04-نوفمبر-2023
سفير فلسطين في تونس هائل الفاهوم خلال حوار مع الترا صوت تونس

حوار خاص لسفير فلسطين في تونس هائل الفاهوم مع "الترا تونس" (الترا تونس)

 

قال سفير فلسطين في تونس، هائل الفاهوم، إن توجه تونس لمناقشة قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني يأتي في إطار رؤيتها الشمولية ووعيها الوطني ودعمها الثابت للقضية الفلسطينية، مؤكدًا أنّ "على الشعوب العربية أن تتوحد لمواجهة القوى الاستعبادية، وفق تعبيره".

هذه المواضيع وغيرها تقرؤونها في حوار خاص له مع "الترا تونس".

 

  • كيف تتابعون تصاعد وتيرة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة؟

‎نحن الآن في مرحلة المواجهة ضمن عملية تكميلية لخطة استراتيجية كان الهدف منها القضاء على الهوية الفلسطينية وتهجير شعبنا والقيام بجرائم إبادة ضدّه، وهذا ما يراه العالم الآن.

وما حدث مؤخرًا كان بمثابة المفاجأة التي أصابت الكيان الصهيوني وأظهرت هشاشته من الداخل، وأيضًا أرعبت القوى الداعمة لإقامة دولة إسرائيلية على أرض فلسطين والهيمنة على شعوب المنطقة.

سفير فلسطين في تونس لـ"الترا تونس": نحن الآن في مرحلة مواجهة خطة استراتيجية كان الهدف منها القضاء على الهوية الفلسطينية وتهجير شعبنا والقيام بجرائم إبادة ضدّه.. لذلك هي حرب وجودية بالنسبة إلينا

إذًا متابعةُ ما يحدث الآن في غزة يجب أن تبدأ بقراءة شمولية للوضع، خصوصًا وأننا نرى مواجهة غير مسبوقة توحي بأنّنا على أبواب حرب عالمية ثالثة، فالكيان الصهيوني جند حوالي 340 ألف جندي و50 ألف مستوطن من أجل ترهيب الشعب الفلسطيني ودفعه إلى الهجرة أو اغتياله.

رأينا أيضًا الجرائم البشعة التي يرتكبها الاحتلال ضدّ الأحياء السكنية والأطفال، وأودّ الإشارة هنا إلى أن الأطفال الذي قتلتهم إسرائيل ليسوا مجرّد أرقام فلكلّ منهم قصّته وأحلامه وطموحاته مستقبلية.

لذلك هي حرب وجودية بالنسبة إلينا وهي مواجهة هزّت بشكل كبير الاستراتيجية الاستعبادية التي كانت تضعها القوى التي ترى أنها تُهيمن على العالم.

سفير فلسطين في تونس لـ"الترا تونس": صمود الشعب الفلسطيني ووقوفه ومقاومته لهذا الاحتلال ودفاعه عن حقه هو ليس دفاعًا عن الحق الفلسطيني، بل هو دفاع عن حقوق الأمة العربية وعن حقوق البشرية

وأودّ الإشارة إلى أن صمود الشعب الفلسطيني ووقوفه ومقاومته لهذا الاحتلال ودفاعه عن حقه هو ليس دفاعًا عن الحق الفلسطيني، بل هو دفاع عن حقوق الأمة العربية وعن حقوق البشرية.

ومن يقف مع الحق الفلسطيني اليوم فهو يقف مع ذاته.

 


صورة

 

  • لاحظنا هبّة شعبيةً كبيرة في الدول العربية حتى المُطبّعة منها. هل يمكن الحديث اليوم عن مستقبل عربي موحّد إزاء الحق الفلسطيني أم أنها وحدة مناسباتية؟

نأمل أن تكون الهبّة الشعبية الداعمة للفلسطينيين والحق الفلسطيني هبّة دائمة وليست مناسباتيّة، خصوصًا بعد بروز أجيال جديدة داعمة للقضية. 

سفير فلسطين في تونس لـ"الترا تونس": نحن أمام هبةّ شعبيّة وعربية تمازج فيها الوعي والفكر والعاطفة لدعم الحق الفلسطيني.. ونأمل أن تكون هبّة دائمة وليست مناسباتية خصوصًا بعد بروز أجيال جديدة داعمة للقضية

وفعلاً نحن أمام هبةّ شعبيّة وعربية تمازج فيها الوعي والفكر والعاطفة وأعادت للإنسان إنسانيته، ونحن أيضًا أمام معادلة جديدة أتمنى أن يتم تأطِيرها واعتمادها كوعيٍ شموليّ وكثقافة شمولية تعكسُ الحقائق والقيم الخاصة بنا والتي هي تقوم أساسًا على الاستثمار في أنسنةِ الإنسان.

وحالة الرعب الكبيرة التي اجتاحت فورًا القوى الأطلسية التي اجتمعت وقررت إرسال الدعم العسكري والمالي لإسرائيل، كشفت حالة بداية اهتزاز للاستراتيجية العميقة التي يحكمون بها العالم.

 

  • في نفس إطار الهبة الشعبية لنصرة الحق الفلسطيني، بدأ البرلمان التونسي مناقشة قانونٍ لتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني، كيف تُعلقون على هذه الخطوة؟

أودّ في البداية تعريف مفهومِ التطبيع، وهو يعني إقامة علاقات طبيعية مع أفرد طبيعيين، لكن لا يُمكن بأي حالٍ من الأحوال تطبيع العلاقات مع من هم فوق القانون ويرتكبون جرائم تهجيرٍ وإبادة وقتلٍ وطبعًا لا يعترفون بالشرعية الدولية ولا بالأخلاقيات الدينية.

سفير فلسطين في تونس لـ"الترا تونس": توجه تونس لمناقشة قانون يُجرم التطبيع مع الكيان الصهيوني يأتي في إطار رؤيتها الشمولية ووعيها الوطني

وتوجه تونس لمناقشة قانون يُجرم التطبيع مع الكيان الصهيوني يأتي في إطار رؤيتها الشمولية ووعيها الوطني، ويُترجم أيضًا حق التونسيين في اختيار المسار الذي يرونه مناسبًا خلال هذه الفترة. 

فالمجرم الذي يحاول إقامة علاقات طبيعية مع أنظمة طبيعية هو يريد استخدامها كأداة لتوسيع حلقة إجرامهِ أو خروجهِ عن القانون، لهذا أنا أسمّيه تركيع وليس تطبيعًا.

 

  • حسب رأيك، ما الفائدة التي سيُقدمها هذا القانون للحق الفلسطيني، في حال تمت المصادقة عليه؟

لكل بلدٍ رؤيته لكيفية الدفاع عن الحق الفلسطينيّ، والمهمّ جدًّا هو الوقوف مع الشعب الفلسطيني. والأهم اليوم وحدة الشعوب العربية لأن قوتنا في وحدتنا، ونحن ندعم أي فكرة تعزز ذلك. لذلك من المهمّ أن نوحّد أفكارنا وجهودنا مع كل الدول العربية وأن نضع أهدافًا واضحة لكسر حلقة الجهل والإحباط واليأس ومواجهة الطرف الآخر.

 

 

  • كيف تقيمون اهتمام أطفال تونس بالحق الفلسطيني بعد الحرب على غزة، وما مدى نجاعته في الحفاظ على الرواية الفلسطينية؟

أنا أستمد طاقتي وقوتي من أطفال تونس، فأنا ألتقي دائمًا بتلاميذ في المدارس ورأيت كيف أن حبهم لفلسطين مبني على تركيبتهم الفكرية والجينية التي ورثوها عن آبائهم وأجدادهم.

سفير فلسطين في تونس: أنا أستمد طاقتي وقوتي من أطفال تونس الذين ألتقيهم دائمًا في المدارس ورأيت كيف أن حبهم لفلسطين مبني على تركيبتهم الفكرية والجينية التي ورثوها عن آبائهم وأجدادهم

لأول مرة أرى أطفالًا يخرجون من التمسك بالعناوين إلى التركيز على المفاهيم والمضامين، وهي ميزة غير موجودة حتى في الدول الغربية.  

 

  • خرج أجانب للتظاهر ضد عدوان الاحتلال في دول غربية عدة رغم القمع، هل يمكن لهذه الشعوب أن تقلب موازينَ القوى في المستقبل؟

عندما تمّ قبل سنوات تكوين 25 جمعية في جامعة هارفارد الأمريكية وبدأت تطالب بدعم الحق الفلسطيني، انزعجت اللوبيات الصهيونية وطالبت بحلّ الجمعيات وطرد الطلبة المنخرطين فيها كما هددت بقطع الدعم عن الجامعة. حينها خرج طالب أمريكي وقال "أنتم وهميون ونحن قرأنا الحقائق وسنكون بذور المستقبل ولن تتمكنوا من اقتلاع هذه البذور من الأراضي التي بدأ يتفجر فيها الوعي".

إذًا هذا الوعي ليس داعمًا للحق الفلسطيني فقط، بل هو وعي يدعم حق المواطن في هذه الدول بأن يكتشف الرواية الصحيحة وليس الروايات المضللة. 

لذلك فإنه على الرغم من أن الدول الغربية قمعت المتظاهرين الداعمين لفلسطين والرافضين العدوان على غزة، فإنّ الشوارع في ألمانيا وبريطانيا وبرلين وأمريكا وغيرها من الدول الغربية امتلأت بآلاف المتظاهرين.

 

  • الاحتلال الصهيوني يُروج لسردية جديدة لتبرير حربه على غزة بوصفها حرب العالم المتحضر على الظلام والشر. إلى أي مدى يمكن اعتبار هذه السردية مضلّلة؟

نعم هذه هي النواة الصلبة في استراتيجية الاحتلال والتي تقوم أساسًا على شيطنة الآخر، لاستعباده وتبرير جرائمه التي يرتكبها ضد المدنيين الأبرياء والأطفال. 

ونحن في إطار طبيعتنا الفكرية والثقافية والحضارية والدينية، نسعى لأنسنة الإنسان وهم يسعون لشيطنته وتحويله إلى وحش يجب التخلص منه، وهذا ما يحدث الآن مع سكان غزة.

سفير فلسطين في تونس: النواة الصلبة في استراتيجية الاحتلال تقوم أساسًا على شيطنة الآخر لاستعباده وتبرير جرائمه.. ونحن صمدنا أمامه وتفجرت لدينا الطاقة لهزيمة كل استراتيجياته والتصدّي لشيطنته وأثبتنا أننا أقوى منه

وإسرائيل لا تُشيطن فقط الفلسطينيين بل تشيطن كل العرب والأفارقة، وهذا يمسّ كل الإنسانية وهو نهجٌ اعتمدته أمريكا أيضًا، فعندما قررت القضاء على الهنود الحمر روجت على أنّه صراع الحضارة مع الوحوش.

اليوم نواياهم انكشفت وثقتهم في أنفسهم اهتزت وأهدافهم واضحة وهي اغتيال الأطفال والنساء والشيوخ فلسطين.

نحن صمدنا أمام أفكارهم وتفجرت لدينا الطاقة لهزيمة كل استراتيجياتهم والتصدّي للشينطة الصادرة عنهم، وأثبتنا أننا أقوى منهم رغم أن الغرب قدم لهم كل التسهيلات لتنفيذ جرائمه البشعة ضد الشعب الفلسطيني.

 

  • الاحتلال الصهيوني لا يعبأ بالمواثيق الدولية ولم يُحاسب بعد على جرائمه، هل باتت محاسبته مطلبًا صعب المنال في ظلّ انحياز غربيّ مطلق؟

هذا يُثبت أن الدعم الذي تتلقاه إسرائيل ليس دعمًا إنسانيًّا أو أخلاقيًا بل هو دعم لتأسيس قاعدة تنفييذية هدفها استعباد الوطن العربي والسيطرة عليه.

والغرب يطبّق القرارات الدولية والقانون الدولي والجنائي فقط لترهيب وردع الدول التي تهدد مصالحه ولضمان هيمنته وسيطرته، ولم يستخدمه كأداة لحماية الإنسانية. 

 

  • يكيل العالم بمكيالين فيما يخص الحرب على فلسطين، أي تحرك اليوم يمكن أن يُعدل الكفة لصالح فلسطين كدولة محتلة، وكيف؟

 المنظمات الحقوقية والدولية أصبحت محرجة إزاء جرائم الاحتلال وصمت الدول الغربية.

وكل الدول بدأت تفهم الأساليب التي تتبعها الدول الغربية للهيمنة والسيطرة. ونحن نقول للعالم توقف عن دعم استراتيجية إسرائيل التي تهدف لتهجير وتدمير أبناء شعبنا. 

سفير فلسطين في تونس لـ"الترا تونس": قوتنا في وحدتنا، فإذا توحدنا كشعوبٍ عربيةٍ بشكل هادفٍ وبمفاهيم إنسانية فسننجح في مواجهة العالم اللا إنساني

ومع كل هذا التواطؤ الغربي والدعم الأعمى لإسرائيل، يجب علينا نحن كشعوب عربية أن نبني استراتيجية حديثة وبمفاهيم جديدة تكون فاعلة ومبنية على فكر وطني ونخبوي موحّد.

وأودّ التذكير دائمًا بأنّ قوتنا في وحدتنا، فإذا توحدنا كشعوبٍ عربيةٍ بشكل هادفٍ وبمفاهيم إنسانية فسننجح في مواجهة العالم اللاإنساني. 

 

صورة
سفير فلسطين بتونس هائل الفاهوم في مقابلة مع مراسلة "الترا تونس"