10-سبتمبر-2019

شملت موجة التندر عدة جوانب متعلقة بالمترشحين أهمها الجانب المعرفي والانفعالي (ياسين القايدي/وكالة الأناضول)

 

يتواصل تصاعد نسق الحملة الانتخابية الرئاسية في سباق 26 مرشحًا نحو كرسيّ قرطاج، وهي حملة ترافقها إثارة واسعة على وقع التصريحات والمواقف والمشاهد التي ظهر عليها المترشحون لمنصب رئيس الدولة والقائد الأعلى للقوات المسلحة ومهندس السياسة الخارجية وفق الدستور.

وقد احتدت مضامين نقد المترشحين بقدر ظهور "فرسان قرطاج" في الساحات العامة والندوات الصحفية والبلاتوات التلفزية وأمام المصادح الإذاعية، فأثمر هذا التواصل المكثف ثمرة من التصريحات المثيرة الجدل والتفاعل في وسائل الإعلام التقليدية ومواقع التواصل الاجتماعي.

ومن ميزات هذا التفاعل عنصر الفكاهة والتهكم والسخرية والدعابة والنكتة التي عج بها الفضاء الأزرق جنبًا إلى جنب مع التفاعلات والتحاليل الرصينة للخبراء والمحللين السياسيين، فامتزج الجد بالهزل في مشهد فريد من نوعه في العالم العربي بمساحة حريّة معمّدة بدماء شهداء الثورة.

كان جميع المترشحين تحت مجهر جمهور مواقع التواصل الاجتماعي ومحور التدوينات الهزلية التي فاض بها الفضاء الرقمي الذي تحول إلى لاعب أساسي في الدعاية والتسويق وصناعة الرأي العام.

اقرأ/ي أيضًا: التقليد يغزو الحملات الانتخابية.. صور وشعارات مورّدة من الخارج

وبقطع النظر عن تفاوت درجة التنافس والثقل السياسي فيما بينهم، كان جميع المترشحين تحت مجهر جمهور مواقع التواصل الاجتماعي ومحور التدوينات الهزلية التي فاض بها الفضاء الرقمي الذي تحول إلى لاعب أساسي في الدعاية والتسويق وصناعة الرأي العام.

وشملت موجة التندر عدة جوانب متعلقة بالمترشحين أهمها الجانب المعرفي والانفعالي والسلوكي، ومدى إحاطتهم بالمواضيع والبرامج المتعلقة بمنصب رئيس الجمهورية، وكذلك مدى تفاعلهم مع القضايا والمسائل الوطنية سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا وعسكريًا وديبلوماسيًا.

إذ مثل إيقاف المرشح نبيل القروي في السجن المدني في مرناقية على خلفية تورطه في قضية غسيل أموال وتهرب ضريبي، عدا عن وجود مرشح آخر هو سليم الرياحي خارج تونس هربًا من الملاحقات القضائية، مادة للسخرية والحيرة في اللآن نفسه خشية سيناريوهات مفترضة من بينها بلوغ أحد هذين المرشحين أو كليهما للدور الثاني.

كما كانت زيارة المترشحين للمزارات والأولياء الصالحين والمقابر وأماكن العبادة مادة للتندر أيضًا أمام صور تظهر نبيل القروي وعبير موسي ويوسف الشاهد حذو أضرحة الأولياء الصالحين مما اعتبر "استعانة بقوى غير منظورة كما لو كانوا واقعين في قبضتها وتحت أسرها".

وسخر الفايسبوكيون من تصريحات عياض اللومي، القيادي في حزب "قلب تونس"، حزب نبيل القروي، الذي اعتبر مرشحه "سجينًا سياسيًا" وفي مقام الشهيد فرحات حشاد وشبهه بنيلسون مانديلا الذي قضى 26 سنة في سجون نظام الابرتهايد.

كما سخر رواد الموقع الأزرق من وعد المرشح يوسف الشاهد بتحويل تونس إلى بلد شبيه باليابان إذا ما بلغ كرسي الرئاسة فسخر أحدهم قائلًا "باش يجبدولنا عينينا" في إشارة إلى أنها الطريق الأسهل كي نشبه بلدًا بحجم ذلك البلد الآسيوي. كما علق المتندرون على صورة تظهر الشاهد يقذف كرة بعبارة "يشوط مليح" في إشارة إلى وعوده الانتخابية الكاذبة بالنسبة إليهم.

علّق المتندرون على صورة تظهر يوسف الشاهد يقذف كرة بعبارة "يشوط مليح" في إشارة إلى وعوده الانتخابية الكاذبة بالنسبة إليهم

اقرأ/ي أيضًا: مترشحون للرئاسيات ...زيارات للمقامات على نخب الانتخابات

وتهكم آخرون على تدوينة المرشح المنصف المرزوقي الذي وعد بتصفية ديون تونس بالخارج خاصة بعد عدم قيامه بذلك خلال فترته الرئاسية السابقة. فيما سخر فريق من وعد المرشح عبد الفتاح مورو بـ"تفعيل صلاحيات رئيس الجمهورية لتحقيق الأمن الاجتماعي" فيما اُعتبر وعدًا لا معنى له بالنظر لصلاحيات رئيس الجمهورية.

كما أثار وعد المرشح إلياس الفخفاخ بإلغاء الفحص الشرجي وقد الزواج للإقامة في النزل وعقوبة استهلاك القنب الهندي (الزطلة) موجة من التندر باعتبارها وعودًا مغازلة للشباب وتدغدغ العواطف أكثر مما تخاطب العقول، وشابهه في ذلك المرشح محسن مرزوق الذي عبر عن دعمه لإنتاج "الزطلة" في تونس وتصديرها.

ولم ينج كذلك المرشح وزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي من موجة السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي على وقع صعوبته في التعبير في أحيان عديدة، غير أن تصريحه حول استعداده لمحاصرة البرلمان باستعمال دبابتين لمنع ما اعتبره "انقلاب يوم الخميس الأسود" أثار حالة من السخط والجدل، وحوّلت المقام من هزل إلى جدّ سرعان ما غمرته أيضًا التعليقات الساخرة ومنها تعليق المرشح محمد عبو، في اجتماع شعبي في صفاقس، بأنه يوجد 3 أبواب للبرلمان وليس بابيْن فقط معنى لا يكفي وجود دبابتين فقط.

كما تداول صفحات مواقع التواصل محتوى المناظرات الرئاسية عبر اقتطاع مقاطع طريفة من تدخلات المترشحين، وقد شملت هذه المقاطع أغلب المترشحين على حد السواء، وذلك بالتوازي مع التعليقات التقييمة لأداء المترشحين وكفاءتهم.

وانتشرت، في المقابل، "الفكاهة السوداء" ذات الطابع العدواني المسيء، وهي تغذي الجهويات والتفرقة والتعصب، وتقود إلى التصادم مما يجعلها خطرًا على سلامة المسار الديمقراطي الانتقالي.

ولكن إجمالًا، ساهمت موجة السخرية والنكتة والفكاهة التي اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي في تشكيل رؤى واضحة نحو موضوع معين، وقياس مدى تجاوب المواطنين مع الوعود الانتخابية، وتقييم القدرة الاتصالية للمترشح. كما ساهمت أيضًا، وهذا من الأهمية بما كان، في خفض منسوب التوتر في حملة تشهد وتيرة صراعات حادة بين المترشحين المنتمين لنفس العائلة السياسية على وجه الخصوص.

 

اقرأ/ي أيضًا:

حتى لا يكون الأطفال وقودًا للحملات الانتخابية..

ماذا ينتظر الشباب التونسي من الانتخابات؟