02-يونيو-2022
جمعية القضاة التونسين عزل القضاة تونس

جمعية القضاة التونسيين: شملت هذه التصفية القضاة الذين عبّروا على مواقف نقدية من قرارات سعيّد (الشاذلي بن إبراهيم/ NurPhoto)

الترا تونس - فريق التحرير

 

قرر المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين، على إثر إصدار الرئيس التونسي قيس سعيّد، المرسوم المتعلق بعزل 57 قاضيًا في تونس، عقد مجلس وطني طارئ وعاجل يوم السبت 4 جوان/ يونيو الجاري، داعيًا "جميع الهياكل القضائية وعموم القضاة لحضوره للتداول بشأن المستجدات الأخيرة واتخاذ ما يستوجب من قرارات".

جمعية القضاة التونسيين تدعو إلى عقد مجلس وطني طارئ وعاجل يوم السبت 4 جوان 2022 لاتخاذ قرارات تجاه عزل 57 قاضيًا بأمر رئاسي

ودعا المكتب التنفيذي، القضاة إلى "رص الصفوف والتعبئة التامة لمواجهة هذه الهجمة الشرسة على السلطة القضائية"، مؤكدًا أنّ هذا المرسوم "معدوم لما مثّله من تعدّ واضح على الاختصاص الحصري للمجلس الأعلى للقضاء، وتدخل واضح وفادح للرئيس في ما هو موكول للسلطة القضائية وما يمثله من انتهاك لكل المبادئ المنصوص عليها في المعاهدات والمواثيق الدولية من حق الدفاع ومبدأ المواجهة وقرينة البراءة".

واستنكرت جمعية القضاة "إسناد سعيّد نفسه صلاحية إعفاء القضاة مباشرة دون المرور بالمسارات التأديبية القانونية، وبناء على تقارير سرّية، وضمن سلطة تقديرية واعتباطية، في مخالفة للحد الأدنى من معايير حق الدفاع المكفول دستوريًا والمضمون بموجب المعاهدات الدوليّة ذات الصلة المصادق عليها من الدولة التونسية والمكفولة بموجب القوانين  الأساسية"، وفقها.

جمعية القضاة التونسيين تعتبر مرسوم عزل 57 قاضيًا معدومًا لتعدّيه على الاختصاص الحصري للمجلس الأعلى للقضاء، والتدخل الواضح والفادح للرئيس في الشأن القضائي

وندّد جمعية القضاة بأمر الإعفاء لما مثله من "مذبحة قضائية بذريعة محاربة الفساد، والحال أنه في الواقع لا صلة له بمحاربة الفساد وبالمحاسبة الحقيقية اللتين لا تكونان إلا ببرامج الإصلاح وبتطبيق القانون والضمانات القانونية المكفولة للأشخاص وعن طريق  المؤسسات التي تعود إليها صلاحية  المحاسبة طبق القانون" وفق بيانها.  

وأوضحت الجمعية أن "هذه المذبحة تأتي في سياق تصفية عدد من قضاة النيابة العمومية ومنهم الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بتونس ووكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية بتونس وقضاة التحقيق والمجلس الذين تمسكوا بتطبيق القانون بحيادية وبمقتضى الإجراءات القانونية السليمة بعد 25 جويلية/ يوليو 2021، والذين لم يخضعوا لضغوطات الرئيس اليومية والعلنية وتعليماته المباشرة وبواسطة وزيرة العدل في القضايا المنشورة لديهم، كما لم يخضعوا لإحالاته ولا لمحاكماته الإعلامية والعلنية في تعارض صارخ مع بديهيات وأبجديات الإجراءات الجزائية، كما لم يضعفوا تحت وطأة حملات السحل الإلكتروني عبر صفحات مشبوهة تعمل لحساب الرئيس وفي ظل إفلات كامل من العقاب" وفق البيان.

 

 

وسجّلت جمعية القضاة أيضًا أن "هذه المذبحة شملت في السياق نفسه، رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي (يوسف بوزاخر) لتصديه للحل غير الدستوري للمجلس، وما مثله من إلحاق للسلطة القضائية الحامية للحقوق والحريات بالسلطة التنفيذية المتمثلة اليوم في الرئيس وحده، كما شملت القضاة الذين عبّروا على مواقف نقدية من قرارات رئيس الجمهورية الاستثنائية التي مثلت انحرافات قانونية صادمة متكررة ويومية في علاقة باستقلال القضاء فمثلت تتبعًا ومحاكمة لكل صوت حر مستقل ولحق القضاة في التعبير".

وأشارت الجمعية إلى أن "هذه التصفية تهدف إلى خلق شغورات في المسؤوليات القضائية التي يتوجه الرئيس لسدها بمن يعتقد أنهم سيوالونه ويعملون طبق تعليماته وتعليمات وزيرة العدل"، محذرة من "العواقب الوخيمة والخطيرة لإطلاق يد سلطة رئيس الجمهورية في إعفاء القضاة طبق المرسوم 35 بناء على تقارير سرية وفيما يقدّره هو من حالات التأكد ودون أي إمكانية للطعن في قراراته، بما سيؤول حتمًا إلى ترهيب وترويع عموم القضاة وإضعافهم في حماية الحقوق والحريات وتوظيفهم من خلال وضع اليد على السلطة القضائية بالكامل لترهيبها وتوجيهها وتوظيفها سياسيًا".

جمعية القضاة التونسيين تعتبر أنّ أي سكوت عما يحدث، سينجر عنه "قرارات انفرادية أخرى للرئيس باستعماله القضاء وتوظيفه سياسيًا بعد إخضاعه وتركيعه

ودعت الجمعية "كل القوى الوطنية إلى التنبه إلى خطورة الخطوة التي أقدم عليها سعيّد بعزل 57 قاضيًا دون أي حق في المواجهة القانونية أو التظلم مع تحصينها ضد أي نوع من أنواع الطعن ورفضها رفضًا قطعيًا والوقوف مع القضاة في معركتهم ضد ما تعيشه البلاد من وضع غير مسبوق من انتهاك لكل القوانين والأعراف والمواثيق الدولية ذات الصلة".

ونبهت جمعية القضاة إلى أنّ "أي سكوت عما يحدث، سيؤول بالضرورة إلى مزيد من القرارات الانفرادية لرئيس الجمهورية باستعمال القضاء وتوظيفه سياسيًا بعد تركيعه وإخضاعه ووضع اليد عليه بالكامل"، داعية جميع القضاة "في هذه الأوقات العصيبة، لمزيد التمسك باستقلالهم وحيادهم في ممارسة وظائفهم القضائية بكامل النزاهة دون الخضوع لأي ضغوطات من أي جهة كانت".

 

وكان قد صدر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية (الجريدة الرسمية) أمر رئاسي عدد 516 لسنة 2022 مؤرخ في 1 جوان/يونيو 2022 يتعلق بعزل 57 قاضيًا في تونس. وكان الرئيس التونسي قيس سعيّد قد أصدر أيضًا، في ذات العدد من الرائد الرسمي، مرسومًا يسمح له بـ"إصدار أمر يقضي بإعفاء كل قاض تعلّق به ما يمس من سمعة القضاء أو استقلاليته"، وفقه.

وتضم قائمة القضاة المعزولين عديد الأسماء المعروفة، من بينها رئيس المجلس الأعلى للقضاء الذي قام سعيّد بحله يوسف بوزاخر ورئيس جمعية القضاة الشبان مراد المسعودي وعدة قضاة عارضوا توجهات الرئيس التونسي في الشأن القضائي مؤخرًا.

وكان سعيّد قد قال، في مقطع فيديو نشرته الرئاسة التونسية لاجتماع مجلس الوزراء بإشرافه، مساء الأربعاء 1 جوان/ يونيو 2022، إنه سيصدر قرارات وصفها بـ"التاريخية" ضد شخصيات (لم يسمّها) قال إنها ستصدر في أمر رئاسي وذكر أنها قامت بجملة من الجرائم وعددها، وذلك دون أن يقدم بشأنها أي أدلة.