20-مايو-2020

في الجزء الثاني من "نوبة" يواصل عبد الحميد بوشناق رواية حكايته وفق رؤيته الخاصة

 

متفرّد ومختلف يهوى المغامرة، ويهيم بكسر الحدود بين المسرح والسينما والدراما، إذ يعتبر أن ثلاثتها عالم واحد بأساليب مختلفة وفيها يمارس الفن بحرّية دون أحكام مسبقة أو دروس ومواعظ، هو المخرج عبد الحميد بوشناق.

من "هاذوكم" إلى "دشرة" و"نوبة1" و"نوبة2"، يرسم بوشناق ملامح مسيرة يروي فيها عوالم نابعة من ذاته ومن مساراته، ويقدّم طرحًا فنّيًا مغايرًا وجريئًا في بعض المواضع، خاصة من خلال تصوّره للمجتمع في "نوبة" وكسر بعض الصور النمطية المتداولة.

عبد الحميد بوشناق لـ"ألترا تونس": "نوبة" في جزأيها حكايتي وإن أعدتُها ستكون بنفس الطريقة ونفس الأسلوب

اقرأ/ي أيضًا: "والله ما كادوني".. "النوبة" يعيد الحنين إلى مسرح الجنوب الخالد

وفي الجزء الثاني من "نوبة"، يواصل رواية حكايته وفق رؤيته الخاصة متحرّرًا من الأحكام التي قد تطال الشخصيات أو الأحداث، ويستمر في مغازلة مكامن الحنين في المتفرّج، وهو يلقي الضوء أحيانًا على جوانب مظلمة في حقبة التسعينيات.

وللحديث عن "نوبة"، وشخصياته وأحداثه، خاصة مع مشاركة نجوم من الصف الأوّل في المسلسل ووجوه جديدة، والأسلوب الإخراجي والكتابة وتأثير كورونا في العمل وغيرها من النقاط، التقى "ألترا تونس" المخرج عبد الحميد بوشناق وكان معه الحوار التالي:

عبد الحميد بوشناق متفرّد ومختلف يهوى المغامرة
  • المخرج عبد الحميد بوشناق حينما يُسأل عن أعماله يردّ بأنه غير راض تمام الرضا، ما مردّ هذه الإجابة؟

أردّ بأنني غير راض تمام الرضا لأنني أطمح دائمًا إلى ما هو أفضل، والأمر يتعلّق بنوبة في جزئيه الأول والثاني، ولكن في الجزأين هي حكايتي وإن أعدتُها ستكون بنفس الطريقة ونفس الأسلوب.

  • الحلقات الأولى من الجزء الثاني لمسلسل "نوبة" كانت محل نقد خاصة في علاقة بنسقها الذي وُصف بالبطيء، كيف تفاعلت مع هذا النقد؟

الأمر عادي، فالنسق جديد بالنسبة للمتفرج على اعتبار أنه نسق سينمائي، والمتفرّج تعوّد على نسق معيّن في المسلسلات التي عرضت في التلفزيون طيلة سنوات، وفي "نوبة" أنا أروي حكاية وهو ينتظرها بنسق آخر هو في الأصل مواصلة لنسق الأحداث في الجزء الأوّل.

في السنة الفارطة أيضًا، النسق بطيء ولكن الانتظارات هذه السنة كانت مغايرة، هناك من شاهد نوبة 1 ويتابع هذه السنة نوبة 2 وهناك من لم يشاهد الجزء الأول ولم يتمكن من ربط الأحداث في الجزء الثاني.

  • يعني النسق البطيء للأحداث خيار ضمن الرؤية الإخراجية؟

نعم أنا أحكي أروي حكایاتي بهذه الطریقة.

  • ولكن كيف تفسّر توقّف الحديث عن نسق بطيء للأحداث في مرحلة معيّنة؟

المتفرّج لم يعد يتحدّث عن نسق بطيء لأنه أصبح عليمًا بالشخصيات والعلاقات بينها وأصبح يتابعها. ولو جرت الأحداث دون تقديم هذه الشخصيات في الحلقات الأولى لن يفهمها، فشخصيات "رضا داندي" (فتحي الهداوي) و"كريم" (عاصم بالتوهامي) و"نجوى" (ريم الرياحي) و"براداريس"(كمال التواتي) وابنته (ريم عيّاد) محورية في الحكاية ولا يمكن الحديث عنها وعن تطورها في الأحداث دون تشبّع المشاهد بها.

عبد الحميد بوشناق لـ"ألترا تونس": الفنان حر بطبعه ويحتكم إلى إحساس يحاول أن يمرره إلى المتفرّج ولديه خيارات خاصة

  • هل أثرت كورونا في نسق الأحداث؟ وهل كان من السهل استكمال المشاهد بعد التوقف؟

كورونا أثرت فينا، في الممثلین وفي كل فريق العمل، وكانت هناك صعوبة في استئناف التصوير، لكن المشاهد غير معني بهذا الأمر ولا يمكن أن نعتذر منه في كل مشهد ونعلّق الأمر على كورونا. ولكن جازفنا وعوّلنا على ذكائه وكان في مستوى ذلك وفهم التفاصيل وربط بين الأحداث واستوعب المشاهد التي لم تُصوّر.

وفي بعض الحلقات، هناك من لاحظ أنّها قصيرة. للأسف لم ننه التصوير لكن المهم أنّنا تمكّنا من إنجاز 30 حلقة، وإن وجدت بعض الحلقات التي تقل مدّتها بـ5 دقائق، كما أنه ومع تطوّر الأحداث تبدو الحلقات قصيرة والحال أنها أطول من حلقات الجزء الأول ولكن لم يتحدّث أحد عن ذلك وهو ما يخفي نية مبيّتة وراء ذلك، حتى أن بعض التدوينات انتقدت المسلسل قبل عرضه أصلًا.

أشاد بوشناق بأداء جميع الممثلين في نوبة 
  • في علاقة بالجانب التقني، ما مردّ الصوت الخافت في بعض الحلقات؟

في الواقع نفس الحلقة التي تعرض على التلفزيون تعرض على منصّة " Artify" ولا يوجد مشكلة في الصوت والحال أنه نفس الميكساج، ولو توفّر لنا الوقت لكان هناك ميكساج خاص بالتلفزة وآخر بـ " Artify". وفي التلفزات التونسية، لا تتوفر تقنيات "HD" ولا التقنيات الموجودة في "Black Home "، وهو ما يحول دون نقل العمل الجبار لتقنيي الصوت على التلفزة على أمل إيجاد حلول لهذه الإشكاليات.

وفي بعض الحلقات هناك موسيقى أوجدها حمزة بوشناق وهي سينمائية ويمكن أن تزعج المتفرج لأن مكبرات الصوت في التلفزة لا تتحمّلها وفي بعض الأحيان تبدو طاغية على الحديث.

  • ما تعليقك على الآراء التي اعتبرت أن تكثیف نجوم التلفزیون في الجزء الثاني من المسلسل أفقده سحره الأول؟

في السنة الفارطة، كنت محلّ لوم لأنني غامرتُ وراهنتُ على وجوه شابة دون الاعتماد على نجوم من الصف الأوّل  "TETES D'AFFICHE" وهناك من اعتبر الأمر مجازفة تقلل من قيمته، ولكنه في الأخير نجح وفي الجزء الثاني حينما تضمن العمل مشاركة لأسماء نجوم من الصف الأوّل لاموا هذه الإضافة لأن العمل نجح في موسم سابق دونها.

وفي الواقع، هناك خياران، إمّا أن أقدّم عملًا وفق ما أريد أو وفق ما يريد الجمهور، والفنان حر بطبعه ويحتكم إلى إحساس يحاول أن يمرره إلى المتفرّج ولديه خيارات خاصة، فإن هو قدّم عملًا ليرضي الجمهور فقط سينتهي الإبداع وأنا لست ولن أكون هذا النوع من المخرجين.

في النهاية، المتفرّج يقول ما يريد ولكن يجب أن نتفق على أنّ نفس المتفرّج لن يحب أعمالًا درامية مختلفة والمسلسل لا يمكن أن يعجب الجميع، ولكل عمل جمهوره ولكل مخرج أسلوبه.

عبد الحميد بوشناق لـ"ألترا تونس": في حال عُرض "نوبة" في السينما سيكون أكثر واقعية خاصة على مستوى الخطاب الذي لن يكون "مهذّبًا"

  • المتأمل في أحداث الجزء الثاني من المسلسل یلاحظ نوعًا من القسوة ومن العنف تجاه الشخصیات، من أین یتولد هذا الطرح الفني؟

نحن نعيش في مجتمع العنف فيه مبطن في اغلب الأحيان وموجود في عاداتنا وتقاليدنا وطريقتنا في التعبير، والأفلام التي تستهويني والمدارس الفنية التي تجذبني فيها الكثير من العنف، هو أمر نابع من داخلي لا يمكن تفسيره بطريقة ملموسة.

  • في علاقة بالكتابة "العنيفة"، كيف تحررت من حدود التلفزة التي لا تعطيك نفس مساحة الحرية كما السينما والمسرح؟

الأمر في الواقع يتعلّق أيضًا بالجزء الأوّل، والتمرين كان بسلسلة "هاذوكم" التي بُثت على الانترنت ثم في التلفزة ومن هناك بدأتُ أفهم كيف أعبر على العنف دون أن أظهره، وفي فيلم "دشرة" استعملتُ هذا الأسلوب فالعنف المتخيّل أقوى من العنف الذي يظهره المخرج وذلك ما عملتُ عليه في التلفزة.

ولكن أنا متأكّد أنه في حال عُرض في السينما سيكون أكثر واقعية خاصة على مستوى الخطاب الذي لن يكون "مهذّبًا" كما عرض ومشاهد العنف سأعرضها وستكون فيها أكثر قسوة.

مروان العريان في دوره في الجزء الثاني لا يشبهه في الجزء الأول
  • يعني أنّك تنأى بالعمل الدرامي عن المباشرتية؟

أنا أتأقلم مع المشاهد التونسي، فالمتفرج الذي يواكب الأعمال الدرامية ليس نفسه الذي يواكب الأعمال السينمائية، لا بد من أخذ هذا الفارق بعين الاعتبار، ودائمًا حينما تتيح للمتفرج فرصة أن يتخيل أفضل من أن تقدّم له كل التفاصيل، وهذا هو هدف الأعمال الفنية تمكنك من التفكير والتأويل وربط الأحداث.

  • من هي الشخصیات التي تمنیت أن تكتب لها بطریقة أعنف وأشد قسوة؟

في الحقيقة لم تكن الكتابة العنيفة هدفًا في حد ذاته، ولكن شخصية "كريم" التي مثلها عاصم بالتوهامي وأبدع تستوعب المزيد من العنف، و"قنوش" (حسين محنوش) و"براداريس"(كمال التواتي)، وهذه الشخصية في الكتابة الأولى للفيلم نراها وهي تحوّل الأشخاص إلى سماد للأرض بكل التفاصيل.

عبد الحميد بوشناق لـ"ألترا تونس": المسرح والدراما والتلفاز نفس العالم لكن بأساليب مختلفة

  • وأي الممثلین فاجأك حینما تقمص الشخصیة؟

كلهم فاجأوني، شوقي بوقلية دائمًا يفاجئني، وفتحي مسلماني وفتحي الهداوي الذي عملتُ معه سابقًا في السينما، وعزيز الجبالي وهالة عياد والبحري الرحالي وأميرة الشبلي وياسمين الديماسي ومنى التلمودي ونور الهدى ناوي وربيع ابراهيم والشاذلي العرفاوي..

ومروان العريان في دوره في الجزء الثاني لا يشبهه في الجزء الأول، ففي السنة الفارطة كان هستيريًا مدمنًا لا يحسن التصرف، ولكن هذه السنة ظهر في صورة مغايرة، ومهذب الرميلي كثير المفاجآت في دوره وكان شريكي في التمثيل، وكل ممثلي نوبة يفاجئونني دائمًا دون استثناء وأشاهدهم بكل فرح.

اقرأ/ي أيضًا: مسلسل "نوبة".. الحنين الأبدي إلى "المزود" بحبل درامي ساحر

  • تمامًا كالسنة الفارطة راهنت على مسرحیین وكسبت الرهان، كأنك بهذا المنهج تحاول كسر الحدود بین المسرح والدراما والسینما؟

نعم فالمسرح والدراما والتلفاز نفس العالم لكن بأساليب مختلفة، لهم نفس الهدف وهو الحديث عن قضايا معيّنة بطريقة فنية وجعل المشاهد يحلم ويفكّر ويبقى المسرح المدرسة والأساس. ودعم المسرح بجب ألا يقل أهمية عن دعم السينما، وقد حان الوقت لإعلاء راية هذه الفنون بما فيها الرقص والموسيقى لما لها من قيمة ودور فاعل في المجتمع لم يع به أغلب الناس بعد.

يجمع بوشناق بين الدراما والسينما والمسرح
  • الأمر ليس بالهين ولكنّك تجازف في كل مرّة، من أين تستمدّ هذه الجرأة؟

في نوبة منذ البداية، نعي أن الأمر ليس سهلًا ونعرف جيّدًا مآلات اختيارنا على مستوى فريق العمل والتقنيين والإنتاج والممثلين ونحاول أن نغير بعض الأمور ونزيح بعض الحدود ونبدّل بعض العقليات، بمعنى أننا نحاول ان نستثمر الفن والمهنة التي خلقنا من أجلها.

هو دور الفنان أن يؤثر بطريقة أو بأخرى في المجتمع حيث يعيش ويتطلع فيه إلى المستقبل وإلى تونس أفضل، فالنوستالجيا التي تطرحها فترة التسعينيات لا تعكس جانبًا مشرقًا، فالحنين إلى الماضي يعني أنّ الحاضر أسوأ على أمل أن نتجاوز الحنين ونفكّر في المستقبل.

عبد الحميد بوشناق لـ"ألترا تونس": أتمنى أن تكون "وسيلة" موجودة في حياة كل شخص لأنها السند عند الحاجة

  • في نوبة حاولت رسم ملامح مجتمع "طوباوي" في بعض الجوانب خاصة في علاقة بالمرأة المغتصبة، هل هذا المجتمع الذي یحلم به عبد الحمید بوشناق؟

أجل، هو المجتمع الذي أحلم به بما يحمله من إيجابيات وسلبيات، وأنا لا أقدّم دروسًا أنا فقط أقدّم رؤية ولكن هناك في المقابل طرح آخر، هناك حب وهناك تسامح وهناك صداقة، وفي النهاية الخيار يظل لك والمهم ألّا تظل واقفًا حيث الخطأ.

وشخصية "حبيبة" (أميرة شبلي) كانت أمام خيارين، إمّا أن تجهض الطفل أو تقبل به وتتحمل المسؤولية فيما بعد، ولكنها لا يمكن أن تحمل كل ذلك على عاتقها بل كانت مسنودة بعائلتها و"وسيلة" (هالة عياد)، وأتمنى أن تكون "وسيلة" موجودة في حياة كل شخص لأنها السند عند الحاجة.

والقيم التي أتحدّث عنها في نوبة هي القيم التي تربّى عليها جيل كامل إذ كنا نتجوّل في الشوارع ليلًا دون خوف ونلعب، أما الآن فالخوف يسكن القلوب، هناك شيء ما فُقد وأتمنى أن نعود إلى نفس الأجواء قريبًا وأتمنى أن يكون كورونا سببًا في أن نعرف قيمة الأشخاص من حولنا.

دور "رضا" مهم لأنه في النهاية يقدّم الأب بغض النظر عن شخصيته
  • كيف تحررت من المسلمات ومن الحدود وأنت تكتب عن الواقع كما تراه؟

أنا لا أمارس الفن وفق رغبة الآخر، من الطبيعي أن هذا الفن موجه للمتفرّج ولكن أهم شيء أن يعبّر عني وعمّا أريد أن أفعل وعن أفكاري ورؤيتي وحلمي وليس رؤية المتفرّج ونظرته هو إلى الواقع.

والسينما والدراما يعطيان هامشًا من الحرية للحديث عن أشياء لا يمكن الحديث عنها في الواقع أحيانًا، ولكن الغاية ليست تقديم دروس للمتفرّج أو تصنيف الأشخاص بين مخطئ ومصيب، في المقابل إضفاء مسحة من الأمل لنهاية أخرى ولتونس أخرى أفضل، وأفضل هنا مفردة تكتسي ذاتية لأنها تتنزل وفق رؤيتي.

ولو أخذتُ بعين الاعتبار قراءة المتلقي للأحداث في كل مرّة سأدخل في منطق الصنصرة الذاتية وأتخوف من ردود الأفعال وحينها يصبح الفيلم أو المسلسل دون روح، وفي النهاية يبقى الصدق في العمل الفني أهم ركائزه وهو من طينة من أوجده.

عبد الحميد بوشناق لـ"ألترا تونس": أنا أقف على نفس المسافة من كل الشخصيات وأحبها بنفس القدر

  • في علاقة بقضایا المرأة، تتبنى نظرة نسویة تعلي فیها مكانة المرأة وتتجاوز فیها الأدوار الجندریة، كيف تشكّلت هذه النظرة؟

أنا نشأتُ في عائلة تحظى فيها المرأة بمكانة مهمة، كما الكثير من العائلات، جدّتي والدة أبي "نانا" امرأة حضورها مفصلي في حياتي وأمي امرأة قوية ووالدتها أيضًا وخالتي، هن نساء ترعرعتُ معهن وأثّرن في بطريقة أو بأخرى وكن أساس المنزل.

وفي سنوات الدراسةـ جمعتني المقاعد بفتيات كن يحزن المراتب الأولى في الفصل والنساء صديقاتي اللاتي أتفق معهن في وجهات النظر، وحينما أردت مولودًا تمنيتُ أن يكون ابنة وزوجتي هي السند والعماد فكيف لا تكون لي هذه النظرة النسوية.

وتاريخ تونس أحببنا أم كرهنا مبني في أغلبه على حضور النساء سواء إيجابًا أو سلبًا من عليسة إلى الكاهنة والسيدة المنوبية وزوجات الرؤساء اللاتي أثرن في الأحداث، وأعتقد أن المرأة يمكن أن تخرج تونس من الوضع الراهن وحان الوقت لأن تمسك بزمام الأمور لأنّها نادرًا ما تخيّب الظن في قدرتها على تحمل المسؤولية وهي التي تجمع بين الحب والحنان والانتقام إذا اقتضى الأمر، هي رؤيتي الخاصة ولا تقلل من قيمة الرجل.

  • في نوبة ترسم معالم التسعینيات ببعض من ملامح زمننا هذا من ذلك العنف والوضعية الصعبة التي يعيشها الفنان، هل هي إحالة على أن بعض المظاهر السلبية باقية وتتمدّد في المجتمع؟

نعم المسلسل يجيب عن أسئلة راهنة كالعنف والاغتصاب ووضعية الفنان، لم أستلهم من الحاضر ولكن هي مواضيع وجدت وستبقى موجودة وهي دليل على أن المجتمع لم يتغير في بعض ملامحه القاسية.

  • "نوبة" مشحون بالثنائيات، الريف والمدينة، الشعب والسلطة، نواميس الكاباريه وطقوس المزود، الخير والشر، الكره والحب، كيف سايرت هذه الثنائيات وأنت تكتب للشخصيّات؟

أنا أقف على نفس المسافة من كل الشخصيات وأحبها بنفس القدر ولا أميز إحداها على الأخرى، فكلّها نابعة مني وفيها الكثير من حياتي، أحبها وأشفق عليها وعلاقتي معها غريبة جدًا.

أنا لا أتبنى أحكامًا مسبقة مهما كان الشخص شريرًا أو حسن الطباع ودائمًا أتخيله في فترة الطفولة وأبحث عن الأسباب التي جعلته، كذلك فنحن لا نولد سيئين إنّما نصبح سيئين، وهذا ما أردت تمريره، فأنا على قناعة بأن لكل شخص ظروفه الخاصة التي دفعته لأن يكون على نحو معين، وهي فرصة لكي ننأى بأنفسنا عن الأحكام المسبقة ونحاول أن نصلح من ذواتنا قبل أن ننصب أنفسنا حكامًا على تصرفات الآخرين، وفي هذه الحالة فقط يمكن إصلاح المجتمعات.

  • من خلال شخصية "رضا داندي" (فتحي الهداوي) وحلقة تكريم الأب، حاولت كسر بعض الصور النمطية، ما الرسائل التي أردت تمريرها؟

دور "رضا" مهم لأنه في النهاية يقدّم الأب بغض النظر عن شخصيته أو طباعه أو تصرفاته، هي مسؤولية كبيرة وجازفنا واخترنا شخصية غير مفهومة وغريبة نوعًا ما، ولكنها موجودة في تونس وفي العالم مع اختلافات، والرسالة هي أن نتفهم الآخر، وأردت أيضًا أن أبرز مآلات استهتار الأب وأيضًا رسالة التسامح بين الأب والابن.

  • هل حقق ذلك الطفل الذي واكب التحضیرات لحفلة النوبة حلمه بعمل فني يحاكيها؟

حلمي عشته وحققته وانتهيتُ منه في بعض المواضع، وسيظل يرافقني مدى الحياة، "نوبة" حياتي وبوجود الأمل فإن نوبة أيضًا موجودة.

  • هل جزء ثالث من نوبة وارد؟

لا يمكنني الإجابة ولا أريد أن أستبق الأحداث، أنا الآن منكب على إنهاء الجزء الثاني من "نوبة" ومن المبكّر الحديث عن جزء ثالث.

 

اقرأ/ي أيضًا:

حوار| لطفي الشابي: الرواية احتضنت الشعر والدولة غير بريئة في دعمها للكاتب

حوار| لطفي بوشناق: لم أنتظر الثورة لأتحرّر وهذا هو "سليمان" في "أجراس العودة"