29-أغسطس-2019

سرّعت وزارة الشؤون الدينية في إصدار ميثاق شرف للإمام الخطيب (صورة أرشيفية/ ياسين القايدي/ الأناضول)

 

يضمن الدستور التونسي حياد المساجد ويشدد في فصله السادس على أنّ "الدولة راعية للدين، كافلة لحرية المعتقد والضمير وممارسة الشعائر الدينية، ضامنة لحياد المساجد ودور العبادة عن التوظيف الحزبي"، مع ذلك يتجدد الجدل حول حياد المساجد مع بداية كلّ استحقاق انتخابي، وتشتد الانتقادات بخصوص عملية مراقبة المساجد أو بخصوص ترشّح بعض أئمة المساجد للانتخابات.

وينطلق الجدل اليوم تحديدًا بعد ترشّح بعض الأئمة في قائمات للانتخابات التشريعية على غرار ترشح الباحث في الحضارة الإسلامية بجامعة الزيتونة إسكندر العلاني رئيسًا على قائمة حزب حركة "تحيا تونس" عن دائرة القيروان. وتثار عدّة أسئلة حول مراهنة بعض الأحزاب السياسية على بعض الخطباء والأئمة لاستغلال تأثيرهم في شريحة كبيرة من التونسيين يرون فيهم المثال والقدوة حتى لو فرض عليهم التنحي عن الإمامة بعد الترشّح.

حكيم عمايري (رئيس ديوان وزير الشؤون الدينية) لـ"ألترا تونس": الوزارة سرّعت في إصدار ميثاق شرف للإمام الخطيب منذ فيفري الماضي وقامت بتوجيهه لأكثر من 4700 إمام خطيبي

اقرأ/ي أيضًا: ماهي المواصفات المطلوبة من رئيس الجمهورية القادم؟

يذكر أنّ 120 إمامًا ترشّحوا في الانتخابات البلدية سنة 2018، قامت وزارة الشؤون الدينية بإعفائهم جميعًا إلى حين نهاية الاستحقاقات الانتخابية.

وفي هذا السياق، يؤكد رئيس ديوان وزير الشؤون الدينية حكيم عمايري لـ"ألترا تونس" أن الوزارة وككل موعد انتخابي تولي المسألة أهمية كبيرة لضمان حياد المساجد عن كلّ التجاذبات السياسية، مبينًا أنها خصصت منذ فترة 400 واعظ للقيام بالمراقبة.

ويشير عمايري إلى أنّ الوزارة قد سرّعت في إصدار ميثاق شرف للإمام الخطيب منذ فيفري/ شباط الماضي وقامت بتوجيهه لأكثر من 4700 إمام خطيبي تضمن 13 نقطة تتعلّق أساسًا بضرورة تجنّب الخطاب القائم على الثلب أو السب والتشهير، مع التأكيد على الخوض في الشأن العام بعيدًا عن التحامل.

وينصّ الميثاق أيضًا على مراعاة وظيفة المسجد التعبدية، وضرورة التقيد بالتوازن في الخطاب وتجنّب الخوض في مسائل تحتاج الحسم من أهل الاختصاص، وتجنّب توظيف المساجد للدعاية الحزبية أو لأيّ أغراض سياسية. ويشدد محدثنا على أنّ الوزارة لا تتراجع عن إعفاء أيّ إطار مسجدي يثبت إخلاله بواجباته، على غرار إعفاء سبعين إطارًا خلال الفترة الماضية ثبت فعلًا إخلالهم بالشروط وارتكاب عدّة تجاوزات تراوحت بين السب والتشهير أو الخوض في مسائل ليس من الاختصاص.

يذكر أنّ الوزارة قد أعلنت أنّها عرضت الميثاق منذ فيفري/ شباط الفارط على عدد كبير من الأئمة والوعاظ وتمّ نقاشه خلال لقاءات مع مختلف الجهات في المندوبيات الجهوية.

مراقبة أغلب المساجد

وتتكثّف خلال هذه الفترة مراقبة أغلب المساجد ومتابعة الدروس بها وخطب الأئمة، لاسيما مع انطلاق الحملات الانتخابية منذ أسابيع رغم أنّ الوزارة قد وزّعت الميثاق على جميع المساجد تحسّبًا لأيّ تجاوزات. وقد أكدت الوزارة أكثر من مرّة سيطرتها على مختلف المساجد وتسوية وضعية كلّ الفضاءات الدينية، والقيام بمراقبة دورية لجميع المساجد من قبل وعاظ مخصصين لتلك المهمّة.

كما أكدت الوزارة الاهتمام بجميع التجاوزات مهما كان نوعها، والتقصي في الأمر والقيام بالإعفاء الوقتي من التكليف إلى حين استكمال البحث والاستجواب والتأكد من التجاوز. وقد تضفي التحقيقات إلى إعفاء أي إمام يثبت قيامه بتجاوزات على غرار التحريض أو الدخول في المسائل السياسية أو الدعايات الحزبية.

اقرأ/ي أيضًا: مترشحون للرئاسيات ...زيارات للمقامات على نخب الانتخابات

إعفاء الأئمة المترشحين للتشريعية

وفيما يتعلّق بترشّح قرابة عشرة أئمة للانتخابات التشريعية المقبلة، أفاد رئيس ديوان وزير الشؤون الدينية لـ"ألترا تونس" أن الوزارة ككلّ مرّة تلجأ إلى إنهاء تكليف الإطارات التي ترشّحت للانتخابات إلى حين انتهاء الانتخابات، مبرزًا أن الوزارة قد تثبتت في عدد وأسماء المرشحين عبر مراسلة المندوبيات الجهوية لتمدّها بقائمات كلّ من تشرّح للانتخابات.

تعمل وزارة الشؤون الدينية حاليًا على إعداد دليل مرجعي لفائدة الأئمة الخطباء سيصدر في آخر شهر أوت الجاري

وتعمل الوزارة حاليًا، وفق تصريحات إعلامية كان قد أدلى بها وزير الشؤون الدينية أحمد عظوم، على إعداد دليل مرجعي لفائدة الأئمة الخطباء يصدر في آخر شهر أوت/أغسطس الجاري، وذلك لضمان حياد المنابر على كلّ التجاذبات السياسية خلال الحملة الانتخابية.

كما أكد الوزير أنّ سلطة الإشراف سوف تنظم قبل انطلاق موعد الحملة الانتخابية وبالتعاون مع المفوضية السامية لحقوق الانسان، 4 ندوات إقليمية حوارية بمشاركة أكبر عدد ممكن من الائمة الخطباء من جميع ولايات الجمهورية، لتحسيسهم بضرورة عدم استعمال المنابر والمساجد للدعاية السياسية.

وأشار إلى أن سلطة الإشراف قد أرسلت منذ أسابيع مذكرة إلى كل المندوبين الجهويين للشؤون الدينية تؤكد فيها بضرورة منع كل مواطن مترشح للانتخابات القادمة من اعتلاء المنبر في المساجد.

في المقابل، أكد عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر في تصريحات إعلامية أن الهيئة ستعرض أمام الأئمة الخطباء جملة الضوابط والمبادئ التي يجب على مختلف الإطارات المسجدية ودور العبادة الالتزام بها وفق ما ينص عليه الفصل 6 من الدستور. كما شدد على أن الهيئة ستحرص على اتخاذ جملة من العقوبات الانتخابية في حق كل يثبت أنه تورط في استغلال المساجد ودور العبادة لغايات حزبية وسياسية قد ترقى إلى إلغاء كلي أو جزئي لنتائج الفائزين. 

ورغم كل هذه الإجراءات، ما تزال بعض التجاوزات والإخلالات موجودة في بعض المساجد والتي يرصدها البعض والتي لا بد من العمل بشكل أكبر لوضع حدّ لها لضمان حملة تتضمن الحدّ الأدنى من النزاهة والشفافية وتكافؤ الفرص بين جميع المترشحين والأحزاب السياسية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الانتخابات الرئاسية: ترشحات تتنافس على نفس الخزان الانتخابي.. من سيستفيد؟

التزكيات المزورة في انتخابات 2019.. أي حل لمأزق يمسّ من مصداقية الانتخابات؟