11-أكتوبر-2022
 الاستفتاء في تونس

مجلس النواب القادم في تونس: من تحزّب خان واللجان في كل مكان (صورة من حملة الاستفتاء/ماهر جعيدان/الترا تونس)

 

انطلقت منذ 25 سبتمبر /أيلول الماضي، الفترة الانتخابية للانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها يوم 17 ديسمبر/كانون الأول 2022 القادم. وقد منح دستور 25 جويلية 2022 صلاحيات واسعة للرئيس وقلص دور المؤسسة التشريعية مطلقًا عليها صفة الوظيفة بدل السلطة، وسيقتصر دور النواب على المصادقة على مشاريع القوانين.

كما نص على إمكانية سحب التفويض من النواب وفق الشروط التي يحددها القانون الانتخابي، وأعطى لرئيس الجمهورية الحق في حل البرلمان والدعوة لانتخابات تشريعية سابقة لأوانها، وقلص المرسوم المعدل للقانون الانتخابي الصادر في 15 سبتمبر/أيلول 2022، عدد نواب البرلمان إلى 161 نائبًا بدل 217. وأثارت المراسيم الجديدة الكثير من الجدل حول أي دور سيضطلع به البرلمان الجديد بعد التقليل من صلاحياته وإقرار الترشح وفق نظام الأفراد.

 

 

  • مجلس النواب القادم في تونس: غرفة دردشة دون عمود فقري يضبط إيقاعها ودون صلاحيات

في تصريح لـ"الترا تونس"، يقول الناشط السياسي عبد الحميد الجلاصي إن إحدى خصائص الرئيس قيس سعيّد أنه لا يستمع لأحد ولا يستشير أحدًا سوى نفسه، يعتبر نفسه مالكًا للحقيقة المطلقة والمعبّر الوحيد عن الشعب، هذه الخاصية اشتغلت لحد الآن، على الأقل ظاهريًا، إذ أنجز كل المحطات التي وعد بها، وتتعلق كلها بإعادة تشكيل سطح السياسة: الاستشارة الإلكترونية والاستفتاء.

عبد الحميد الجلاصي لـ"الترا تونس": سعيّد غيّر القانون الانتخابي الذي وضعه هو نفسه لأنه أدرك أنه أغلق الباب أمام تنسيقياته المتعطشة للسلطة والتي بدأت في مرحلة التهديد

الجلاصي واصل، "إصرار المعارضة على التمسك بخطابها القديم ورفضها القيام بالمراجعات وتغيير الوجوه دفع قطاعات واسعة من الجماهير إلى أحضان سعيّد، خلال ذلك حاول الأخير تفكيك كل المنظومة السائدة بقوانينها وهيئاتها وسلطاتها والعلاقات بينها من أجل إحداث الفراغ الذي يستدعي تعويضًا".

الناشط السياسي بيّن في حديثه لـ"الترا تونس"، في ذات السياق، "انتخابات سعيّد هي بالضبط إحلال ما يعتبره جديدًا عوض العالم القديم، وهاهو سعيّد يفعل ما لا يمكن أن يفعله عاقل بتغيير قانون الانتخابات الذي وضعه هو نفسه قبل بضعة أسابيع لأنه أدرك أنه فتح الباب أمام دوائر النفوذ المالي وأغلق الباب أمام تنسيقياته المتعطشة للسلطة والتي بدأت في مرحلة التهديد قبل الدخول في مرحلة التمرد، لكن حصول الانتخابات لا يعني وجود برلمان كما تعرفه العلوم السياسية باعتباره سلطة مستقلة الرقابة والتشريع والتوازن والتمثيل الوطني، ستكون غرفة دردشة دون عمود فقري يضبط إيقاعها ودون صلاحيات، تغذي الصراعات الجهوية وتكرر ما تفعله الغرفة الثانية: مجلس الجهات".

عبد الحميد الجلاصي لـ"الترا تونس": مجلس النواب القادم سيكون غرفة دردشة دون عمود فقري يضبط إيقاعها ودون صلاحيات

وتابع في حديثه لالترا تونس، "غير أن الخطر القادم باتجاه سعيّد سيأتيه من عمق السياسة وليس من سطحها، فبقدر ما يستحوذ على السلطة بقدر ما يصبح مسؤولًا أمام التونسيين لتحقيق مضمون كل سياسة حقيقية: تغيير مَعَاشِ الناس، وهو لن يفعل ذلك، لأنه عاجز عن تحويل اللغة الفضفاضة إلى رؤية وإلى تحويل الرؤية إلى برنامج وإلى تحويل البرنامج إلى سياسات وإلى تحويل السياسات إلى إجراءات.

 

 

  • مجلس النواب القادم في تونس: من تحزّب خان واللجان في كل مكان

في سياق متصل، اتصل "الترا تونس" بأمين عام الحزب الجمهوري عصام الشابي، الذي قال حول المجلس القادم "لن نعيد اختراع العجلة من جديد، الديمقراطية والانتخابات الديمقراطية لها معايير دولية، نجحنا بعد الثورة في تنظيم انتخابات ديمقراطية تتواءم والمعايير الدولية أدت لتداول سلمي على الحكم لأول مرة في تونس وفي كامل المنطقة رغم ما شابها من نقائص".

عصام الشابي لـ"الترا تونس": الانتخابات التشريعية القادمة هي موعد استكمال ضرب وتفكيك وتدمير مؤسسات الدولة وإرساء نظام قاعدي غريب وهجين بالبلاد"

ليضيف محدثنا، "نحن نصبو لأن يكون لنا دستور يمثل عقدًا اجتماعياً، ينظم مؤسسات الدولة والحكم وعلاقة المواطن بدولته ويحفظ الحقوق والحريات ويكون أعلى القوانين درجة، وأن يتم ذلك في مناخ ديمقراطي سليم، ما يجري في تونس اليوم هو خروج عن كل منطق سياسي سليم، ما يزمع تنظيمه سعيّد يوم 17 ديسمبر/كانون الأول القادم لا يربطه شيء بالانتخابات، سيكون يوم مأتم انتخابي له علاقة خاصة بأجندة البرنامج السياسي لقيس سعيّد لا بالأجندة الوطنية، هو موعد استكمال ضرب وتفكيك وتدمير مؤسسات الدولة الديمقراطية المدنية وإرساء نظام قاعدي غريب وهجين بالبلاد".

وتابع أمين عام الحزب الجمهوري "الانتخابات في الدول الديمقراطية تسبقها مناخات من الحرية والحوارات الجادة والبرامج والتنافس، كل هذا غير موجود في بلادنا، سعيّد ألغى دستور الجمهورية الثانية الذي أقسم اليمين على احترامه وقام بكتابة دستور بمفرده، لأول مرة في تاريخ البشرية ينفرد رئيس للجمهورية بكتابة دستور بمفرده يلغي فيه الفصل والتوازن بين السلط ويمنح لنفسه سلطات فرعونية غير مسبوقة، يختزل الدولة في شخصه، يراقب الجميع ولا يُسأل عن ما يفعل، أضعف البرلمان، ألغى السلطة القضائية ويتجه الآن لتكوين برلمان عن طريق انتخابات تضعف دور الأحزاب والتعددية".

عصام الشابي لـ"الترا تونس": "ما نعيشه اليوم يذكرنا بما عاشته ليبيا أيام القذافي بأن من تحزب خان واللجان في كل مكان، سيكون برلماناً لا يملك من البرلمان إلا التسمية"

واستنكر الشابي: "ما نعيشه اليوم يذكرنا بما عاشته الشقيقة ليبيا أيام معمر الڨذافي بأن التمثيل تدجين ومن تحزب خان واللجان في كل مكان، سيكون برلماناً لا يملك من البرلمان إلا التسمية".

وفي إجابته عن سؤال ما الجدوى من هذا البرلمان إذًا، قال الشابي "كل حاكم مستبد يحتاج لأدوات ديكور تبيّن وجود مؤسسات، سيكون برلمان رجع الصدى لإرادته وصوته وقراراته، أشخاص منتخبون على المحليات ببرامج محلية لا يجمع بينها أي شيء أو أي توجه سياسي، لن يكون هنالك لا أغلبية ولا أقلية في البرلمان وعلى أي أساس ستتشكل الأغلبية!! لن تكون هناك أي كتل برلمانية إلا إذا أمرهم قيس سعيّد بتشكيل كتل، الأغلبية تتشكل على البرامج الانتخابية التي تتقدم بها الأحزاب".

عصام الشابي لـ"الترا تونس":  "كل حاكم مستبد يحتاج لأدوات ديكور تبيّن وجود مؤسسات، سيكون برلمان رجع الصدى لإرادته وصوته وقراراته"

وواصل الشابي، في حديثه لـ"الترا تونس"، "سعيّد اختار الانتخاب على الأفراد على دورتين من أجل ترسيخ البناء القاعدي وضرب دور الأحزاب في تأطير المواطنين والتقدم للانتخابات والتنافس على الحكم في إطار ديمقراطية مفتوحة، نحن نسير إلى نظام غريب منغلق ومغلق والدليل على ذلك ما يعانيه هذا المسار من تخبط كبير، تونس في مرحلة لا استقرار تشريعي، سعيّد يسمح لنفسه بسن الدساتير والقوانين والمراسيم بمفرده، ثم يتراجع عنها ويعيد كتابتها ويعدلها بنفس الطريقة حتى أثناء الفترة الانتخابية، سعيّد أعلن منذ يومين اعتزامه تعديل المرسوم الانتخابي بعد الدخول في الفترة الانتخابية وتجميع التزكيات، ستنضاف لعجائب الدنيا السبع عجيبة ثامنة، النظام السياسي لقيس سعيّد وإدارته للحكم"، وفق توصيفه.

 

 

  • مجلس النواب القادم في تونس: أهم ما في الوظيفة التشريعية سن القوانين

من جهة أخرى، وفي تصريح لـ"الترا تونس"، قال عضو حركة الشعب عبد الرزاق عويدات "عندما نتحدث عن التشريعية نتحدث عن الوظيفة التشريعية التي سنها الدستور الجديد، البرلمان الجديد سيخضع لفصول الدستور الجديد، وأهم ما في الوظيفة التشريعية سن القوانين، البرلمان سيكون غائبًا في نقطة فقط وهي منح الثقة للحكومة كما كان في دستور 2014، في النظام الجديد رئيس الدولة بالتعاون مع رئيس الحكومة يعيّنون أعضاء الحكومة".

عبد الرزاق عويدات لـ"الترا تونس": أهم ما في الوظيفة التشريعية وفق الدستور الجديد هو سن القوانين، البرلمان سيكون غائبًا في مسألة منح الثقة للحكومة كما كان في دستور 2014

ويتابع "مجلس النواب سيصادق على القوانين ويحيلها لرئيس الجمهورية لإمضائها، نظام يشبه النظام السياسي الفرنسي، الرئيس ماكرون مثلاً لم يواجه إشكالًا مع البرلمان في عهدته الأولى عندما فاز حزبه بأغلبية المقاعد البرلمانية، لكنه خسر الأغلبية في عهدته الثانية وبالتالي أصبح يعاني من مشكلة مع البرلمان في تمرير القوانين، إذًا على الحكومة أن تكون متناغمة مع البرلمان، مبينًا مرشحونا في حركة الشعب بصدد جمع التزكيات وسنشارك في الانتخابات التشريعية المقررة في 17 ديسمبر/كانون الأول القادم.