29-يونيو-2019

الصحافة التونسية هي مخبر لاستكشاف مصير الصحافة في سياق ديمقراطي عربي (ياسين القايدي/وكالة الأناضول)

 

كان يوم الخميس 27 جوان/يونيو 2019 يومًا مشهودًا في تونس ليس بسبب العمليتين الإرهابيتين في وسط العاصمة فقط لأن مثل هذه العمليات تعددت وتنوّعت منذ سنين، ولكن لتزامنها مع حدث آخر وهو نقل رئيس الجمهورية إلى المستشفى العسكري بعد "وعكة صحية حادة" وترويج خبر "وفاته".

في مثل هذه الأوقات، يجد الصحفيون أنفسهم في قلب الأحداث ليس فقط لأنهم ينقلونها إلى عموم الناس بل لإمكانية تحوّلهم أيضًا إلى موضوع للمساءلة بسبب الطريقة التي يتخذونها لعرض الأحداث وسردها.

اقرأ/ي أيضًا: الأخبار الكاذبة Fake News.. خطر يهدّد انتخابات 2019

امتحان المباشر العسير في تغطية الأحداث الإرهابية

تعاملت الإذاعات والقنوات التلفزيونية بطرق مختلفة مع العمليتين الإرهابيتين، بعضها تريث ولم يقطع البث: قناة "نسمة" هي القناة الوحيدة التي تابعت الأحداث بشكل مستمر منذ البداية لأنها في الحقيقة تشتغل في سائر الأيام، جزئيًا على الأقل، كقناة إخبارية. وإجمالًا تجد الهيئات الصحفية نفسها، في هكذا وضعية، أمام المعضلة نفسها: إخبار الناس بشكل فوري ومستمر لأن الناس يرغبون في معرفة ما يحدث من جهة أولى، والتأكد من المعلومات والمعطيات المنقولة بسبب طابعها الحرج المتعلق بالإرهاب تحت ضغط الوقت والفورية من جهة ثانية.

تداولت الإذاعات المعطيات ذاتها تقريبًا عن الحدث المتصل بالعملية الإرهابية في وسط العاصمة: تفجير انتحاري أمام سيارة أمنية (مع اختلافات في نوعية الجهاز الذي تنتمي إليها الفرقة الأمنية بين الشرطة البلدية أم شرطة النجدة إلخ).

يجد الصحفيون أنفسهم في مثل هذه الأوقات في قلب الأحداث ليس فقط لأنهم ينقلونها إلى عموم الناس بل لأنهم يمكن أن يتحولوا أيضًا إلى موضوع للمساءلة بسبب الطريقة التي يتخذونها لعرض الأحداث

بعض الإذاعات كان لها مراسلون على عين المكان (بالصدفة) وتابعت مسلسل الأحداث بشكل فوري ومباشر، في حين التجأت إذاعة أخرى إلى شاهد عيان تدخل في أحد البرامج لسرد الوقائع وهي مغامرة. إذ توقفت الميديا، بشكل عام، عن الالتجاء إليها بسبب مخاطرها لأنها تحول شاهد العيان (والميديا) إلى مراسل خاص يشتغل لصالح الإرهابي ينقل له من الميدان نتائج العملية.

من جانب آخر، انخرط المنشطون والمحللون في غياب المعطيات الدقيقة في عملية تأطير الحدث والتأكيد على أنه عملية فاشلة لا يمكن أن تمّس من معنويات التونسيين الذين انتصروا على الإرهاب. ويبدو أن بعض المحللين أو المعلقين وكأنهم مؤتمنون على معنويات التونسيين ومكلفون بتعزيزها وتقويتها أو بمواساة التونسيين. في مثل هذه اللحظات، تبدو الصحافة وكأنها حاملة مسؤولية إدارة الشعور الوطني وإخراج المشهد العام بشكل يجعل من التونسيين "لحمة واحدة" متعاضدة صامدة أمام خطر الإرهاب.

في هذه الحالة، تقدم الصحافة والميديا نفسها "غير محايدة إزاء الإرهاب" تمامًا كما طالبت بذلك النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين في بيان مشهود لها عام 2015. وهكذا تبدو الميديا التقليدية، الإذاعة والتلفزيون على وجه الخصوص، "منضبطة" بشكل عام، لم تسقط في فخ النقل المباشر للأحداث بلا قيود كما وقع في الأحداث السابقة منذ عمليات جبل الشعانبي على الأقل عندما كانت تنقل مشاهد الجنود الجرحى أو القتلى أو لوعة أهاليهم.

يوجد درس أساسي يجب أن نستخلصه وهو أن الصحفيين توقفوا عن معالجة الأحداث الإرهابية من زاوية مشهدية عبر مشاهد الرعب والهلع واللوعة

أدرك الصحفيون التونسيون تدريجيًا إمكانية وجود ذلك الحبل السري الذي يمكن أن يجمعهم بالإرهابيين بشكل غير مدرك، وفي إطار علاقة "تشاركية" موضوعية، عندما ينقلون بلا ضوابط وفق زمنية المباشر العمليات الإرهابية فيتحولون دون إدراك إلى حلفاء موضوعيين  للإرهابيين يحققون غاياتهم الأولى المتمثلة في الترويع مما قد يجعلهم أكسجين الإرهاب حسب تعبير الباحثة الأمريكية بريجيت ناكوس (Brigitte  Nacos). (أنظر حول هذه المسألة: الصّحفي والإرهابيّ: تساؤلات عن علاقة مبهمة).

يوجد، في هذا الإطار، درس أساسي يجب أن نستخلصه هنا وهو أن الصحفيين توقفوا عن معالجة الأحداث الإرهابية من زاوية مشهدية عبر مشاهد الرعب والهلع واللوعة وكل الانفعالات الممكنة التي تصيب المواطنين أو عائلات الضحايا بحثًا عن استقطاب الناس وكأن الحدث الإرهابي هو الحدث بامتياز الذي ينتظره.

اقرأ/ي أيضًا: الصحافة التونسية في "عصر ما بعد الحقيقة".. الهلع (3/1)

ويبدو أن الصحفيين التونسيين قد تعلموا هذا الدرس: لا يمكن حجب الحدث الإرهابي من جهة أولى ولا يجب كذلك تحويل الحدث الإرهابي إلى مشهد لترويع الناس من جهة أخرى. وقد تشكّل هذا الدرس بطريقة ذاتية ودون إكراه خارجي أو تعليمات من "وزارة الإعلام" التي لا وجود لها أصلًا في تونس.

وقد تكون الصحافة التونسية الصحافة الوحيدة في العالم العربي التي تتعاطى مع الأحداث الإرهابية دون "توجيهات عليا" تأتي من وزارة الداخلية أو من الجيش أو من وزارة الإعلام أو استنادًا إلى وثيقة ما تتضمن "الإستراتيجية الوطنية الإعلامية في مجال الإرهاب" التي تهوى بعض المنظمات العربية إصدارها من وقت لآخر، وهي وثائق عادة ما ترمى في سلة المهملات لأن في الأحداث الإرهابية كثيرًا ما يتحول وزير الإعلام أو وزير الداخلية في عديد الدول العربية إلى رئيس تحرير كل غرف الأخبار.

 علينا الاعتراف أن المهنة الصحفية، على الأقل في المستوى المؤسسي، سجلت بعض التقدم في مستوى معالجة الأحداث الإرهابية بالكف عن المعالجة القائمة على الإثارة وخلق حالة من الترويع لدى التونسيين

خاضت المهنة الصحفية في تونس، في هذا المجال، عدة تجارب في مجال التنظيم الذاتي تمخضت عن عدة مدونات تحريرية ساهمت إضافة إلى النقاش المهني الداخلي في القطع مع الأسلوب العفوي الذي اتسمت بها المقاربة الصحفية في السنوات الأولى للإرهاب إلى حدود 2017 على الأقل.

من جهة أخرى، تبين العملية الإرهابية التي وقعت يوم الخميس في وسط العاصمة أن قوات الأمن قد تعلمت أيضًا طرق تأمين مشهد أو ساحة الجريمة من كل أنواع الفضوليين، بما في ذاك الصحفيين الشغوفين بمغامرات المباشر.

لا يعني كل المذكور أن الأمور أصبحت مثالية تسير على نحو مكتمل، بل علينا الاعتراف فقط أن المهنة الصحفية، على الأقل في المستوى المؤسسي، سجلت بعض التقدم في مستوى معالجة الأحداث الإرهابية بالكف عن المعالجة القائمة على الإثارة وتأجيج المشاعر والأحاسيس وخلق حالة من الترويع لدى التونسيين.

فرص استعراض الذات على فيسبوك

في الشارع بعيدًا عن وسط العاصمة وفي مدن الجمهورية، تبدو الأمور عادية جدًا ولا شيء يدل على أن أحداثًا ما خطرة تحدث: أمن البلد المهدد وموسمه السياحي كذلك، والحالة الصحية "الحرجة" لرئيس الجمهورية، وغموض حول مصير السلطة أيضًا خاصة وأن إذاعات في الميديا التقليدية تخضع، بدرجات مختلفة، إلى اعتبارات الرصانة والحذر والتريث والمسؤولية.

يختلف الأمر في فيسبوك لأن هذه الأحداث تستدعي عند البعض، من صحفيين وسياسيين ومواطنين مغمورين، استعراض ذواتهم عبر إبراز المشاعر الوطنية الجامحة والحزن على أحوال البلاد والتعبير عن الحقد على الإرهابيين. وهو ما يفسّر مثلًا ظهور فيديوهات وصور أشلاء أجساد الإرهابيين منفذي عملية كتعبير عن هذا الحقد. 

يتحول فيسبوك إلى مشهد عام تتدافع فيه المشاعر والأحاسيس الجياشة التي لا قيد لها بسبب الرغبة في الظهور 

يتحول فيسبوك إلى مشهد عام تتدافع فيه المشاعر والأحاسيس الجياشة التي لا قيد لها بسبب الرغبة في الظهور وتكتيكات استعراض الذات المتصلة بها التي تفرض نفسها على الجميع حتى يصبح من لا يظهر في هذه الأوقات وكأنه كائن مشبوه.

في هذا الإطار، يستغل السياسيون أيضًا، أكثر من غيرهم فيسبوك، للظهور عبر بيانات الإدانة أو الفيديوهات، وليس ثمة أحسن دليل مما قام به رئيس الحكومة الذي ظهر في شارع الحبيب بورقيبة سائرًا على القدمين صحبة وزير الداخلية ثم واقفًا أمام جمهرة من الصحفيين ليتوجه عبرهم برسالة إلى التونسيين. كما قام وزير السياحة بجولة على الأقدام في شارع الحبيب بورقيبة في إشارة واضحة إلى السياح الأجانب.

وتبدو العملية، من الزاوية التقنية الاتصالية، ضرورية، وهي عملية ذات تأثيرات إيجابية على صورة رئيس الحكومة إذ لم نسمع تعليقات سلبية حول طريقة تعامل حكومته مع الحدث الإرهابي لأن الناس، في كثير من الأحيان، يعيبون على السياسيين غيابهم أو حضورهم الباهت في مثل هذه الحالات.

فخاخ المصادر

في يوم الخميس ذاته، 27 جوان/يونيو 2019، وبعيد العمليتين الإرهابيتين، أصدرت رئاسة الجمهورية بيانًا عن تعرض رئيس الجمهورية لـ"وعكة صحية حادة" استلزمت نقله إلى المستشفى العسكري. وقد ساهم هذا البيان في خلق حالة من الهلع لدى الناس في فيسبوك، فرأينا  الناس يعبرون عن حالات الخوف عن مصير تونس في حالة وفاة رئيس الدولة.

ثمة تساؤل مشروع يمكن أن يطرح عن توقيت نشر البيان ومضمونه، لكن قد يكون أيضًا نشر البيان ضروريًا لتحقيق الشفافية التي يمكن أن تكون خير وسيلة لمكافحة انتشار الإشاعة والأخبار الكاذبة في فيسبوك التي بدورها تغذي حالات الهلع والفزع، مما يخدم إستراتيجية الترويع الإرهابية.

جاءت أغلب الإخلالات الصحفية في التعامل مع مرض رئيس الجمهورية من بعض القنوات العربية والتي أعلن بعضها عن خراب الموسم السياحي مثل قناة "العربية" و"النهار الجزائرية"

اقرأ/ي أيضًا: الصحافة التونسية في "عصر ما بعد الحقيقة".. التحرّي (3/2)

تعاملت الصحافة التونسية بحذر شديد مع حادثة "الوعكة الصحية" التي تعرض إليها رئيس الدولة، ولم نر أخبارًا غير صحيحة متداولة بل فسحت الإذاعات والقنوات التلفزيونية المجال إلى مستشاري الرئيس لتقديم المعلومات عن صحته أو تكذيب أخبار وفاته المتداولة في فيسبوك خاصة بعد أن أعلنت مراسلة قناة "العربية" في تونس عن وفاة رئيس الجمهورية.

ويمكن القول إن الإخلالات الصحفية جاءت في أغلبها من بعض القنوات التلفزيونية العربية المهتمة بالشأن التونسي والتي أعلن بعضها عن خراب الموسم السياحي. وقد تكون هذه الإخلالات نتيجة تقاطع مصالح القنوات السياسية والإيديولوجية ومصالح الصحفيين المراسلين التونسيين، أو بعضهم، في البحث عن الإثارة وإيهام القنوات التي يعملون لديها أن لهم مصادر أو شبكات مصادر على ذمتهم تعطيهم الأخبار الحصرية.

في كل الأحوال، إن مراسلة "العربية" التي أعلنت عن وفاة رئيس الجمهرية قد تكون ضحيّة المصادر التي تلاعبت بها، وهو درس لا يجب أن ينساه الصحفيون جميعًا وهو أن المصادر قادرة على الغدر بالصحفيين والتلاعب بهم (في هذه الحالة من طرف له مصلحة ما في إعلان وفاة رئيس الجمهورية من دول أجنبية أو فاعلين سياسيين داخليين).

الخلاصة الأولى: الإثارة خيار تحريري عندما تريد الصحافة ذلك

يمكن أن نقول إن الصحافة التونسية الإذاعية والتلفزيونية والإلكترونية والمكتوبة تعاملت بشكل حذر مع الأحداث في مستويين أساسين: إدارة المباشر لنقل أحداث العمليين الإرهابيتين من جهة أولى، وإدارة الخبر الصحفي عن الحالة الصحية للرئيس من جهة ثانية.

 كشفت أحداث يوم الخميس أن الصحافة يمكن أن تتعامل بشكل مسؤول وأن ترفض منطق الإثارة وألاّ تنساق في نقل الأخبار غير الموثوقة

في الحالتين، كشفت أحداث يوم الخميس الماضي أن الصحافة يمكن أن تتعامل بشكل مسؤول مع الأحداث وأن ترفض منطق الإثارة وألاّ تنساق في نقل الأخبار غير الموثوقة التي لم تخضع إلى عملية التحري، وقد يكون ذلك بسبب خطورة الأحداث الإرهابية ومكانة رئيس الدولة. ويعني المذكور أن الصحافة والصحفيون يقدرون مصلحتهم في التخلّي عن الأسلوب المشهدي حتى لا يتّهموا بأنهم حلفاء الإرهاب وشركائه الاتصاليين، وألا يقعوا في الفخاخ الكثيرة التي وقعوا فيها سابقًا عندما كانت الصحافة تساهم في خلق حالة الهلع عبر المشاهد المثيرة التي كانت تنقلها.

وعلى هذا النحو، يمكن أن نقول إن الصحافة يمكن لها أن تحجم عن الإثارة عندما تريد، أو بتعبير آخر، إن الإثارة في سائر الأيام هي خيار مدرك تنتهجه الصحافة والميديا باعتباره أسلوبًا للحصول على استقطاب الناس ثم على مداخيل الإشهار.

الخلاصة الثانية: التحري خيار تحريري عندما تريد الصحافة كذلك

أحجمت الصحافة التونسية عن نشر الأخبار القائمة على معلومات لم تتحرّى فيها من مصادر غير دقيقة ومعلومة عن صحة رئيس الجمهورية إدراكًا منها بخطورة ذلك على مصداقيتها وعلى سمعتها إضافة إلى الاعتبارات الأخرى.

في المقابل، لم يعر مراسلون من بعض القنوات التلفزيونية العربية هذه الاعتبارات أية أهمية مما أعطى صورة غير محترمة عن هذه القنوات التي أعلنت بكل ثقة عن وفاة رئيس الجمهورية. ومعنى هذا أن الصحافة يمكنها إذا أرادت ذلك، أي عندما تكون قادرة على تفكّر ممارستها، على إدراك أهمية المصادر التي كثيرًا ما يتم التعامل معها باستهتار كبير.   

الخلاصة الثالثة: صحافة ناقلة؟

لم تنخرط الصحافة التونسية في "مشهدة" الإرهاب أو في نشر الأخبار الزائفة أو الترويج  للإشاعات، والتزمت في كل الأحوال، في المقابل، بالروايات الرسمية للأحداث، بل نرى في التغطيات، خاصة التلفزية أو الإذاعية، تغليب التعليق على الأخبار بدل التحقيق.

وإننا هنا إزاء المعضلة التي تواجها الصحافة التونسية عند تغطية الأحداث الإرهابية، إذ أن عدم الانخراط في "مشهدتها" قد يؤدي أيضًا إلى تحويل قضايا الإرهاب إلى مجال محرّم يكتفي فيه الصحفيون بإعادة سرد البيانات الرسمية وتغطية الأنشطة الرسمية (الاتصالية) . هكذا يتمثل الخطر في أن تتحول الصحافة التونسية إلى وسيلة ناقلة لما تعتبره المؤسسات الأمنية أو الحكومية أخبارًا لا تهدد الأمن العام أو تحبط معنويات التونسيين.

تجعل الحريات المتاحة للصحفيين من الحالة التونسية حالة استثنائية في العالم العربي، ومن الصحافة التونسية مخبرًا لاستكشاف مصير الصحافة في سياق ديمقراطي عربي

الخلاصة الرابعة: الصحافة التونسية مخبر الصحافة في العالم العربي 

تعمل الصحافة في تونس في سياق مخصوص وفريد في العالم العربي، إذ رغم الإكراهات المتعددة التي تخضع إليها (سياسية، اقتصادية، إيديولوجية إلخ )، فهي  ليست سجينة مؤسسة ما: وزارة اتصال أو إعلام، أو مؤسسة عسكرية، أو رئاسة الجمهورية أو طائفة.

إن الخطأ المهني الذي ارتكبته مراسلة قناة "العربية" التي أعلنت عن وفاة رئيس الجمهورية هو في الوقت ذاته دليل على الحريات المتاحة للصحفيين لأننا لا يمكن أن نتصور صحفي في دول عربية أخرى يتحدث بحرية في الشارع في نقل متلفز عن موت الرئيس دون أن يتعرض إلى شتى أنواع العقاب أو التنكيل. أما في تونس، لم تواجه الصحفية سوى نقد زملائها أو استهجان المواطنين. 

لا يوجد في تونس رئيس تحرير خفي يتحكم في القطاع برمته يملي على الصحفيين كيف يجب أن يتعاملوا مع الأحداث الإرهابية. وإن هذه الحريات المتاحة للصحفيين للتغطية وقدرة الصحفيين على إصلاح أخطائهم والنقاش فيها يجعل من الحالة التونسية، رغم كل شيء، حالة استثنائية في العالم العربي، ومن الصحافة التونسية مخبر لاستكشاف مصير الصحافة في سياق ديمقراطي عربي.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الصحافة التونسية في "عصر ما بعد الحقيقة".. دفاعًا عن "صحافة الحقيقة" (3/3)

الصحافة التونسية أمام امتحان "الشعبوية"