الترا تونس - فريق التحرير
أكد الناطق الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، رمضان بن عمر، الخميس 23 مارس/ آذار 2023، أنّ "إيطاليا تتابع الوضع الأمني والسياسي والاقتصادي، مع إمكانياتها على التأثير واستقراء الوضع، في تونس والدول المحيطة بنا"، مؤكدًا أنّ الضغط الإيطالي تصاعد منذ سنة 2020، وبدأ يأخذ شكلًا كبيرًا في زيارات المسؤولين الإيطاليين الذين كانوا مرفوقين بمسؤولين أوروبيين، مع وصول جورجا ميلوني للحكم والتغير في الطرق الهجرية من خلال التحول التدريجي لطرق الانطلاق والتي أصبحت فيها تونس تحتل مراتب متقدمة خاصة بالنسبة للجنسيات من إفريقيا جنوب الصحراء، وفقه.
رمضان بن عمر: الأولويات الإيطالية واضحة، وهي غلق الطرق الهجرية وتحويل تونس إلى منطقة عازلة في علاقة بالمهاجرين
وتابع بن عمر في تصريحه لإذاعة "موزاييك أف أم" (محلية) أنّ المشهد السياسي الإيطالي والتونسي لهما تطابق في وجهات النظر وتناغم في المقاربات، قائلًا: "ميلوني قالت إن تونس هي ضحية أيضًا للهجرة غير النظامية مثلها مثل إيطاليا، وهو الخطاب الذي وجد صداه لدى الرئاسة التونسية، لكن الأولويات الإيطالية واضحة، وهي غلق الطرق الهجرية وتحويل تونس إلى منطقة عازلة في علاقة بالمهاجرين، وخلق مناخ وبيئة طاردة للمهاجرين غير النظاميين من إفريقيا جنوب الصحراء في تونس، لإثناء كل المترشحين للهجرة الذي يسلكون طرقًا صحراوية وغيرها للوصول إلى بلادنا" على حد تعبيره.
وأضاف رمضان بن عمر أنّ السياسة الإيطالية نجحت في اعتبار المنظومة الأمنية على السواحل التونسية لم تعد تعمل بالشكل الكافي، وفق زيارة مسؤولين إيطاليين إلى تونس، ولهذا لا بدّ من خلق بيئة أخرى لإثناء المهاجرين عن تحويل تونس نقطة انطلاق رئيسية، متوقعًا أن تكون عمليات الانطلاق مكثفة هذه السنة مثل السنة الفارطة خاصة من الجانب التونسي، في مقابل أنّ عدد المهاجرين من جنوب الصحراء الذين سينطلقون من تونس سيكون ضعيفًا جدًا، وفق تقديره.
رمضان بن عمر: أعتقد أنّ عدد المهاجرين من جنوب الصحراء الذين سينطلقون من تونس سيكون ضعيفًا جدًا نظرًالالتحولات السياسية والاعتداءات التي تعرضوا لها مؤخرًا
وأرجع الناطق باسم المنتدى ذلك إلى "التحولات السياسية التي صارت والاعتداءات التي تعرض لها المهاجرون من جنوب الصحراء، والتي دفعت بالعديد منهم إلى العودة الطوعية أو القسرية لبلدانهم"، مستنكرًا ألا يتم إعلام الشعب التونسي بالشكل اللازم، قائلًا: "ننتظر تصريحات مسؤولين أوروبيين حول حقيقة الوضع في تونس، إذ نرفض هذا الابتزاز الإيطالي والتدخلات والضغوط، فالهاجس الإيطالي أمني بحت، وهي تستفيد من عجز تونسي على بلورة سياسة وطنية واضحة" وفق تقديره.
واستعرض بن عمر عدة مقترحات وجب على تونس أن تمضي فيها، منها "ضرورة تنقية المناخ السياسي العام من أجل وضع البلاد في مسار ديمقراطي سياسي تشاركي، كما لا بدّ من وضع خطة إنقاذ اقتصادي واجتماعي عاجلة يتم ضبطها مع جميع الشركاء الاجتماعيين، فضلًا عن مراجعة بعض مسارات التعاون مع دول الاتحاد الأوروبي في قضايا الهجرة خاصة حتى لا نتحول إلى حارس للحدود الأوروبية، وحتى لا نتحمل وحدنا سياسات تصدير الحدود الأوروبية التي تثقل كاهل تونس" وفقه.
رمضان بن عمر: يجب مراجعة بعض مسارات التعاون مع دول الاتحاد الأوروبي في قضايا الهجرة خاصة حتى لا نتحول إلى حارس للحدود الأوروبية
وقال بن عمر: "يجب أن تكون لنا سيادة وطنية تحترم الحقوق والحريات وكرامة المواطنين التونسيين وغير التونسيين المقيمين بتونس، لكن من الواضح أن حرمان المواطن من حقه في المعلومة هي سياسة الدولة من خلال رفضها بكل أجهزتها ومؤسساتها التعامل مع الصحفيين وعبر الوسائط الأخرى، وبالتالي، من وواجب الدولة ومؤسساتها أن تخاطب الرأي العام في كل القضايا وأن تقدم مقاربتها لمسار التفاوض مع صندوق النقد الدولي ومواطن التعثر والحلول البديلة لكل هذه السيناريوهات".
وتابع رمضان بن عمر: "لا بدّ من إعلام المواطن بوضعية المالية العمومية والمديونية وغيرها، لأنّ المخاطر تتهددنا من جميع النواحي، وقد أضيف لها مؤخرًا المخاطر المناخية وشحّ المياه وفقدان المواد الأساسية، ولهذا نطالب الدولة بالشفافية لأن الجبهة الداخلية وحدها من يمكن أن تكون صمام أمان خلال الأزمات، والمطلوب من إيطاليا في المقابل، أن تحترم تونس كدولة ذات سيادة، وحقوق وكرامة المهاجرين، فأولويات إيطاليا أمنية لا ترتبط بأولويات تونس، وهي ترغب في تحويل تونس إلى معتقل كبير لضحايا سياسات الهجرة الأوروبية" وفق قوله.
رمضان بن عمر: نطالب الدولة بالشفافية لأن الجبهة الداخلية وحدها من يمكن أن تكون صمام أمان خلال الأزمات، لكن من الواضح أن حرمان المواطن من حقه في المعلومة هي سياسة الدولة
وكانت الحكومة التونسية قد أعلنت، في بلاغ أصدرته ليل الأحد 5 مارس/آذار 2023، عن جملة من الإجراءات قالت إنها من أجل "تيسير جملة من الإجراءات أمام الأجانب المقيمين بتونس بهدف حماية مختلف الجاليات"، وفيما يلي تفاصيلها: الرئاسة في تونس تقرّ إجراءات جديدة لفائدة الأجانب المقيمين بها
وجاءت هذه الإجراءات بعد موجة من الانتقادات العارمة التي طالت الدولة التونسية في أعقاب خطاب أدلى به الرئيس التونسي قيس سعيّد قال فيه أن "هناك ترتيبًا إجراميًا تمّ إعداده منذ مطلع هذا القرن لتغيير التركيبة الديمغرافية لتونس".
وهي إجراءات اعتبرتها جبهة مناهضة الفاشية في تونس (ائتلاف من منظمات وجمعيات وشخصيات حقوقية)، الأربعاء 8 مارس/آذار 2023، "محاولة لذر الرماد على العيون عن الخطاب العنصري المستند أساسًا على نظرية المؤامرة ووهم تغيير التركيبة الديمغرافية لترهيب الشعب التونسي وتبرير سياساته العنصرية والفاشية"، وفق توصيفها.
نائب رئيسة الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان: "التصريحات التي أدلى بها الرئيس التونسي تجعله راعيًا ومحرضًا ومتواطئًا في موجة العنف ضد المهاجرين"
وقالت، في بيان لها، إنها "لم ترتق إلى الحد الأدنى الذي يجبر الضرر الحاصل ويضمن حقوق وحريات المهاجرين من جنوب الصحراء وانحصرت في بديهيات كان من المفروض توفيرها لكل مهاجر تواجد على الأراضي التونسية وفي حماية الدولة.
جدير بالذكر أن خطاب الرئيس كان قد أثار جدلًا وانتقادات واسعة في تونس، لا سيّما وأنه جاء في سياقٍ تصاعد فيه الخطاب العنصري في صفحات على منصات التواصل الاجتماعي تجاه المهاجرين وطالبي اللجوء في تونس. وأدانت جمعيات ومنظمات حقوقية في تونس خطاب قيس سعيّد الذي اعتبرته "محرضًا على العنصرية"، داعية إياه إلى احترام المواثيق والمعاهدات الدولية التي وقعتها الدولة التونسية في مجال حقوق الإنسان.