12-مايو-2022
معاهدة باردو

رسم يعيد تجسيد لحظة توقيع معاهدة باردو (المعهد الوطني للتراث)

 

عُرفت باسم "معاهدة باردو" أو "معاهدة قصر السعيد"، ووُقعت يوم 12 ماي/أيار 1881 بين الحكومة الفرنسية وباي تونس في ذلك الوقت محمد الصادق باي، وهي التي أسست لانطلاق الاستعمار الفرنسي لتونس، والذي تداول تسميته رسميًا بـ"نظام الحماية".

مكنت معاهدة باردو فرنسا من حق الإشراف المالي والخارجي والعسكري في تونس، وحق تعيين مفوّض فرنسي في مدينة تونس وله حق التدخل في شؤون البلاد

مكنت هذه المعاهدة فرنسا من حق الإشراف المالي والخارجي والعسكري في تونس، وحق تعيين مفوّض فرنسي في مدينة تونس وله حق التدخل في شؤون البلاد. وقد حافظ باي تونس على مركزه مع تمكينه من سلطة التشريع والإدارة، لكن مع اشتراط موافقة المقيم العام الفرنسي في تونس.

 

رسم يعيد تجسيد لحظة توقيع معاهدة باردو (المعهد الوطني للتراث)

رسم يعيد تجسيد لحظة توقيع معاهدة باردو ويظهر فيه من اليسار إلى اليمين محمد العربي زروق، محمد عزيز بوعتور ، مصطفى بن إسماعيل، محمد خزندار، الصادق باي، الجنرال موسالي، تيودور روستان، الجنرال بريار، الجنرال بيير ليون موران والمترجم امارد

 

 

  • ما هو محتوى معاهدة باردو؟

تنص معاهدة باردو، في فصلها الثاني على التالي، "ولتسهيل إتمام الأعمال التي قصدت بها فرنسا بلوغ الغرض الذي عزم عليه المتعاقدان، رضي حضرة رفيع الشأن باي تونس بأن السلطة العسكرية الفرنسية تتبوأ الجهات التي ترى لزومها لتوطيد الأمن والراحة بالحدود والشطوط وترحل عنها عندما يتبين للسلط الحربية الفرنسية والتونسية معًا أن الإدارة المحلية قاضية بحفظ الراحة على الاستمرار".

التزم باي تونس وفق "معاهدة باردو" بأن "لا يعقد أدنى عقد يفهم منه التعاقد مع أجنبي بغير أن تعلم به فرنسا ويتم الاتفاق معها سابقًا"

ومما تضمنته أيضًا، في فصلها الرابع أن تتكفل فرنسا "بإجراء المعاهدات الموجودة بين ما أطلق عليه "دولة الإيالة" (أي تونس) والدول الأوروبية. والتزم وفقها باي تونس بأن "لا يعقد أدنى عقد يفهم منه التعاقد مع أجنبي بغير أن تعلم به فرنسا ويتم الاتفاق معها سابقًا".

وورد في الفصل الثامن من المعاهدة، أنه "تجعل غرامة حربية على العروش (القبائل) العاصية.. ويقع اتفاق في تعيين مقدارها وكيفية استخلاصها.."، كما تعهدت تونس وفقها "بمنع إدخال الأسلحة والمهمات الحربية.. نحو الجزائر".

الفصل الثامن من "معاهدة باردو": "تجعل غرامة حربية على العروش (القبائل) العاصية.." كما تعهدت تونس "بمنع إدخال الأسلحة والمهمات الحربية.. نحو الجزائر"

وأمضى على المعاهدة كل من محمد الصادق باي، باي تونس منذ 1859 وإلى حدود وفاته في أكتوبر/تشرين الأول 1882، والجنرال الفرنسي بريار.

 

 

  • أي أوضاع سبقت معاهدة باردو؟

سياسيًا، كانت العائلة الحسينية الحاكمة في تونس منذ سنة 1705 تعيش على وقع الصراعات والخلافات والاغتيالات، ومن ذلك اغتيال عثمان باي في ديسمبر/كانون الأول 1814 والوزير إسماعيل السني سنة 1867، كما كان أغلبهم في قطيعة مع الشعب وأحواله. واجتماعيًا، شهد القرن 19 ظهور أوبئة (الطاعون 1818 والكوليرا سنة 1849) إضافة إلى انتشار الفقر والأمية والبطالة، مع ضرائب مرتفعة وانتفاضات متواترة وفي جهات داخلية مختلفة.

 

 

اقتصادياً، كانت أوروبا تعيش على وقع أزمة منذ 1815 من ملامحها تراجع الإنتاج وفرص التصدير إضافة إلى أزمة مالية من خلال تراجع فرص الاستثمار والإقراض البنكي ومشاكل أخرى منها ارتفاع عدد السكان وغير ذلك.. وهو ما جعل فرنسا تسارع، إثر سيطرتها على الجزائر، إلى التوجه نحو تونس وقد كان تدخلها في شؤونها غير جديد وسابقًا لسنة 1881. أما تونسيًا، ومنذ منتصف القرن 19، ارتفعت الواردات من أوروبا لمواد ذات كلفة عالية وتراجعت الصادرات الفلاحية وتنامى عجز الميزانية. وساء الوضع بسبب الفساد المستشري ومن الشخصيات التاريخية الشهيرة في ذلك نذكر: مصطفى خزندار ومحمود بن عياد ونتج عن كل ذلك ارتفاع الاقتراض والعجز عن تسديد الديون الخارجية.

وانتصبت بذلك في تونس في أفريل/نيسان 1869، اللجنة المالية الدولية المعروفة باسم "الكومسيون المالي" وهو هيكل دولي تولى مراقبة المالية التونسية وهو ما اعتبر تمهيدًا للاحتلال الأجنبي.

 

معاهدة باردو

الصفحة الأولى من معاهدة باردو

 

  • "ضم تونس دون خسائر الجزائر"

جدير بالذكر أن جزءًا مهمًا من التونسيين لم يقبلوا بما صار يتداول فيما بعد كنظام الحماية، على عكس ما تروج له عديد الروايات الفرنسية والغربية بل قاوموا الاستعمار حتى قبل تاريخ 1881. إذ من المعلوم أنه وإثر احتلال الجزائر سنة 1830، كانت عديد الأطماع الاستعمارية الأوروبية متوجهة نحو تونس (إيطاليا، بريطانيا وفرنسا بالأساس) وقد حظيت الأخيرة بمرادها بعد اتفاق وصفقة بين الدول الثلاث العظمى حينها.

كانت فرنسا تبحث عن شكل آخر لضم تونس تحت نفوذها خارج تجربة الجزائر التي كلفتها خسائر كبرى ماليًا وبشريًا

قبل الاستعمار البيّن، كان التدخل في الشؤون التونسية من قبل فرنسا، إبان احتلالها الجزائر، يتعاظم ولكن أيضًا كانت فرنسا تبحث عن شكل آخر لضم تونس تحت نفوذها خارج تجربة الجزائر التي كلفتها خسائر كبرى ماليًا ومن حيث الجنود.

من هنا كانت "الحماية" كما أطلقوا عليها، حكم فرنسا لتونس بشكل غير مباشر مع إبقاء سلطات البلاد في وظائفها ومراقبتها وتوجيهها وهكذا بقي البايات وإدارتهم لكن تسييرهم للأمور في أهم المجالات كان بأوامر ووفق توجيهات فرنسية من المقيم العام الفرنسي في تونس ومن معه. كان جول فيري رئيس الحكومة الفرنسية حينها حريصًا على معادلة أن لا يغادر الفرنسيون تونس ولكن أيضًا أن لا يتورطوا فيها على الشاكلة الجزائرية.

 

معاهدة باردو

 

معاهدة باردو

 

معاهدة باردو

 

معاهدة باردو

 

معاهدة باردو

 

معاهدة باردو

 

 

معاهدة باردو

نص معاهدة باردو

 

  • مصادر:

انتصاب الحماية الفرنسية بتونس، علي المحجوبي، سراس للنشر ـ تونس 1986

المعهد الوطني للتراث