25-مايو-2018

أحد أشرس قادة المقاومة المسلحة في مواجهة المحتل الفرنسي

 

الترا تونس- فريق التحرير

 

يحيي التونسيون ذكرى استشهاد المقاوم مصباح الجربوع كل 25 ماي/آيار وهو الذي قضى شهيدًا سنة 1958 في معركة رمادة برصاص المحتل الفرنسي، وذلك بعد سنوات من قيادة المقاومة المسلحة في الجنوب الشرقي كبّد خلالها المحتل خسائر جمّة جعلت الجربوع من أشهر المقاومين التونسيين.

 ظلّت ذكرى مصباح الجربوع  كغيره من آلاف المقاومين مبخوسة طيلة عقود في ظلّ تعمد تهميش بطولات المقاومة المسلحة والتقليل من مساهمتها في نيل الاستقلال

ولكن ظلّت ذكراه، كغيره من آلاف المقاومين، مبخوسة طيلة عقود في ظلّ تعمد تهميش بطولات المقاومة المسلحة والتقليل من مساهمتها في نيل الاستقلال. ولا يزال، في الأثناء، السعي من أجل تخليد ذكرى المقاومين عرفانًا بما قدّموه لتونس، وحفظًا للذاكرة الوطنية للأجيال القادمة.

 فمن هو مصباح الجربوع؟ وماهي بطولاته؟

ولد مصباح الجربوع ببني خداش من ولاية مدنين سنة 1914، امتهن التجارة بقصر الجوامع صغيرًا وحذق الصيد والقنص والرماية. وانخرط في العمل النقابي منذ تأسيس الاتحاد العام التونسي للشغل سنة 1946، إذ ساهم في تركيز الحركة النقابية بمدنين وتطاوين. وانخرط في الحزب الدستوري الجديد، إذ حمل السلاح منذ اندلاع المقاومة المسلحة بعد مؤتمر 18 جانفي/كانون الثاني 1952.

اقرأ/ي أيضًا: الجرائم الفرنسية ضدّ التونسيين والثأر غير المنسي

قاد الجربوع عديد العمليات ضد المحتل الفرنسي في الجنوب الشرقي، وبالخصوص الهجمات على الثكنات العسكرية. وقد نصب كمينًا للقوات الفرنسية قرب بئر الأحمر بتطاوين في 25 ماي/آيار 1952 حصد به أرواح عديد الجنود المحتلين، ثم تحصّن في الجبال في حين قامت القوات المحتلة باعتقال عدد من أقاربه بالخصوص زوجته ووالده. ولكن واصل القائد مصباح في عملياته، ومنها نصب كمين يوم 1 سبتمبر/أيلول 1952 على الطريق الواصلة بين تامزرط ومطماطة استهدفت سيارة عسكرية فرنسية.

قاد المقاوم مصباح الجربوع عديد العمليات ضد المحتل الفرنسي في الجنوب الشرقي التي أدت لمقتل العديد من جنود الاحتلال

خاض مصباح الجربوع وجماعته في 14 أوت/أغسطس 1953 أشرس المعارك طيلة مسيرته البطولية وذلك في جبل ميترو الواقع بين بني خداش وغمراسن، حيث حاصرتهم القوات الفرنسية فقاوم مصباح وجماعته وأصابوا عددًا من الجنود الفرنسيين بين قتلى وجرحى، ولكن استشهد عديد المقاومين وأُصيب الجربوع بأربع رصاصات ولكنه استطاع الإفلات من المحتلين وفرّ ليواصل عملياته.

كان بذلك مصباح الجربوع أحد أعلام المقاومة المسلحة، وكان قد انحاز خلال الصراع اليوسفي-البورقيبي إلى الحبيب بورقيبة، وقد عًين على رأس لجنة الرعاية التي كلفت بمطاردة اليوسفيين بكل من مدنين وتطاوين، وقد تشكى منه يوسفيون باتهامه بقتل عدد منهم.

واُستشهد مصباح الجربوع يوم 25 ماي/آيار 1958 في معركة رمادة أثناء معركة الجلاء العسكري بالجنوب برصاص رشاشات الطائرات الفرنسية ولم يعثر عليه إلا بعد شهر من نهاية المعركة، ليخلد اسمه كأشرس المقاومين الذين طالما أذاقوا الجنود الفرنسيين الويل، وقد قتل عددًا منهم في عديد المعارك طيلة سنوات كفاحه المسلح.

 لم توف الدولة التونسية طيلة العقود الماضية مصباح الجربوع ورفاقه من المقاومين حقهم لتأتي ضرورة أن تمضي تونس نحو ردّ الاعتبار للمقاومين بإحياء ذكراهم وتخليدها للأجيال القادمة

وقد أخرج عمار الخليفي عام 1970 شريطًا سينمائيًا بعنوان "الفلاقة" حول كفاح مصباح الجربوع، وفاز هذا الشريط بالجائزة الذهبية في مهرجان موسكو السينمائي الدولي عام 1971. ويحتفظ المتحف العسكري بتونس اليوم بالرشاش الشخصي الذي استعمله الجربوع ليقض مضاجع المحتل الفرنسي طيلة سنوات.

تحيي تونس اليوم إذًا ذكرى استشهاد واحد من أبرز المقاومين الذين نذروا حياتهم للوطن، وكافحوا بالسلاح من أجله قبل الاستقلال وبعده، ووهبوا حياتهم من أجل رفعة تونس واستقلالها. ولكن لم توف الدولة التونسية طيلة العقود الماضية مصباح الجربوع، وكذلك رفاقه من المقاومين، حقهم لتأتي ضرورة أن تمضي تونس بعد الثورة نحو ردّ الاعتبار للمقاومين بإحياء ذكراهم وتجسيد بطولاتهم، وذلك من أجل حفظ الذاكرة الوطنية بما حق لكل الأجيال المتعاقبة من التونسيين.

 

اقرأ/ي أيضًا:

علي الزليطني.. قصة أحد مناضلي الاستقلال المنسيين

أبرز قادة مظاهرات 9 أفريل 1938.. ماذا تعرف عن علي البلهوان؟