16-سبتمبر-2022
هيئة الانتخابات تونس

اعتماد التصويت على الأفراد وإمكانية سحب الوكالة من النواب (صورة أرشيفية/Getty)

 

في ذات يوم عرضه على هيئة الانتخابات ومجلس الوزراء، نشر الرئيس التونسي قيس سعيّد في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية (الجريدة الرسمية)، المرسوم عدد 55 لسنة 2022 والمتعلق بتنقيح القانون الأساسي المتعلق بالانتخابات والاستفتاء، وذلك ليل الخميس 15 سبتمبر/أيلول 2022، بينما كان يٌنتظر أن تقدم هيئة الانتخابات، على الأقل، ملاحظاتها بخصوص التنقيحات المقترحة.

في ذات يوم عرضه على هيئة الانتخابات ومجلس الوزراء، نشر سعيّد مرسوم تنقيح القانون الانتخابي بينما كان يٌنتظر أن تقدم هيئة الانتخابات، على الأقل، ملاحظاتها بخصوصه

وتكشف التنقيحات التي تضمنها المرسوم الرئاسي عن صحة عدة استنتاجات كنا ذهبنا فيها في مقال سابق نٌشر في الرابع من سبتمبر/ أيلول الجاري بعنوان "في محاولة فهم توجه قيس سعيّد في القانون الانتخابي القادم.." والذي بني على قراءة وتحليل بعض الحوارات الإعلامية السابقة للرئيس قيس سعيّد أو في ورقات قليلة قدمها رفاق له اجتمعوا خاصة تحت مسمى "قوى تونس الحرة"، أو بعض الفاعلين في التنسيقيات التي شاركت في حملته الانتخابية لرئاسيات 2019 والذين وقع تعيين عدد منهم في مناصب وزارية أو مسؤوليات أخرى داخل مؤسسات الدولة إبان 25 جويلية/يوليو 2021.

وأكد مجموع التنقيحات المدرجة، بمرسوم رئاسي، أن سعيّد يتوجه نحو اعتماد نظام الاقتراع على الأفراد مع إدراج إمكانية سحب الوكالة من النائب وتعديلات أخرى في شروط المترشح مثلًا، فيما لم يتضمن المرسوم أي تنقيحات في علاقة بمجلس الجهات والأقاليم المحدث حديثًا، وفق الدستور المستفتى حوله، والعلاقة بين المجلسين. وكنا  تعرضنا في مقال  "في محاولة فهم توجه قيس سعيّد في القانون الانتخابي القادم.." لما يمكن أن تكون عليه طريقة الانتخاب وفلسفة وصلاحيات هذه الغرفة البرلمانية الجديدة في تونس، والتي أكد سعيّد نفسه، في كلمته مساء الخميس للإعلان عن تنقيحات القانون الانتخابي، إنه سيقوم في المدة القادمة بإضافة تنقيحات أخرى تخص مجلس الجهات والأقاليم ووضع نص ينظم العلاقات بين المجلسين.

لم يتضمن المرسوم أي تنقيحات في علاقة بمجلس الجهات والأقاليم المحدث حديثًا والعلاقة بينه وبين مجلس نواب الشعب

 

 

أقدم أسفله أبرز 10 تنقيحات على القانون الانتخابي في تونس، وفق المرسوم الرئاسي الجديد:

1 ـ نظام الاقتراع على الأفراد

يجرى التصويت في الانتخابات التشريعية على الأفراد في دورة واحدة أو دورتين عند الاقتضاء، وذلك في دوائر انتخابية ذات مقعد واحد. يختار الناخب مترشحًا واحدًا في ورقة التّصويت دون شطب أو تغيير أو إضافة.

يجرى التصويت في الانتخابات التشريعية على الأفراد في دورة واحدة أو دورتين عند الاقتضاء، وذلك في دوائر انتخابية ذات مقعد واحد

إذا تقدم إلى الانتخابات مترشح واحد في الدائرة الانتخابية، فإنه يصرح بفوزه منذ الدور الأول مهما كان عدد الأصوات التي تحصل عليها، وإذا تحصل أحد المترشحين في الدائرة الانتخابية على الأغلبية المطلقة من الأصوات في الدور الأول، فإنّه يصرح بفوزه بالمقعد.

في صورة عدم حصول أي من المترشحين على الأغلبية المطلقة من الأصوات المصرح بها في الدورة الأولى، تنظم دورة ثانية خلال الأسبوعين التّاليين للإعلان عن النتائج النهائية للدورة الأولى، يتقدم إليها المترشحان المحرزان على أكثر عدد من الأصوات في الدورة الأولى. يتم التصريح في الدورة الثانية بفوز المترشح المتحصل على أغلبية الأصوات.

إذا تقدم إلى الانتخابات مترشح واحد في الدائرة الانتخابية، فإنه يصرح بفوزه منذ الدور الأول مهما كان عدد الأصوات التي تحصل عليها

يُذكر أن التصويت، منذ انتخابات المجلس التأسيسي سنة 2011 في تونس، كان يتم على القائمات مع اعتماد أكبر البقايا.

2 ـ إمكانية سحب الوكالة من النائب

يمكن، وفق التنقيحات المدرجة على القانون الانتخابي، سحب الوكالة من النائب في دائرته الانتخابية "في صورة إخلاله بواجب النزاهة أو تقصيره البيّن في القيام بواجباته النيابية أو عدم بذله العناية المطلوبة لتحقيق البرنامج الذي تقدم به عند الترشح".

لا يمكن سحب الوكالة قبل انقضاء الدورة النيابية الأولى أو خلال الأشهر الستة الأخيرة من المدة النّيابية

مع  العلم أنه "لا يمكن سحب الوكالة قبل انقضاء الدورة النيابية الأولى أو خلال الأشهر الستة الأخيرة من المدة النّيابية. كما لا يمكن تقديم عريضة سحب الوكالة من النائب إلا مرة واحدة طيلة المدة النّيابية".

وتقدم عريضة سحب الوكالة معلّلة وممضاة من قبل عشر الناخبين المسجلين بالدائرة الانتخابية التي ترشح بها النائب المعني، وذلك إلى الإدارة الفرعية للانتخابات المختصة ترابيًا.

3 ـ تقسيم جديد للدوائر الانتخابية وضبط عدد مقاعدها

كان من المنتظر، كما تعرضنا لذلك سابقًا، أن يتم تغيير  الدوائر الانتخابية والتوجه نحو دوائر أصغر وذلك تماشيًا مع  التوجه نحو الاقتراع  على الأفراد بدل القائمات. في هذا السياق، كشف المرسوم الرئاسي عن تقسيم جديد للدوائر الانتخابية في تونس،، وتم تحديد عدد المقاعد المخصصة للدوائر الانتخابية بالتراب التونسي بـ151 مقعدًا توزع على 151 دائرة انتخابية. فيماحدد عدد المقاعد المخصصة للدوائر الانتخابية بالخارج بـ 10 مقاعد توزع على 10 دوائر انتخابية.

كان من المنتظر أن يتم تغيير  الدوائر الانتخابية والتوجه نحو دوائر أصغر وذلك تماشيًا مع  التوجه نحو الاقتراع  على الأفراد بدل القائمات

ضبط الدوائر الانتخابية الجديدة وعدد المقاعد المخصصة لهـا

 

وكان عدد المقاعد في مجلس نواب الشعب سابقًا يقدر بـ217 ويلاحظ أنه تم إجمالًا اعتماد المعتمديات داخل التراب التونسي كدائرة انتخابية، فيما ضمت بعض الدوائر أكثر من معتمدية. وفي الخارج تم ضبط الدوائر الانتخابية كالتالي، 3 دوائر في فرنسا ودائرة في إيطاليا وأخرى في ألمانيا ودائرة واحدة لكل من بقية الدول الأوروبية والدول العربية ودول آسيا وأستراليا ودائرة أخرى لإفريقيا وأخرى للأمريكيتين.

 

 

4  ـ الحامل لجنسية أخرى غير الجنسية التونسية لا يمكنه الترشح لعضوية مجلس نواب الشعب فيما يخص الدوائر الانتخابية بالتراب التونسي

5 ـ لا يمكن للناخبين الآتي ذكرهم الترشح لعضوية مجلس نواب الشعب إلا بعد مرور سنة من انتهاء وظائفهم

يتعلق الأمر هنا بشروط الترشح وبالنسبة للمجموعة المذكورة لاحقًا لا يمكن الترشح لعضوية مجلس نواب الشعب إلا بعد مرور سنة من انتهاء وظائف الآتي ذكرهم:

  • أعضاء الحكومة ورؤساء الدواوين
  • القضاة
  • رؤساء البعثات والمراكز الدبلوماسية والقنصلية
  • الولاة
  • المعتمدون الأول والكتاب العامون للولايات والمعتمدون والعمد
  • الأئمة
  • رؤساء الهياكل والجمعيات الرياضية

ولا يمكنهم الترشح في آخر دائرة انتخابية مارسوا فيها وظائفهم المذكورة لمدة سنة على الأقلّ قبل تقديم ترشحهم.

6 ـ بطاقة عدد 3 خالية من السوابق العدلية

مطلب الترشح للانتخابات التشريعية صار يتضمن بطاقة عدد 3 خالية من السوابق العدلية في الجرائم القصدية أو وصل الاستلام على أن تتولّى هيئة الانتخابات في هذه الحالة التثبت من خلو البطاقة من السوابق العدلية المشار إليها.

7 ـ خلاص الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين و شهادة في إبراء الذّمة من الأداءات البلدية

مطلب الترشح للانتخابات التشريعية صار يتضمن أيضًا ضرورة توفير وصل في خلاص الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين بعنوان السنة المنقضية، وشهادة في إبراء الذّمة من الأداءات البلدية.

8 ـ 400 تزكية من الناخبين بالتناصف حسب الجنس ولا يقلّ عدد المزكّيات والمزكّين من الشباب دون 35 عن 25 %

يعتبر هذا التنقيح لافتًا بشكل خاص إذ قد تنجر عنه إشكاليات كبرى ليتمكن الراغب في الترشح من تحقيقه خاصة في عدد من الدوائر الانتخابية الصغيرة أو خارج تونس، كما أن التثبت من صحة إجراءاته غير هينة وتتطلب وقتًا وجهدًا واسعًا من هيئة الانتخابات.

400 تزكية من الناخبين معرف عليها ويجب أن يكون نصف المزكّين من الإناث والنصف الثاني من الذكور، على أن لا يقلّ عدد المزكّيات والمزكّين من الشباب دون سن 35 سنة عن 25 %

ومطلب الترشح للانتخابات التشريعية، يتضمن وفق التنقيحات موجز البرنامج الانتخابي للمترشح مشفوعًا بقائمة إسمية تضم 400 تزكية من الناخبين المسجلين في الدائرة الانتخابية، معرف عليها بإمضاء المزكّين لدى ضابط الحالة المدنية أو لدى الهيئة الفرعية للانتخابات المختصة ترابيًا.

ويجب أن يكون نصف المزكّين من الإناث والنصف الثاني من الذكور، على أن لا يقلّ عدد المزكّيات والمزكّين من الشباب دون سن 35 سنة عن 25 % ولا يجوز للناخب أن يزكّي أكثر من مترشح واحد.

لا يجوز للناخب أن يزكّي أكثر من مترشح واحد

9 ـ التخلي عن التمويل العمومي للحملة الانتخابية

يتم تمويل الحملة الانتخابية وحملة الاستفتاء بالتمويل الذاتي والتمويل الخاص دون سواهما، وفق ما يضبطه القانون، ويحدد السقف الجملي للإنفاق على الحملة الانتخابية أو حملة الاستفتاء بموجب أمر بعد استشارة هيئة الانتخابات.

10 ـ عقوبات سجنية ومالية جديدة للمخالفين

يعاقب بالسجن من سنتين إلى خمس سنوات وبخطية مالية من ألفين إلى 5 آلاف دينار:

  • كلّ شخص ثبت قيامه بتقديم عطايا نقدية أو عينية قصد التأثير على الناخب، أو استعمل نفس الوسائل لحمل الناخب على الإمساك عن التصويت سواء كان ذلك قبل الاقتراع أو أثناءه أو بعده. وتقضي المحكمة وجوبًا في هذه الحالة بفقدان المترشح لعضويته بمجلس نواب الشعب وحرمانه من حق الترشح مدى الحياة. كما تقضي بحرمان الناخب المستفيد من العطايا من حقّه في الانتخاب لمدة 10 سنوات كاملة بداية من صدور الحكم النهائي بالإدانة
  • كل شخص تعمد عرقلة أي ناخب لمنعه من ممارسة حقّه الانتخابي
  • كل من قام بتسريب أوراق التّصويت خارج مكتب الاقتراع.

يفقد المترشح المتمتّع بالتمويل الأجنبي أو مجهول المصدر عضويته بالمجلس المنتخب، ويعاقب بالسجن لمدة 5 سنوات، ويحرم وجوبًا من الترشح لأي انتخابات قادمة

إذا ثبت لمحكمة المحاسبات أن المترشح قد تحصل على تمويل أجنبي أو مجهول المصدر لحملته الانتخابية، فإنّها تحكم بإلزامه بدفع خطية مالية تتراوح بين 10 أضعاف و50 ضعفًا لمقدار قيمة التمويل الأجنبي أو مجهول المصدر.

ويفقد المترشح المتمتّع بالتمويل الأجنبي أو مجهول المصدر عضويته بالمجلس المنتخب، ويعاقب بالسجن لمدة 5 سنوات، ويحرم وجوبًا من الترشح لأي انتخابات قادمة من تاريخ صدور الحكم بالإدانة.

 

 

يُذكر أنه من المنتظر أن تُجرى الانتخابات التشريعية في تونس في 17 ديسمبر/كانون الأول المقبل على أن يصوّت الناخبون بالخارج أيام 15 و 16 و 17 من الشهر ذاته.

وقد انطلقت عدة أحزاب وائتلافات في  الإعلان عن موقفها من هذه الانتخابات، إذ أعلن الحزب الدستوري الحر عدم مشاركته فيما أسماها "انتخابات مخالفة للمعايير الدولية"، وأعلنت جبهة الخلاص (ائتلاف أحزاب وشخصيات) عن مقاطعتها الانتخابات أيضًا، وكذلك مجموعة الأحزاب المكوّنة سابقًا للجبهة الوطنية لإسقاط الاستفتاء، وهو ما يعني مقاطعة كل المعارضة الحالية لسياسات سعيّد تقريبًا، بينما يلقى الرجل دعم عدد من الأحزاب القومية مثلًا كحركة الشعب والتيار الشعبي.

ولا ينتظر إجمالًا أن يخدم نظام الاقتراع الحالي الأحزاب وسنتعرض في مقال قادم لاستشراف ما قد تكون عليه تركيبة مجلس النواب القادم في تونس.