19-أبريل-2023
عيد الفطر

العيد أصبح اليوم ثقلًا جديدًا على كاهل العائلات التونسية بسبب الأزمة الاقتصادية التي تمرّ بها البلاد (أمين الأندلسي/الأناضول)

 

على أرصفة شارع "لندرة" بتونس العاصمة وفي أزقتها المجاورة وصولًا لسوق "سيدي البحري"، تشتدّ الحركة يومًا بعد يوم فيما تبقّى من شهر رمضان، حيث ترى أغلب المارّة وهم منغمسين في البحث عن ملابس وسط كومات "الفريب" علّها تلائم طفًلا أو طفلة تتزيّن بها للعيد.

العيد الذي ينتظره الصغار للحصول على ملابس جديدة تبهجهم، أصبح اليوم ثقلًا جديدًا على كاهل العائلات التونسية بسبب الأزمة الاقتصادية التي تمرّ بها البلاد والتي أصبحت تجد في سوق "الملابس المستعملة" ملاذًا

"بأيّ حال عدت يا عيد"، ذاك العيد الذي ينتظره الصغار للحصول على ملابس جديدة تبهجهم، أصبح اليوم ثقلًا جديدًا على كاهل العائلات التونسية بسبب الأزمة الاقتصادية التي تمرّ بها البلاد والتي أصبحت تجد في سوق "الملابس المستعملة" ملاذًا.

فماهي تكلفة ملابس العيد هذه السنة؟ وكيف يتصرّف التونسي في ظلّ ارتفاع الأسعار؟ وما هو موقف منظمة إرشاد المستهلك من هذا الغلاء؟ أسئلة يجيب عنها "الترا تونس" في هذا التقرير.


  • مواطنة تونسيّة: "أين المفرّ من لهيب الأسعار؟"

"يا حسرة على العيد قبل" بهذه الكلمات تحدّثت صفاء العياري (41 سنة) لـ"ألترا تونس" عن تحضيراتها لاستقبال عيد الفطر المبارك، وهي أمّ لطفلين أحدهما يبلغ 17 سنة وطفلة بسنّ 3 سنوات، وفارق السنّ بينهما جعل مسألة البحث صعبة.

وتؤّكد صفاء أنّها منذ عشرة أيّام تزور للمحلّات بحثًا عن ملابس العيد ولكنّها لم تجد ما يرضيها سواء من حيث الأسعار أو حتّى الجودة، وتضيف: "أنا مندهشة جدّا من ارتفاع الأسعار الجنونيّ للملابس ففي سنوات مضت لم أكن أعيش هذه المعاناة من أجل الحصول على بدلة جميلة للعيد وبسعر معقول".

صفاء (41 سنة) لـ"ألترا تونس": "أنا مندهشة جدّا من ارتفاع الأسعار الجنونيّ للملابس ففي سنوات مضت لم أكن أعيش هذه المعاناة من أجل الحصول على بدلة جميلة للعيد وبسعر معقول"

وتفيد محدّثتنا بأنّ الميزانيّة التي خصّصتها لكسوة العيد لا تتجاوز400د  وأنّها ستكون مضطرّة للتداين لاستكمال المستلزمات خاصّة وأنّ ابنها في سنّ المراهقة ويطالبها بماركات معيّنة قد تصل القطعة الوحيدة فيها لـ200د، وفق تعبيرها.

وتختم حديثها لـ"الترا تونس": "إنّ الوليّ اليوم بين مطرقة الأسعار وسندان متطلّبات الأبناء..فأين المفرّ من لهيب الأسعار؟"

 

 

  • الغرفة الوطنية للملابس الجاهزة: "أسعار الملابس معقولة والتجارة الموازية كارثة على القطاع"

وفي نفس الإطار، يقول رئيس الغرفة الوطنية للملابس الجاهزة محسن بن ساسي لـ"ألترا تونس" إن أسعار ملابس العيد معقولة وفي متناول الحريف التونسي الذي يستطيع بمبلغ 150 دينارًا إسعاد طفله بملابس جديدة، مشيرًا إلى أن كل الطبقات الاجتماعية تجد ضالتها و"كل قدير وقدرو".

رئيس الغرفة الوطنية للملابس الجاهزة محسن بن ساسي لـ"ألترا تونس": "التجارة الموازية تسببت في تراجع المبيعات إلى 60% مقارنة بالسنة الفارطة.. هذا الأمر أكبر كارثة تهدد باعة المحلات"

وشدد بن ساسي على أن "التجارة الموازية تسببت في تراجع المبيعات إلى 60% مقارنة بالسنة الفارطة"، وفقه، واصفًا الأمر بأنه أكبر كارثة تهدد باعة المحلات.

ويؤكّد محدّثنا أن "هذا اجتياح للأسواق لم تعهد مثله البلاد التونسية"، وفق تعبيره، موجّهًا نداء للمستهلك للإقبال على الملابس تونسية الصنع. وختم بن ساسي حديثه لـ"الترا تونس":  "لو يتواصل هذا النسق فإن قطاع النسيج التونسي سيندثر يومًا ما بعد أن كان مصنفًا في المرتبة الخامسة عالميًا في التصدير نحو أوروبا".

 

 

  • غرفة تجّار الملابس المستعملة: "الفريب ملاذ التونسي"

من جهة أخرى، يؤكّد رئيس غرفة تُجّار الملابس المستعملة بالجملة صحبي معلاوي أنّ أسواق الملابس المستعملة تشهد إقبالاً كبيرًا في هذه الفترة حيث أصبح هذا القطاع وجهة للتونسيين في السنوات الخمس الأخيرة بسبب تدهور المقدرة الشرائية وغلاء الأسعار، مشيرًا إلى أن نسبة الإقبال ارتفعت من 10 % إلى 50 % من مختلف الشرائح الاجتماعية سواء من الأسر الفقيرة أو المتوسّطة أو حتّى ميسورة الحال، وفق تعبيره.

رئيس غرفة تُجّار الملابس المستعملة بالجملة لـ"الترا تونس": نسبة الإقبال ارتفعت من 10 إلى 50 % من مختلف الشرائح الاجتماعية سواء من الأسر الفقيرة أو المتوسّطة أو حتّى ميسورة الحال

ويقول المعلاوي لـ"الترا تونس" أنّ التونسي وجد ضالته في هذه السوق لأنّه وجد فيها الجودة العالية والأسعار المدروسة حيث أنّه بالإمكان شراء ملابس محترمة للعيد بمبلغ لا يتجاوز 50 دينارًا.

وعن الغلاء الذي يشهده هذا القطاع أيضًا، وفق عديد المتابعين، يؤكّد محدّثنا بأنّ ذلك يرجع لغلاء السلع المستوردة وتكاليف النقل واليد العاملة الباهضة بالإضافة إلى بعض قوانين قانون المالية الجديد.

 

 

  • منظّمة إرشاد المستهلك: "النيابات دمّرت النسيج الصناعي"

ومن جهته، يؤكد رئيس منظمة إرشاد المستهلك لطفي الرياحي أن تكلفة ملابس طفل صغير عمره بين 7 و 8 سنوات تتراوح بين 300د و 350د، في ما يمثّل زيادة بـ20% مقارنة بالسنة الفارطة.

وفي علاقة بموقف المنظمة من الأسعار، يوضّح الرياحي لـ"الترا تونس" أنّ "سبب الغلاء هو سياسة "النيابة  La franchise"،  التي يقع تطبيقها في تونس وتحصل عديد الشخصيات على نيابات ماركات معروفة والتي دمّرت النسيج الصناعي التونسي"، على حدّ تعبيره.

رئيس منظمة إرشاد المستهلك لطفي الرياحي لـ"الترا تونس": ننصح المستهلك التونسي بأن يتجول بين المحلات قبل الشراء وذلك لمقارنة الأسعار ويحاول بقدر الإمكان الابتعاد عن التداين

وفسّر ذلك بأن "أصحاب النيابات هم من يتحكمون في هيكلة الأسعار حيث يورّدون مكوّنات المنتوج للحرفيين والصناعيين بهامش ربح كبير وبالتالي هم المسيطرون على نسق الأسعار ويتسببون في تضخّم مصطنع لأسعار الملابس"، وفق تقديره.

ووجّه الرياحي نصائح للمستهلك التونسي بأن يتجول بين المحلات قبل الشراء وذلك لمقارنة الأسعار ويحاول بقدر الإمكان الابتعاد عن التداين وأن لا يلتجئ للقروض الاستهلاكية لأنّ كلفتها مرتفعة.