20-أغسطس-2019

يتعدد المترشحون الذين ينتمون لنفس العائلة السياسية والأيدولوجية (فتحي بلعيد/أ.ف.ب)

 

ستة وعشرون مترشحًا، مبدئيًا، في السباق نحو قصر قرطاج، في الانتخابات الرئاسية المنتظرة يوم 15 سبتمبر/أيلول المقبل، ينتمي أغلبهم إلى عائلات أيديولوجية أو سياسية واحدة، بل إن بعضهم كانوا يتقاسمون ذات الحزب قبل سنوات أو حتى بضعة أشهر، وهو ما يعني تنافسًا على ذات الخزان الانتخابي وما يعنيه تتابعًا من تشتت أصوات الناخبين، وهو ما قد يصب، في نفس الوقت، في مصلحة تيار دون آخر.

اقرأ/ي أيضًا: المترشحون للانتخابات الرئاسية: كم من وزير سابق؟ من كان سجينًا؟ ومن ألف كتبًا؟

ترشحات عديدة من عائلة سياسية واحدة

يتنافس مترشحون من ثلاث عائلات سياسية بالأساس في الانتخابات الرئاسية، والحديث عن "العائلة الوسطية التقدمية" والإسلاميين واليسار إضافة إلى منافسة بين مستقلين ليس لهم توجهات سياسية واضحة المعالم. إذ يتعدد المرشحون الذين يؤكدون انتمائهم لـ"العائلة الوسطية والتقدمية والحداثية"، بتنافس على الأقل لـ 8 مرشحين، ممن ينحدرون أساسًا من حزب نداء تونس، علي إقناع خزان انتخابي واحد. وهؤلاء المرشحين هم كل من رئيس الحكومة وحركة "تحيا تونس" يوسف الشاهد، ورئيس حركة مشروع تونس محسن مرزوق، والأمين العام السابق لنداء تونس ومدير المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية ناجي جلول، ورئيس حزب "بني وطني" سعيد العايدي، ورئيسة حزب "أمل تونس" سلمى اللومي، إضافة للقيادي السابق في نداء تونس وصاحب "قناة نسمة" نبيل القروي.

وحزب نداء تونس، الذي كان ينتمي إليه جميع هؤلاء المرشحين، يدعم، في هذه الانتخابات، وزير الدفاع المستقيل عبد الكريم الزبيدي الذي ترشح كمستقل. وتضم هذه العائلة السياسية كذلك رئيس الحكومة السابق ورئيس حزب "البديل" مهدي جمعة، إضافة إلى مرشحين آخرين من بينهم رئيسة الحزب الدستوري الحرّ عبير موسي التي تعتبر أن حزبها يمثل استمرارًا للحركة الوطنية وفق قولها.

يتنافس مترشحون من ثلاث عائلات سياسية بالأساس في الانتخابات والحديث عن "العائلة الوسطية التقدمية" والإسلاميين واليسار إضافة إلى منافسة بين "مستقلين" ليس لهم توجهات واضحة المعالم

التيار الإسلامي يخوض بدوره السباق الرئاسي بـ4 مترشحين هم مرشح حركة النهضة رئيس مجلس نواب الشعب بالنيابة عبد الفتاح مورو، ورئيس الحكومة الأسبق والقيادي السابق في النهضة حمادي الجبالي، والناطق الرسمي باسم "ائتلاف الكرامة" سيف الدين مخلوف والعضو السابق في مجلس شورى النهضة حاتم بولبيار.

كما يوجد مرشحون، لا ينتمون إلى التيار الإسلامي عنوانًا ولكنهم يراهنون على الخزان الانتخابي للمحافظين، والحديث بالخصوص عن أستاذ القانون الدستوري قيس سعيّد، ورئيس الجمهورية السابق المنصف المرزوقي الذي يترشح عن تحالف "تونس أخرى" وإن يتمتع بشعبية كبيرة لدى قواعد حركة النهضة لاسيما وأنّ أغلبيتهم قد صوتوا له في الانتخابات الرئاسية عام 2014، ويُضاف إلى هذه القائمة زعيم "تيار المحبة" الهاشمي الحامدي الذي يقوم خطابه على "حماية الهوية الإسلامية".

اقرأ/ي أيضًا: بين الخطايا والسجن.. تعرّف على تفاصيل المخالفات الانتخابية

بدورها، تتشتت العائلة اليسارية، الماركسية والقومية، بين عدة مرشحين أبرزهم الناطق الرسمي باسم ائتلاف الجبهة حمة الهمامي، والقيادي في حزب "الوطد" والمرشح باسم "حزب الجبهة الشعبية" منجي الرحوي، إضافة للقيادي النقابي السابق والأمين عام لحركة "تونس إلى الأمام" عبيد البريكي، وكذا الكاتب الصحفي الصافي سعيد المرشح عن حركة الشعب القومية.

وإجمالًا جميع هذه الترشحات من مختلف العائلات السياسية تتنافس عمليًا على خزان انتخابي يبدو أنّه سيتشتت بين أكثر من مترشح، لتحتدّ المنافسة في الدورة الأولى، مع بقاء كل الاحتمالات واردة في الدورة الثانية ومنها بالخصوص إمكانية مرور مرشحين من ذات العائلة السياسية على ضوء تشتت أصوات بقية المترشحين المنتمين لبقية التيارات.

دعت مجموعة "مساريون لتصحيح المسار" جميع المترشحين إلى منصب رئيس الجمهورية المنتمين إلى العائلة الوسطية الحداثية والديمقراطية إلى القضاء على التشتت الحالي أو على الأقل الحد منه 

وفي هذا الجانب، اعتبرت مجموعة "مساريون لتصحيح المسار" (مجموعة داخل حزب المسار الداعم رسميًا لعبيد البريكي)، في بيان 18 جويلية/يوليو 2019 أنّ "تعدد المترشحين المنتمين للعائلة الوسطية الحداثية والتقدمية سيؤدي إلى تشتت أصوات القاعدة الانتخابية المشتركة وأنّ كلّ مترشح من هذه العائلة سيحصل نتيجة التشتت على جزء صغير من الأصوات لن يسمح على الأرجح ببقائه حتى الدّور الثاني أو الفوز بهذه الانتخابات".

ودعت "جميع المترشحين إلى منصب رئيس الجمهورية المنتمين إلى العائلة الوسطية الحداثية والديمقراطية إلى القضاء على التشتت الحالي أو على الأقل الحد منه عبر التوافق قبل فوات الأجل القانوني والمحدد في أجل 31 أوت/أغسطس 2019 على مرشح أو مرشحين على أقصى تقدير من بينهم، تتجمع حوله أو حولهما أصوات كل أفراد العائلة السياسية والفكرية والمجتمعية مما يوفر له أو لهما حظوظًا وافرة في النجاح".

عبد اللطيف الحناشي: تعدد الترشحات سيصبّ في مصلحة حركة النهضة

المحلل السياسي عبد اللطيف الحناشي يقدر، في حديثه لـ"ألترا تونس"، أنّ تعدد الترشحات دليل على الرغبة في المشاركة السياسية، مؤكدًا تأثير هذه الترشحات على أصوات الناخبين في اتجاه التشتت.

ولاحظ أنّ لكل عائلة سياسية مجموعة من المرشحين، مشيرًا إلى أن العائلة الإسلامية "تضم بشكل ثابت مرشحين اثنين وهما عبد الفتاح مرور وحمادي الجبالي الذي له حظوظ كبيرة أيضًا، وتضم كذلك مرشحين لم يكونا في الحزب وهما قيس سعيد وسيف الدين مخلوف المحسوبان ضمنيًا على هذا التيار الذي يسمونه التيار الثوري الذي يتماهى مع جزء ما من قواعد النهضة". ويعتبر أن حركة النهضة تسعى بترشيح شخصية منها لضمان المرتبة الثانية عبر توجيه جميع الأصوات لفائدة و"لكن هذا ليس مؤكدًا"، وفق محدثنا.

عبد اللطيف الحناشي: تشتت أصوات حركة النهضة سيكون نسبيًا وضئيلًا مقارنة بما سيحدث في العائلة الوسطية أو اليسار

اقرأ/ي أيضًا: بالأسماء وحسب الكتل: هذه تفاصيل التزكيات البرلمانية لـ11 مترشحًا للرئاسيات

ويشير الحناشي، في المقابل، إلى أن "العائلة الوسطية" تضم 7 مترشحين كانوا ينتمون لحركة نداء تونس يترشحون أغلبهم باسم أحزابهم، إضافة إلى رئيس الحكومة الأسبق مهدي جمعة، مضيفًا أن ذات الأمر يتكرر بالنسبة للمرشحين من اليسار، بشقيه القومي والماركسي، الذين يترشحون عبر ائتلافات باستثناء عبيد البريكي الذي ترشح باسم حزبه.

وأكد المحلل السياسي أن التعدد الكبير للترشحات سيؤدي بالضرورة إلى تشتت الأصوات داخل العائلة الواحدة، مرجحًا أن ذلك سيصب في مصلحة حركة النهضة "لأنه لديها نواة صلبة متماسكة ومنضبطة، حتى لو ذهب جزء من أصواتها إلى حمادي الجبالي أو سيف الدين مخلوف أو قيس سعيد لكن يبقى الجزء الكبير لها"، وفق قوله.

وفيما تعلّق بالرئيس الأسبق المنصف المرزوقي، أكد الحناشي أنه لن يكون له نصيب من أصوات قواعد حركة النهضة "لأنّه لديه موقف معارض للتوجهات الإسلامية في قضية المساواة" ليؤكد أن تشتت أصوات حركة النهضة سيكون "نسبيًا وضئيلًا مقارنة بما سيحدث في العائلة الوسطية أو اليسار".

صلاح الدين الجورشي: الديمقراطية لا تزال في حالة ترسّخ

صلاح الدين الجورشي، المحلل السياسي، اعتبر أن الديمقراطية بالمعنى العميق للكلمة لا تزال في حالة ترسّخ وهو ما يفسّر الانقسامات وتشتت العائلة السياسية والايديولوجية الواحدة، وفق قوله، مشيرًا إلى تفشي ظاهرة تشتت الترشحات والحال المفترض أن تتراجع هذه الظاهرة بعد 9 سنوات عن الثورة، حسب تقديره.

صلاح الدين الجورشي: الجسم الكبير لحركة النهضة سيقف إلى جانب مرشحها عبد الفتاح مورو بنسبة 80 في المائة على الأقل

وأضاف، في حديثه لـ"ألترا تونس"، أنه يترشح اليوم عن التيار السياسي الواحد أكثر من مرشح وهو ما سيؤدي بالضرورة إلى تشتت أصوات الناخبين، مشيرًا إلى "وجود 12 أو 13 مرشحًا عن التيار الوسطي الديمقراطي الليبرالي"، وهو ما أرجعه إلى الانقسامات منذ تولي حزب نداء تونس السلطة إلى غاية الآن ما أنتج ترشح عديد القيادات السابقة من هذا الحزب في السباق الرئاسي.

وأضاف أن التيار اليساري يشارك بدوره بثلاثة مرشحين، اثنان منهم من داخل الجبهة الشعبية وهما حمة الهمامي ومنجي الرحوي، مشيرًا إلى ما اعتبره "تفاجئ الجميع بانقسام اليسار". وتحدث الجورشي، في المقابل، أن التيار الاسلامي يتنافس أيضًا بأكثر من مرشح لكن شدّد أن "الجسم الكبير لحركة النهضة سيقف إلى جانب مرشحها عبد الفتاح مورو بنسبة 80 في المائة على الأقل" وفق تأكيده.

 

اقرأ/ي أيضًا:

المترشحون للانتخابات الرئاسية 2019.. قراءة في التركيبة واستشراف للحظوظ

هل يجب أن يكون رئيس تونس الجديد فصيحًا وخطيبًا؟