07-سبتمبر-2019

لازال يبحث الشباب عن حلول جذرية لقضاياهم (فتحي بلعيد/أ.ف.ب)

 

لا حديث طيلة السنوات الأخيرة إلا عن عزوف الشباب عن العمل السياسي إلا أن تسجيل زهاء مليون شاب جديد ضمن قائمة الناخبين، مؤخرًا، أعاد الأمل، على الأقل مبدئيًا، حول استئناف الشباب لدورهم في الحياة السياسية. ولكنه شباب لازال يبحث عن حلول جذرية بين البحث عن مواطن شغل، ومطالبة الدولة بتسهيل إجراءات بعث المشاريع والاستجابة لتطلعاتهم إجمالًا.

وبذلك تختلف انتظارات الشباب من الانتخابات المقبلة بين من يرى أنها فرصة للتغيير واعتبار أن وقت الجلوس على الربوة قد انتهى، ومن يقدر، في جانب آخر، عدم جدوى هذه الانتخابات لصعوبة التغيير المنشود إن لم تكن استحالته في المدى القريب على الأقل.

الفصل الثامن من الدستور التونسي ينص أنه "تحرص الدولة على توفير الظروف الكفيلة بتنمية قدرات الشباب وتفعيل طاقاته وتعمل على تحمله المسؤولية وعلى توسيع إسهامه في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية". وعندما قرأناه على مسامع رضا محمدي، عامل بناء منذ انقطاعه عن الدراسة سنة 1999، أجابني بسرعة "إنهم يكذبون".

 تختلف انتظارات الشباب من الانتخابات المقبلة فبين من يرى أنها فرصة للتغيير ومن يقدر عدم جدوى هذه الانتخابات لصعوبة التغيير المنشود

رضا، من الشباب الذين شاركوا في الثورة حالمًا بمستقبل أفضل وكانت أقصى طموحاته الحصول على عمل في مصنع في مدينه، ولكن مضى على انتظاره أكثر من 8 سنوات. يخبرنا أنه لم يصوّت إلا في انتخابات 2011 فقط قائلًا "ما أسمعه اليوم سمعته في 2011، نفس الوعود الكاذبة، وحالي في 2011 هو حالي اليوم وحال تونس في 2011 أفضل بكثير من حالها اليوم".

اقرأ/ي أيضًا: الانتخابات التونسية.. مدخل للاستقرار أم للعجز عن الحكم؟

لكن لا يوافقه الرأي غسان شقراني (25 سنة) الذي ينشط منذ سنوات في أحد الأحزاب، وهو يشارك اليوم في حملته الانتخابية متحدثًا لـ"ألترا تونس" عن طموحه في وصول مرشح حزبه إلى الدور الثاني في الرئاسيات وتحصيل عدد متقدم من المقاعد في التشريعيات حتى يكون صوت الحزب مؤثرًا وفق تعبيره.

وحول انتظاراته، يقول غسان "أتصور بعد الانتخابات أن تصبح تونس أكثر ديمقراطية وهو شيء مهم جدًا بالنسبة لي. سيتحقق الاستقرار السياسي بعد الانتخابات، وأعتقد أن الاقتصاد سيعود إلى التحرك بعد اختيار مجموعة جديدة حاكمة" مضيفًا "مهما يكن الحال فالقادم أفضل بكثير مما كنا فيه طيلة الخمس سنوات الماضية".

غسان الشقراني (25 سنة): أتصور بعد الانتخابات أن تصبح تونس أكثر ديمقراطية وهو شيء مهم جدًا بالنسبة لي

خليل قناطرة، شاب تونسي خريّج اقتصاد من كلية تونسية، أكمل تعليمه في العاصمة البريطانية لندن لكنه خيّر العودة إلى بلاده وبعث مشروع، وهو لم يفقد الأمل رغم الصعوبات التي تعرفها تونس طيلة السنوات الأخيرة.

يؤكد خليل على ضرورة أن تفرز الانتخابات "شخصيات قادرة على تغيير العقليات وضخها بالأخلاق وحب الانتماء والفاعلية المجتمعية والحفاظ على مكاسب البلاد واستغلالها وفرض سيادة وطنية لا طالما يتمت تونس إن فرضنا أن السيادة هي أم الوطن والدها". ويشدّد أنه يأمل أن تنبع الانتخابات الرئاسية والتشريعية "شخصيات قادرة على الارتقاء بالبلاد والعباد نحو الأفضل".

 لم يكتفي خليل بالانتظار بل قرر المشاركة في المعترك الانتخابي التشريعي عبر قائمة مستقلة في تونس العاصمة، مفسرًا دوافع هذه المغادرة قائلًا: " قررت تكوين قائمة مستقلة لكي نرتقي بتونس إلى مستوى انتظارات الضعيف ثم القوي، الفقير ثم الغني، للجميع ثم للأفراد وأن نفعل نظامًا يُحترم فيه المواطن كي لا يفشل الشخص بفشل الدولة بل ينجح الكل بنجاح الدولة. تونس تستحق أن يأخذ شبابها بزمام الأمور".

خليل قناطرة: تونس تستحق أن يأخذ شبابها بزمام الأمور

اقرأ/ي أيضًا: ماهي المواصفات المطلوبة من رئيس الجمهورية القادم؟

مجال العمل السياسي الذي أغرى كل من خليل وغسان لخوض مغامرته لم يغري شاب آخر التقاه "ألترا تونس" وهو أحمد القادري الذي أغراه، في المقابل، دور المجتمع المدني في تونس، وهو يعمل اليوم في منظمة تهتم بالشفافية ومكافحة الفساد، ويعمل عبر هذه المنظمة على مراقبة الانتخابات وتحديدًا مراقبة الحملة الانتخابية في مواقع التواصل الاجتماعي.

وحول انتظاراته من هذه الانتخابات، يقول محدثنا إن "الشعب التونسي اكتسب تجربة اليوم بعد مناسبتين انتخابيتين ولكن على المستوى الشخصي لا أنتظر الكثير خاصة بالنظر إلى البرامج الانتخابية المتشابهة التي تستنتج منها شيئًا واحد وهو الوصول إلى السلطة بأي ثمن". وتختلف بذلك انتظارات الشباب من الانتخابات، فيما سيظل تقييم الوضع الحالي محددًا رئيسيًا على الأقل لتحديد خيارات التصويت.

وفي هذا السياق، التقى "ألترا تونس" مسعود الرمضاني، الرئيس السابق للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، الذي أكد أن "الشباب التونسي اليوم يعيش حالة مرعبة من اليأس خاصة بالنظر إلى بعض الأرقام على غرار لدينا 100 ألف منقطع عن الدراسة و80 ألف مغادر سنويًا من تونس إضافة إلى عمليات الهجرة التي تتواصل يوميًا".

مسعود الرمضاني: الشباب التونسي اليوم يعيش حالة مرعبة من اليأس

يضيف محدثنا أن "ما حصل يجعل الشباب يحتقر الحياة السياسية ويكره السياسة وزاد في شعور النقمة لديه كما أن ارتفاع موجة الشعبوية قد عقدت الامر أكثر وذلك عدا انعدام الحلول العملية لدى أغلبية المترشحين".

ثمان سنوات مرت على تونس في كنف التأسيس للديمقراطية وممارسة الحريات العامة على رأسها حرية التعبير وحرية التنظم، ولكن مازال جانبًا مظلمًا يطغى في الصورة، لدى أغلب شباب البلاد، على وقع تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي وقلة فرص العمل وما يُعتبر تهميشًا للشباب، وإن تظل تطلعات بتغيير الواقع تلوح لدى بعض الشباب خاصة ممن غادر الرّبوة مقتحمًا مجال العمل السياسي.

 

اقرأ/ي أيضًا:

هل يجب أن يكون رئيس تونس الجديد فصيحًا وخطيبًا؟

الكوميديا الانتخابية.. الانتخابات الرئاسية تحت قصف السخرية