤكد في كل خطاباتها على دعم الشباب من أجل بعث المشاريع. ولهذا قررت أن أخوض التجربة". هكذا صرّح شكري العلياني لـ"الترا تونس". 

باعث مشروع العلف المركّب بقفصة لـ"الترا تونس":  صدمت بأن الشركة التونسية للكهرباء والغاز تعذر عليها مدّي بالكهرباء وأنا في الانتظار منذ سنة كاملة أطرق أبواب الشركة في الجهة فتأتيني إجابات غريبة لا يقبلها العقل

ويضيف العلياني: "على مدى خمس سنوات، قمت بدراسة المشروع واستطعت أن أجمع عددًا من الفلاحين كشركاء لي، ونجحت في إقناع البنك الإفريقي للتنمية بهذا المشروع والمتمثل في شركة لصنع العلف المركّب مقرها معتمدية زانوش من ولاية قفصة. وتقدّر الكلفة الجملية للشركة بمليار و576 ألف دينار، وبطاقة تشغيلية تقارب 50 عاملًا قارًا و70 عاملًا وقتيًا وعرضيًا.. وحين أصبح المشروع جاهزا بنسبة 95%، صدمت بأن الشركة التونسية للكهرباء والغاز تعذر عليها مدّي بالكهرباء وأنا في الانتظار منذ سنة كاملة أطرق أبواب الشركة في الجهة فتأتيني إجابات غريبة لا يقبلها العقل" حسب قوله.

باعث مشروع العلف المركّب بمنطقة زانوش من ولاية قفصة شكري العلياني

وتابع محدّثنا: "فمرة يخبرونني بأن البنك الإفريقي للتنمية مدّ الشركة بـ3 مليارات، وأن مليارًا منهم لم يجدوه بعد وهم بصدد البحث عنه، وحال العثور عليه سيتم مد المشروع بالكهرباء، ومرة يقولون لي: (الحمد لله عثرنا على المليار لكن المهندسين في إضراب وليس لدينا إطارات تشغل الكهرباء لمشروعك).. وككل مرة لا أحد يمدني بأي وثيقة رسمية تتضمّن هذه الإجابات، إذ يكون الردّ شفويًا مع وعدي بأن يتم مدي بالكهرباء في أقرب وقت" حسب تعبيره.

اقرأ/ي أيضًا: عمادة المهندسين: الإعلام بصدور التساخير يتم عن طريق الضابطة العدلية لا غير

وفي الأثناء، يواصل شكري العلياني، الباعث الشاب، دفع المال دون أن يبدأ المشروع في الإنتاج خاصة وأن البنك بدأ بالفعل باقتطاع أقساط القرض لأن المشروع جاهز منذ سنة والقرض مرتبط بآجال محددة. يقول: "طرقت أبواب كل السلط الجهوية التي هي على علم بالمشروع، بل إن عددًا منهم زار مقر الشركة، لكن يتم تسويفي حينًا، وتقديم حجج واهية أحيانًا أخرى، فضلًا عن التهرّب مني بعض الوقت".

"تخيلوا أنني يوميًا أذهب للبحث عن حل.. وأنا عاجز أمام مشروعي الذي عملت لأجله سنوات. وها هو معطل أمامي أتجول في أرجائه في انتظار زر كهرباء لينطلق الإنتاج فيعيلني ويعيل عائلات أخرى ستعمل فيه. شركة إنتاج الأعلاف التي يحتاجها أهالي الجهة وفي انتظارها، متوقفة. وأنا مهدد بالسجن إذا لم أشرع في العمل لأنني لا أملك مالًا لدفع الأقساط" هكذا عبّر محدّثنا عن حاله.

اقرأ/ي أيضًا: صاحب مشروع تربية الذباب: سنعتمد بروتين الذباب في صناعة الخبز والمعكرونة

ويواصل شكري العلياني حديثه متسائلًا: "أين المسؤولون؟ أين الحكومات؟ أين الشعارات التي تؤكد دعم المشاريع والمبادرات الخاصة؟ لماذا يتم تعطيل مشروع إنتاجيته عالية وناجحة وهذا واضح وجلي من خلال دراسات عملت عليها لسنوات وأقنعت بها بنوكًا دولية؟ ولماذا يتم تعطيل المشروع دون مدّي بالكهرباء رغم أن الشركة التونسية للكهرباء والغاز تحصلت على كل مستحقاتها المالية؟".

أسئلة إنكارية طرحها محدثنا الذي وجد نفسه مجبرًا على تنفيذ وقفة احتجاجية مع عدد من الفلاحين أمام الولاية لكن لم يبارح المشروع مكانه، ولم تتحرك آلاته رغم ذلك، في ظل غياب التيار الكهربائي. الباعث الشاب أنشأ شركته في عمق البلاد (زانوش من ولاية قفصة) أي في منطقة يؤكد السياسيون أنها تتمتع بالتمييز الإيجابي وأنها جهة منكوبة منسية، لكن واقع التعامل ربما يكشف عكس ذلك.

باعث مشروع العلف المركّب بقفصة لـ"الترا تونس": ليس من مصلحة لوبيات الأعلاف أن تنطلق الشركة في إنتاج الأعلاف وتغلق الباب أمام تجّار السوق السوداء، ليس من مصلحتهم أن تباع الأعلاف في النور بأسعار مكشوفة وواضحة وقانونية..

ولا يستبعد شكري العلياني أن يكون هذا التعطيل لمشروعه مقصودًا ومع سبق الإصرار والترصد ويقول لـ"الترا تونس": "ليس من مصلحة لوبيات الأعلاف أن تنطلق الشركة في إنتاج الأعلاف وتغلق الباب أمام تجّار السوق السوداء، ليس من مصلحتهم أن تباع الأعلاف في النور بأسعار مكشوفة وواضحة وقانونية.. إنه أخطبوط الفساد الذي يلتهم كل من يحاول أن يبعث مشروعًا ويقف أمام مصالحهم.. إنها الحيتان الكبيرة التي تلتهم كل الباعثين الشباب. فأين الدولة التي ترفع شعار مقاومة الفساد؟ ومن يحمينا؟ ومن يقف في وجه هؤلاء؟" وفق تساؤلاته.

وقد سعى "الترا تونس" من جانبه إلى الاتصال بالشركة التونسية للكهرباء والغاز ممثلة في المدير التجاري سامي بن حميدة لطرح الملف عليه، فاستغرب وطلب منا التواصل مع المدير الجهوي للشركة التونسية للكهرباء والغاز عبد الناصر أبو زيد لأن المشروع يعود إليه بالنظر. وأكد المدير الجهوي من جهته لـ"الترا تونس" عدم علمه بالموضوع، وطلب اسم الباعث الشاب ورقم هاتفه وقدمناه له واعدًا إيانا بتقديم الإجابة للنشر بعد أن يجلس إليه ويستمع له.

ولئن استقبل المدير الجهوي الباعث الشاب بحسب ما أكده شكري العلياني لـ"الترا تونس"، ووعده بأنه سينظر في ملفه، فإنه ورغم محاولاتنا المتكررة للاتصال به من أجل تقديم توضيح وعد به في السابق، لم يعد يرد على اتصالاتنا.

 مشروع العلف المركّب بمنطقة زانوش من ولاية قفصة شكري العلياني