25-سبتمبر-2019

قامت بريطانيا بإجلاء سياحها من تونس بعد إفلاس شركة "توماس كوك" (فتحي بلعيد/أ.ف.ب)

 

 

أثار خبر إفلاس الشركة البريطانية المختصة في السياحة والأقدم في العالم "توماس كوك" رجّة في أرجاء البورصات العالمية، نظرًا إلى نتائجه السلبية على البلدان السياحية وشركات السياحة في العالم وكذا على السياح الذين كانوا بصدد قضاء إجازاتهم في مختلف البلدان. وقد تتالت الأخبار من كل حدب وصوب، "إلغاء 25 ألف حجز في مصر"، و"عروسان مصدومان والزفاف مهدد بسبب إفلاس توماس كوك"، و"فندق تونسي يحتجز سواحًا بسبب عدم خلاص مستحقاته".

آثار خبر إفلاس الشركة البريطانية المختصة في السياحة والأقدم في العالم "توماس كوك" رجّة في أرجاء البورصات العالمية

إذ بلغت آثار أزمة الشركة إلى تونس بعد منع فندق في الحمامات نزلائه من ذوي الجنسية البريطانية من العودة بعد أن سلمهم فاتورة بقيمة المستحقات التي عليهم دفعها. وقد صرحت إحدى السائحات لوكالة الأنباء الفرنسية قائلة "المشكلة أن النزل قد أمدنا بفاتورة ويطالبنا بدفع ما يقارب 1800 جنيه إسترليني لكننا دفعنا جميع التكاليف إلى شركة توماس كوك". وقد تدخلت لاحقًا وزارة السياحة لتسوية الوضعية مع إعلان الوزارة عقد جلسة عمل مع السفيرة البريطانية بتونس.

ويظلّ السؤال تونسيًا هل سيؤثر انهيار هذه الشركة العالمية على قطاع السياحة في تونس؟ وإلى أي مدى يبلغ هذا التأثير؟ يُذكر أن "توماس كوك" وبعد العمليات الإرهابية عام 2015 في متحف باردو ثم في "نزل الأمبريال" في سوسة التي خلفت ضحايا معظمهم من الجنسية البريطانية، ألغت تعاملها مع تونس لتعود مطلع العام الحالي مما ساهم في خلق جو من الثقة مع باقي الوكالات السياحية العالمية.

اقرأ/ي أيضًا: ماهي أسباب "انتعاشة" الدينار التونسي؟

عن "توماس كوك"

تعدّ الشركة البريطانية أقدم شركات السياحة في العالم، أسسها رجل الأعمال البريطاني ورائد السياحة توماس كوك سنة 1871 بعد أن قام بتنظيم عدد كبير من الرحلات غير المنظمة عبر العالم فبعث شركة "توماس كوك وأبناؤه" بالاشتراك مع جون ماسون كوك.

عرفت الشركة صعوبات مالية غير مسبوقة في الفترة الأخيرة، إذ سجل سعر سهم الشركة في 14 ماي/آيار 2018 حوالي 138.76 جنيه إسترليني قبل أن يبدأ بالانهيار ليصل في 13 ماي/آيار 2019 إلى 20.15 جنيه إسترليني.

تهاوي سعر سهم "توماس كوك" في البورصة

لتبدأ الشركة، بالتزامن مع ذلك، سلسلة من المفاوضات مع المقرضين في محاولة لتوفير التمويل الإضافي والتوصل لاتفاق، لكن دون جدوى. كما طلبت الشركة إعانة مالية من الحكومة البريطانية، وهو الحل الذي دعت إليه أيضًا منظمات عمالية ونقابات دون الوصول مجددًا لاتفاق. لتنتهي المجموعة بإعلان إفلاسها في 23 سبتمبر/أيلول 2019 بعد أن وصل سعر السهم إلى 3.45 جنيه إسترليني بحجم مداولات وصل إلى أكثر من 183 مليون سهم.

الجامعة التونسية لوكالات الأسفار: تسونامي في عالم السياحة

جابر بن عطوش، رئيس الجامعة التونسية لوكالات الأسفار، قال إن إفلاس "توماس كوك" هو بمثابة تسونامي في عالم السياحة.

وأضاف، في تصريح لـ"ألترا تونس" أنه لا يمكن تحديد آثار إفلاس الشركة على القطاع السياحي في تونس بحكم أن الشركة عادت إلى التعامل مع السلطات التونسية بداية من عام 2019.

جابر بن عطوش (رئيس الجامعة التونسية لوكالات الأسفار): أزمة المهنيين التونسيين مع الشركة تتعلق بشهري جويلية وأوت 2019

وأفاد أن الشركة البريطانية جلبت ما يقارب 100 ألف سائح إلى تونس منذ بداية عام 2019 إلى غاية 30 أوت/أغسطس موضحًا أن أزمة المهنيين التونسيين تتعلق بشهري جويلية/يوليو وأوت/أغسطس.

وكان قد زاد رجوع الشركة السياحية للتعامل مع تونس، هذا العام، منسوب الثقة لدى باقي الوكالات العالمية خاصة وان الشركة تسجل 20 مليون سائح سنويًا وهو ما يجعل لإفلاسها تداعيات خطيرة خاصة على البلدان التي تتعامل معها بشكل متواتر.

اقرأ/ي أيضًا: التوريد العشوائي.. آفة تفاقم العجز التجاري

الجامعة التونسية للنزل: 10 فنادق ستعاني ضررًا ماليًا كبيرًا

وفي حديثه مع "ألترا تونس"، قدّر رئيس الجامعة التونسية للنزل رضوان بن صالح قيمة الخسائر التونسية من جراء إفلاس "توماس كوك" حوالي 200 مليون دينار وهو رقم مرتفع جدًا وفق قوله، مبينًا أن الخسائر تختلف من فندق إلى آخر ومن وكالة أسفار إلى أخرى.

وأضاف أن أكثر المتضررين من إفلاس "توماس كوك" هم الأطراف المتعاملة معها بصفة كلية، موضحًا أنه ثمة 10 فنادق على الأقل سيعانون ضررًا ماليًا كبيرًا.

رضوان بن صالح (رئيس الجامعة التونسية للنزل): تُقدر قيمة الخسائر التونسية من جراء إفلاس "توماس كوك" حوالي 200 مليون دينار وهو رقم مرتفع جدًا 

وكان قد أكد وزير السياحة روني الطرابلسي تعهد الحكومة البريطانية بخلاص ديون "توماس كوك" غير أن التعهد، وفق محدثنا، يقتصر على مستحقات السياح البريطانيين القادمين ابتداء من 23 سبتمبر/أيلول أي منذ تاريخ إفلاس الشركة.

وحول بقية المستحقات الأخرى، يعتبر رئيس الجامعة التونسية للنزل أن أمام الدولة التونسية مسار طويل وصعب من التقاضي.

وبخصوص آثار إفلاس الشركة البريطانية على قطاع السياحة في تونس، نفى محدثنا وجود تأثير في المستقبل، موضحًا أن الشركات المنافسة لها تتعامل مع تونس بطريقة مرضية وستستحوذ على نسبة من حرفاء الشركة المُفلسة وفق تأكيده.

خلاصة، ساهمت عودة "توماس كوك" إلى تونس، بداية عام 2019، في خلق جو من الثقة لدى بقية شركاء تونس في المجال السياحي، ولكن عودتها الضعيفة بدت مفيدة، في نهاية المطاف، إذ جنبت تونس خسائر فادحة في قطاع حيوي لا يزال في طور التعافي بعد نكسة السنوات الماضية بسبب الأعمال الإرهابية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

التجارة الإلكترونية.. تسهيل للمعاملات وبوابة للغش أحيانًا

الجمعيات المالية.. حلول اجتماعية لدعم القدرة الشرائية في تونس